*هناك اقرار ضمني غربي باستعمال الدين في مقاومة نفوذ الكرملين في روسيا
*الم يحسم الغرب في المسألة الدينية وجعل الدين مجرد مسألة شخصية خاصة؟؟
تونس- الصباح
اكد احد المؤرخين الفرنسيين الذين كتبوا كثيرا عن العلاقة بين روسيا وجارتها اوكرانيا في حديث لصحيفة فرنسية، أن الحرب التي تشنها روسيا حاليا على اوكرانيا هي حرب دينية بامتياز.
وقد أوضح المؤرخ (أنطوان أرجاكفسكي وهو منسق قطب السياسة والاديان) أن روسيا تثأر من خلال هذه الحرب من تحرر الكنسية الأورتودكسية الأوكرانية عن الوصاية الروسية منذ سنة 2019. واشار المتحدث بكل جدية إلى أن اسباب الحرب العميقة هي دينية.
ومسألة الصراع الديني بين روسيا وأوكرانيا ليست جديدة حيث اسالت كثيرا من الحبر منذ ان اعلنت الكنيسة الاورتودكسية الأوكرانية اقامة كنيسة مستقلة مما اثار غضب الكنيسة الروسية وكانت اوكرانيا قد وصفت الأمر بأنه خطوة ضد التدخل الروسي في شؤونها، لكن الجديد من منظورنا هو أن يخرج الموضوع من الدائرة الدينية المحضة وأن يتناوله الاعلام الغربي كسبب رئيسي في الصراع العسكري الروسي الاوكراني. وعلينا ان نقر بأن الحرب الروسية على اوكرانيا قد وضعت العديد من الاوساط الغربية وخاصة منها الاعلام في مأزق. فهناك حيرة ازاء هذه الحرب وهناك بالخصوص نقاط استفهام كثيرة بقيت بلا اجابة مما جعل الاعلام الغربي يطرح كل الامكانيات ولا يستبعد أي فرضية بما فيها تلك التي يعلن من خلالها مناقضة نفسه بنفسه.
فما نعلمه عن الغرب أنه حسم في المسألة الدينية وأن حضارته تقوم على مبادئ مدنية عصرية وقوانينه وضعية وهناك فصل بين الدين والدولة. فالغرب من المفروض بلغ مرحلة من التطور والتقدم جعلته يغلق قوس الحروب الدينية، لكن ها أن الحرب الروسية الاوكرانية تكشف زيف الشعارات المرفوعة دائما في الغرب حول بلوغ الشعوب درجة من التحضر والمدنية تجعلها تحل مشاكلها سلميا وفي إطار القانون. وها أننا نكتشف أن الدوافع الأساسية لهذه الحرب هي روحية.
صحيح هناك نوايا توسعية لروسيا وهناك خوف من الرئيس فلاديمير بوتين الذي لا يخفي حلمه باسترجاع مجد الاتحاد السوفياتي الضائع وصحيح أن روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي وكما تدار اليوم يمكن أن تفاجئ الغرب والعالم باسره ولا احد يمكن أن يتوقع متى يتوقف بوتين، ولا احد يراهن على أن استبعاد بوتين اصلا قد يضع حدا للطموحات التوسعية لروسيا، لكن ووفق ما تم الكشف عنه فإن المسألة الدينية حاضرة بامتياز في هذه الحرب والأخطر من ذلك أن الغرب اللائكي استعمل العنصر الديني في حربه النفسية ضد بوتين.
واليوم هناك قناعة في الغرب بأن اوكرانيا تدفع ثمن استقلاليتها الدينية عن روسيا وهناك قناعة كذلك لدى الأوساط الدينية والاعلامية وحتى العلمية بأن الكنيسة الأرتودكسية الروسية تستعمل كأداة لتبرير النزعة التوسعية الروسية في المنطقة وفي كل ما يحدث من محاولات وصراعات وانشقاقات داخل اوكرانيا منذ سنوات، الأمر الذي يبرر- ولو يقال ذلك ضمنيا- استعمال نفس السلاح في هذه المواجهة.
صحيح ووفق العديد من الوثائق حول الموضوع أن الكنيسة في روسيا عبرت بدورها عن غضبها رسميا من إعلان استقلال الكنيسة الاوكرانية وقد ازداد هذا الغضب عندما لوحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية لها دخل في ما حدث بعد ان وضعت الكنيسة الاوكرانية تحت وصاية اساقفة أمريكا وكندا كما أن الكنيسة الروسية والاطياف الدينية المساندة لها في اوكرانيا (حرضت روسيا على بعث كنيسة موازية مساندة لها على اراضي الجارة التي تحاول منذ خروجها من الاتحاد السوفياتي التحرر من الوصاية الروسية ) تساند باستمرار القرار السياسي الروسي بما في ذلك التدخلات العسكرية في اوكرانيا، لكن هل يمكن أن يبرر كل ذلك تنكر الغرب لمبادئه واستغلاله الكنيسة ( هكذا في القرن الحادي والعشرين) في مشاريعه للتصدي لبوتين، حتى اندلعت حرب مستعرة تهدد العالم باسره اليوم؟
إنه في المطلق ومن وجهة نظر طرف أجنبي عن المجال الديني المسيحي، يصعب فهم العلاقات المعقدة بين الكنائس في العالم المسيحي (والاورتودكسي بالخصوص) الذي يقوم على عقد تحالفات تتأثر بموازين القوى على غرار ما يحدث تقريبا في عالم السياسية وفي العلاقات بين القوى المهيمنة في العالم، من ذلك مثلا أن الكنيسة الروسية خسرت وفق المختصين والمحللين للوضع الكثير من وزنها في مجالها الديني بعد حصول الكنيسة الأوكرانية عن استقلالها عن روسيا فهي لم تعد اكبر كنيسة أورتودكسية في العالم، لكن ان تكون المسألة الدينية حاضرة بكل هذه القوة، فهذه مسألة مثيرة للفضول وقد جاءت هذه الحرب على ما يبدو لتكشف ادعاء الغرب بأنه حسم في علاقته بالدين.
فالغرب اللائكي علنا طبعا، وهو على ما يبدو مازال غارقا في الصراعات الدينية ومازال العامل الديني بالنسبة له محركا للاحداث الكبرى، قد شجع على استعمال الكنيسة الاورتودكسية في اوكرانيا لمواجهة المحاولات التوسعية لروسيا ولمقاومة نفوذ الكرملين هناك.
فقد نقل عن سفير امريكي سابق باوكرانيا (جون هيربست) اعلانه ترحيبه بتوحيد الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا (كانت هناك واحدة مساندة روسيا واخرى معارضة لها) واستقلالها عن العاصمة الروسية بل اعتبرها من جهة ضربة لحلفاء الرئيس فلاديمير بوتين ( يقصد رجال الدين) ومن جهة اخرى "خطوة كبيرة في جهود أوكرانيا لتحرير نفسها من نفوذ الكرملين". وهو ما يجعل الملاحظ يزداد قناعة بأن هذه الحرب إنما جاءت بالخصوص لتكشف الزيف الغربي.
فإن كانت روسيا المحسوبة على الشرق من طرف الغرب، والتي تبقى وفق الذهنية الغربية وخاصة في عهد الرئيس بوتين دولة رجعية ومتخلفة وذات نزعة توسعية ويحكمها الحنين إلى عهد القياصرة، لا يستغرب منها سعيها الى استعمال العنصر الديني في معاركها، فإن لجوء الغرب وتحت جناح الليل إلى الكنيسة وتأليبها ضد الخصم الروسي، فهذا فعلا مثير للاستغراب.
وها قد تبين أن البلدان الغربية لا تلتجئ للكنيسة في معاركها فقط ولكن تستعمل نفس الطرق القديمة التي خلنا أنها صارت من الماضي.
فقد كانت الكنيسة في التاريخ في قلب الحروب والمعارك الدينية وقد سقطت الملايين من الارواح في الغرب المسيحي في حروب دينية. مع العلم أن الكنيسة الاورتودكسية (موجودة في الغرب وفي الشرق) هي ثاني أكبر كنيسة بعد الكنيسة الكاتلوكية، (هناك البروتستان ايضا). والاورتودكس موجودون بالخصوص في اوروبا الشرقية وتعتبر روسيا أكبر دولة ارتودكسية في العالم المسيحي. لكن في الاثناء قام الغرب المسيحي أو هكذا من المفروض قد فعل، قام بمراجعات كثيرة انتهت إلى فصل الدين عن الدولة واعتبار الدين مسألة شخصية تهم الانسان الفرد ولا تلزم المجموعة. لكن الحرب في روسيا فتحت الاعين على الكثير من الحقائق المغيبة ومن بينها أن الغرب مستعد للتخلي عن المبادئ التي يروجها أمام العالم عندما يتعلق الأمر بالمصالح.
وبالتالي يصبح اليوم السؤال التالي مشروعا: بأي حق يطالب الغرب الدول الاسلامية بالقيام بمراجعات وفق معايير يحددها بنفسه وبأي حق يسمح لنفسه ما لا يسمح به لغيره؟
فقد بلغنا مرحلة صارت فيه بعض الأوساط الغربية الاعلامية والثقافية وحتى السياسية أحيانا ( وقد حدث ذلك مثلا مع الرئيس الفرنسي ايمانيال ماكرون الذي ايد فيها فكرة التعرض لرموز الاسلام) يقع فيها المساس بالمقدسات الاسلامية، ويعتبر ذلك ضمن حرية التعبير. نحن بطبيعة الحال لا نعلن أي مساندة لأي عمل متطرف باسم الدفاع عن المقدسات، لكن نتساءل فقط أين المنطق في ذلك. بمعنى آخر بأي حق يحيط الغرب المسيحي الاديان الاخرى والثقافات الاخرى بالأحكام المسبقة ويجعل الناس في حيرة من امرهم ازاء معتقداتهم، في حين يبيح لنفسه استعمال العنصر الديني كما يشاء بما في ذلك استغلال المؤسسات الدينية (الكنيسة في قضية الحال ) في معارك سياسية من الواضح أنها قد تتحول إلى نزاعات مسلحة قد تقود العالم إلى المجهول؟؟
حياة السايب
*هناك اقرار ضمني غربي باستعمال الدين في مقاومة نفوذ الكرملين في روسيا
*الم يحسم الغرب في المسألة الدينية وجعل الدين مجرد مسألة شخصية خاصة؟؟
تونس- الصباح
اكد احد المؤرخين الفرنسيين الذين كتبوا كثيرا عن العلاقة بين روسيا وجارتها اوكرانيا في حديث لصحيفة فرنسية، أن الحرب التي تشنها روسيا حاليا على اوكرانيا هي حرب دينية بامتياز.
وقد أوضح المؤرخ (أنطوان أرجاكفسكي وهو منسق قطب السياسة والاديان) أن روسيا تثأر من خلال هذه الحرب من تحرر الكنسية الأورتودكسية الأوكرانية عن الوصاية الروسية منذ سنة 2019. واشار المتحدث بكل جدية إلى أن اسباب الحرب العميقة هي دينية.
ومسألة الصراع الديني بين روسيا وأوكرانيا ليست جديدة حيث اسالت كثيرا من الحبر منذ ان اعلنت الكنيسة الاورتودكسية الأوكرانية اقامة كنيسة مستقلة مما اثار غضب الكنيسة الروسية وكانت اوكرانيا قد وصفت الأمر بأنه خطوة ضد التدخل الروسي في شؤونها، لكن الجديد من منظورنا هو أن يخرج الموضوع من الدائرة الدينية المحضة وأن يتناوله الاعلام الغربي كسبب رئيسي في الصراع العسكري الروسي الاوكراني. وعلينا ان نقر بأن الحرب الروسية على اوكرانيا قد وضعت العديد من الاوساط الغربية وخاصة منها الاعلام في مأزق. فهناك حيرة ازاء هذه الحرب وهناك بالخصوص نقاط استفهام كثيرة بقيت بلا اجابة مما جعل الاعلام الغربي يطرح كل الامكانيات ولا يستبعد أي فرضية بما فيها تلك التي يعلن من خلالها مناقضة نفسه بنفسه.
فما نعلمه عن الغرب أنه حسم في المسألة الدينية وأن حضارته تقوم على مبادئ مدنية عصرية وقوانينه وضعية وهناك فصل بين الدين والدولة. فالغرب من المفروض بلغ مرحلة من التطور والتقدم جعلته يغلق قوس الحروب الدينية، لكن ها أن الحرب الروسية الاوكرانية تكشف زيف الشعارات المرفوعة دائما في الغرب حول بلوغ الشعوب درجة من التحضر والمدنية تجعلها تحل مشاكلها سلميا وفي إطار القانون. وها أننا نكتشف أن الدوافع الأساسية لهذه الحرب هي روحية.
صحيح هناك نوايا توسعية لروسيا وهناك خوف من الرئيس فلاديمير بوتين الذي لا يخفي حلمه باسترجاع مجد الاتحاد السوفياتي الضائع وصحيح أن روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي وكما تدار اليوم يمكن أن تفاجئ الغرب والعالم باسره ولا احد يمكن أن يتوقع متى يتوقف بوتين، ولا احد يراهن على أن استبعاد بوتين اصلا قد يضع حدا للطموحات التوسعية لروسيا، لكن ووفق ما تم الكشف عنه فإن المسألة الدينية حاضرة بامتياز في هذه الحرب والأخطر من ذلك أن الغرب اللائكي استعمل العنصر الديني في حربه النفسية ضد بوتين.
واليوم هناك قناعة في الغرب بأن اوكرانيا تدفع ثمن استقلاليتها الدينية عن روسيا وهناك قناعة كذلك لدى الأوساط الدينية والاعلامية وحتى العلمية بأن الكنيسة الأرتودكسية الروسية تستعمل كأداة لتبرير النزعة التوسعية الروسية في المنطقة وفي كل ما يحدث من محاولات وصراعات وانشقاقات داخل اوكرانيا منذ سنوات، الأمر الذي يبرر- ولو يقال ذلك ضمنيا- استعمال نفس السلاح في هذه المواجهة.
صحيح ووفق العديد من الوثائق حول الموضوع أن الكنيسة في روسيا عبرت بدورها عن غضبها رسميا من إعلان استقلال الكنيسة الاوكرانية وقد ازداد هذا الغضب عندما لوحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية لها دخل في ما حدث بعد ان وضعت الكنيسة الاوكرانية تحت وصاية اساقفة أمريكا وكندا كما أن الكنيسة الروسية والاطياف الدينية المساندة لها في اوكرانيا (حرضت روسيا على بعث كنيسة موازية مساندة لها على اراضي الجارة التي تحاول منذ خروجها من الاتحاد السوفياتي التحرر من الوصاية الروسية ) تساند باستمرار القرار السياسي الروسي بما في ذلك التدخلات العسكرية في اوكرانيا، لكن هل يمكن أن يبرر كل ذلك تنكر الغرب لمبادئه واستغلاله الكنيسة ( هكذا في القرن الحادي والعشرين) في مشاريعه للتصدي لبوتين، حتى اندلعت حرب مستعرة تهدد العالم باسره اليوم؟
إنه في المطلق ومن وجهة نظر طرف أجنبي عن المجال الديني المسيحي، يصعب فهم العلاقات المعقدة بين الكنائس في العالم المسيحي (والاورتودكسي بالخصوص) الذي يقوم على عقد تحالفات تتأثر بموازين القوى على غرار ما يحدث تقريبا في عالم السياسية وفي العلاقات بين القوى المهيمنة في العالم، من ذلك مثلا أن الكنيسة الروسية خسرت وفق المختصين والمحللين للوضع الكثير من وزنها في مجالها الديني بعد حصول الكنيسة الأوكرانية عن استقلالها عن روسيا فهي لم تعد اكبر كنيسة أورتودكسية في العالم، لكن ان تكون المسألة الدينية حاضرة بكل هذه القوة، فهذه مسألة مثيرة للفضول وقد جاءت هذه الحرب على ما يبدو لتكشف ادعاء الغرب بأنه حسم في علاقته بالدين.
فالغرب اللائكي علنا طبعا، وهو على ما يبدو مازال غارقا في الصراعات الدينية ومازال العامل الديني بالنسبة له محركا للاحداث الكبرى، قد شجع على استعمال الكنيسة الاورتودكسية في اوكرانيا لمواجهة المحاولات التوسعية لروسيا ولمقاومة نفوذ الكرملين هناك.
فقد نقل عن سفير امريكي سابق باوكرانيا (جون هيربست) اعلانه ترحيبه بتوحيد الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا (كانت هناك واحدة مساندة روسيا واخرى معارضة لها) واستقلالها عن العاصمة الروسية بل اعتبرها من جهة ضربة لحلفاء الرئيس فلاديمير بوتين ( يقصد رجال الدين) ومن جهة اخرى "خطوة كبيرة في جهود أوكرانيا لتحرير نفسها من نفوذ الكرملين". وهو ما يجعل الملاحظ يزداد قناعة بأن هذه الحرب إنما جاءت بالخصوص لتكشف الزيف الغربي.
فإن كانت روسيا المحسوبة على الشرق من طرف الغرب، والتي تبقى وفق الذهنية الغربية وخاصة في عهد الرئيس بوتين دولة رجعية ومتخلفة وذات نزعة توسعية ويحكمها الحنين إلى عهد القياصرة، لا يستغرب منها سعيها الى استعمال العنصر الديني في معاركها، فإن لجوء الغرب وتحت جناح الليل إلى الكنيسة وتأليبها ضد الخصم الروسي، فهذا فعلا مثير للاستغراب.
وها قد تبين أن البلدان الغربية لا تلتجئ للكنيسة في معاركها فقط ولكن تستعمل نفس الطرق القديمة التي خلنا أنها صارت من الماضي.
فقد كانت الكنيسة في التاريخ في قلب الحروب والمعارك الدينية وقد سقطت الملايين من الارواح في الغرب المسيحي في حروب دينية. مع العلم أن الكنيسة الاورتودكسية (موجودة في الغرب وفي الشرق) هي ثاني أكبر كنيسة بعد الكنيسة الكاتلوكية، (هناك البروتستان ايضا). والاورتودكس موجودون بالخصوص في اوروبا الشرقية وتعتبر روسيا أكبر دولة ارتودكسية في العالم المسيحي. لكن في الاثناء قام الغرب المسيحي أو هكذا من المفروض قد فعل، قام بمراجعات كثيرة انتهت إلى فصل الدين عن الدولة واعتبار الدين مسألة شخصية تهم الانسان الفرد ولا تلزم المجموعة. لكن الحرب في روسيا فتحت الاعين على الكثير من الحقائق المغيبة ومن بينها أن الغرب مستعد للتخلي عن المبادئ التي يروجها أمام العالم عندما يتعلق الأمر بالمصالح.
وبالتالي يصبح اليوم السؤال التالي مشروعا: بأي حق يطالب الغرب الدول الاسلامية بالقيام بمراجعات وفق معايير يحددها بنفسه وبأي حق يسمح لنفسه ما لا يسمح به لغيره؟
فقد بلغنا مرحلة صارت فيه بعض الأوساط الغربية الاعلامية والثقافية وحتى السياسية أحيانا ( وقد حدث ذلك مثلا مع الرئيس الفرنسي ايمانيال ماكرون الذي ايد فيها فكرة التعرض لرموز الاسلام) يقع فيها المساس بالمقدسات الاسلامية، ويعتبر ذلك ضمن حرية التعبير. نحن بطبيعة الحال لا نعلن أي مساندة لأي عمل متطرف باسم الدفاع عن المقدسات، لكن نتساءل فقط أين المنطق في ذلك. بمعنى آخر بأي حق يحيط الغرب المسيحي الاديان الاخرى والثقافات الاخرى بالأحكام المسبقة ويجعل الناس في حيرة من امرهم ازاء معتقداتهم، في حين يبيح لنفسه استعمال العنصر الديني كما يشاء بما في ذلك استغلال المؤسسات الدينية (الكنيسة في قضية الحال ) في معارك سياسية من الواضح أنها قد تتحول إلى نزاعات مسلحة قد تقود العالم إلى المجهول؟؟