إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

78 مليارا قيمة التمويلات الأجنبية للجمعيات في عام.. 566 جمعية لم تعلم عنها.. وتمويلات بالمناولة

* 70 جمعية تلقت تمويلات أمريكية بقيمة 11 مليون دولار في إطار التعاون الدولي والدولة "لا تعلم عنها شيئا"..

* البنك المركزي عجز في السنوات الماضية عن مراقبة التمويلات الأجنبية وبرّر ذلك بأسباب تقنية!

تونس- الصباح

أثارت دعوة رئيس الجمهورية، قيس سعيد، إلى منع تلقي أموال من الخارج لأنه اعتبرها امتدادا لقوى خارجية وأحزاب سياسية، موجة من ردود الفعل التي انقسمت بين مؤيد لهذا القرار وبين موجة واسعة من الرفض من الجمعيات على وجه الخصوص.

وإذا كان قيس سعيد أكد في تصريحه خلال الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء أنه »لن يسمح لهم بالعبث بالدولة التونسية وإرادة الناخبين «وبأنه سيصدر نصوصا تمنع هذا التمويل..، فان هذا القرار بدا غير مستساغ من أغلب الجمعيات والمنظمات التي تتلقى تمويلات أجنبية يكتنفها الغموض وتحوم حولها الشبهات في وجود اطار تشريعي هش هو المرسوم 88 والذي هو بصدد التنقيح وفي غياب جهة رقابية تراقب دخول هذه التمويلات وكيفية صرفها، خاصة بعد الشبهات الخطيرة التي اثارها تقرير دائرة المحاسبات الأخير في علاقة بتورط جمعيات في تمويل أجنبي بالمناولة لصالح أحزاب أو حتى في علاقة بتقرير لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي في 2017 والتي اشارت بوضوح الى تورط جمعيات في تمويل الإرهاب.

ويُجيز المرسوم عدد 88 لسنة 2011 للجمعيات في فصله 34، تلقي تبرعات وهبات ووصايا وطنية كانت أم أجنبية، ومقابل تلقي هذه التمويلات الأجنبية تحت عناوين مختلفة، يشترط المرسوم في فصله 35 أن تكون تلك المساعدات والتبرعات والهبات صادرة عن بلدان تربطها علاقات ديبلوماسية بتونس!.. وهذه ليست المرة الأولى التي اثار فيها مرسوم الجمعيات الجدل، حيث واجه هذا المرسوم انتقادات كبيرة خلال السنوات الماضية ولكن كالعادة لم يبادر أي طرف برلماني لطرح مبادرة لتنقيح هذا المرسوم، ولكن اليوم تنكب حكومة نجلاء بودن على ايجاد اطار تشريعي جديد ينظم عمل الجمعيات وقد اقترحت مسودة للتشاور مع الجمعيات الناشطة.

تقرير دائرة المحاسبات

أشار التقرير الثاني والثلاثون لمحكمة المحاسبات، والذي تعرض في اطار عمل المحكمة الرقابي إلى برامج ومشاريع التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتي تم تنفيذ أنشطتها خاصة خلال الفترة 2015-2019، أن الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020 شهدت إحداث أكثر من 13 ألف جمعية جديدة بلغت ذروتها خلال سنتي 2011 و2012 بإحداث على التوالي 2088 و2868 جمعية ليرتفع بذلك عدد الجمعيات بتاريخ 10 مارس 2020 إلى 23320 جمعية حسب المعطيات المتوفرة لدى مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات. وتمثّل الجمعيات المتواجدة بولايات تونس الكبرى حوالي 32% من العدد الجملي للجمعيات.

وتؤكد محكمة المحاسبات في تقريرها الأخير أنه لا تتوفّر معطيات دقيقة حول حجم التمويلات الأجنبية التي استفادت بها الجمعيات وأظهرت محكمة المحاسبات أن حجم التمويلات الاجنبية التي استفادت بها الجمعيات، وفق المعطيات المتوفرة لديها، بلغت 68 مليون دينار سنة 2017 و78 مليون دينار سنة 2018 في وقت لم تلتزم 566 جمعية بإعلام الكتابة العامة للحكومة بتلقيها تمويلات أجنبية المصدر. كما أكدت المحكمة، أن الأرقام التي توصلت إليها أعلى من تلك التي أوردها البنك المركزي التونسي والتي تقارب 27 مليون دينار سنة 2017 و17 مليون دينار سنة 2018.

 تمويل الأحزاب بالمناولة

أكدت محكمة المحاسبات في تقريرها الأخير أنه تم الوقوف على مخاطر تمويلات غير شرعية في علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات وابرام عقود والحصول على موارد مجهولة المصدر..، وقد أفادت اللجنة التونسية للتحاليل المالية بخصوص أعضاء القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية الماضية انه تبين: »أن مجموعة من الأشخاص بينهم من شارك في الانتخابات كعضو قائمة أو رئيس لها قد سبق وصدر في شانهم تصاريح بالشبهة على صلة بعمليات مالية قد تنطوي على مخالفات تخص تمويل الحملات الانتخابية لسنة 2014". 

إحدى هذه القائمات استفاد رئيسها بحسابه المفتوح بالعملة الأجنبية خلال شهر جويلية وسبتمبر من تحويلات بمبالغ هامة في حدود 400 ألف أورو و550 ألف أورو وقد ذكرت لجنة التحاليل المالية وجود شبهة بخصوص احد الفائزين في الانتخابات حيث انتفع بتحويلات واصدر تحويلات بمبالغ هامة حيث تم إحالة 200 ألف يورو لفائدته قبل يوم من انطلاق الحملة قام هذا الفائز المستفيد بتحويلات بقيمة 400 ألف دينار لفائدة إحدى الجمعيات.. وهنا يشير التقرير بوضوح الى أحد الادوار غير القانونية التي لعبتها بعض الجمعيات من خلال تمويل الاحزاب التي يحجّر عليها التمويل الأجنبي بالمناولة.

ومن بين الاحزاب التي كانت تتلقى تمويلات بالمناولة، حزب قلب تونس، الذي تلقى تمويلات تم تحويلها في الاصل الى جمعية خليل تونس الخيرية التي يشرف عليها رئيس الحزب نبيل القروي وفق تقرير دائرة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة.

تمويلات ضخمة لا تخضع لأي رقابة

 كما أكدت محكمة المحاسبات في تقريرها الأخير،أن الهياكل المعنية وخاصة بعض الوزارات والبنك المركزي، لم تقم بدورها في مراقبة تسرب هذه التمويلات الأجنبية..، ورغم أن مرسوم الجمعيات لا يمنع التمويل الأجنبي إلا أن أعمال الرقابة التي من المفترض أن تمارسها الحكومة من خلال الكتابة العامة أو البنك المركزي أو وزارة الخارجية، بدت شبه غائبة أو منعدمة.. وتقول محكمة المحاسبات أن فحص البيانات التي وفرها البنك المركزي مكن من الوقوف على محدوديتها وعدم شموليتها نظرا لعدم تضمنها المعطيات المتعلقة بالتمويلات الأجنبية التي تحصلت عليها الجمعيات خلال الثلاثي الأخير من سنة 2017 والثلاثي الأول من سنة 2018. وقد أرجع البنك المركزي ذلك لأسباب تقنية!.. كما اقتصرت البيانات التي وفّرها البنك المركزي والمتعلقة بالفترة 2012-2017 على التحويلات المالية الأجنبية التي تمت عن طريق 13 مؤسسة بنكية ولم تشمل 5 بنوك ثبت للمحكمة انتفاع الجمعيات من خلالها بتمويلات أجنبية!

كما تؤكد محكمة المحاسبات أنه لا تتوفر لدى وزارة الشؤون الخارجية بيانات بخصوص التمويلات التي تحصلت عليها الجمعيات في إطار اتفاقيات التعاون الدولي التي تولت الوزارة إبرامها على غرار المشاريع الممولة من جمهورية ألمانيا الاتحادية ومن الجمهورية التركية ومن دولة قطر.

ورغم وقوف المحكمة على حصول 70 جمعية على تمويلات بقيمة 11,125 مليون دولار أمريكي خلال الفترة 2015-2019 في إطار التعاون التونسي الأمريكي، فإنّه لا يتوفر لدى الوزارتين المكلفتين بالشؤون الخارجية وبالتعاون الدولي معطيات حولها باستثناء إبرام الوزارة المكلفة بالتعاون الدولي اتفاقية تعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تغطي 5 سنوات بتاريخ 28 أوت 2019... كما لفت التقرير إلى أن الكتابة العامة للحكومة لا تتوفر على الآليات الضرورية للتفطن لكل المخالفات المرتكبة بهذا الخصوص وتسليط العقوبات المستوجبة وهو ما يثبته عدم علمها بتمويلات للجمعيات بقيمة لا تقل عن 31.8 مليون دينار.

تورط في الإرهاب وتبييض الأموال والتمويل الحزبي

على خلفية الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة، أشارت محكمة المحاسبات أن جمعية خليل تونس تحصلت على تمويلات أجنبية مجهولة المصدر تم تحويلها إلى حساب الجمعية في غياب تنصيصات تتعلق بهوية المانح وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفة للفصل 99 من قانون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال الذي ينص على أنه يجب على الذوات المعنوية الامتناع عن قبول أي تبرعات أو مساعدات مالية مجهولة المصدر وقد أوصت المحكمة على ضرورة مراقبة تمويل الجمعيات ومنع تداخل العمل الجمعياتي مع العمل السياسي والحزبي .

وفي 2016 أكد وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، في حكومة يوسف الشاهد، مهدي بن غربية، أن أجهزة الأمانة العامة للحكومة التونسية وجهت 721 تنبيها إلى عدد من الجمعيات الناشطة في ميادين مختلفة. وأن تلك الأجهزة "طلبت تعليق نشاط 150 جمعية، وتقدمت بـ38 طلبا لحل جمعيات، بالإضافة إلى الإذن بحل نهائي لـ 157 جمعية لوجود شبهة علاقة بالإرهاب"، وكان بن غربية قال في جلسة برلمانية أن الحكومة صنفت 157 تنظيما إرهابيا بحسب انتماء أعضائها ونشاطها. وتم حل جمعيتين بقرار قضائي هما جمعية مرحبا للمشاريع الخيرية وجمعية تونس الخيرية.

 انتفاضة الجمعيات النسوية

 وفي بيان لها اعتبر عدد من الجمعيات النسوية من بينها الجمعية التونسية للنساء ديمقراطيات وجمعية بيتي وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية وجمعية توحيدة بن الشيخ أن مشروع تعديل المرسوم 88 المقترح من الحكومة، يمثل انتكاسة لحرية الجمعيات ويخفي في طياته رغبة للانفراد بالحكم، ونظاما لا يعترف بوجود القوى المعارضة والأجسام الوسيطة من المجتمع السياسي والمجتمع المدني، وفق نص البيان.

وقال البيان أيضا أن الحركة النسوية تعبّر عن رفضها القطعي لمشروع تنقيح المرسوم عدد 88 لسنة 2011 لما يحمله في طياته من تضييق على حرية تأسيس الجمعيات وحرية العمل الجمعياتي في تونس.

ويمنح مشروع المرسوم الجديد، الإدارة سلطة تقديرية واسعة تمكنها من رفض تكوين الجمعيات وحل منظمات المجتمع المدني عند ارتكابها "لمخالفات جسيمة تقدرها الإدارة"..، كما نص المشروع على إقرار وجوبية الحصول على ترخيص مسبق من اللجنة التونسية للتحاليل المالية لقبول المساعدات والتبرعات والهبات الأجنبية (الفصل 35) وإقرار شرط المشروعية بالنسبة للعائدات الناتجة من مشاريع الجمعية.

منية العرفاوي

78 مليارا قيمة التمويلات الأجنبية للجمعيات في عام.. 566 جمعية لم تعلم عنها.. وتمويلات بالمناولة

* 70 جمعية تلقت تمويلات أمريكية بقيمة 11 مليون دولار في إطار التعاون الدولي والدولة "لا تعلم عنها شيئا"..

* البنك المركزي عجز في السنوات الماضية عن مراقبة التمويلات الأجنبية وبرّر ذلك بأسباب تقنية!

تونس- الصباح

أثارت دعوة رئيس الجمهورية، قيس سعيد، إلى منع تلقي أموال من الخارج لأنه اعتبرها امتدادا لقوى خارجية وأحزاب سياسية، موجة من ردود الفعل التي انقسمت بين مؤيد لهذا القرار وبين موجة واسعة من الرفض من الجمعيات على وجه الخصوص.

وإذا كان قيس سعيد أكد في تصريحه خلال الاجتماع الدوري لمجلس الوزراء أنه »لن يسمح لهم بالعبث بالدولة التونسية وإرادة الناخبين «وبأنه سيصدر نصوصا تمنع هذا التمويل..، فان هذا القرار بدا غير مستساغ من أغلب الجمعيات والمنظمات التي تتلقى تمويلات أجنبية يكتنفها الغموض وتحوم حولها الشبهات في وجود اطار تشريعي هش هو المرسوم 88 والذي هو بصدد التنقيح وفي غياب جهة رقابية تراقب دخول هذه التمويلات وكيفية صرفها، خاصة بعد الشبهات الخطيرة التي اثارها تقرير دائرة المحاسبات الأخير في علاقة بتورط جمعيات في تمويل أجنبي بالمناولة لصالح أحزاب أو حتى في علاقة بتقرير لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي في 2017 والتي اشارت بوضوح الى تورط جمعيات في تمويل الإرهاب.

ويُجيز المرسوم عدد 88 لسنة 2011 للجمعيات في فصله 34، تلقي تبرعات وهبات ووصايا وطنية كانت أم أجنبية، ومقابل تلقي هذه التمويلات الأجنبية تحت عناوين مختلفة، يشترط المرسوم في فصله 35 أن تكون تلك المساعدات والتبرعات والهبات صادرة عن بلدان تربطها علاقات ديبلوماسية بتونس!.. وهذه ليست المرة الأولى التي اثار فيها مرسوم الجمعيات الجدل، حيث واجه هذا المرسوم انتقادات كبيرة خلال السنوات الماضية ولكن كالعادة لم يبادر أي طرف برلماني لطرح مبادرة لتنقيح هذا المرسوم، ولكن اليوم تنكب حكومة نجلاء بودن على ايجاد اطار تشريعي جديد ينظم عمل الجمعيات وقد اقترحت مسودة للتشاور مع الجمعيات الناشطة.

تقرير دائرة المحاسبات

أشار التقرير الثاني والثلاثون لمحكمة المحاسبات، والذي تعرض في اطار عمل المحكمة الرقابي إلى برامج ومشاريع التعاون الدولي ذات العلاقة بتمويل الجمعيات والتي تم تنفيذ أنشطتها خاصة خلال الفترة 2015-2019، أن الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020 شهدت إحداث أكثر من 13 ألف جمعية جديدة بلغت ذروتها خلال سنتي 2011 و2012 بإحداث على التوالي 2088 و2868 جمعية ليرتفع بذلك عدد الجمعيات بتاريخ 10 مارس 2020 إلى 23320 جمعية حسب المعطيات المتوفرة لدى مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات. وتمثّل الجمعيات المتواجدة بولايات تونس الكبرى حوالي 32% من العدد الجملي للجمعيات.

وتؤكد محكمة المحاسبات في تقريرها الأخير أنه لا تتوفّر معطيات دقيقة حول حجم التمويلات الأجنبية التي استفادت بها الجمعيات وأظهرت محكمة المحاسبات أن حجم التمويلات الاجنبية التي استفادت بها الجمعيات، وفق المعطيات المتوفرة لديها، بلغت 68 مليون دينار سنة 2017 و78 مليون دينار سنة 2018 في وقت لم تلتزم 566 جمعية بإعلام الكتابة العامة للحكومة بتلقيها تمويلات أجنبية المصدر. كما أكدت المحكمة، أن الأرقام التي توصلت إليها أعلى من تلك التي أوردها البنك المركزي التونسي والتي تقارب 27 مليون دينار سنة 2017 و17 مليون دينار سنة 2018.

 تمويل الأحزاب بالمناولة

أكدت محكمة المحاسبات في تقريرها الأخير أنه تم الوقوف على مخاطر تمويلات غير شرعية في علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالانتخابات وابرام عقود والحصول على موارد مجهولة المصدر..، وقد أفادت اللجنة التونسية للتحاليل المالية بخصوص أعضاء القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية الماضية انه تبين: »أن مجموعة من الأشخاص بينهم من شارك في الانتخابات كعضو قائمة أو رئيس لها قد سبق وصدر في شانهم تصاريح بالشبهة على صلة بعمليات مالية قد تنطوي على مخالفات تخص تمويل الحملات الانتخابية لسنة 2014". 

إحدى هذه القائمات استفاد رئيسها بحسابه المفتوح بالعملة الأجنبية خلال شهر جويلية وسبتمبر من تحويلات بمبالغ هامة في حدود 400 ألف أورو و550 ألف أورو وقد ذكرت لجنة التحاليل المالية وجود شبهة بخصوص احد الفائزين في الانتخابات حيث انتفع بتحويلات واصدر تحويلات بمبالغ هامة حيث تم إحالة 200 ألف يورو لفائدته قبل يوم من انطلاق الحملة قام هذا الفائز المستفيد بتحويلات بقيمة 400 ألف دينار لفائدة إحدى الجمعيات.. وهنا يشير التقرير بوضوح الى أحد الادوار غير القانونية التي لعبتها بعض الجمعيات من خلال تمويل الاحزاب التي يحجّر عليها التمويل الأجنبي بالمناولة.

ومن بين الاحزاب التي كانت تتلقى تمويلات بالمناولة، حزب قلب تونس، الذي تلقى تمويلات تم تحويلها في الاصل الى جمعية خليل تونس الخيرية التي يشرف عليها رئيس الحزب نبيل القروي وفق تقرير دائرة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة.

تمويلات ضخمة لا تخضع لأي رقابة

 كما أكدت محكمة المحاسبات في تقريرها الأخير،أن الهياكل المعنية وخاصة بعض الوزارات والبنك المركزي، لم تقم بدورها في مراقبة تسرب هذه التمويلات الأجنبية..، ورغم أن مرسوم الجمعيات لا يمنع التمويل الأجنبي إلا أن أعمال الرقابة التي من المفترض أن تمارسها الحكومة من خلال الكتابة العامة أو البنك المركزي أو وزارة الخارجية، بدت شبه غائبة أو منعدمة.. وتقول محكمة المحاسبات أن فحص البيانات التي وفرها البنك المركزي مكن من الوقوف على محدوديتها وعدم شموليتها نظرا لعدم تضمنها المعطيات المتعلقة بالتمويلات الأجنبية التي تحصلت عليها الجمعيات خلال الثلاثي الأخير من سنة 2017 والثلاثي الأول من سنة 2018. وقد أرجع البنك المركزي ذلك لأسباب تقنية!.. كما اقتصرت البيانات التي وفّرها البنك المركزي والمتعلقة بالفترة 2012-2017 على التحويلات المالية الأجنبية التي تمت عن طريق 13 مؤسسة بنكية ولم تشمل 5 بنوك ثبت للمحكمة انتفاع الجمعيات من خلالها بتمويلات أجنبية!

كما تؤكد محكمة المحاسبات أنه لا تتوفر لدى وزارة الشؤون الخارجية بيانات بخصوص التمويلات التي تحصلت عليها الجمعيات في إطار اتفاقيات التعاون الدولي التي تولت الوزارة إبرامها على غرار المشاريع الممولة من جمهورية ألمانيا الاتحادية ومن الجمهورية التركية ومن دولة قطر.

ورغم وقوف المحكمة على حصول 70 جمعية على تمويلات بقيمة 11,125 مليون دولار أمريكي خلال الفترة 2015-2019 في إطار التعاون التونسي الأمريكي، فإنّه لا يتوفر لدى الوزارتين المكلفتين بالشؤون الخارجية وبالتعاون الدولي معطيات حولها باستثناء إبرام الوزارة المكلفة بالتعاون الدولي اتفاقية تعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تغطي 5 سنوات بتاريخ 28 أوت 2019... كما لفت التقرير إلى أن الكتابة العامة للحكومة لا تتوفر على الآليات الضرورية للتفطن لكل المخالفات المرتكبة بهذا الخصوص وتسليط العقوبات المستوجبة وهو ما يثبته عدم علمها بتمويلات للجمعيات بقيمة لا تقل عن 31.8 مليون دينار.

تورط في الإرهاب وتبييض الأموال والتمويل الحزبي

على خلفية الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة، أشارت محكمة المحاسبات أن جمعية خليل تونس تحصلت على تمويلات أجنبية مجهولة المصدر تم تحويلها إلى حساب الجمعية في غياب تنصيصات تتعلق بهوية المانح وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفة للفصل 99 من قانون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال الذي ينص على أنه يجب على الذوات المعنوية الامتناع عن قبول أي تبرعات أو مساعدات مالية مجهولة المصدر وقد أوصت المحكمة على ضرورة مراقبة تمويل الجمعيات ومنع تداخل العمل الجمعياتي مع العمل السياسي والحزبي .

وفي 2016 أكد وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، في حكومة يوسف الشاهد، مهدي بن غربية، أن أجهزة الأمانة العامة للحكومة التونسية وجهت 721 تنبيها إلى عدد من الجمعيات الناشطة في ميادين مختلفة. وأن تلك الأجهزة "طلبت تعليق نشاط 150 جمعية، وتقدمت بـ38 طلبا لحل جمعيات، بالإضافة إلى الإذن بحل نهائي لـ 157 جمعية لوجود شبهة علاقة بالإرهاب"، وكان بن غربية قال في جلسة برلمانية أن الحكومة صنفت 157 تنظيما إرهابيا بحسب انتماء أعضائها ونشاطها. وتم حل جمعيتين بقرار قضائي هما جمعية مرحبا للمشاريع الخيرية وجمعية تونس الخيرية.

 انتفاضة الجمعيات النسوية

 وفي بيان لها اعتبر عدد من الجمعيات النسوية من بينها الجمعية التونسية للنساء ديمقراطيات وجمعية بيتي وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية وجمعية توحيدة بن الشيخ أن مشروع تعديل المرسوم 88 المقترح من الحكومة، يمثل انتكاسة لحرية الجمعيات ويخفي في طياته رغبة للانفراد بالحكم، ونظاما لا يعترف بوجود القوى المعارضة والأجسام الوسيطة من المجتمع السياسي والمجتمع المدني، وفق نص البيان.

وقال البيان أيضا أن الحركة النسوية تعبّر عن رفضها القطعي لمشروع تنقيح المرسوم عدد 88 لسنة 2011 لما يحمله في طياته من تضييق على حرية تأسيس الجمعيات وحرية العمل الجمعياتي في تونس.

ويمنح مشروع المرسوم الجديد، الإدارة سلطة تقديرية واسعة تمكنها من رفض تكوين الجمعيات وحل منظمات المجتمع المدني عند ارتكابها "لمخالفات جسيمة تقدرها الإدارة"..، كما نص المشروع على إقرار وجوبية الحصول على ترخيص مسبق من اللجنة التونسية للتحاليل المالية لقبول المساعدات والتبرعات والهبات الأجنبية (الفصل 35) وإقرار شرط المشروعية بالنسبة للعائدات الناتجة من مشاريع الجمعية.

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews