إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الصغير الزكراوي لـ"الصباح": القضاة قدموا فرصة لسعيد وحل المجلس الأعلى للقضاء كان الحل الأفضل

-رئيس الجمهورية أصاب بعدم تشريك الجامعيين والخبراء في تركيبة المجلس الأعلى المؤقت

- القضاء كان مخترقا ومسيسا منذ الاستقلال إلى اليوم

تونس – الصباح

 

دعا الدكتور الصغير الزكراوي، أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية، جميع التونسيين إلى التعقل والتحلي بالروح الوطنية ومراعاة المصلحة العامة في هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر فيها بلادنا بصعوبات عديدة نتيجة سياسات الحكم الفاشلة المتعاقبة لاسيما منها تلك المنبثقة عن منظومة الحكم خلال العشرية التي تلت ثورة 2011، وفق تقديره. وشدد في حديثه لـ"الصباح" على ضرورة الترفع عن السقوط أو الانخراط في الأجندات السياسية والحزبية التي تدعمها "اللوبيات" المتنفذة والمستفيدة من الوضع.

واعتبر الزكراوي أن رئيس الجمهورية أصاب في توجهه بعدم تشريك الجامعيين والخبراء المختصين في تركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء التي تم الإعلان عنها مؤخرا. وفسر ذلك بقوله: "أعتقد أن قيس سعيد لم يخطئ في اقتصار التركيبة الجديدة على القضاة وعدم تشريك بقية الاختصاصات ذات صلة بمرفق العدالة على غرار الجامعيين والأكاديميين المختصين والخبراء والمحامين لأن الأزمة الكبرى تهم القضاء بالأساس، رغم أن القضاء هو شأن عام. لذلك أعتقد أنه ورغم تأخر رئيس الجمهورية في اتخاذ هذه الخطوة الضرورية في مسار إصلاح القضاء وتنقية أجوائه وواقعه المتداخل والمتشابك والمعقد لعدة أسباب، فإنه منح فرصة للقضاة لمعالجة الوضع المتردي للقطاع وإنقاذ أنفسهم".

وأفاد محدثنا في سياق متصل أن ما يحسب لقيس سعيد، وبقطع النظر عن مؤاخذاته ضد بعض خياراته وطرق تعاطيه مع بعض القضايا والمسائل، أنه لا يتراجع عن أي مبدأ أو خيار ورؤى تهدف وتراعي في أبعادها ونتائجها المصلحة العامة والوطنية. ولا يمكن إثناؤه أو نقده في هذا الجانب. موضحا أن الوضع المقعد الذي أصبح عليه القضاء في هذه المرحلة وعدم مسارعة أعضاء المجلس لإلتقاف اللحظة والرسالة بالإسراع نحو المنحى الإصلاحي، خاصة أن القطاع يزخر بالأسماء من الشرفاء الذين يجمعون بين الكفاءة والمهنية والنزعة للإصلاح، حسب تأكيده. مضيفا "هم من أعطوا الفرصة لرئيس الجمهورية ولا أحد غيرهم لاتخاذ هذا القرار الذي اعتبره صائبا للخروج من الأزمة". مشددا على أنه لا حل للوضع سوى اتخاذ قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، بعد أن تأكد الجميع أنه غير قادر على إصلاح نفسه من الداخل لأنه "ولد مشوها" بتركيبة أشبه بـ"خلطة" ناجمة عن توافقات ومحاصصات حزبية وسياسية جعلت القطاع مخترقا رغم ما يزخر به من شرفاء"، وفق توصيفه للوضع.

وبين أستاذ القانون العام أن المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء المؤقت أعاد تركيبة الهيكل إلى الشكل الذي كان عليه سابقا بعد أن أصبح عدد أعضائه في حدود 21 عضوا عوضا عن تركيبة المجلس الأعلى للقضاء السابق التي أثارت جدلا واسعا وكان عددها 45 عضوا.

في جانب آخر من حديثه، انتقد الصغير الزكراوي نفس المجلس وأضاف قائلا: "في الحقيقة لم يفلح المجلس الأعلى للقضاء في إصلاح نفسه بل كان سببا في ضرب هذا الهيكل الذي كان يمكن أن يكون مرجعا لحل عديد القضايا والمسائل بل تحول  إلى أحد أمهات المشاكل والأزمات التي تعيشها الدولة نظرا للهنات التي شابته على غرار العطالة والتستر على عديد جرائم الإرهاب والفساد وتحولت مهمته إلى التستر على الفاسدين والتلاعب بالملفات الحارقة مقابل غلق ملفات أخرى تتعلق بالأمن القومي وغيره وذلك دون موجب".

وفسر ذلك بتأكيده على أن هذه المؤسسة تمادت في مجانبة الصواب في القيام بدورها ومهامها الأساسية، رغم صيحات الفزع المطالبة بإنقاذ الوضع التي ما انفك يطلقها بعض الغيورين على القطاع، على نحو ساهم في تعميق الهوة بين المواطن ومرفق العدالة وخلق أزمة ثقة حقيقية تطورت لتصبح أزمة عميقة تنخر جسم القطاع.

 

شرعية الأزمات

كما انتقد أستاذ القانون العام ما يعتبره ترويجا للمغالطات في التطرق لبعض المسائل المتعلقة بالقضاء وقرارات رئيس الجمهورية الأخيرة قائلا:"يجب أن يكف البعض عن استبلاه التونسيين والأجانب بشيطنة قرار حل المجلس الأعلى للقضاء فيه اعتداء على القضاء ومحاولة للنيل منه، وكأننا كنا نعيش في ظل دولة القانون والمؤسسات. فالقضاء كان مخترقا ومسيسا منذ الاستقلال إلى اليوم ولكن الوضع أصبح أكثر ترديا خلال السنوات العشر الأخيرة بعد أن انتظر الجميع تحييد هياكله ومؤسساته بما يضمن استقلاليته لكن للأسف أصبحت تلك الهياكل مدخلا للتحزب والاختراق والتسييس وأهل القطاع يؤكدون ذلك".

وبين محدثنا أن تونس في مرحلة حكم استثنائي وأن حالة الاستثناء عادة تتجه لشرعنة القرارات في التعاطي مع الأزمات أي أن ما هو غير شرعي يصبح شرعيا لذلك تصبح قرارات رئيس الجمهورية المبنية على أهداف إصلاح وطنية نبيلة شرعية.

لذلك دعا الزكراوي القضاة الشرفاء الى الكف علن ترك القطاع أداة للتوظيف و"حطبا للاستعمال" في المعارك السياسية والحزبية وإطلاق العنان لأصواتهم ليسمعها الجميع وتقديم مشاريع إصلاح تؤكد نبل وقداسة مرفق العدالة والقطاع بشكل عام بما يحقق المصالحة المطلوبة مع الجميع وينأى بالقطاع عن المناكفات والتوظيف السياسي والمصالح الضيقة. ويرى أستاذ القانون العام أن الإصلاح يكون عبر تقديم تصور جديد للمجلس الأعلى للقضاء تم فيه مراعاة الخصوصية التونسية والواقع التونسي.

فيما يرى أن تعدد الهياكل داخل القطاع على غرار نقابة وجمعية كانت من العوامل التي ساهمت في تسييس القطاع وفتح باب الأزمات التي مهدت لضربه وتردي واقعه.

في جانب آخر من حديثه أكد الزكراوي أن هذه المرحلة الاستثنائية تعد انتقالية بامتياز وعلى غاية من الأهمية في تاريخ تونس وما تتطلبه من مسار إصلاحي مطلوب يكون شاملا لجميع المجالات والقطاعات. ويعتبر أن الجميع وخاصة من يطمحون ويرغبون في إصلاح الوضع والمنظومة، مطالبون بالمساهمة في إنجاح هذا المسار بعيدا عن منطق التشفي والتسرع في إصدار الأحكام وتصديق الإدعاءات الباطلة والمغرضة التي لا هدف لها سوى عرقلة كل مشروع إصلاحي هادف.

وحول قراءته القانونية لما صدر عن رئيس الجمهورية، رفض محدثنا الخوض في ذلك قائلا: "أعتقد أن المرحلة والظرف يجبرني على الترفع على الصمت والاحتفاظ برأيي في هذا الجانب ولا أتوقف إلا عند ما هو إيجابي يخدم المصلحة الوطنية ويهدف ويمهد لمناخ وأرضية صالحة لذلك".

 

نزيهة الغضباني

 الصغير الزكراوي لـ"الصباح": القضاة قدموا فرصة لسعيد وحل المجلس الأعلى للقضاء كان الحل الأفضل

-رئيس الجمهورية أصاب بعدم تشريك الجامعيين والخبراء في تركيبة المجلس الأعلى المؤقت

- القضاء كان مخترقا ومسيسا منذ الاستقلال إلى اليوم

تونس – الصباح

 

دعا الدكتور الصغير الزكراوي، أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية، جميع التونسيين إلى التعقل والتحلي بالروح الوطنية ومراعاة المصلحة العامة في هذه المرحلة الاستثنائية التي تمر فيها بلادنا بصعوبات عديدة نتيجة سياسات الحكم الفاشلة المتعاقبة لاسيما منها تلك المنبثقة عن منظومة الحكم خلال العشرية التي تلت ثورة 2011، وفق تقديره. وشدد في حديثه لـ"الصباح" على ضرورة الترفع عن السقوط أو الانخراط في الأجندات السياسية والحزبية التي تدعمها "اللوبيات" المتنفذة والمستفيدة من الوضع.

واعتبر الزكراوي أن رئيس الجمهورية أصاب في توجهه بعدم تشريك الجامعيين والخبراء المختصين في تركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء التي تم الإعلان عنها مؤخرا. وفسر ذلك بقوله: "أعتقد أن قيس سعيد لم يخطئ في اقتصار التركيبة الجديدة على القضاة وعدم تشريك بقية الاختصاصات ذات صلة بمرفق العدالة على غرار الجامعيين والأكاديميين المختصين والخبراء والمحامين لأن الأزمة الكبرى تهم القضاء بالأساس، رغم أن القضاء هو شأن عام. لذلك أعتقد أنه ورغم تأخر رئيس الجمهورية في اتخاذ هذه الخطوة الضرورية في مسار إصلاح القضاء وتنقية أجوائه وواقعه المتداخل والمتشابك والمعقد لعدة أسباب، فإنه منح فرصة للقضاة لمعالجة الوضع المتردي للقطاع وإنقاذ أنفسهم".

وأفاد محدثنا في سياق متصل أن ما يحسب لقيس سعيد، وبقطع النظر عن مؤاخذاته ضد بعض خياراته وطرق تعاطيه مع بعض القضايا والمسائل، أنه لا يتراجع عن أي مبدأ أو خيار ورؤى تهدف وتراعي في أبعادها ونتائجها المصلحة العامة والوطنية. ولا يمكن إثناؤه أو نقده في هذا الجانب. موضحا أن الوضع المقعد الذي أصبح عليه القضاء في هذه المرحلة وعدم مسارعة أعضاء المجلس لإلتقاف اللحظة والرسالة بالإسراع نحو المنحى الإصلاحي، خاصة أن القطاع يزخر بالأسماء من الشرفاء الذين يجمعون بين الكفاءة والمهنية والنزعة للإصلاح، حسب تأكيده. مضيفا "هم من أعطوا الفرصة لرئيس الجمهورية ولا أحد غيرهم لاتخاذ هذا القرار الذي اعتبره صائبا للخروج من الأزمة". مشددا على أنه لا حل للوضع سوى اتخاذ قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، بعد أن تأكد الجميع أنه غير قادر على إصلاح نفسه من الداخل لأنه "ولد مشوها" بتركيبة أشبه بـ"خلطة" ناجمة عن توافقات ومحاصصات حزبية وسياسية جعلت القطاع مخترقا رغم ما يزخر به من شرفاء"، وفق توصيفه للوضع.

وبين أستاذ القانون العام أن المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء المؤقت أعاد تركيبة الهيكل إلى الشكل الذي كان عليه سابقا بعد أن أصبح عدد أعضائه في حدود 21 عضوا عوضا عن تركيبة المجلس الأعلى للقضاء السابق التي أثارت جدلا واسعا وكان عددها 45 عضوا.

في جانب آخر من حديثه، انتقد الصغير الزكراوي نفس المجلس وأضاف قائلا: "في الحقيقة لم يفلح المجلس الأعلى للقضاء في إصلاح نفسه بل كان سببا في ضرب هذا الهيكل الذي كان يمكن أن يكون مرجعا لحل عديد القضايا والمسائل بل تحول  إلى أحد أمهات المشاكل والأزمات التي تعيشها الدولة نظرا للهنات التي شابته على غرار العطالة والتستر على عديد جرائم الإرهاب والفساد وتحولت مهمته إلى التستر على الفاسدين والتلاعب بالملفات الحارقة مقابل غلق ملفات أخرى تتعلق بالأمن القومي وغيره وذلك دون موجب".

وفسر ذلك بتأكيده على أن هذه المؤسسة تمادت في مجانبة الصواب في القيام بدورها ومهامها الأساسية، رغم صيحات الفزع المطالبة بإنقاذ الوضع التي ما انفك يطلقها بعض الغيورين على القطاع، على نحو ساهم في تعميق الهوة بين المواطن ومرفق العدالة وخلق أزمة ثقة حقيقية تطورت لتصبح أزمة عميقة تنخر جسم القطاع.

 

شرعية الأزمات

كما انتقد أستاذ القانون العام ما يعتبره ترويجا للمغالطات في التطرق لبعض المسائل المتعلقة بالقضاء وقرارات رئيس الجمهورية الأخيرة قائلا:"يجب أن يكف البعض عن استبلاه التونسيين والأجانب بشيطنة قرار حل المجلس الأعلى للقضاء فيه اعتداء على القضاء ومحاولة للنيل منه، وكأننا كنا نعيش في ظل دولة القانون والمؤسسات. فالقضاء كان مخترقا ومسيسا منذ الاستقلال إلى اليوم ولكن الوضع أصبح أكثر ترديا خلال السنوات العشر الأخيرة بعد أن انتظر الجميع تحييد هياكله ومؤسساته بما يضمن استقلاليته لكن للأسف أصبحت تلك الهياكل مدخلا للتحزب والاختراق والتسييس وأهل القطاع يؤكدون ذلك".

وبين محدثنا أن تونس في مرحلة حكم استثنائي وأن حالة الاستثناء عادة تتجه لشرعنة القرارات في التعاطي مع الأزمات أي أن ما هو غير شرعي يصبح شرعيا لذلك تصبح قرارات رئيس الجمهورية المبنية على أهداف إصلاح وطنية نبيلة شرعية.

لذلك دعا الزكراوي القضاة الشرفاء الى الكف علن ترك القطاع أداة للتوظيف و"حطبا للاستعمال" في المعارك السياسية والحزبية وإطلاق العنان لأصواتهم ليسمعها الجميع وتقديم مشاريع إصلاح تؤكد نبل وقداسة مرفق العدالة والقطاع بشكل عام بما يحقق المصالحة المطلوبة مع الجميع وينأى بالقطاع عن المناكفات والتوظيف السياسي والمصالح الضيقة. ويرى أستاذ القانون العام أن الإصلاح يكون عبر تقديم تصور جديد للمجلس الأعلى للقضاء تم فيه مراعاة الخصوصية التونسية والواقع التونسي.

فيما يرى أن تعدد الهياكل داخل القطاع على غرار نقابة وجمعية كانت من العوامل التي ساهمت في تسييس القطاع وفتح باب الأزمات التي مهدت لضربه وتردي واقعه.

في جانب آخر من حديثه أكد الزكراوي أن هذه المرحلة الاستثنائية تعد انتقالية بامتياز وعلى غاية من الأهمية في تاريخ تونس وما تتطلبه من مسار إصلاحي مطلوب يكون شاملا لجميع المجالات والقطاعات. ويعتبر أن الجميع وخاصة من يطمحون ويرغبون في إصلاح الوضع والمنظومة، مطالبون بالمساهمة في إنجاح هذا المسار بعيدا عن منطق التشفي والتسرع في إصدار الأحكام وتصديق الإدعاءات الباطلة والمغرضة التي لا هدف لها سوى عرقلة كل مشروع إصلاحي هادف.

وحول قراءته القانونية لما صدر عن رئيس الجمهورية، رفض محدثنا الخوض في ذلك قائلا: "أعتقد أن المرحلة والظرف يجبرني على الترفع على الصمت والاحتفاظ برأيي في هذا الجانب ولا أتوقف إلا عند ما هو إيجابي يخدم المصلحة الوطنية ويهدف ويمهد لمناخ وأرضية صالحة لذلك".

 

نزيهة الغضباني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews