إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عكستها الطوابير وتذّمر المواطنين.. أزمة الخبز.. بين "الافتعال" و"ضعف القرار"!

رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك لـ"الصباح": المستهلك لا دخل له في المعارك القطاعية وما يهمنا أن يجد حاجته بالسعر الذي حددته الدولة

تونس –الصباح

مشاهد غريبة وغير مألوفة، بتنا نعايشها يوميا مع امتداد طوابير المواطنين أمام المخابز في مختلف جهات الجمهورية من أجل الظفر ببضع »خبزات «يسدون بها رمق عائلتهم.. فمادة الخبز التي كنّا نصنّف الى وقت قريب ضمن أكثر الشعوب المبذّرة لها، أصبح الحصول عليها أشبه برحلة مضنية يوميا، وفي وسط الغضب الشعبي وتذمر المواطنين في أغلب الجهات من النقص الكبير في التزوّد بالخبز، مع تصاعد المخاوف من استمرار هذا الوضع خلال شهر رمضان.. تبرز على هامش هذه الأزمة معركة حمى وطيسها بين المخابز المصنفة والمخابز  العصرية..، وباتت مادة الخبز محل مضاربة وانفلات في الأسعار وكل ذلك على مرأى ومسمع من وزارة التجارة التي بدت إلى اليوم مواقفها محتشمة في إيجاد حلول لمادة حيوية، لا يمكن الاستخفاف بخطورتها على مستوى السلم الاجتماعية وهي التي كانت سببا مباشرا في انتفاضة الخبز منتصف الثمانينات!

وفي سياق المعارك المحتدمة بين المخابز خلّف، أول أمس اقتراح عدد من أصحاب المخابز في ولاية صفاقس بيع الخبزة بـ690 مي و''الباقات'' بـ450 مي موجة من الغضب والاستياء وزاد في المخاوف أمام ارتفاع جنوني للأسعار وفقدان الكثير منها من الأسواق. وقد برر رئيس الغرفة الجهوية لأصحاب المخابز بصفاقس عبودة البرشاني، مقترح أصحاب المخابز بأن القطاع يعيش أزمة حقيقية وخطيرة ومستقبلا مجهولا، وأنّ 300 مخبزة مصنفة في الجهة باتت مهددة بالغلق والإفلاس. موجها نداء استغاثة لوزارة التجارة لصرف المستحقات المالية لأصحاب المخابز  لأكثر من 11 شهرا. كما وجّه أصابع الاتهام لأصحاب المخابز وخاصة العصرية منها، والتي عمد عدد من أصحابها إلى احتكار مادة "الفارينة" والترفيع في الأسعار، وفق تصريح رئيس الغرفة الجهوية لأصحاب المخابز بصفاقس.

إلا أنه وفي نفس السياق نفى رئيس المجمع المهني للمخابز العصرية، عبد الكريم بن محرز هذه الاتهامات مؤكدا أن مادتي "الفارينة" و"السميد" متوفرتين بكميات كافية وأنه لا وجود لأي نقص في هذه المواد. مؤكدا على أن أزمة الخبز مفتعلة وأن السبب مردّه توقّف تزويد المخابز العصرية بالمواد الأولية من قبل المطاحن.. وقد شاطره نفس الموقف الناطق الرسمي باسم الغرفة الوطنية للمخابز، صلاح الرقيق، الذي أكد أزمة الخبز "مفتعلة" وليست "حقيقية"، مشيرا  إلى أن "اللوبيات" هي التي تتحكّم في القطاع. وأنه لابد من الثبت في كميات "الفارينة" التي صرّح بها ديوان الحبوب والموجّهة للمطاحن. وأمام هذا التضارب في المواقف والاتهامات المبادلة اتصلت "الصباح" برئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك عمار ضية، حيث أكد أن المستهلك هو المتضرر الأبرز من هذه الأزمة.

