إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

طالبوا رئيس الجمهورية بتعديله: أصحاب المؤسسات مستاؤون من مرسوم الشيكات دون رصيد



ـ دعوة إلى إقرار مهلة لا تقل عن خمس سنوات لخلاص الديون

 

-    رئيس المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة لـ"الصباح":

المئات صعقوا وأحسوا بإحباط كبير بمجرد اطلاعهم على مضامين المرسوم

تونس- الصباح

بعد الفرحة الكبيرة التي غمرت قلوب آلاف المشمولين بقضايا شيكات دون رصيد وفي مقدمتهم أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهم يستمعون إلى حديث رئيس الدولة قيس سعيد خلال اجتماع مجلس الوزراء  المنعقد يوم الخميس الماضي عن مرسوم العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد، نزل عليهم العدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية نزول الصاعقة لأنه لم يأت بالشكل الذي انتظروه، حيث لا يوجد أي شبه بينه وبين مقترح القانون الذي أعدته المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وخاضت من أجله الكثير من التحركات الاحتجاجية في ساحة باردو، مما جعل لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب قبيل تعليق أشغال البرلمان في الخامس والعشرين من جويلية الماضي، تستعجل فيه النظر رغبة في إنعاش الاقتصاد الوطني القائم بالأساس على المؤسسات الصغرى والمتوسطة، لكن الكثير من هذه المؤسسات لم تستطع مقاومة تداعيات كورونا و أفلست وأغلقت أبوابها ووجد أصحابها أنفسهم في السجون بسبب شيكات دون رصيد.

وكان الرئيس سعيد قال خلال اجتماع مجلس الوزراء إنه سيتم النظر في مرسوم يتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار الشيك دون رصيد وهذا معروف ومن هو في السجن يقوم بالخلاص ويغادر السجن، وجزاءه هو أن يدفع المبلغ والمصاريف المتعلقة بعدول التنفيذ وغيرها ثم بعد ذلك يتم العفو عنه.

وفعلا نص المرسوم عدد 10 لسنة 2022 المؤرخ في 10 فيفري 2022 الصادر في الرائد الرسمي الأخير على أن المرسوم يتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد. وبموجب الفصل الأول منه "ينتفع بالعفو العام كل من أصدر شيكا دون رصيد حررت في شأنه، قبل تاريخ نشر هذا المرسوم بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، شهادة في عدم الخلاص أو محضر احتجاج في عدم الدفع بمقر المصرف، وقام قبل يوم 31 ديسمبر 2022 بما يلي: أولا توفير الرصيد بالمصرف المسحوب عليه على ذمة المستفيد أو تأمينه على ذمة هذا الأخير بالخزينة العامة للبلاد التونسية والإدلاءبما يفيد إعلامه بذلك أو ما يفيد خلاص كامل مبلغ الشيك بكتب ثابت التاريخ أو بحجة رسمية. ثانيا: دفع مصاريف الإعلام للمصرف المسحوب عليه أو مصاريف الاحتجاج المحرر بمقر المصرف والإعلام به للمستفيد أو تأمينها بالخزينة العامة للبلاد التونسية".

وحسب الفصل الثاني من نفس المرسوم "ينتفع بالعفو العام كل من كان محل تتبع قضائي لدى المحاكم على اختلاف درجاتها أو صدر ضده حكم من أجل إصدار شيك دون رصيد قبل تاريخ نشر هذا المرسوم بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وقـام بتطبيق مقتضيات الفقرتين 1 و2 من الفصل الأول من هذا المـرسوم وذلـك قبـل يـوم 31 ديسمبر 2022، ولا يمس هذا العفو بحقوق الغير وخاصة بحقوق القائم بالحق الشخصي ولا يشمل العفو المصاريف القضائية ولو التي لم تستخلص ولا الاستصفاء الذي تم تنفيذه ولا الخطية التي تم استخلاصها"..

 

أين هو العفو العام؟

مضامين المرسوم عدد 10 لم تلب انتظارات أصحاب المؤسسات خاصة الصغرى والمتوسطة، وفي هذا السياق أفادنا محمد العثماني رئيس المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن المنظمة توجهت برسالة مضمونة الوصول إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد لدعوته إلى إعادة النظر في المرسوم المذكور. وذكر أن ملاحظات المنظمة حول المرسوم الجديد لا تختلف كثيرا عن ملاحظاتها بخصوص الفصل 17 من قانون المالية لسنة 2022 والذي استثنى خطايا الشيكات من العفو الجبائي ويبدو أن رئيس الجمهورية أراد من خلال المرسوم عدد 10 تدارك النقص المسجل في قانون المالية ولكن كان جدير به أن يعنون المرسوم بالعفو عن خطايا الشيكات دون رصيد لأنه لم يأت فيه بجديد.

وأشار إلى أن المرسوم عدد 10 جاء تحت عنوان عفو عام عن إصدار شيك دون رصيد ومن المفروض أن العفو العام يعني إلغاء الجريمة كاملة دون شروط مع إيقاف التتبعات الجزائية.. ولكن المرسوم اشترط دفع مصاريف الإعلام للمصرف المسحوب عليه أو مصاريف الاحتجاج المحرر بمقر المصرف والإعلام به للمستفيد أو تأمينها بالخزينة العامة للبلاد التونسية وبالتالي فإن ما جاء في المرسوم الجديد موجود في الفصل 412 ثالثا من المجلة التجارية التي تنص على أن كل من عوقب بالسجن من أجل إصدار شيك دون رصيد عندما يأتي بشهادة خلاص أو يؤمن المبلغ في الخزينة العامة يتمتع بالسراح حتى لو كان مسجونا أي أن المرسوم عبارة عن نسخ للفصل 412 ثالثا وهو ما يدعو إلى التساؤل أين هو العفو العام إذن؟

وأضاف رئيس المنظمة في تصريح لـ"الصباح" أن رئيس الجمهورية عندما تكلم عن الشيك دون رصيد يوم الخميس الماضي خلال مجلس الوزراء اعتقد الناس أنه يقصد إصدار عفو عام في جرائم الشيك دون رصيد، لكن بعد أن وقع نشر المرسوم في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية أحسوا بصدمة كبيرة، فهناك امرأة زوجها محكوم بثلاثة وثمانين سنة سجنا في قضايا شيكات دون رصيد أقدمت يوم الأحد على محاولة الانتحار لولا تدخل أفراد عائلتها في اللحظات الأخيرة ومنعوها من إلقاء نفسها من شرفة شقتها. وذكر المصدر نفسه أنه بعد كلمة رئيس الجمهورية حول العفو العام تلقى بصفته رئيسا للمنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة مئات المكالمات الهاتفية من منظوري المنظمة الذين لديهم إشكاليات شيك دون رصيد أجبرتهم على الهروب من البلاد أو الاختفاء عن الأنظار وقد عبروا عن رغبتهم في خلاص ديونهم لكنهم بعد أن اطلعوا على مضامين المرسوم في الرائد الرسمي صعقوا وأحسوا بإحباط كبير لأنه ذهب إلى ظنهم أن رئيس الجمهورية أحس بمعاناتهم واستجاب إلى مطلبهم المتمثل في إصدار عفو عام حقيقي.

لا شيء سيتغير

ورجح محمد العثماني رئيس المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أنه لن يقع تقديم أي مطلب للحصول على العفو لأن من يقبعون في السجون لا يستطيعون خلاص أصل الدين والخطايا لأن مؤسساتهم توقفت عن العمل ولأنه لو كان باستطاعتهم الخلاص فعلا ما عرضوا أنفسهم للسجن ، وذكر أن المرسوم حسب في الظاهر لفائدة أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة بوصفهم أكثر المتضررين من مشكلة الشيكات دون رصد، لكنه في حقيقة الأمر لا يضيف إليهم شيئا، وبين أنه يدعو رئيس الجمهورية إلى الإطلاع عن كثب على الوضع الاقتصادي الكارثي للبلاد هذا الاقتصاد القائم بالأساس على المؤسسات الصغرى والمتوسطة حيث تم تسجيل 350 ألف قضية شيك دون رصيد وأكثر من مليوني إشعار بشيكات عائدة وأكثر من 80 ألف مؤسسة أفلست بسبب وقوع أصحابها في مشاكل شيكات دون رصيد لأنه خلال جائحة كورونا هناك من المزودين من قدموا الشيكات التي في حوزتهم دفعة واحدة وهو ما جعل أغلب أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة في ورطة كبيرة، وأضاف أن المنظمة أحصت أكثر من 50 ألف مفتش عنهم في جرائم شيكات دون رصيد وهناك عائلات بأكملها متورطة في جرائم شيك دون رصيد من الأب إلى الأم والأبناء.. وفسر أن الدمار الذي لحق المؤسسات الصغرى والمتوسطة مرده تحكم خمسين عائلة وبارونات الفساد والشركات الكبرى في اقتصاد البلاد..

وذكر العثماني أن رئيس الجمهورية والحكومة إن لم يقدرا على إيجاد صيغة تسمح بإخراج المحكومين بالسجن من السجون مع إلزامهم بخلاص المستفيد فإن الوضع الاقتصادي سيزداد تدهورا وبين أن أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة ليسوا في حاجة إلى العفو الذي قصده المرسوم الجديد، وقال إنه تم في الرسالة التي وقع توجيهها إلى الرئيس تنبيهه إلى فحوى المرسوم عدد 10 وذلك حتى لا تقع مغالطته خاصة وأن أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة كانوا من أول الداعمين لإجراءات 25 جويلية اعتقادا منهم أن عهد العصابات التي عبثت بالبلاد ولى وانتهى.

 

طلب مهلة

وأضاف محمد العثماني أن المطلوب هو إيجاد صيغة أخرى لضمان حق المستفيد صيغة تسمح لكل المساجين ولمن هم محل تتبعات جزائية بمهلة كافية لا تقل عن خمس سنوات لخلاص المستفيد لأنه لا يمكن المساس بحقوق المستفيدين ومقابل ذلك يتم إيقاف إجراءات التتبع، ولكن في صورة عدم المراجعة في هذا الاتجاه، فالمطلوب من رئيس الجمهورية تعديل المرسوم وتغيير عنوانه الحالي لأن المرسوم ليس مرسوم عفو عام عن جريمة إصدار الشيك دون رصيد كما جاء في العنوان.

وكانت المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أعدت منذ سنتين مقترح قانون يتعلق بالشيك دون رصيد واقترحت في إطاره إلغاء العقوبة السجنية من الفصل 411 من المجلة التجارية لكن هذا المقترح تم رفضه بشدة من قبل كتلة النهضة خلال أشغال لجنة التشريع العام السنة الماضية وهو ما جعل المنظمة تطلب من اللجنة  التنصيص على الحكم بتقسيط مبلغ الشيك وعلى أن لا يقع المرور إلى عقوبة السجن إلا في صورة تخلف الساحب عن الدفع أو مماطلته في خلاص أحد الأقساط وبهذه الكيفية يضمن القانون خلاص أصل الدين وفي نفس الوقت يلغي العقوبة السجنية حيث لا يقع اللجوء إلي الحكم بعقوبة السجن إلا في صورة الإصرار على عدم الخلاص..

سعيدة بوهلال

 طالبوا رئيس الجمهورية بتعديله: أصحاب المؤسسات مستاؤون من مرسوم الشيكات دون رصيد



ـ دعوة إلى إقرار مهلة لا تقل عن خمس سنوات لخلاص الديون

 

-    رئيس المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة لـ"الصباح":

المئات صعقوا وأحسوا بإحباط كبير بمجرد اطلاعهم على مضامين المرسوم

تونس- الصباح

بعد الفرحة الكبيرة التي غمرت قلوب آلاف المشمولين بقضايا شيكات دون رصيد وفي مقدمتهم أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهم يستمعون إلى حديث رئيس الدولة قيس سعيد خلال اجتماع مجلس الوزراء  المنعقد يوم الخميس الماضي عن مرسوم العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد، نزل عليهم العدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية نزول الصاعقة لأنه لم يأت بالشكل الذي انتظروه، حيث لا يوجد أي شبه بينه وبين مقترح القانون الذي أعدته المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وخاضت من أجله الكثير من التحركات الاحتجاجية في ساحة باردو، مما جعل لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب قبيل تعليق أشغال البرلمان في الخامس والعشرين من جويلية الماضي، تستعجل فيه النظر رغبة في إنعاش الاقتصاد الوطني القائم بالأساس على المؤسسات الصغرى والمتوسطة، لكن الكثير من هذه المؤسسات لم تستطع مقاومة تداعيات كورونا و أفلست وأغلقت أبوابها ووجد أصحابها أنفسهم في السجون بسبب شيكات دون رصيد.

وكان الرئيس سعيد قال خلال اجتماع مجلس الوزراء إنه سيتم النظر في مرسوم يتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار الشيك دون رصيد وهذا معروف ومن هو في السجن يقوم بالخلاص ويغادر السجن، وجزاءه هو أن يدفع المبلغ والمصاريف المتعلقة بعدول التنفيذ وغيرها ثم بعد ذلك يتم العفو عنه.

وفعلا نص المرسوم عدد 10 لسنة 2022 المؤرخ في 10 فيفري 2022 الصادر في الرائد الرسمي الأخير على أن المرسوم يتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد. وبموجب الفصل الأول منه "ينتفع بالعفو العام كل من أصدر شيكا دون رصيد حررت في شأنه، قبل تاريخ نشر هذا المرسوم بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، شهادة في عدم الخلاص أو محضر احتجاج في عدم الدفع بمقر المصرف، وقام قبل يوم 31 ديسمبر 2022 بما يلي: أولا توفير الرصيد بالمصرف المسحوب عليه على ذمة المستفيد أو تأمينه على ذمة هذا الأخير بالخزينة العامة للبلاد التونسية والإدلاءبما يفيد إعلامه بذلك أو ما يفيد خلاص كامل مبلغ الشيك بكتب ثابت التاريخ أو بحجة رسمية. ثانيا: دفع مصاريف الإعلام للمصرف المسحوب عليه أو مصاريف الاحتجاج المحرر بمقر المصرف والإعلام به للمستفيد أو تأمينها بالخزينة العامة للبلاد التونسية".

وحسب الفصل الثاني من نفس المرسوم "ينتفع بالعفو العام كل من كان محل تتبع قضائي لدى المحاكم على اختلاف درجاتها أو صدر ضده حكم من أجل إصدار شيك دون رصيد قبل تاريخ نشر هذا المرسوم بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وقـام بتطبيق مقتضيات الفقرتين 1 و2 من الفصل الأول من هذا المـرسوم وذلـك قبـل يـوم 31 ديسمبر 2022، ولا يمس هذا العفو بحقوق الغير وخاصة بحقوق القائم بالحق الشخصي ولا يشمل العفو المصاريف القضائية ولو التي لم تستخلص ولا الاستصفاء الذي تم تنفيذه ولا الخطية التي تم استخلاصها"..

 

أين هو العفو العام؟

مضامين المرسوم عدد 10 لم تلب انتظارات أصحاب المؤسسات خاصة الصغرى والمتوسطة، وفي هذا السياق أفادنا محمد العثماني رئيس المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أن المنظمة توجهت برسالة مضمونة الوصول إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد لدعوته إلى إعادة النظر في المرسوم المذكور. وذكر أن ملاحظات المنظمة حول المرسوم الجديد لا تختلف كثيرا عن ملاحظاتها بخصوص الفصل 17 من قانون المالية لسنة 2022 والذي استثنى خطايا الشيكات من العفو الجبائي ويبدو أن رئيس الجمهورية أراد من خلال المرسوم عدد 10 تدارك النقص المسجل في قانون المالية ولكن كان جدير به أن يعنون المرسوم بالعفو عن خطايا الشيكات دون رصيد لأنه لم يأت فيه بجديد.

وأشار إلى أن المرسوم عدد 10 جاء تحت عنوان عفو عام عن إصدار شيك دون رصيد ومن المفروض أن العفو العام يعني إلغاء الجريمة كاملة دون شروط مع إيقاف التتبعات الجزائية.. ولكن المرسوم اشترط دفع مصاريف الإعلام للمصرف المسحوب عليه أو مصاريف الاحتجاج المحرر بمقر المصرف والإعلام به للمستفيد أو تأمينها بالخزينة العامة للبلاد التونسية وبالتالي فإن ما جاء في المرسوم الجديد موجود في الفصل 412 ثالثا من المجلة التجارية التي تنص على أن كل من عوقب بالسجن من أجل إصدار شيك دون رصيد عندما يأتي بشهادة خلاص أو يؤمن المبلغ في الخزينة العامة يتمتع بالسراح حتى لو كان مسجونا أي أن المرسوم عبارة عن نسخ للفصل 412 ثالثا وهو ما يدعو إلى التساؤل أين هو العفو العام إذن؟

وأضاف رئيس المنظمة في تصريح لـ"الصباح" أن رئيس الجمهورية عندما تكلم عن الشيك دون رصيد يوم الخميس الماضي خلال مجلس الوزراء اعتقد الناس أنه يقصد إصدار عفو عام في جرائم الشيك دون رصيد، لكن بعد أن وقع نشر المرسوم في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية أحسوا بصدمة كبيرة، فهناك امرأة زوجها محكوم بثلاثة وثمانين سنة سجنا في قضايا شيكات دون رصيد أقدمت يوم الأحد على محاولة الانتحار لولا تدخل أفراد عائلتها في اللحظات الأخيرة ومنعوها من إلقاء نفسها من شرفة شقتها. وذكر المصدر نفسه أنه بعد كلمة رئيس الجمهورية حول العفو العام تلقى بصفته رئيسا للمنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة مئات المكالمات الهاتفية من منظوري المنظمة الذين لديهم إشكاليات شيك دون رصيد أجبرتهم على الهروب من البلاد أو الاختفاء عن الأنظار وقد عبروا عن رغبتهم في خلاص ديونهم لكنهم بعد أن اطلعوا على مضامين المرسوم في الرائد الرسمي صعقوا وأحسوا بإحباط كبير لأنه ذهب إلى ظنهم أن رئيس الجمهورية أحس بمعاناتهم واستجاب إلى مطلبهم المتمثل في إصدار عفو عام حقيقي.

لا شيء سيتغير

ورجح محمد العثماني رئيس المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أنه لن يقع تقديم أي مطلب للحصول على العفو لأن من يقبعون في السجون لا يستطيعون خلاص أصل الدين والخطايا لأن مؤسساتهم توقفت عن العمل ولأنه لو كان باستطاعتهم الخلاص فعلا ما عرضوا أنفسهم للسجن ، وذكر أن المرسوم حسب في الظاهر لفائدة أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة بوصفهم أكثر المتضررين من مشكلة الشيكات دون رصد، لكنه في حقيقة الأمر لا يضيف إليهم شيئا، وبين أنه يدعو رئيس الجمهورية إلى الإطلاع عن كثب على الوضع الاقتصادي الكارثي للبلاد هذا الاقتصاد القائم بالأساس على المؤسسات الصغرى والمتوسطة حيث تم تسجيل 350 ألف قضية شيك دون رصيد وأكثر من مليوني إشعار بشيكات عائدة وأكثر من 80 ألف مؤسسة أفلست بسبب وقوع أصحابها في مشاكل شيكات دون رصيد لأنه خلال جائحة كورونا هناك من المزودين من قدموا الشيكات التي في حوزتهم دفعة واحدة وهو ما جعل أغلب أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة في ورطة كبيرة، وأضاف أن المنظمة أحصت أكثر من 50 ألف مفتش عنهم في جرائم شيكات دون رصيد وهناك عائلات بأكملها متورطة في جرائم شيك دون رصيد من الأب إلى الأم والأبناء.. وفسر أن الدمار الذي لحق المؤسسات الصغرى والمتوسطة مرده تحكم خمسين عائلة وبارونات الفساد والشركات الكبرى في اقتصاد البلاد..

وذكر العثماني أن رئيس الجمهورية والحكومة إن لم يقدرا على إيجاد صيغة تسمح بإخراج المحكومين بالسجن من السجون مع إلزامهم بخلاص المستفيد فإن الوضع الاقتصادي سيزداد تدهورا وبين أن أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة ليسوا في حاجة إلى العفو الذي قصده المرسوم الجديد، وقال إنه تم في الرسالة التي وقع توجيهها إلى الرئيس تنبيهه إلى فحوى المرسوم عدد 10 وذلك حتى لا تقع مغالطته خاصة وأن أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة كانوا من أول الداعمين لإجراءات 25 جويلية اعتقادا منهم أن عهد العصابات التي عبثت بالبلاد ولى وانتهى.

 

طلب مهلة

وأضاف محمد العثماني أن المطلوب هو إيجاد صيغة أخرى لضمان حق المستفيد صيغة تسمح لكل المساجين ولمن هم محل تتبعات جزائية بمهلة كافية لا تقل عن خمس سنوات لخلاص المستفيد لأنه لا يمكن المساس بحقوق المستفيدين ومقابل ذلك يتم إيقاف إجراءات التتبع، ولكن في صورة عدم المراجعة في هذا الاتجاه، فالمطلوب من رئيس الجمهورية تعديل المرسوم وتغيير عنوانه الحالي لأن المرسوم ليس مرسوم عفو عام عن جريمة إصدار الشيك دون رصيد كما جاء في العنوان.

وكانت المنظمة التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة أعدت منذ سنتين مقترح قانون يتعلق بالشيك دون رصيد واقترحت في إطاره إلغاء العقوبة السجنية من الفصل 411 من المجلة التجارية لكن هذا المقترح تم رفضه بشدة من قبل كتلة النهضة خلال أشغال لجنة التشريع العام السنة الماضية وهو ما جعل المنظمة تطلب من اللجنة  التنصيص على الحكم بتقسيط مبلغ الشيك وعلى أن لا يقع المرور إلى عقوبة السجن إلا في صورة تخلف الساحب عن الدفع أو مماطلته في خلاص أحد الأقساط وبهذه الكيفية يضمن القانون خلاص أصل الدين وفي نفس الوقت يلغي العقوبة السجنية حيث لا يقع اللجوء إلي الحكم بعقوبة السجن إلا في صورة الإصرار على عدم الخلاص..

سعيدة بوهلال

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews