قال العلامة ابن خلدون " العدل أساس العمران" أي أن أهم ركيزة لاستمرارية الدولة والأمم والشعوب هو العدل. ولعل أكبر دليل في أواخر القرن العشرين يتجلى في ما وصلت إليه الأمم الغربية من طفرة حضارية في جميع الميادين، ما انعكس بصفة مباشرة على عامة شعبها من رغد للعيش ونظام في التعامل اليومي ونظافة أينما ذهبت ورفاهة لجميع فآت الشعب بصفة عامة.
فالعدالة بصفة عامة والجبائية منها بصفة خاصة هي أهداف في حد ذاتها تفتح المجال لكل ازدهار وتطور ورقي. ودور الحاكم والمسؤول في جميع رتب الدولة المعاصرة هو المحاولة المتواصلة واليومية لتحقيقها حيث أن العدالة المطلقة أمر مستحيل. ولكن بذل الجهد في دحض الظلم ومقاومته والحط من مستوياته يحدث لا محالة توازنا اجتماعيا واقتصاديا ناجعا وفعالا لإحداث الطفرة الحضارية المرجوة.
فالمعادلة اليوم وخاصة في الدول التي ذهبت إلى التداين والاقتراض الخارجي ومن بينها تونس ودخلت في دوامة الركض وراء توفير أدنى الأساسيات والضروريات الحياتية لشعبها لتجد نفسها مكبلة بأعباء سنوية لا تفسح لها المجال لوضع برامج تنموية قادرة على خلق الثروة لسداد هذه الديون، يجعل المسؤولين في تخبط ذهب بهم مع الحكومات المتعاقبة وخاصة بعد ثورة 2011 إلى الحياد عن القواعد الأساسية للتخطيط ووضع الاستراتيجيات الناجعة. وذهب بهم جميعا من عام إلى عام للتركيز على تحقيق المعادلات المالية للميزانيات على حساب المواطن وظروف عيشه التي أصبحت قاسية ومتردية إلى أبعد الحدود.
فهل أن المعادلة اليوم هي "لا عدالة مع الإكراهات المالية" أم أن الصواب هو " لا إكراهات مالية مع العدالة" وهو الأصل والقاعدة التي حاد عنها الجميع. فالأصل والصواب هو أن ينطلق المسؤول في الدولة والوزارات ومن بينها وزارة المالية للأخذ بعين الاعتبار لأي قرار كان هو أن هذا القرار سيكون وسيلة وسببا لتحيق العدالة الجبائية والاجتماعية أم أنه سيساهم في تكريس الفوارق الاجتماعية ويزيد في الشرخ الذي تكرس مع فترة حكم بن علي في تكريس حب الذات وسيطرة المال والمادة وتدمير ما بناه بورقيبة حول قاعدة أن المصعد الاجتماعي أساسه التربية والتعليم والشهائد الجامعية من التعليم العالي.
ولعل من أهم الأسباب التي يجب الأخذ بها في الفترة القادمة هو نشر الثقافة الجبائية والمحاسبية لجميع أفراد المجتمع وتوعيته بأن من بين أهم عناصر المواطنة والديمقراطية في الدولة المعاصرة هو دفع الضرائب والأداءات، بطبيعة الحال عندما تكون هذه الأخيرة منصفة وعادلة. فالمبدأ العام والمؤكد أنه كلما زادت نسبها وأصبح الضغط الجبائي مرتفعا وأصبحنا نتحدث عن المجبى وليس الجباية كلما ذهب المطالبون بالأداء إلى التهرب الجبائي والديواني وأصبح التركيز والشغل الشاغل هو كيف السبيل إلى دفع أقل قدر ممكن ليفتك الأهم في مجال التفكير وهو خلق الثروة و تطوير المعاملات وسبل الازدهار والرفاه.
ورغم أن هذه الثقافة الجبائية بدأت في التبلور في السنوات الأخيرة حيث أن الملاحظة العامة هي أن جل أفراد الشعب من جميع الشرائح المجتمعية والعمرية أصبحت تتابع وتتحدث، وخاصة في أواخر كل سنة، حول قانون المالية وتوجهاته للسنة المقبلة وميزانية الدولة وباب النفقات ومصادر التمويل والموارد، إلا أن المشوار لا يزال طويلا لتوضيح الصورة بطريقة جلية ليفهم المواطن دوره الحقيقي في هذه المنظومة المعاصرة ويقوم بواجبه الجبائي الوطني بنفس الروح والعزيمة التي يبذلها للمطالبة بحقوقه.
بسام بن عبد الرؤوف بوليلة
أمين المال الوطني لمجمع المحاسبين بالبلاد التونسية
أمين المال لفيدرالية الخبراء المحاسبين بالبحر الأبيض المتوسط
قال العلامة ابن خلدون " العدل أساس العمران" أي أن أهم ركيزة لاستمرارية الدولة والأمم والشعوب هو العدل. ولعل أكبر دليل في أواخر القرن العشرين يتجلى في ما وصلت إليه الأمم الغربية من طفرة حضارية في جميع الميادين، ما انعكس بصفة مباشرة على عامة شعبها من رغد للعيش ونظام في التعامل اليومي ونظافة أينما ذهبت ورفاهة لجميع فآت الشعب بصفة عامة.
فالعدالة بصفة عامة والجبائية منها بصفة خاصة هي أهداف في حد ذاتها تفتح المجال لكل ازدهار وتطور ورقي. ودور الحاكم والمسؤول في جميع رتب الدولة المعاصرة هو المحاولة المتواصلة واليومية لتحقيقها حيث أن العدالة المطلقة أمر مستحيل. ولكن بذل الجهد في دحض الظلم ومقاومته والحط من مستوياته يحدث لا محالة توازنا اجتماعيا واقتصاديا ناجعا وفعالا لإحداث الطفرة الحضارية المرجوة.
فالمعادلة اليوم وخاصة في الدول التي ذهبت إلى التداين والاقتراض الخارجي ومن بينها تونس ودخلت في دوامة الركض وراء توفير أدنى الأساسيات والضروريات الحياتية لشعبها لتجد نفسها مكبلة بأعباء سنوية لا تفسح لها المجال لوضع برامج تنموية قادرة على خلق الثروة لسداد هذه الديون، يجعل المسؤولين في تخبط ذهب بهم مع الحكومات المتعاقبة وخاصة بعد ثورة 2011 إلى الحياد عن القواعد الأساسية للتخطيط ووضع الاستراتيجيات الناجعة. وذهب بهم جميعا من عام إلى عام للتركيز على تحقيق المعادلات المالية للميزانيات على حساب المواطن وظروف عيشه التي أصبحت قاسية ومتردية إلى أبعد الحدود.
فهل أن المعادلة اليوم هي "لا عدالة مع الإكراهات المالية" أم أن الصواب هو " لا إكراهات مالية مع العدالة" وهو الأصل والقاعدة التي حاد عنها الجميع. فالأصل والصواب هو أن ينطلق المسؤول في الدولة والوزارات ومن بينها وزارة المالية للأخذ بعين الاعتبار لأي قرار كان هو أن هذا القرار سيكون وسيلة وسببا لتحيق العدالة الجبائية والاجتماعية أم أنه سيساهم في تكريس الفوارق الاجتماعية ويزيد في الشرخ الذي تكرس مع فترة حكم بن علي في تكريس حب الذات وسيطرة المال والمادة وتدمير ما بناه بورقيبة حول قاعدة أن المصعد الاجتماعي أساسه التربية والتعليم والشهائد الجامعية من التعليم العالي.
ولعل من أهم الأسباب التي يجب الأخذ بها في الفترة القادمة هو نشر الثقافة الجبائية والمحاسبية لجميع أفراد المجتمع وتوعيته بأن من بين أهم عناصر المواطنة والديمقراطية في الدولة المعاصرة هو دفع الضرائب والأداءات، بطبيعة الحال عندما تكون هذه الأخيرة منصفة وعادلة. فالمبدأ العام والمؤكد أنه كلما زادت نسبها وأصبح الضغط الجبائي مرتفعا وأصبحنا نتحدث عن المجبى وليس الجباية كلما ذهب المطالبون بالأداء إلى التهرب الجبائي والديواني وأصبح التركيز والشغل الشاغل هو كيف السبيل إلى دفع أقل قدر ممكن ليفتك الأهم في مجال التفكير وهو خلق الثروة و تطوير المعاملات وسبل الازدهار والرفاه.
ورغم أن هذه الثقافة الجبائية بدأت في التبلور في السنوات الأخيرة حيث أن الملاحظة العامة هي أن جل أفراد الشعب من جميع الشرائح المجتمعية والعمرية أصبحت تتابع وتتحدث، وخاصة في أواخر كل سنة، حول قانون المالية وتوجهاته للسنة المقبلة وميزانية الدولة وباب النفقات ومصادر التمويل والموارد، إلا أن المشوار لا يزال طويلا لتوضيح الصورة بطريقة جلية ليفهم المواطن دوره الحقيقي في هذه المنظومة المعاصرة ويقوم بواجبه الجبائي الوطني بنفس الروح والعزيمة التي يبذلها للمطالبة بحقوقه.
بسام بن عبد الرؤوف بوليلة
أمين المال الوطني لمجمع المحاسبين بالبلاد التونسية
أمين المال لفيدرالية الخبراء المحاسبين بالبحر الأبيض المتوسط