وفي تعليق على أزمة الخبز الراهنة يقول الأستاذ عمار ضية: »أولا في ما يخص مادة الخبز هناك إشكال وضبابية في هذا القطاع ما بين مخبزة مدعمة ومخبزة غير مدعمة.. وما بين مخبزة تشتغل بصنف معيّن من الفارينة ومخبزة أخرى تشتغل بصنف ثان.. وفي الحقيقة هذه اللخبطة لا تهم المستهلك العادي.. رغم أن نقابتي هذين الصنفين من المخابز حضرا، في منابر إعلامية وتخاصما في أكثر من واقعة وكل واحد منهما يحمّل الآخر المسؤولية، والاتهامات متبادلة ومتواصلة ولكن هل يهتم المستهلك لهذا..، قطعا لا..، وعلى هياكل الدولة توضيح الرؤية في هذا المجال وإزالة الضبابية، وعلى هذه المخابز أن يتحمل كل صنف فيها مسؤوليته بالقانون وما يهمنا هو أن المستهلك يجد حاجياته بالأسعار التي حددتها الدولة..، فالدولة عندما ترصد ميزانية للدعم فهي متأتية في الأساس من الضرائب التي يدفعها المواطنون، وإذا كان هذا الدعم يذهب في غير محله، فانه يجب علينا إيجاد الطرق المثلى لترشيد الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه عوض أن يذهب هذا الدعم إلى المجال الصناعي أو إلى مجالات أخرى«.

ويضيف عمار ضية: »نحن دعونا كمنظمة دفاع عن المستهلك الإدارات المعنية والوزارة إلى أن تقع مراجعة عملية دعم المواد حتى نضمن أن تصل إلى مستحقيها ولا تذهب في أنشطة اقتصادية غير معنية بدعم هذه المواد".

كما أشار عمار ضية إلى أنه »في ما يخص قضية هذه المخابز التي تبيع أنواعا مختلفة من الخبز، فانه يجب توضيح الأمر للمستهلك، وما هي المخابز التي تبيع خبزا مدعما ومجبورة على احترام تسعيرة 190 مليما للباقات والمخابز الأخرى التي ظهرت في السنوات الأخيرة وسمت نفسها بالمخابز العصرية وتصنع خبزها من فارينة غير مدعمة فهذه يجب أن تتحمل مسؤولية التكلفة لأنها هي من اختارت ذلك، والمواطن حر في اقتناء خبزها أو لا ولكن يجب أن تكون لدى المستهلك مخابز تبيع خبزا مدعما".

منية العرفاوي

عكستها الطوابير وتذّمر المواطنين.. أزمة الخبز.. بين "الافتعال" و"ضعف القرار"!

رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك لـ"الصباح": المستهلك لا دخل له في المعارك القطاعية وما يهمنا أن يجد حاجته بالسعر الذي حددته الدولة

تونس –الصباح

مشاهد غريبة وغير مألوفة، بتنا نعايشها يوميا مع امتداد طوابير المواطنين أمام المخابز في مختلف جهات الجمهورية من أجل الظفر ببضع »خبزات «يسدون بها رمق عائلتهم.. فمادة الخبز التي كنّا نصنّف الى وقت قريب ضمن أكثر الشعوب المبذّرة لها، أصبح الحصول عليها أشبه برحلة مضنية يوميا، وفي وسط الغضب الشعبي وتذمر المواطنين في أغلب الجهات من النقص الكبير في التزوّد بالخبز، مع تصاعد المخاوف من استمرار هذا الوضع خلال شهر رمضان.. تبرز على هامش هذه الأزمة معركة حمى وطيسها بين المخابز المصنفة والمخابز  العصرية..، وباتت مادة الخبز محل مضاربة وانفلات في الأسعار وكل ذلك على مرأى ومسمع من وزارة التجارة التي بدت إلى اليوم مواقفها محتشمة في إيجاد حلول لمادة حيوية، لا يمكن الاستخفاف بخطورتها على مستوى السلم الاجتماعية وهي التي كانت سببا مباشرا في انتفاضة الخبز منتصف الثمانينات!

وفي سياق المعارك المحتدمة بين المخابز خلّف، أول أمس اقتراح عدد من أصحاب المخابز في ولاية صفاقس بيع الخبزة بـ690 مي و''الباقات'' بـ450 مي موجة من الغضب والاستياء وزاد في المخاوف أمام ارتفاع جنوني للأسعار وفقدان الكثير منها من الأسواق. وقد برر رئيس الغرفة الجهوية لأصحاب المخابز بصفاقس عبودة البرشاني، مقترح أصحاب المخابز بأن القطاع يعيش أزمة حقيقية وخطيرة ومستقبلا مجهولا، وأنّ 300 مخبزة مصنفة في الجهة باتت مهددة بالغلق والإفلاس. موجها نداء استغاثة لوزارة التجارة لصرف المستحقات المالية لأصحاب المخابز  لأكثر من 11 شهرا. كما وجّه أصابع الاتهام لأصحاب المخابز وخاصة العصرية منها، والتي عمد عدد من أصحابها إلى احتكار مادة "الفارينة" والترفيع في الأسعار، وفق تصريح رئيس الغرفة الجهوية لأصحاب المخابز بصفاقس.

إلا أنه وفي نفس السياق نفى رئيس المجمع المهني للمخابز العصرية، عبد الكريم بن محرز هذه الاتهامات مؤكدا أن مادتي "الفارينة" و"السميد" متوفرتين بكميات كافية وأنه لا وجود لأي نقص في هذه المواد. مؤكدا على أن أزمة الخبز مفتعلة وأن السبب مردّه توقّف تزويد المخابز العصرية بالمواد الأولية من قبل المطاحن.. وقد شاطره نفس الموقف الناطق الرسمي باسم الغرفة الوطنية للمخابز، صلاح الرقيق، الذي أكد أزمة الخبز "مفتعلة" وليست "حقيقية"، مشيرا  إلى أن "اللوبيات" هي التي تتحكّم في القطاع. وأنه لابد من الثبت في كميات "الفارينة" التي صرّح بها ديوان الحبوب والموجّهة للمطاحن. وأمام هذا التضارب في المواقف والاتهامات المبادلة اتصلت "الصباح" برئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك عمار ضية، حيث أكد أن المستهلك هو المتضرر الأبرز من هذه الأزمة.

وفي تعليق على أزمة الخبز الراهنة يقول الأستاذ عمار ضية: »أولا في ما يخص مادة الخبز هناك إشكال وضبابية في هذا القطاع ما بين مخبزة مدعمة ومخبزة غير مدعمة.. وما بين مخبزة تشتغل بصنف معيّن من الفارينة ومخبزة أخرى تشتغل بصنف ثان.. وفي الحقيقة هذه اللخبطة لا تهم المستهلك العادي.. رغم أن نقابتي هذين الصنفين من المخابز حضرا، في منابر إعلامية وتخاصما في أكثر من واقعة وكل واحد منهما يحمّل الآخر المسؤولية، والاتهامات متبادلة ومتواصلة ولكن هل يهتم المستهلك لهذا..، قطعا لا..، وعلى هياكل الدولة توضيح الرؤية في هذا المجال وإزالة الضبابية، وعلى هذه المخابز أن يتحمل كل صنف فيها مسؤوليته بالقانون وما يهمنا هو أن المستهلك يجد حاجياته بالأسعار التي حددتها الدولة..، فالدولة عندما ترصد ميزانية للدعم فهي متأتية في الأساس من الضرائب التي يدفعها المواطنون، وإذا كان هذا الدعم يذهب في غير محله، فانه يجب علينا إيجاد الطرق المثلى لترشيد الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه عوض أن يذهب هذا الدعم إلى المجال الصناعي أو إلى مجالات أخرى«.

ويضيف عمار ضية: »نحن دعونا كمنظمة دفاع عن المستهلك الإدارات المعنية والوزارة إلى أن تقع مراجعة عملية دعم المواد حتى نضمن أن تصل إلى مستحقيها ولا تذهب في أنشطة اقتصادية غير معنية بدعم هذه المواد".

كما أشار عمار ضية إلى أنه »في ما يخص قضية هذه المخابز التي تبيع أنواعا مختلفة من الخبز، فانه يجب توضيح الأمر للمستهلك، وما هي المخابز التي تبيع خبزا مدعما ومجبورة على احترام تسعيرة 190 مليما للباقات والمخابز الأخرى التي ظهرت في السنوات الأخيرة وسمت نفسها بالمخابز العصرية وتصنع خبزها من فارينة غير مدعمة فهذه يجب أن تتحمل مسؤولية التكلفة لأنها هي من اختارت ذلك، والمواطن حر في اقتناء خبزها أو لا ولكن يجب أن تكون لدى المستهلك مخابز تبيع خبزا مدعما".

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews