إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيسة مرصد حقوق الطفل لـ"الصباح": 1096 حالة اعتداء جنسي على الأطفال.. أكثر من 4000 طفل متسوّل.. وسن الإدمان تراجع من 13 إلى 9 سنوات

  • تم استغلال الأطفال في الإرهاب والجريمة المنظمة
  • البلديات شريك في توفير الحماية الاجتماعية للأطفال المهددين
  • تسجيل 777 حالة اختفاء في صفوف الأطفال سنة 2019 أغلبهم فتيات.
  • سجلنا أكثر من 800 حالة عنف أسري ضد الأطفال سنة 2020
  • كورونا أثرت نفسيا على الأطفال وذلك بارتفاع درجة الخوف

تونس – الصباح

كشفت رئيسة مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل، هاجر الشريف عن تزايد عديد الظواهر التي تهدد واقع الطفولة في تونس، الشريف استعرضت في حوار أجرته معها "الصباح" أرقاما صادمة تؤكد انفصام الحقيقة عن التشريعات والترسانة القانونية الحقوقية التي وضعت لحماية الطفل ظاهريا لكن الواقع يقول عكس ذلك.

رئيسة مرصد حقوق الطفل تحدثت عن الاستغلال الاقتصادي للأطفال وتنامي ظاهرة التسول والعنف الأسري وارتفاع غير مسبوق للاعتداءات الجنسية على الأطفال والتي مصدرها الأسرة.

كما تحدث الشريف عن تراجع سن الإدمان في صفوف الأطفال من 13 سنة إلى 9 سنوات وغياب الحماية الاجتماعية والصعوبات التي يعاني منها المرصد في انجاز مهامه وتعطل الدراسات والبحوث التي يعتزم انجازها خلال السنوات الأخيرة.

 

*عديد الدراسات والبحوث التي أجريت من عديد الجهات الرسمية وكذلك المنظمات الوطنية والدولية حول واقع الطفولة في تونس، ماذا تقول رئيسة مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل وأنت على رأس هذا المرصد منذ 2016، حول واقع الطفولة اليوم في تونس؟

من خلال رصدنا للظواهر المتعددة والمتزايدة من سنة إلى أخرى فان واقع الطفولة يمر بعديد الإشكاليات التي تجسدت في تنامي ممارسات العنف الجسدي والنفسي والاستغلال الاقتصادي للأطفال إلى جانب ارتفاع مؤشر الأمراض النفسية ولدى الأطفال، ومخاطر استمرار الانقطاع.

*      ما هو دور مرصد حقوق الطفل في معالجة هذا الواقع؟

قبل كل شيء مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل هو مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية تحت إشراف وزارة المرأة والأسرة والطفولة، احدث بمقتضى الأمر عدد 327 لسنة 2002 له هياكل استشارية ومجلس إداري ومجلس علمي.

مهامه متعددة، تتمثل في رصد وجمع المعطيات والبيانات ذات العلاقة لدى أطراف متعددة من وزارات ومؤسسات عمومية لها علاقة بالطفولة.

خلال كل سنة يقدم تحليلا للمعطيات التي يتم تجميعها في تقرير سنوي ومن هذا المنطلق يقع تحديد الظواهر المستجدة من خلال المؤشرات والأرقام التي رصدت ويتم اقتراح بحوث ودراسات حولها.

*      ما هي آخر الدراسات التي قام بها المرصد وأي ظاهرة سلط عليها الضوء؟

عديد الدراسات توقفت بسبب تغير الحكومات وأمامنا عديد الصعوبات التي تعترضنا في انجاز الدراسات رغم أن عديد المواضيع التي تتطلب بحوثا ودراسات مثل تقييم خدمات رياض الأطفال وتقييم نظم التعهد بالأطفال المعنفين وظاهرة الاختفاء، فكل سنة نضع مجموعة من الظواهر لإجراء دراسات وحتى بعد إقناع جميع الأطراف في حوار التصرف ونقوم بكل الإجراءات إلا أن عديد الصعوبات تحول دون تنفيذها مثل عزوف أهل الاختصاص من علماء الاجتماع وخبراء في الإحصاء أو المختصين النفسانيين عن الإقبال على المشاركة في القيام بهذه الدراسات. كذلك على الميدان لا توجد العديد من الكفاءات المختصة في مجال الطفولة وحقوق الطفل.

هناك إشكال على مستوى صبغة المرصد الإدارية والتي لا تتماشى مع نشاطه الذي يرتكز أساسا على البحوث والدراسات، كما لا يوجد وعي بضرورة تغيير صبغة المرصد لذلك منذ تسميتي على رأس المرصد قدمت مشروعا من اجل تغيير الصبغة وتضمن شرح الأسباب لكنه رفض. إضافة إلى ذلك فالمرصد يشتغل بهيكل إداري منذ 2004 ولا توجد موارد بشرية كافية به.

ورغم كل هذه الصعوبات سيتم قريبا الانطلاق في تنفيذ دراسة نظم التعهد بالأطفال المعنفين، كما اقترحنا العمل على وضعية الكتاتيب وقدمنا كراس شروط خاص بعد رصد تضاعف إقبال الأطفال عليها مقابل تراجع الإقبال على رياض الأطفال هذا إلى جانب اقتراح دراسات من قبل الإدارة العامة للطفولة وكذلك من قبل الوزيرة.

*      مؤخرا تم الإعلان عن الاستعداد لإجراء دراسة حول ظاهرة تسول الأطفال، هل توجد أرقام عن إعداد الأطفال الذين يقع استغلالهم اقتصاديا؟

في العشرية الأخيرة شهدنا انفجارا في الظواهر المتعلقة بالأطفال مثل التسول والاستغلال الاقتصادي للأطفال، والأطراف التي نتعامل معها في رصد حالات تسول الأطفال هي وزارات الداخلية والعدل وهيئة مكافحة الاتجار بالأشخاص وكذلك مندوب حماية الطفولة، وبالنسبة للمؤشرات الخاصة بظاهرة التوسل لدى الأطفال فقد تم رصد 4149 حالة.

*      في السنوات الأخيرة تزايدت ظاهرة الانقطاع المدرسي، هل وقف المرصد عند هذه الظاهرة؟ وما هي الحلول؟

تبقى نسبة التغطية العامة لمرحلة ما قبل المدرسة ضعيفة نسبيا حيث لا يتمتع 58 بالمائة من الأطفال بين 3 و5 سنوات بخدمات رياض الأطفال و11.5 بالمائة من الأطفال لا يتمتعون بالسنة التحضيرية كما يبدو إدماج الأطفال ذوي الإعاقة ضعيفا جدا في هذه المؤسسات وغير متوازن بين الفتيان 71.4 بالمائة والفتيات 28,6 بالمائة وهو ما يخلق تمييزا وانعداما للعدالة حيال هذه الفئات.

من المهم التوقف عند نسب الانقطاع المدرسي رغم تراجعه في فترة  جائحة كورونا بعد إرساء برنامج الفرصة الثانية وعودة 500 طفل إلى مقاعد الدراسة إلا أن الإحصائيات المعتمدة، غير أن تقرير وضع الطفولة في تونس سنة 2019 يفيد بأنه يجب التوقف عند نسب الانقطاع المدرسي بتسجيل 1 بالمائة ورسوب 8.3 بالمائة كما لا ينهي 6.5 بالمائة من الأطفال في المرحلة الابتدائية ويختفي 2,6 بالمائة من منظومة الرصد ما بين إنهاء المرحلة الابتدائية والارتقاء إلى المرحلة الإعدادية بالرغم من ارتفاع نسب الارتقاء بالنسبة للفتيات، وهذه الأرقام قد تكون لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية كبيرة على الفتيان الذين يجدون أنفسهم لاحقا أكثر عرضة للاستغلال الاقتصادي.

*      ماذا عن ارتفاع العنف في الوسط المدرسي؟

تسجيل ارتفاع حالات العنف بين المرحلة الابتدائية 5373 حالة في السابعة أساسي والمرحلة الإعدادية والثانوية 15913 حالة، من شانه أن يطرح أسئلة عن توزيع حالات العنف وأنواعها خصوصا في هذه المرحلة الحساسة لتشكل الهوية الاجتماعية لكل من الفتيان والفتيات.

  • هناك إشكال آخر يتعلق بأطفال المهاجرين، ما هو عددهم ووضعيتهم؟

سلطنا الضوء على ظاهرة الأطفال المهاجرين (700  حالة) من جنسيات مختلفة تم رصدهم لكن عددهم يفوق ذلك بكثير يعانون وضعيات صعبة كما تم استقطاب بعضهم في الجرائم المنظمة.

سنشتغل على دور الجماعات المحلية التي كانت لها مبادرات طيبة مع هؤلاء الأطفال وسنعمل على تعمميها في مختلف البلديات لتوفير السكن وسيتم التنسيق بين البلديات والمجتمع المدني.

*      ما هي وضعية برلمان الطفل الآن؟

تم تعليق أعمال برلمان الطفل بعد تجميد مجلس نواب الشعب وللأسف كان ذلك بعد انتخابات نيابية جديدة وكان من المفروض أن يتم تركيز البرلمان الجديد منذ مدة.

يعتبر برلمـان الطفل فضاء حـوار يمكّن الأطفال من التعبيـر عن آرائهــم في المواضيــع ذات الصّلة بحقوقهم، يعودهم عـلى روح المسؤوليّــة ويجذر فيهم الحسّ المـدني ونشــر ثقافة حقوق الطفل، وقد تمّ إحداث هذه المؤسسة سنة 2002 تكريسا لأحد أهم مبادئ الاتفاقيّة الدوليّة لحقوق الطفل التي صادقت عليها تونس سنة 1991، وهو مبدأ المشاركة الذي يُعد احد دعائمها الأساسية باعتباره محور كل الحقوق، ومن بين أهداف برلمان الطفل إشراكه في الحياة الاجتماعية، لا سيما فيما يتعلَّق بحرية التعبير عن آرائه واحترامها وأخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات المتصلة بحياته.

ومن هذا المنطلق مثّل برلمان الطفل في تونس منذ نشأته آليّة يمكن من خلالها الأطفال البرلمانيون في مختلف الدورات النيابيّة من صقل شخصيتهم واكتساب القدرة على المطالبة والدفاع عن حقوقهم، بالإضافة إلى ما أتاحته هذه الآليّة من إمكانية الالتقاء والتشاور والتعبير عن آرائهم ومساءلة أعضاء الحكومة بشأن عدد من القضايا الوطنية، خاصة تلك التي تهم الطفولة.

كمرصد نشرف على برلمان الطفل منذ إحداثه وتم وضع برنامج منذ 2017 بتوفير حصص تكوينية وزيارات ميدانية.

*      لو تحدثينا عن دور أكاديمية برلمان الطفل؟

تم بعث أكاديمية برلمان الطفل تحقيقاً لما ورد في اتفاقية حقوق الطفل وتفعيلا لتوجهات المرصد في دعمه لبناء قدرات الأطفال البرلمانيين، أكاديمية برلمان الطفل هي منظومة تعتمدها الكتابة القارة لبرلمان الطفل بهدف تقديم المساندة لعمل البرلمان من خلال تعزيز قدرات الأطفال البرلمانيين في المجالات ذات العلاقة بإعمال حقوقهم ودعم نفاذهم لخدمات الجوار ولمراكز القرار.

وتسهر هيئة علمية محدثة في الغرض بمرصد حقوق الطفل على انتقاء المعايير ذات الجودة والبرامج والمواضيع الجديرة بالبحث والدراسة بما من شانه تطوير الأكاديمية والنهوض بمعارف ومهارات الأطفال والإطارت المنتمين لها.

كما سنعمل على إحداث المجالس البلدية للطفل من خلال بعث برنامج مدينة دامجة لطفولة سعيدة والهدف من البادرة هو تركيز المجالس البلدية للطفل ونشتغل مع البلديات والجمعيات والمنظمات البلدية لتركزي مجال بلدية للطفل وقمنا بدليل إجرائي يحتوي على تعريف المجلس البلدي للأطفال ومهامه وأهدافه وعلى شروط ومراحل الانتخابات وتركيبته وهياكله وسير عمله بالإضافة إلى كل الوثائق الرسمية الموحدة التي سيتم اعتمادها لإحداث هذه المجالس.

وهذا البرنامج يهدف إلى حث البلديات لتحمل مسؤولياتها ضمن مسار اللامركزية في حماية الأطفال من مظاهر العنف التي انتشرت مؤخرا بدمج الأطفال وتوفير مناطق ترفيه آمنة لهم.

*      هل أن البلديات اليوم قادرة على القيام بدور حمائي للطفل؟

سنشتغل على السياسات المحلية في المجال الأمني من خلال تحسيس البلديات بضمان حماية الطفل باعتبار أنها مسؤولية مشتركة في إطار الحكم المحلي والجماعات المحلية التي تتضمن مسؤولية حماية الطفل من كل المخاطر التي تتهدده والاستقطاب في الاتجار والجريمة المنظمة والإرهاب.

*      ماذا عن استغلال الأطفال في الإرهاب والجرائم المنظمة؟

العديد من الأطفال تم استغلالهم من قبل مجموعات إرهابية وقريبا سننشر التقرير السنوي حول وضع الطفولة في تونس لسنتي 2020 – 2021 الذي سجلنا فيه ارتفاعا في العنف ضد الأطفال مقابل تراجع نسبي في الانقطاع المدرسي.

*      في ما يتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأطفال، المعطيات تفيد بتضاعف الأرقام التي كشفتها الإشعارات، ما هو عدد الأطفال المعتدى عليهم جنسيا؟

نعم الاعتداءات الجنسية على الأطفال شهدت ارتفاعا في الآونة الأخيرة بلغت حد تسجيل 1096 حالة من الأطفال المعتدى عليه جنسيا.

*ماهي الجهة المتورطة في هذه الاعتداءات؟

أغلب المتورطين فيها هم من الأقارب يعني الاعتداءات تحصل داخل الأسرة.

*      مؤخرا كشفت دراسة عن انتشار مفزع للإدمان في صفوف الأطفال؟

يظهر البحث الوطني حول تعاطي المخدرات والإدمان بين المراهقين في المدارس ارتفاعا واضحا للسلوكيات لخطرة لدى لفتيان (استهلاك التبغ والمخدرات وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر وقد يعكس هذا جزءا من سوسيولوجيا المجتمع لذي يتسامح أكثر مع الفتيان في إتيان هذه السلوكيات ويسمح لهم بالتواجد بشكل اكبر في الفضاء العام خارج سلطة الرقابة السرية كامتداد لما يقبله المجتمع بالنسبة للرجل.

كذلك هناك دراسة حول الإدمان قامت بها وزارتا الصحة والتربية في 2017 كشفت عن أرقام خطيرة وفي 2021 تم القيام بدراسة ثانية نشرت مؤخرا وتمت المقارنة بين الدراسة الأولى والثانية وتأكد انه تم تسجيل ارتفاع في إدمان الأطفال مع بروز ظواهر جديدة مثل تقلص سن الأطفال المدمنين من 13 إلى 9 سنوات.

*      ماذا عن انتشار ظاهرة الاختفاء في صفوف الأطفال؟

تم تسجيل 777 حالة اختفاء في صفوف الأطفال سنة 2019 اغلبهم من الفتيات.

*ما هي نسبة الأطفال المهددين في تونس؟

حسب تقرير اليونيسف لسنة 2018 فان 75 بالمائة من الأطفال في تونس مهددون وأغلبهم من عائلات فقيرة.

*      رغم تطور المنظومة الحقوقية التي تعنى بالطفل في تونس إلا أن الواقع "مؤلم" لماذا حسب رأيك؟

لم تقع مراجعة القوانين المتعلقة بالطفولة منذ سنة 1995، ولهذا الأساس المعالجة الأمنية للأطفال المهددين لازالت ضعيفة لأنها تأخذ بعين الاعتبار الحالات الاجتماعية. كما أن المشكل الأساسي في غياب الحماية الاجتماعية.

*      كيف تعلقين على واقع رياض الأطفال؟

ما يحدث في رياض الأطفال من تجاوزات لا تحصى ولا تعد حيث سجلنا عديد النقائص وعدم تطبيق لمعايير الجودة. وفي ظل التغيرات الاجتماعية يجب تمكين إطارات الوزارة من تكوين وتأهيل خاصة المكلفين بالرقابة لمؤسسات الطفولة.

*متى سيصدر التقرير السنوي لواقع الطفولة؟

التقرير سيصدر قريبا وسيسلط الضوء على النوع الاجتماعي وأهداف التنمية المستدامة ومدى تحقيق الأهداف المتعلقة بحقوق الطفل.

خاصية تقرير هذه السنة هو تأثيرات الكوفيد 19 على الأطفال وأساسا التأثيرات النفسية نتيجة ارتفاع درجة الخوف لتوتر والاضطرابات النفسية نتيجة الوباء.

كما بلغ عدد الحالات المتعهد بها من قبل الوحدات الأمنية بالنسبة لحالات العنف الأسري ضد الأطفال سنة 2020 أكثر من 880 حالة.

 

 جهاد الكلبوسي

 

رئيسة مرصد حقوق الطفل لـ"الصباح": 1096  حالة اعتداء جنسي على الأطفال.. أكثر من 4000 طفل متسوّل.. وسن الإدمان تراجع من 13 إلى 9 سنوات
  • تم استغلال الأطفال في الإرهاب والجريمة المنظمة
  • البلديات شريك في توفير الحماية الاجتماعية للأطفال المهددين
  • تسجيل 777 حالة اختفاء في صفوف الأطفال سنة 2019 أغلبهم فتيات.
  • سجلنا أكثر من 800 حالة عنف أسري ضد الأطفال سنة 2020
  • كورونا أثرت نفسيا على الأطفال وذلك بارتفاع درجة الخوف

تونس – الصباح

كشفت رئيسة مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل، هاجر الشريف عن تزايد عديد الظواهر التي تهدد واقع الطفولة في تونس، الشريف استعرضت في حوار أجرته معها "الصباح" أرقاما صادمة تؤكد انفصام الحقيقة عن التشريعات والترسانة القانونية الحقوقية التي وضعت لحماية الطفل ظاهريا لكن الواقع يقول عكس ذلك.

رئيسة مرصد حقوق الطفل تحدثت عن الاستغلال الاقتصادي للأطفال وتنامي ظاهرة التسول والعنف الأسري وارتفاع غير مسبوق للاعتداءات الجنسية على الأطفال والتي مصدرها الأسرة.

كما تحدث الشريف عن تراجع سن الإدمان في صفوف الأطفال من 13 سنة إلى 9 سنوات وغياب الحماية الاجتماعية والصعوبات التي يعاني منها المرصد في انجاز مهامه وتعطل الدراسات والبحوث التي يعتزم انجازها خلال السنوات الأخيرة.

 

*عديد الدراسات والبحوث التي أجريت من عديد الجهات الرسمية وكذلك المنظمات الوطنية والدولية حول واقع الطفولة في تونس، ماذا تقول رئيسة مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل وأنت على رأس هذا المرصد منذ 2016، حول واقع الطفولة اليوم في تونس؟

من خلال رصدنا للظواهر المتعددة والمتزايدة من سنة إلى أخرى فان واقع الطفولة يمر بعديد الإشكاليات التي تجسدت في تنامي ممارسات العنف الجسدي والنفسي والاستغلال الاقتصادي للأطفال إلى جانب ارتفاع مؤشر الأمراض النفسية ولدى الأطفال، ومخاطر استمرار الانقطاع.

*      ما هو دور مرصد حقوق الطفل في معالجة هذا الواقع؟

قبل كل شيء مرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل هو مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية تحت إشراف وزارة المرأة والأسرة والطفولة، احدث بمقتضى الأمر عدد 327 لسنة 2002 له هياكل استشارية ومجلس إداري ومجلس علمي.

مهامه متعددة، تتمثل في رصد وجمع المعطيات والبيانات ذات العلاقة لدى أطراف متعددة من وزارات ومؤسسات عمومية لها علاقة بالطفولة.

خلال كل سنة يقدم تحليلا للمعطيات التي يتم تجميعها في تقرير سنوي ومن هذا المنطلق يقع تحديد الظواهر المستجدة من خلال المؤشرات والأرقام التي رصدت ويتم اقتراح بحوث ودراسات حولها.

*      ما هي آخر الدراسات التي قام بها المرصد وأي ظاهرة سلط عليها الضوء؟

عديد الدراسات توقفت بسبب تغير الحكومات وأمامنا عديد الصعوبات التي تعترضنا في انجاز الدراسات رغم أن عديد المواضيع التي تتطلب بحوثا ودراسات مثل تقييم خدمات رياض الأطفال وتقييم نظم التعهد بالأطفال المعنفين وظاهرة الاختفاء، فكل سنة نضع مجموعة من الظواهر لإجراء دراسات وحتى بعد إقناع جميع الأطراف في حوار التصرف ونقوم بكل الإجراءات إلا أن عديد الصعوبات تحول دون تنفيذها مثل عزوف أهل الاختصاص من علماء الاجتماع وخبراء في الإحصاء أو المختصين النفسانيين عن الإقبال على المشاركة في القيام بهذه الدراسات. كذلك على الميدان لا توجد العديد من الكفاءات المختصة في مجال الطفولة وحقوق الطفل.

هناك إشكال على مستوى صبغة المرصد الإدارية والتي لا تتماشى مع نشاطه الذي يرتكز أساسا على البحوث والدراسات، كما لا يوجد وعي بضرورة تغيير صبغة المرصد لذلك منذ تسميتي على رأس المرصد قدمت مشروعا من اجل تغيير الصبغة وتضمن شرح الأسباب لكنه رفض. إضافة إلى ذلك فالمرصد يشتغل بهيكل إداري منذ 2004 ولا توجد موارد بشرية كافية به.

ورغم كل هذه الصعوبات سيتم قريبا الانطلاق في تنفيذ دراسة نظم التعهد بالأطفال المعنفين، كما اقترحنا العمل على وضعية الكتاتيب وقدمنا كراس شروط خاص بعد رصد تضاعف إقبال الأطفال عليها مقابل تراجع الإقبال على رياض الأطفال هذا إلى جانب اقتراح دراسات من قبل الإدارة العامة للطفولة وكذلك من قبل الوزيرة.

*      مؤخرا تم الإعلان عن الاستعداد لإجراء دراسة حول ظاهرة تسول الأطفال، هل توجد أرقام عن إعداد الأطفال الذين يقع استغلالهم اقتصاديا؟

في العشرية الأخيرة شهدنا انفجارا في الظواهر المتعلقة بالأطفال مثل التسول والاستغلال الاقتصادي للأطفال، والأطراف التي نتعامل معها في رصد حالات تسول الأطفال هي وزارات الداخلية والعدل وهيئة مكافحة الاتجار بالأشخاص وكذلك مندوب حماية الطفولة، وبالنسبة للمؤشرات الخاصة بظاهرة التوسل لدى الأطفال فقد تم رصد 4149 حالة.

*      في السنوات الأخيرة تزايدت ظاهرة الانقطاع المدرسي، هل وقف المرصد عند هذه الظاهرة؟ وما هي الحلول؟

تبقى نسبة التغطية العامة لمرحلة ما قبل المدرسة ضعيفة نسبيا حيث لا يتمتع 58 بالمائة من الأطفال بين 3 و5 سنوات بخدمات رياض الأطفال و11.5 بالمائة من الأطفال لا يتمتعون بالسنة التحضيرية كما يبدو إدماج الأطفال ذوي الإعاقة ضعيفا جدا في هذه المؤسسات وغير متوازن بين الفتيان 71.4 بالمائة والفتيات 28,6 بالمائة وهو ما يخلق تمييزا وانعداما للعدالة حيال هذه الفئات.

من المهم التوقف عند نسب الانقطاع المدرسي رغم تراجعه في فترة  جائحة كورونا بعد إرساء برنامج الفرصة الثانية وعودة 500 طفل إلى مقاعد الدراسة إلا أن الإحصائيات المعتمدة، غير أن تقرير وضع الطفولة في تونس سنة 2019 يفيد بأنه يجب التوقف عند نسب الانقطاع المدرسي بتسجيل 1 بالمائة ورسوب 8.3 بالمائة كما لا ينهي 6.5 بالمائة من الأطفال في المرحلة الابتدائية ويختفي 2,6 بالمائة من منظومة الرصد ما بين إنهاء المرحلة الابتدائية والارتقاء إلى المرحلة الإعدادية بالرغم من ارتفاع نسب الارتقاء بالنسبة للفتيات، وهذه الأرقام قد تكون لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية كبيرة على الفتيان الذين يجدون أنفسهم لاحقا أكثر عرضة للاستغلال الاقتصادي.

*      ماذا عن ارتفاع العنف في الوسط المدرسي؟

تسجيل ارتفاع حالات العنف بين المرحلة الابتدائية 5373 حالة في السابعة أساسي والمرحلة الإعدادية والثانوية 15913 حالة، من شانه أن يطرح أسئلة عن توزيع حالات العنف وأنواعها خصوصا في هذه المرحلة الحساسة لتشكل الهوية الاجتماعية لكل من الفتيان والفتيات.

  • هناك إشكال آخر يتعلق بأطفال المهاجرين، ما هو عددهم ووضعيتهم؟

سلطنا الضوء على ظاهرة الأطفال المهاجرين (700  حالة) من جنسيات مختلفة تم رصدهم لكن عددهم يفوق ذلك بكثير يعانون وضعيات صعبة كما تم استقطاب بعضهم في الجرائم المنظمة.

سنشتغل على دور الجماعات المحلية التي كانت لها مبادرات طيبة مع هؤلاء الأطفال وسنعمل على تعمميها في مختلف البلديات لتوفير السكن وسيتم التنسيق بين البلديات والمجتمع المدني.

*      ما هي وضعية برلمان الطفل الآن؟

تم تعليق أعمال برلمان الطفل بعد تجميد مجلس نواب الشعب وللأسف كان ذلك بعد انتخابات نيابية جديدة وكان من المفروض أن يتم تركيز البرلمان الجديد منذ مدة.

يعتبر برلمـان الطفل فضاء حـوار يمكّن الأطفال من التعبيـر عن آرائهــم في المواضيــع ذات الصّلة بحقوقهم، يعودهم عـلى روح المسؤوليّــة ويجذر فيهم الحسّ المـدني ونشــر ثقافة حقوق الطفل، وقد تمّ إحداث هذه المؤسسة سنة 2002 تكريسا لأحد أهم مبادئ الاتفاقيّة الدوليّة لحقوق الطفل التي صادقت عليها تونس سنة 1991، وهو مبدأ المشاركة الذي يُعد احد دعائمها الأساسية باعتباره محور كل الحقوق، ومن بين أهداف برلمان الطفل إشراكه في الحياة الاجتماعية، لا سيما فيما يتعلَّق بحرية التعبير عن آرائه واحترامها وأخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات المتصلة بحياته.

ومن هذا المنطلق مثّل برلمان الطفل في تونس منذ نشأته آليّة يمكن من خلالها الأطفال البرلمانيون في مختلف الدورات النيابيّة من صقل شخصيتهم واكتساب القدرة على المطالبة والدفاع عن حقوقهم، بالإضافة إلى ما أتاحته هذه الآليّة من إمكانية الالتقاء والتشاور والتعبير عن آرائهم ومساءلة أعضاء الحكومة بشأن عدد من القضايا الوطنية، خاصة تلك التي تهم الطفولة.

كمرصد نشرف على برلمان الطفل منذ إحداثه وتم وضع برنامج منذ 2017 بتوفير حصص تكوينية وزيارات ميدانية.

*      لو تحدثينا عن دور أكاديمية برلمان الطفل؟

تم بعث أكاديمية برلمان الطفل تحقيقاً لما ورد في اتفاقية حقوق الطفل وتفعيلا لتوجهات المرصد في دعمه لبناء قدرات الأطفال البرلمانيين، أكاديمية برلمان الطفل هي منظومة تعتمدها الكتابة القارة لبرلمان الطفل بهدف تقديم المساندة لعمل البرلمان من خلال تعزيز قدرات الأطفال البرلمانيين في المجالات ذات العلاقة بإعمال حقوقهم ودعم نفاذهم لخدمات الجوار ولمراكز القرار.

وتسهر هيئة علمية محدثة في الغرض بمرصد حقوق الطفل على انتقاء المعايير ذات الجودة والبرامج والمواضيع الجديرة بالبحث والدراسة بما من شانه تطوير الأكاديمية والنهوض بمعارف ومهارات الأطفال والإطارت المنتمين لها.

كما سنعمل على إحداث المجالس البلدية للطفل من خلال بعث برنامج مدينة دامجة لطفولة سعيدة والهدف من البادرة هو تركيز المجالس البلدية للطفل ونشتغل مع البلديات والجمعيات والمنظمات البلدية لتركزي مجال بلدية للطفل وقمنا بدليل إجرائي يحتوي على تعريف المجلس البلدي للأطفال ومهامه وأهدافه وعلى شروط ومراحل الانتخابات وتركيبته وهياكله وسير عمله بالإضافة إلى كل الوثائق الرسمية الموحدة التي سيتم اعتمادها لإحداث هذه المجالس.

وهذا البرنامج يهدف إلى حث البلديات لتحمل مسؤولياتها ضمن مسار اللامركزية في حماية الأطفال من مظاهر العنف التي انتشرت مؤخرا بدمج الأطفال وتوفير مناطق ترفيه آمنة لهم.

*      هل أن البلديات اليوم قادرة على القيام بدور حمائي للطفل؟

سنشتغل على السياسات المحلية في المجال الأمني من خلال تحسيس البلديات بضمان حماية الطفل باعتبار أنها مسؤولية مشتركة في إطار الحكم المحلي والجماعات المحلية التي تتضمن مسؤولية حماية الطفل من كل المخاطر التي تتهدده والاستقطاب في الاتجار والجريمة المنظمة والإرهاب.

