*مناضلات الاتحاد صمدن ضد "مخطط الترويكا" لإضعاف الاتحاد وتركيعه
- عملية الإصلاح كانت على غاية من الصعوبة لاسيما أنها تزامنت مع التجاذبات
*لم نتلق بعد أي دعوة للمشاركة في الحوار الوطني
*نجحنا في تخطي 80% من المشاكل المادية والصعوبات التي كبلت منظمتنا
*نعم يوسف الشاهد أراد وضع يده على الاتحاد بعد عجز "الترويكا" أمام صمودنا
تونس – الصباح
حاورتها: نزيهة الغضباني
أكدت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية أن هذه المنظمة نجحت إلى حد الآن في تحقيق التعافي بنسبة 70% من تداعيات "تركة" ما قبل 2011 ومخلفات محاولات إضعافها و"وضع اليد" عليها زمن حكم "الترويكا" ومن قبل بعض الحكومات ورؤسائها في العشرية الماضية من بينهم يوسف الشاهد. وشددت على أن الاتحاد عاقد العزم على القيام بدوره على المستويين الوطني والدولي كغيره من بقية المنظمات الوطنية وذلك بفضل صمود واستبسال مناضلاته ونجاحهن في القيام بجملة من الإصلاحات التنظيمية والهيكلية والإدارية بما كرّس استقلالية المنظمة وحفز أبناءها على المضي قدما في وضع برامج هادفة. كما تطرقت راضية الجربي إلى علاقة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية براهن تونس السياسي والاجتماعي ورؤيتها للحوار الوطني وعلاقة الاتحاد ببقية المنظمات والهياكل الوطنية والمدنية وغيرها من المسائل الأخرى في الحوار التالي:
لننطلق من الحديث عن راهن الاتحاد الوطني للمرأة، إلى أي مدى نجحت هذه المنظمة العريقة التي تأسست منذ الاستقلال في تجاوز "تركة" ما قبل 2011؟
-صحيح أن تداعيات ما قبل ثورة 2011 كانت كبيرة خاصة أن الاتحاد ورغم أنه منظمة غير حكومية إلا أنه كانت له علاقة وطيدة بالسلطة وتحديدا الحزب الحاكم حيث كان هناك بند ينص على أن يكون في تنسيق تام مع التجمع الدستوري باعتباره الحزب الحاكم. وهو ما خلف تركة مالية فضلا عن الفوضى الكبيرة في الإدارة. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ازاد الوضع تأزما وتعكرا أثناء فترة حكم "الترويكا" بالأساس بعد أن راهنت السلطة الحاكمة آنذاك على إحكام الخناق على المنظمة عبر محاولات تجفيف المنابع وإثارة قضايا وخطايا مالية لعل أبرزها العودة إلى سنة 1984 كل ذلك بهدف إضعاف الاتحاد وإدخاله إلى بيت الطاعة ليكون آلية عملية لخدمة أجندا سياسية ومجتمعية أخرى. ولا أخفي على أحد حجم المعاناة والصعوبات التي تعرضت لها هذه المنظمة خلال تلك الفترة العصيبة من احتجاجات وفوضى لاسيما أنها تزامنت مع فترة صعوبات مالية خانقة تتمثل في شح إن لم يكن غلق كل الموارد المالية. ويكفي القول إننا نجحنا اليوم في تخطي 80% من المشاكل المادية ودفع 1.5 مليار من مليماتنا من بين 2.5 إلى حد الآن. فضلا عن تنقيح النظام الداخلي ونجاحنا أيضا في تكريس استقلالية المنظمة وإعادة هيكلة الإدارة وتنظيم بقية الهياكل بما يجعل من الاتحاد الوطني للمرأة منظمة رائدة وفاعلة وشريكة في التفكير ووضع القرار في الدولة على غرار بقية المنظمات الكبرى.
ولكن بم تفسرين عودة هذه المنظمة اليوم للمطالبة بمكانة وطنية ودولية بعد غياب خلال العقد الماضي تقريبا؟
-مثلما أسلفت الذكر، نحن لم نتغيب ولم نتنازل عن دور هذه المنظمة العريقة بل تمسكنا بحقنا في البقاء والصمود ضد كل محاولات التركيع والتدمير، وبقينا نناضل ونعمل جاهدا من أجل البقاء في البداية ثم إعادة ترتيب البيت بما يخدم المنظمة ويحافظ على استقلاليتها وذلك بفضل نضال عدد كبير من بنات وأبناء الاتحاد المؤمنين بالدولة المدنية وبدور هذه المنظمة النوعية بعيدا عن الجندرة. لذلك نجحنا في العودة بعد مراجعة المنظومة والتأسيس لقواعد التسيير الرشيدة.
هل تعني أنه بعد فترة الترويكا كانت عملية الإصلاح سهلة؟
-بالعكس فعملية الإصلاح في كل مراحلها كانت على غاية من الصعوبة لاسيما أنها تزامنت مع فترة تجاذبات ومخاض سياسي ألقى بثقله على المنظمة المنهكة. إذ كان كل طرف سياسي يحاول استغلال المخزون البشري للاتحاد والسعي لتوظيفه بهدف "يخدم بيها" فقط مستغلين الوضع الهش الذي كانت عليه. ولكننا استبسلنا في الدفاع عن المنظمة وكنا عازمات أكثر من أي وقت مضى على عدم التفريط في هذا الهيكل النوعي لأدواره الهامة في الدولة التونسية والمجتمع على حد السواء. فلم ننحز لأي حزب أو طرف سياسي مهما كانت قوته وموقعه بدءا بـ"الترويكا" مرورا بيوسف الشاهد الذي حاول الاستحواذ على "الاتحاد" لتوظيفه في إطار تمش سياسي معين وذلك بعد أن حاولت المنظومة السابقة في عديد المرات إقصاء الاتحاد والتعامل معه على أنه جمعية وليس منظمة وطنية وذلك في إطار مشروع مجتمعي يهدف لإقصاء المرأة التقدمية من ناحية وضرب مكاسب المرأة والتعدي على حقوقها من ناحية أخرى.
وقد رفعنا قضايا ضد بعض القضاة ممن تحاملوا على المنظمة وأيضا ضد وزراء ونواب من البرلمان بسبب تعديهم على الاتحاد أولا وعلى المرأة التونسية ثانيا أذكر من بينهم ساهم بادي ومحمد العفاس وغيرهم.
لنعد للحديث عن الراهن، كيف تقيمين الوضع في تونس اليوم؟
-أعتقد أننا في فترة شك وغموض يصعب التكهن بمآلاتها في ظل الغموض الذي يكتنف المشهد السياسي وموقع القرار من ناحية وتطورات الأحداث والمستجدات على المستويين الوطني والإقليمي والدولي وتداعياته السريعة على الوضع العام. ولا أبالغ إذا قلت إن الوضع أصبح جد صعب اليوم، وأن الخروج منه لا يكون إلا عبر رؤى تشاركية لا غير.
هل يعني أنك تشاطرين رأي المطالبين بالحوار الوطني وأنكم على استعداد لتكونوا جزءا من هذا الحل التشاركي؟
-في الحقيقة لا أعرف هل أن الاتحاد الوطني للمرأة سيكون حاضرا في هذا الحوار الوطني، الذي لطالما انتظره الجميع، أم لا. لأننا لم نتلق بعد ما يفيد ذلك، رغم تأكيدي على أننا كمنظمة عريقة ولها أدوار ومهام في مجال الحقوق المدنية والحياة السياسية والتعليم والتدريب المهني بالإضافة إلى اهتمامات ومشاغل اجتماعية وإنسانية وثقافية، معنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالمشاركة في النقاش ووضع الحلول المطلوبة.
فالاتحاد الوطني للمرأة التونسية مع ضرورة إجراء حوار وطني لتكون مخرجاته حلولا تشاركية. لأننا كنا نرى أن 25 جويلية كان استجابة للشعب ومدخلا للمسار التصحيحي الذي لطالما انتظره شق واسع من التونسيين داخل تونس وخارجها، ونحن نأمل أن نشارك فيه. لأن مهامنا وأهدافنا تتجاوز ما هو نسوي لتشمل قضايا وطنية ودولية خاصة أن الاتحاد كغيره من مؤسسات الدولة يضم كفاءات نسائية مشهودا بقيمتها ونجاحاتها وطنيا وعالميا.
هل يملك الاتحاد الوطني للمرأة تصورا أو أعد برنامجا استعدادا للمشاركة في هذا الحوار بعد أن أكد عميد المحامين إبراهيم بودربالة مؤخرا، أن الموعد بات قريبا؟
-في الحقيقة لا أريد أن أستبق الأحداث. ولكن ما أقوله إن الاتحاد له من الكفاءات والاستعدادات الكفيلة بضمان التفاعل الإيجابي وتقديم الرؤى والتصورات البناءة. لذلك نحن ننتظر القرارات وتوضيح المسار. لأننا مستعدون للقيام بدورنا كمنظمة وطنية رائدة والمساهمة في تقديم الحلول. فجميعنا يعلم أن انتظارات التونسيين لمسار ما بعد 25 جويلية كبيرة لكن هذا المسار يخيم عليه الغموض وتحكمه استفهامات عديدة حول اللجان التي ستتولى التحضير للحوار وهل سيتم الاقتصار للمشاركة فيه على الرباعي الراعي لحوار 2013 فقط أم أن مجال المشاركة سيكون مفتوحا لبقية المنظمات والهياكل الوطنية والمدنية والأحزاب السياسية؟ وهل سيتم الاقتصار في مضامينه ومحاوره على مخرجات الاستشارة الالكترونية أو لان هناك محاور ومطارحات أخرى؟ فهذه الأسئلة مطروحة بالنسبة لنا كبقية مكونات المشهد المدني والمنظماتي والسياسي في تونس.
في سياق حديثك أشرت إلى وجود تواصل مع بقية المنظمات، هل يعني أن الاتحاد الوطني للمرأة أصبح أكثر انفتاحا على بقية المنظمات والهياكل على خلاف ما كان عليه الوضع قبل 2011 حيث كان الأقرب للحزب الحاكم والسلطة فقط؟
-مثلما قلت الاتحاد نجح في السنوات الأخيرة في ترشيد مساره الإصلاحي وفي تكريس استقلاليته ووضع سياسته بعيدا عن منطق التملك والتوظيف السياسي. ونحن اليوم على تواصل وفي اتصال دائم مع بقية المنظمات وغيرها من الهياكل الوطنية والمدنية والرسمية والدولية وذلك في سياق تنفيذ برامجنا ومهامنا في مجالات تربوية وسياسية وعلمية وحقوقية وإنسانية بالأساس. لذلك لا يمكن إبداء رأينا في مسائل غير واضحة المعالم بالنسبة لنا.
بصفتك رئيسة الاتحاد سبق أن التقيت رئيس الجمهورية في أفريل الماضي، أين تنزّلين هذا اللقاء؟
-صحيح أنني تلقيت دعوة رسمية من رئاسة الجمهورية والتقيت رئيس الجمهورية كغيري من ممثلي عدة مؤسسات ومنظمات وهياكل أخرى وتحدثنا خلالها عن الوضع في البلاد والمخاطر التي تحدق بها، وتطرق اللقاء إلى الدوافع التي جعلت الرئيس يتخذ جملة من القرارات. ورغم تأكيده على تمسكه بدعم حقوق ومكاسب المرأة إلا أن ذلك لا يعني أن منظمتنا ستكون ضمن المدعوين للمشاركة في الحوار الوطني المرتقب.
عدة جهات تتحدث عن الجمهورية الجديدة أو الجمهورية الثالثة، هل الاتحاد يشاطر هذا التوجه أم أن هناك شروطا ومقترحات؟
-في الحقيقة الحديث عن جمهورية جديدة يحمل الكثير من المعاني بما تحيل إليه من مسارات تشريعية وتنظيمية وقانونية وهيكلية وغيرها. فالأمر يتطلب في تقديري، إدارة جديدة وقوية ضامنة للسيادة الوطنية ودولة القانون والمؤسسات تنفذ وتطبق على أرض الواقع وليس مجرد شعارات ومنظومة قانونية تقطع مع الإفلات من العقاب وتكرس المحاسبة إضافة إلى ما تحمله من معنى وضع حد لممارسات ومظاهر التدخل الأجنبي والاستقواء بالخارج في قضايا وطنية. هكذا ربما تفهم الجمهورية الجديدة. حينها ستكون تلك الجمهورية التي ننتظرها وغيرنا كثيرون من المواطنين الغيورين على تونس يشاطروننا نفس الانتظار والآمال في جمهورية جديدة تقطع مع ممارسات الماضي التي أساءت للدولة والمؤسسات والمواطنين. فجميعنا نروم تونس جديدة فيها أقل ما يمكن من الفقراء والظلم.
لكن البعض الآخر يفهم جمهورية جديدة بمؤسسات جديدة دون أحزاب وبرلمان وهذا في حد ذاته يحتاج إلى نقاش عميق لأنه يشكل خطرا على جميع المستويات.
* هذه رؤيتنا للحوار والجمهورية الجديدة
*مناضلات الاتحاد صمدن ضد "مخطط الترويكا" لإضعاف الاتحاد وتركيعه
- عملية الإصلاح كانت على غاية من الصعوبة لاسيما أنها تزامنت مع التجاذبات
*لم نتلق بعد أي دعوة للمشاركة في الحوار الوطني
*نجحنا في تخطي 80% من المشاكل المادية والصعوبات التي كبلت منظمتنا
*نعم يوسف الشاهد أراد وضع يده على الاتحاد بعد عجز "الترويكا" أمام صمودنا
تونس – الصباح
حاورتها: نزيهة الغضباني
أكدت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية أن هذه المنظمة نجحت إلى حد الآن في تحقيق التعافي بنسبة 70% من تداعيات "تركة" ما قبل 2011 ومخلفات محاولات إضعافها و"وضع اليد" عليها زمن حكم "الترويكا" ومن قبل بعض الحكومات ورؤسائها في العشرية الماضية من بينهم يوسف الشاهد. وشددت على أن الاتحاد عاقد العزم على القيام بدوره على المستويين الوطني والدولي كغيره من بقية المنظمات الوطنية وذلك بفضل صمود واستبسال مناضلاته ونجاحهن في القيام بجملة من الإصلاحات التنظيمية والهيكلية والإدارية بما كرّس استقلالية المنظمة وحفز أبناءها على المضي قدما في وضع برامج هادفة. كما تطرقت راضية الجربي إلى علاقة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية براهن تونس السياسي والاجتماعي ورؤيتها للحوار الوطني وعلاقة الاتحاد ببقية المنظمات والهياكل الوطنية والمدنية وغيرها من المسائل الأخرى في الحوار التالي:
لننطلق من الحديث عن راهن الاتحاد الوطني للمرأة، إلى أي مدى نجحت هذه المنظمة العريقة التي تأسست منذ الاستقلال في تجاوز "تركة" ما قبل 2011؟
-صحيح أن تداعيات ما قبل ثورة 2011 كانت كبيرة خاصة أن الاتحاد ورغم أنه منظمة غير حكومية إلا أنه كانت له علاقة وطيدة بالسلطة وتحديدا الحزب الحاكم حيث كان هناك بند ينص على أن يكون في تنسيق تام مع التجمع الدستوري باعتباره الحزب الحاكم. وهو ما خلف تركة مالية فضلا عن الفوضى الكبيرة في الإدارة. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ازاد الوضع تأزما وتعكرا أثناء فترة حكم "الترويكا" بالأساس بعد أن راهنت السلطة الحاكمة آنذاك على إحكام الخناق على المنظمة عبر محاولات تجفيف المنابع وإثارة قضايا وخطايا مالية لعل أبرزها العودة إلى سنة 1984 كل ذلك بهدف إضعاف الاتحاد وإدخاله إلى بيت الطاعة ليكون آلية عملية لخدمة أجندا سياسية ومجتمعية أخرى. ولا أخفي على أحد حجم المعاناة والصعوبات التي تعرضت لها هذه المنظمة خلال تلك الفترة العصيبة من احتجاجات وفوضى لاسيما أنها تزامنت مع فترة صعوبات مالية خانقة تتمثل في شح إن لم يكن غلق كل الموارد المالية. ويكفي القول إننا نجحنا اليوم في تخطي 80% من المشاكل المادية ودفع 1.5 مليار من مليماتنا من بين 2.5 إلى حد الآن. فضلا عن تنقيح النظام الداخلي ونجاحنا أيضا في تكريس استقلالية المنظمة وإعادة هيكلة الإدارة وتنظيم بقية الهياكل بما يجعل من الاتحاد الوطني للمرأة منظمة رائدة وفاعلة وشريكة في التفكير ووضع القرار في الدولة على غرار بقية المنظمات الكبرى.
ولكن بم تفسرين عودة هذه المنظمة اليوم للمطالبة بمكانة وطنية ودولية بعد غياب خلال العقد الماضي تقريبا؟
-مثلما أسلفت الذكر، نحن لم نتغيب ولم نتنازل عن دور هذه المنظمة العريقة بل تمسكنا بحقنا في البقاء والصمود ضد كل محاولات التركيع والتدمير، وبقينا نناضل ونعمل جاهدا من أجل البقاء في البداية ثم إعادة ترتيب البيت بما يخدم المنظمة ويحافظ على استقلاليتها وذلك بفضل نضال عدد كبير من بنات وأبناء الاتحاد المؤمنين بالدولة المدنية وبدور هذه المنظمة النوعية بعيدا عن الجندرة. لذلك نجحنا في العودة بعد مراجعة المنظومة والتأسيس لقواعد التسيير الرشيدة.
هل تعني أنه بعد فترة الترويكا كانت عملية الإصلاح سهلة؟
-بالعكس فعملية الإصلاح في كل مراحلها كانت على غاية من الصعوبة لاسيما أنها تزامنت مع فترة تجاذبات ومخاض سياسي ألقى بثقله على المنظمة المنهكة. إذ كان كل طرف سياسي يحاول استغلال المخزون البشري للاتحاد والسعي لتوظيفه بهدف "يخدم بيها" فقط مستغلين الوضع الهش الذي كانت عليه. ولكننا استبسلنا في الدفاع عن المنظمة وكنا عازمات أكثر من أي وقت مضى على عدم التفريط في هذا الهيكل النوعي لأدواره الهامة في الدولة التونسية والمجتمع على حد السواء. فلم ننحز لأي حزب أو طرف سياسي مهما كانت قوته وموقعه بدءا بـ"الترويكا" مرورا بيوسف الشاهد الذي حاول الاستحواذ على "الاتحاد" لتوظيفه في إطار تمش سياسي معين وذلك بعد أن حاولت المنظومة السابقة في عديد المرات إقصاء الاتحاد والتعامل معه على أنه جمعية وليس منظمة وطنية وذلك في إطار مشروع مجتمعي يهدف لإقصاء المرأة التقدمية من ناحية وضرب مكاسب المرأة والتعدي على حقوقها من ناحية أخرى.
وقد رفعنا قضايا ضد بعض القضاة ممن تحاملوا على المنظمة وأيضا ضد وزراء ونواب من البرلمان بسبب تعديهم على الاتحاد أولا وعلى المرأة التونسية ثانيا أذكر من بينهم ساهم بادي ومحمد العفاس وغيرهم.
لنعد للحديث عن الراهن، كيف تقيمين الوضع في تونس اليوم؟
-أعتقد أننا في فترة شك وغموض يصعب التكهن بمآلاتها في ظل الغموض الذي يكتنف المشهد السياسي وموقع القرار من ناحية وتطورات الأحداث والمستجدات على المستويين الوطني والإقليمي والدولي وتداعياته السريعة على الوضع العام. ولا أبالغ إذا قلت إن الوضع أصبح جد صعب اليوم، وأن الخروج منه لا يكون إلا عبر رؤى تشاركية لا غير.
هل يعني أنك تشاطرين رأي المطالبين بالحوار الوطني وأنكم على استعداد لتكونوا جزءا من هذا الحل التشاركي؟
-في الحقيقة لا أعرف هل أن الاتحاد الوطني للمرأة سيكون حاضرا في هذا الحوار الوطني، الذي لطالما انتظره الجميع، أم لا. لأننا لم نتلق بعد ما يفيد ذلك، رغم تأكيدي على أننا كمنظمة عريقة ولها أدوار ومهام في مجال الحقوق المدنية والحياة السياسية والتعليم والتدريب المهني بالإضافة إلى اهتمامات ومشاغل اجتماعية وإنسانية وثقافية، معنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالمشاركة في النقاش ووضع الحلول المطلوبة.
فالاتحاد الوطني للمرأة التونسية مع ضرورة إجراء حوار وطني لتكون مخرجاته حلولا تشاركية. لأننا كنا نرى أن 25 جويلية كان استجابة للشعب ومدخلا للمسار التصحيحي الذي لطالما انتظره شق واسع من التونسيين داخل تونس وخارجها، ونحن نأمل أن نشارك فيه. لأن مهامنا وأهدافنا تتجاوز ما هو نسوي لتشمل قضايا وطنية ودولية خاصة أن الاتحاد كغيره من مؤسسات الدولة يضم كفاءات نسائية مشهودا بقيمتها ونجاحاتها وطنيا وعالميا.
هل يملك الاتحاد الوطني للمرأة تصورا أو أعد برنامجا استعدادا للمشاركة في هذا الحوار بعد أن أكد عميد المحامين إبراهيم بودربالة مؤخرا، أن الموعد بات قريبا؟
-في الحقيقة لا أريد أن أستبق الأحداث. ولكن ما أقوله إن الاتحاد له من الكفاءات والاستعدادات الكفيلة بضمان التفاعل الإيجابي وتقديم الرؤى والتصورات البناءة. لذلك نحن ننتظر القرارات وتوضيح المسار. لأننا مستعدون للقيام بدورنا كمنظمة وطنية رائدة والمساهمة في تقديم الحلول. فجميعنا يعلم أن انتظارات التونسيين لمسار ما بعد 25 جويلية كبيرة لكن هذا المسار يخيم عليه الغموض وتحكمه استفهامات عديدة حول اللجان التي ستتولى التحضير للحوار وهل سيتم الاقتصار للمشاركة فيه على الرباعي الراعي لحوار 2013 فقط أم أن مجال المشاركة سيكون مفتوحا لبقية المنظمات والهياكل الوطنية والمدنية والأحزاب السياسية؟ وهل سيتم الاقتصار في مضامينه ومحاوره على مخرجات الاستشارة الالكترونية أو لان هناك محاور ومطارحات أخرى؟ فهذه الأسئلة مطروحة بالنسبة لنا كبقية مكونات المشهد المدني والمنظماتي والسياسي في تونس.
في سياق حديثك أشرت إلى وجود تواصل مع بقية المنظمات، هل يعني أن الاتحاد الوطني للمرأة أصبح أكثر انفتاحا على بقية المنظمات والهياكل على خلاف ما كان عليه الوضع قبل 2011 حيث كان الأقرب للحزب الحاكم والسلطة فقط؟
-مثلما قلت الاتحاد نجح في السنوات الأخيرة في ترشيد مساره الإصلاحي وفي تكريس استقلاليته ووضع سياسته بعيدا عن منطق التملك والتوظيف السياسي. ونحن اليوم على تواصل وفي اتصال دائم مع بقية المنظمات وغيرها من الهياكل الوطنية والمدنية والرسمية والدولية وذلك في سياق تنفيذ برامجنا ومهامنا في مجالات تربوية وسياسية وعلمية وحقوقية وإنسانية بالأساس. لذلك لا يمكن إبداء رأينا في مسائل غير واضحة المعالم بالنسبة لنا.
بصفتك رئيسة الاتحاد سبق أن التقيت رئيس الجمهورية في أفريل الماضي، أين تنزّلين هذا اللقاء؟
-صحيح أنني تلقيت دعوة رسمية من رئاسة الجمهورية والتقيت رئيس الجمهورية كغيري من ممثلي عدة مؤسسات ومنظمات وهياكل أخرى وتحدثنا خلالها عن الوضع في البلاد والمخاطر التي تحدق بها، وتطرق اللقاء إلى الدوافع التي جعلت الرئيس يتخذ جملة من القرارات. ورغم تأكيده على تمسكه بدعم حقوق ومكاسب المرأة إلا أن ذلك لا يعني أن منظمتنا ستكون ضمن المدعوين للمشاركة في الحوار الوطني المرتقب.
عدة جهات تتحدث عن الجمهورية الجديدة أو الجمهورية الثالثة، هل الاتحاد يشاطر هذا التوجه أم أن هناك شروطا ومقترحات؟
-في الحقيقة الحديث عن جمهورية جديدة يحمل الكثير من المعاني بما تحيل إليه من مسارات تشريعية وتنظيمية وقانونية وهيكلية وغيرها. فالأمر يتطلب في تقديري، إدارة جديدة وقوية ضامنة للسيادة الوطنية ودولة القانون والمؤسسات تنفذ وتطبق على أرض الواقع وليس مجرد شعارات ومنظومة قانونية تقطع مع الإفلات من العقاب وتكرس المحاسبة إضافة إلى ما تحمله من معنى وضع حد لممارسات ومظاهر التدخل الأجنبي والاستقواء بالخارج في قضايا وطنية. هكذا ربما تفهم الجمهورية الجديدة. حينها ستكون تلك الجمهورية التي ننتظرها وغيرنا كثيرون من المواطنين الغيورين على تونس يشاطروننا نفس الانتظار والآمال في جمهورية جديدة تقطع مع ممارسات الماضي التي أساءت للدولة والمؤسسات والمواطنين. فجميعنا نروم تونس جديدة فيها أقل ما يمكن من الفقراء والظلم.
لكن البعض الآخر يفهم جمهورية جديدة بمؤسسات جديدة دون أحزاب وبرلمان وهذا في حد ذاته يحتاج إلى نقاش عميق لأنه يشكل خطرا على جميع المستويات.