أخذت الحرب على المحتكرين والمضاربين أبعادا أخرى بعد صدور منشور وزارة العدل اول امس الجمعة لتتحول الى مواجهة حقيقية بين الدولة ومن يلعب بقوت التونسيين بعد أن نفدت عديد المواد الأساسية الغذائية من الاسواق وبات الجوع يتهدد الجميع.
ولئن رحب العديد بالتصعيد في مواجهة هذه الافة الا ان البعض الاخر يرى انها وجه آخر من أوجه الشعبوية التي اعتادت السلطة التنفيذية الحالية اعتمادها ما بعد 25 جويلية 2021، في حين اختلفت رؤية رجال الاقتصاد الذين اجمع اغلبهم على ان مثل هذه الحروب يجب ان تقوم على خطة واضحة وبعيدة المدى بعيدا عن العشوائية والشعارات الفضفاضة.
الخبير الاقتصادي محسن حسن رأى أن الهدف من العملية برمتها هو تحقيق انتظام التزويد واستقرار مستوى الاسعار وهذا لا يتم الا عبر محاربة الاحتكار والممارسات المخلة بالمنافسة الشريفة التي ادت الى تسجيل نقص كبير في عديد المواد الاساسية وارتفاع اسعارها.
حسن اعتبر انه للوصول الى نتيجة فعلية على الجهات المعنية وضع خطة متكاملة تقوم على جملة من النقاط وهي تتمثل في دعم جهاز المراقبة الاقتصادية من خلال دعم الإمكانيات البشرية والمادية لأنه من غير المعقول ان يقضي 600 عون مراقبة اقتصادية على هذه الظاهرة المستفحلة لذلك من الافضل ان تتحول الادارة العامة للمراقبة الاقتصادية الى جهاز لديه استقلالية مالية وادارية مع دعمه من خلال الحراك الوظيفي اي تعزيز جهاز المراقبة بموارد بشرية من ادارات اخرى بعد تكوينهم الى جانب اعادة النظر في الاطار التشريعي المنظم للتجارة ككل من خلال تنقيح قانون المنافسة لسنة 2005 ومراجعته في اتجاه تجريم الاحتكار وتشديد العقوبات.
كما دعا الخبير الاقتصادي الى اصدار مرسوم ينقح قانون مجلس المنافسة حتى يلعب دور الحكم بين الفاعلين التجاريين ويكون القاعدة الاساسية للشفافية في المعاملات التجارية، مشددا على ضرورة إعادة تأهيل الأسواق بمختلف أنواعها ما يدفع التاجر الى اللجوء إلى المسالك غير المنتظمة.
واكد حسن ان الاحتكار هو ليس كل المشكل بل جزء منه وعلى السلطة توفير الموارد المالية اللازمة والبحث عن اسواق اخرى غير روسيا واوكرانيا لتوريد حاجياتها خاصة من القمح هذا الى جانب اعادة النظر في السياسات الفلاحية المعتمدة لتحقيق سيادة غذائية.
الاحتكار واضعاف السلطة
من جانبه قال الخبير الاقتصادي حسين الديماسي أن السياسة المعتمدة في مقاومة المضاربين او المحتكرين قد تزيد من تعقيد الوضع اذا لم تكن مبنية على اسس ناجعة وليس على التشريعات والقوانين فقط، مؤكدا على ضرورة الابتعاد عن العشوائية في محاربة الظاهرة لأنه ستكون لها انعكاسات خطيرة، حسب قوله.
ونبه الديماسي من فتح حرب دون وجود خطة متكاملة قانونيا وفعليا، مشيرا الى ان طريقة معالجة المالية العمومية غير ناجع حيث تقوم على تجميد الاسعار لفترات طويلة ثم الترفيع فيها فجأة ملثما يحصل مع المحروقات وذلك تحت ضغط المالية العمومية.
وكما اقترح الخبير الاقتصادي تشكيل خلية ازمة تكون مهمتها مقاومة الاحتكار والمضاربة من خلال اتخاذ جملة من الاجراءات العاجلة والفعلية لان محاولات تطويق الازمة غير كاف.
وفي نفس السياق حذر الديماسي من وجود أطراف تسعى الى تشتيت انتباه السلطة واضعافها.
آفة الاحتكار
رضا الكشتبان رئيس الجمعية التونسية للتربية والثقافة اعتبر انه في تونس باتت آفة الاحتكار " طَلسَما مُخيفا يُطارِدُ طَبَقة البُسطاء خاصّة في غياب القوانين الصّارمة والمُراقبَة الدّقيقة لؤلئك الذّين تمرّدوا على الميثاق الاجتماعي لِصالح نرجسيّة مَقيتَة".
وَاكد رئيس الجمعية التونسية للتربية والثقافة "ان التّونسيين عانوا مُنذ مدّة من هذه الجائحة الاقتصاديّة المُدمّرة التّي جعلت الموادّ المعيشيّة من سميد وفارينة وسكر وزيت عملة صعبة تُباعُ في الخيَام السّوداء في بياض النّهار سَعيد من ينَال منها القليل وتعيس يَتوخّى الوسطاء والمحاباة ليستجيب لبطن خاو وخال من القوت، لذلك صحّ عزم السّلطة على مناهضة هذه الآفة بتوظيف القانون والأمن وقد أوعزت السّلطة للدّاخليّة بضرورة ملاحقة المُحتكرين بسلطة القانون بحكْمِ ما تملكه من معرفة بمسالك المجتمع ومسارب الاحتكار".
واكد محدثنا على انه من "الضروري استمرار هذه الحرب على المحتكرين وَأن لا تكون عرضية ومناسباتيّة يقتضيها الظرف السّياسي هذه الأيّام معتبرا أن الاحتكار شبيه بالكورونا.. لأنّ الضّرر الصحّي والاقتصادي في علاقة تَمَاسّ فالجائحة الصحيّة قاتلة والجائحة الاقتصاديّة مُدمّرة فَلا بُدّ من قانون القوّة وقُوّة القانون لخوض حرب الأوبئة الاقتصادية".
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
أخذت الحرب على المحتكرين والمضاربين أبعادا أخرى بعد صدور منشور وزارة العدل اول امس الجمعة لتتحول الى مواجهة حقيقية بين الدولة ومن يلعب بقوت التونسيين بعد أن نفدت عديد المواد الأساسية الغذائية من الاسواق وبات الجوع يتهدد الجميع.
ولئن رحب العديد بالتصعيد في مواجهة هذه الافة الا ان البعض الاخر يرى انها وجه آخر من أوجه الشعبوية التي اعتادت السلطة التنفيذية الحالية اعتمادها ما بعد 25 جويلية 2021، في حين اختلفت رؤية رجال الاقتصاد الذين اجمع اغلبهم على ان مثل هذه الحروب يجب ان تقوم على خطة واضحة وبعيدة المدى بعيدا عن العشوائية والشعارات الفضفاضة.
الخبير الاقتصادي محسن حسن رأى أن الهدف من العملية برمتها هو تحقيق انتظام التزويد واستقرار مستوى الاسعار وهذا لا يتم الا عبر محاربة الاحتكار والممارسات المخلة بالمنافسة الشريفة التي ادت الى تسجيل نقص كبير في عديد المواد الاساسية وارتفاع اسعارها.
حسن اعتبر انه للوصول الى نتيجة فعلية على الجهات المعنية وضع خطة متكاملة تقوم على جملة من النقاط وهي تتمثل في دعم جهاز المراقبة الاقتصادية من خلال دعم الإمكانيات البشرية والمادية لأنه من غير المعقول ان يقضي 600 عون مراقبة اقتصادية على هذه الظاهرة المستفحلة لذلك من الافضل ان تتحول الادارة العامة للمراقبة الاقتصادية الى جهاز لديه استقلالية مالية وادارية مع دعمه من خلال الحراك الوظيفي اي تعزيز جهاز المراقبة بموارد بشرية من ادارات اخرى بعد تكوينهم الى جانب اعادة النظر في الاطار التشريعي المنظم للتجارة ككل من خلال تنقيح قانون المنافسة لسنة 2005 ومراجعته في اتجاه تجريم الاحتكار وتشديد العقوبات.
كما دعا الخبير الاقتصادي الى اصدار مرسوم ينقح قانون مجلس المنافسة حتى يلعب دور الحكم بين الفاعلين التجاريين ويكون القاعدة الاساسية للشفافية في المعاملات التجارية، مشددا على ضرورة إعادة تأهيل الأسواق بمختلف أنواعها ما يدفع التاجر الى اللجوء إلى المسالك غير المنتظمة.
واكد حسن ان الاحتكار هو ليس كل المشكل بل جزء منه وعلى السلطة توفير الموارد المالية اللازمة والبحث عن اسواق اخرى غير روسيا واوكرانيا لتوريد حاجياتها خاصة من القمح هذا الى جانب اعادة النظر في السياسات الفلاحية المعتمدة لتحقيق سيادة غذائية.
الاحتكار واضعاف السلطة
من جانبه قال الخبير الاقتصادي حسين الديماسي أن السياسة المعتمدة في مقاومة المضاربين او المحتكرين قد تزيد من تعقيد الوضع اذا لم تكن مبنية على اسس ناجعة وليس على التشريعات والقوانين فقط، مؤكدا على ضرورة الابتعاد عن العشوائية في محاربة الظاهرة لأنه ستكون لها انعكاسات خطيرة، حسب قوله.
ونبه الديماسي من فتح حرب دون وجود خطة متكاملة قانونيا وفعليا، مشيرا الى ان طريقة معالجة المالية العمومية غير ناجع حيث تقوم على تجميد الاسعار لفترات طويلة ثم الترفيع فيها فجأة ملثما يحصل مع المحروقات وذلك تحت ضغط المالية العمومية.
وكما اقترح الخبير الاقتصادي تشكيل خلية ازمة تكون مهمتها مقاومة الاحتكار والمضاربة من خلال اتخاذ جملة من الاجراءات العاجلة والفعلية لان محاولات تطويق الازمة غير كاف.
وفي نفس السياق حذر الديماسي من وجود أطراف تسعى الى تشتيت انتباه السلطة واضعافها.
آفة الاحتكار
رضا الكشتبان رئيس الجمعية التونسية للتربية والثقافة اعتبر انه في تونس باتت آفة الاحتكار " طَلسَما مُخيفا يُطارِدُ طَبَقة البُسطاء خاصّة في غياب القوانين الصّارمة والمُراقبَة الدّقيقة لؤلئك الذّين تمرّدوا على الميثاق الاجتماعي لِصالح نرجسيّة مَقيتَة".
وَاكد رئيس الجمعية التونسية للتربية والثقافة "ان التّونسيين عانوا مُنذ مدّة من هذه الجائحة الاقتصاديّة المُدمّرة التّي جعلت الموادّ المعيشيّة من سميد وفارينة وسكر وزيت عملة صعبة تُباعُ في الخيَام السّوداء في بياض النّهار سَعيد من ينَال منها القليل وتعيس يَتوخّى الوسطاء والمحاباة ليستجيب لبطن خاو وخال من القوت، لذلك صحّ عزم السّلطة على مناهضة هذه الآفة بتوظيف القانون والأمن وقد أوعزت السّلطة للدّاخليّة بضرورة ملاحقة المُحتكرين بسلطة القانون بحكْمِ ما تملكه من معرفة بمسالك المجتمع ومسارب الاحتكار".
واكد محدثنا على انه من "الضروري استمرار هذه الحرب على المحتكرين وَأن لا تكون عرضية ومناسباتيّة يقتضيها الظرف السّياسي هذه الأيّام معتبرا أن الاحتكار شبيه بالكورونا.. لأنّ الضّرر الصحّي والاقتصادي في علاقة تَمَاسّ فالجائحة الصحيّة قاتلة والجائحة الاقتصاديّة مُدمّرة فَلا بُدّ من قانون القوّة وقُوّة القانون لخوض حرب الأوبئة الاقتصادية".