*      ماذا عن استغلال الأطفال في الإرهاب والجرائم المنظمة؟

العديد من الأطفال تم استغلالهم من قبل مجموعات إرهابية وقريبا سننشر التقرير السنوي حول وضع الطفولة في تونس لسنتي 2020 – 2021 الذي سجلنا فيه ارتفاعا في العنف ضد الأطفال مقابل تراجع نسبي في الانقطاع المدرسي.

*      في ما يتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأطفال، المعطيات تفيد بتضاعف الأرقام التي كشفتها الإشعارات، ما هو عدد الأطفال المعتدى عليهم جنسيا؟

نعم الاعتداءات الجنسية على الأطفال شهدت ارتفاعا في الآونة الأخيرة بلغت حد تسجيل 1096 حالة من الأطفال المعتدى عليه جنسيا.

*ماهي الجهة المتورطة في هذه الاعتداءات؟

أغلب المتورطين فيها هم من الأقارب يعني الاعتداءات تحصل داخل الأسرة.

*      مؤخرا كشفت دراسة عن انتشار مفزع للإدمان في صفوف الأطفال؟

يظهر البحث الوطني حول تعاطي المخدرات والإدمان بين المراهقين في المدارس ارتفاعا واضحا للسلوكيات لخطرة لدى لفتيان (استهلاك التبغ والمخدرات وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر وقد يعكس هذا جزءا من سوسيولوجيا المجتمع لذي يتسامح أكثر مع الفتيان في إتيان هذه السلوكيات ويسمح لهم بالتواجد بشكل اكبر في الفضاء العام خارج سلطة الرقابة السرية كامتداد لما يقبله المجتمع بالنسبة للرجل.

كذلك هناك دراسة حول الإدمان قامت بها وزارتا الصحة والتربية في 2017 كشفت عن أرقام خطيرة وفي 2021 تم القيام بدراسة ثانية نشرت مؤخرا وتمت المقارنة بين الدراسة الأولى والثانية وتأكد انه تم تسجيل ارتفاع في إدمان الأطفال مع بروز ظواهر جديدة مثل تقلص سن الأطفال المدمنين من 13 إلى 9 سنوات.

*      ماذا عن انتشار ظاهرة الاختفاء في صفوف الأطفال؟

تم تسجيل 777 حالة اختفاء في صفوف الأطفال سنة 2019 اغلبهم من الفتيات.

*ما هي نسبة الأطفال المهددين في تونس؟

حسب تقرير اليونيسف لسنة 2018 فان 75 بالمائة من الأطفال في تونس مهددون وأغلبهم من عائلات فقيرة.

*      رغم تطور المنظومة الحقوقية التي تعنى بالطفل في تونس إلا أن الواقع "مؤلم" لماذا حسب رأيك؟

لم تقع مراجعة القوانين المتعلقة بالطفولة منذ سنة 1995، ولهذا الأساس المعالجة الأمنية للأطفال المهددين لازالت ضعيفة لأنها تأخذ بعين الاعتبار الحالات الاجتماعية. كما أن المشكل الأساسي في غياب الحماية الاجتماعية.

*      كيف تعلقين على واقع رياض الأطفال؟

ما يحدث في رياض الأطفال من تجاوزات لا تحصى ولا تعد حيث سجلنا عديد النقائص وعدم تطبيق لمعايير الجودة. وفي ظل التغيرات الاجتماعية يجب تمكين إطارات الوزارة من تكوين وتأهيل خاصة المكلفين بالرقابة لمؤسسات الطفولة.

*متى سيصدر التقرير السنوي لواقع الطفولة؟

التقرير سيصدر قريبا وسيسلط الضوء على النوع الاجتماعي وأهداف التنمية المستدامة ومدى تحقيق الأهداف المتعلقة بحقوق الطفل.

خاصية تقرير هذه السنة هو تأثيرات الكوفيد 19 على الأطفال وأساسا التأثيرات النفسية نتيجة ارتفاع درجة الخوف لتوتر والاضطرابات النفسية نتيجة الوباء.

كما بلغ عدد الحالات المتعهد بها من قبل الوحدات الأمنية بالنسبة لحالات العنف الأسري ضد الأطفال سنة 2020 أكثر من 880 حالة.

 

 جهاد الكلبوسي

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews