للمرة الثانية في اقل من شهر يتم إقرار زيادة في المحروقات. وإن بدت الحكومة مضطرة لهذه الخطوة بالنظر لارتفاع الأسعار عالميا جراء تداعيات الحرب المتواصلة في أوكرانيا وربما قد تضطر مرة أخرى لتعديل أسعار المحروقات، إلا أن السؤال المطروح اليوم هل يستطيع المواطن تحمل عبء هذه الزيادات المتواترة في ظل موجة غلاء فاحشة وتدني مخيف للمقدرة الشرائية للتونسي باتت تنذر بهزات اجتماعية عنيفة؟
مع كل زيادة جديدة في أسعار المحروقات تتالى الزيادات في كل المواد والخدمات المقدمة للمواطن الذي أصبح محاصرا حتى يكاد يختنق بين أزمة التضخم وشطط الأسعار التي ترتفع يوميا وغياب الرقابة والاحتكار وفقدان المواد الأساسية من السوق.
والملاحظ أنه مع اقتراب شهر رمضان، المقترن في عادات التونسي للأسف بالإفراط في الاستهلاك، بدأت تظهر بوادر ندرة في بعض المواد تحضيرا لاحتكارها والزيادة في أسعارها مع حلول شهر رمضان الذي يقترن هذه السنة مع أزمة خانقة مالية واقتصادية تمر بها البلاد زادتها الحرب في أوكرانيا تعقيدا وتأزما.
ويتوقع كثيرون أن تبلغ أزمة الأسعار وتوفر المواد الاستهلاكية ذروتها في شهر الصيام وستزيد الطين بلة هذه الزيادات المتواترة في المحروقات.
اهتراء المقدرة الشرائية
تبدو كذلك المقدرة الشرائية للتونسيين في أدنى مستوياتها وذلك ما تؤكده مظاهر الكساد وتناقص الإقبال على الاستهلاك في عديد المجالات. إذ يكفي أن تقوم بجولة في أحد معارض الأثاث أو غيرها أو في محلات بيع الملابس والأحذية لتسجل أولا شططا غير مسبوق في الأسعار وثانيا ضعفا في الإقبال مع تذمر التجار من تدنى أرقام معاملاتهم.
وقد أكّد محسن بن ساسي رئيس الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة والأقمشة مؤخرا أن موسم التخفيضات الدورية لشتاء 2022 (الصولد) كان كارثيا هذه السنة.
وصرح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء قائلا "عرف موسم الصولد الشتوي لهذه السنة وبعد مرور حوالي شهر على انطلاقه فشلا ذريعا إذ تراجعت مبيعات التجار بأكثر من 50 % مقارنة بالصولد الشتوي للعام الفارط، ويعود ذلك لعزوف التونسيين الكبير عن الإقبال على الصولد رغم الجهود المبذولة من التجار والعلامات التجارية الذين قاموا بتخفيضات هامة”.
وأضاف بن ساسي "الوضعية الاقتصادية والمالية الصعبة للتونسيين جعلتهم يفضلون اقتناء المواد الأساسية والغذائية بدل الإقبال على الصولد… عدد كبير من المواطنين توجهوا هذه الفترة إلى المواد الأساسية التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير لتأمين حاجاتهم الغذائية” مشيرا إلى أنّ رؤساء الاتحادات الجهوية أكدوا له أن الركود الحاصل في الصولد لا يقتصر على تونس الكبرى وانه يشمل كامل أنحاء البلاد.
عجز الحكومة
تدل كل المؤشرات وتصريحات المتابعين والمختصين أن البلاد في منعرج خطير كما تتأكد الحاجة الملحة لتدابير استثنائية وعاجلة على المستوى الاقتصادي لكن في المقابل لا تلوح في الأفق تحركات أو استعدادات من الحكومة لإعلان حالة الطوارئ والاستنفار لمواجهة هذه الأوضاع المتفاقمة.
وباستثناء الإعلان عن الزيادات في المحروقات لم تتخذ حكومة بودن أي خطوة لطمأنة المواطنين لا سيما في ظل تزايد المخاوف من تداعيات الحرب في أوكرانيا على معيشة التونسي وقوت يومه.
وتواجه اليوم الحكومة موجة انتقادات صدرت عن عديد الأطراف السياسية التي تحذر من خطورة مزيد تفاقم أزمة الأسعار والتضخم على السلم الاجتماعي .
فقد انتقد أمس الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي تعاطي وأداء الحكومة، معتبرا حكومة بودن "حكومة صامتة لا تتكلم ولا تتفاعل مع كل المقترحات".
كما اعتبر غازي الشواشي أن سنة 2022 ستكون سنة التضخم بامتياز، خاصة في ضوء ارتفاع سعر برميل البترول والحرب في أوكرانيا.
ودعا إلى ضرورة إيجاد سياسات واضحة للمالية العمومية والتوصل إلى التوازنات الضرورية.
من جهته حذر الحزب الدستور الحر أمس في بيان به من "التداعيات بالخطيرة للقرارات الحكومية المتتالية بالترفيع في أسعار المحروقات" معتبرا أن ذلك "سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين في ظل انعدام أية رؤية أو إستراتيجية وطنية مضبوطة لوقف هذا النزيف والمرور إلى الإصلاحات العميقة".
وحمل الحزب رئيس الجمهورية "مسؤولية إهمال الأولويات الاقتصادية والمالية وتجاهل انعكاسات المتغيرات العالمية على الوضع الداخلي "منبها إلى أن ذلك" قد يتسبب في انفجار اجتماعي يضرب الأمن القومي ويفتح الباب لتحرك قوى الظلام والفوضى والعنف" وفق نص البيان.
م.ي
تونس-الصباح
للمرة الثانية في اقل من شهر يتم إقرار زيادة في المحروقات. وإن بدت الحكومة مضطرة لهذه الخطوة بالنظر لارتفاع الأسعار عالميا جراء تداعيات الحرب المتواصلة في أوكرانيا وربما قد تضطر مرة أخرى لتعديل أسعار المحروقات، إلا أن السؤال المطروح اليوم هل يستطيع المواطن تحمل عبء هذه الزيادات المتواترة في ظل موجة غلاء فاحشة وتدني مخيف للمقدرة الشرائية للتونسي باتت تنذر بهزات اجتماعية عنيفة؟
مع كل زيادة جديدة في أسعار المحروقات تتالى الزيادات في كل المواد والخدمات المقدمة للمواطن الذي أصبح محاصرا حتى يكاد يختنق بين أزمة التضخم وشطط الأسعار التي ترتفع يوميا وغياب الرقابة والاحتكار وفقدان المواد الأساسية من السوق.
والملاحظ أنه مع اقتراب شهر رمضان، المقترن في عادات التونسي للأسف بالإفراط في الاستهلاك، بدأت تظهر بوادر ندرة في بعض المواد تحضيرا لاحتكارها والزيادة في أسعارها مع حلول شهر رمضان الذي يقترن هذه السنة مع أزمة خانقة مالية واقتصادية تمر بها البلاد زادتها الحرب في أوكرانيا تعقيدا وتأزما.
ويتوقع كثيرون أن تبلغ أزمة الأسعار وتوفر المواد الاستهلاكية ذروتها في شهر الصيام وستزيد الطين بلة هذه الزيادات المتواترة في المحروقات.
اهتراء المقدرة الشرائية
تبدو كذلك المقدرة الشرائية للتونسيين في أدنى مستوياتها وذلك ما تؤكده مظاهر الكساد وتناقص الإقبال على الاستهلاك في عديد المجالات. إذ يكفي أن تقوم بجولة في أحد معارض الأثاث أو غيرها أو في محلات بيع الملابس والأحذية لتسجل أولا شططا غير مسبوق في الأسعار وثانيا ضعفا في الإقبال مع تذمر التجار من تدنى أرقام معاملاتهم.
وقد أكّد محسن بن ساسي رئيس الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة والأقمشة مؤخرا أن موسم التخفيضات الدورية لشتاء 2022 (الصولد) كان كارثيا هذه السنة.
وصرح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء قائلا "عرف موسم الصولد الشتوي لهذه السنة وبعد مرور حوالي شهر على انطلاقه فشلا ذريعا إذ تراجعت مبيعات التجار بأكثر من 50 % مقارنة بالصولد الشتوي للعام الفارط، ويعود ذلك لعزوف التونسيين الكبير عن الإقبال على الصولد رغم الجهود المبذولة من التجار والعلامات التجارية الذين قاموا بتخفيضات هامة”.
وأضاف بن ساسي "الوضعية الاقتصادية والمالية الصعبة للتونسيين جعلتهم يفضلون اقتناء المواد الأساسية والغذائية بدل الإقبال على الصولد… عدد كبير من المواطنين توجهوا هذه الفترة إلى المواد الأساسية التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير لتأمين حاجاتهم الغذائية” مشيرا إلى أنّ رؤساء الاتحادات الجهوية أكدوا له أن الركود الحاصل في الصولد لا يقتصر على تونس الكبرى وانه يشمل كامل أنحاء البلاد.
عجز الحكومة
تدل كل المؤشرات وتصريحات المتابعين والمختصين أن البلاد في منعرج خطير كما تتأكد الحاجة الملحة لتدابير استثنائية وعاجلة على المستوى الاقتصادي لكن في المقابل لا تلوح في الأفق تحركات أو استعدادات من الحكومة لإعلان حالة الطوارئ والاستنفار لمواجهة هذه الأوضاع المتفاقمة.
وباستثناء الإعلان عن الزيادات في المحروقات لم تتخذ حكومة بودن أي خطوة لطمأنة المواطنين لا سيما في ظل تزايد المخاوف من تداعيات الحرب في أوكرانيا على معيشة التونسي وقوت يومه.
وتواجه اليوم الحكومة موجة انتقادات صدرت عن عديد الأطراف السياسية التي تحذر من خطورة مزيد تفاقم أزمة الأسعار والتضخم على السلم الاجتماعي .
فقد انتقد أمس الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي تعاطي وأداء الحكومة، معتبرا حكومة بودن "حكومة صامتة لا تتكلم ولا تتفاعل مع كل المقترحات".
كما اعتبر غازي الشواشي أن سنة 2022 ستكون سنة التضخم بامتياز، خاصة في ضوء ارتفاع سعر برميل البترول والحرب في أوكرانيا.
ودعا إلى ضرورة إيجاد سياسات واضحة للمالية العمومية والتوصل إلى التوازنات الضرورية.
من جهته حذر الحزب الدستور الحر أمس في بيان به من "التداعيات بالخطيرة للقرارات الحكومية المتتالية بالترفيع في أسعار المحروقات" معتبرا أن ذلك "سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين في ظل انعدام أية رؤية أو إستراتيجية وطنية مضبوطة لوقف هذا النزيف والمرور إلى الإصلاحات العميقة".
وحمل الحزب رئيس الجمهورية "مسؤولية إهمال الأولويات الاقتصادية والمالية وتجاهل انعكاسات المتغيرات العالمية على الوضع الداخلي "منبها إلى أن ذلك" قد يتسبب في انفجار اجتماعي يضرب الأمن القومي ويفتح الباب لتحرك قوى الظلام والفوضى والعنف" وفق نص البيان.