في الوقت الذي شرع فيه القضاة في الدفاع عن موقفهم الرافض لحل المجلس الأعلى للقضاء بتنفيذ إضراب عن العمل أمس واليوم في مختلف الأصناف الثلاثة العدلي والإداري والمالي استجابة لدعوة جمعية القضاة التونسيين، ينتظر الرأي العام مواقف المنظمات الوطنية الكبرى لا سيما الرباعي الراعي للحوار سابقا والحائز على جائزة نوبل للسلام، وسط انتقادات وأسئلة عن تأخر بعض المواقف أو غيابها رغم الجدل الواسع داخليا وخارجيا بعد إعلان رئيس الجمهورية حل المجلس الأعلى للقضاء.
اللافت كذلك أن البيان الصادر أول أمس عن 45 منظمة وجمعية تونسية والرافض لتوجه الرئيس لحل المجلس الأعلى للقضاء لم يضم توقيع أحد المنظمات الوطنية الكبرى رغم أنها دأبت سابقا على التواجد لا سيما إلى جانب نقابة الصحفيين عند إصدار بيانات مشتركة خاصة في المجالات الحقوقية.
يذكر أن من بين الموقعين على البيان الصادر أول أمس نجد النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، والمرصد التونسي لأماكن الاحتجاز، ولجنة اليقظة من أجل الديمقراطية في تونس ببلجيكا، واللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الإنسان، والشبكة التونسية للعدالة الانتقالية، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، ومنظمة محامون بلا حدود..
وأعلنت هذه المنظمات عن رفضها المبدئي لأي تدخل من السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية، معتبرة أن حلّ المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بهيئة وقتية وفق مرسوم هو "تجميع كامل لكل السلطات ونسف تام لمبدأ الفصل بين السلط". كما نددت بما وصفته "التهديد المباشر الذي يمارسه رئيس الجمهورية لمؤسسة دستورية تم تكريسها إثر مسار تشاركي وبعد نضالات القضاة وهياكلهم المهنية".
وعبرت الجمعيات والمنظمات الموقعة على البيان عن رفضها لانصياع الأداة التنفيذية لخطاب شفاهي من السيد رئيس الجمهورية وتوجه قوات الأمن لتطويق مقر المجلس ومنع الموظفين والموظفات من أداء الواجب في غياب تام لأي سند أو ترتيب قانوني، بحسب نص البيان.
ودعت كل القوى المدافعة عن الديمقراطية وعن مدنية الدولة من منظمات المجتمع المدني إلى "توحيد الجهود وتجديد الالتزام بالدفاع عن الهيئات الدستورية والمستقلة كحجر أساس في البناء الديمقراطي الذي انتهجته تونس، ووضع حد للعبث المتكرّر الذي يطالها".
موقف اتحاد الشغل
لم يصدر إلى حد الآن أي موقف أو تعليق شخصي من قيادات اتحاد الشغل على خلاف العادة ففي السابق وإلى حين صدور الموقف الرسمي للمنظمة بعد اجتماع مكتبها التنفيذي كانت تصدر من هنا وهناك تصريحات لبعض القيادات النقابية تعبر عن مواقفها الخاصة أو تهيئ للموقف الرسمي للمنظمة.
وفي انتظار صدور موقف واضح للاتحاد العام التونسي للشغل اليوم بمناسبة انعقاد الهيئة الإدارية الوطنية للإعداد للمؤتمر القادم أيام 16 و17 و18 فيفري الجاري، كان التصريح الوحيد الصادر عن سمير الشفي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل يوم الأحد الفارط على هامش إحياء ذكرى الشهيد شكري بلعيد قد أشار إلى أن" المكتب التنفيذي سيجتمع للتحليل وللوقوف عند كل هذه الحيثيات وموقفنا ثابت بأن القضاء التونسي شأنه في ذلك هو تقريبا شأن كلّ المنظومات الأخرى ويحتاج إلى إصلاح ولكن الخلاف أو الاختلاف قد يكون في طرق هذا الإصلاح”.
وبالرجوع قليلا إلى الوراء نشير إلى أن نور الدين الطبوبي الأمين العام للمنظمة الشغيلة وتحديدا في ديسمبر الفارط كان قد صرح بـ"رفض الاتحاد للأصوات المنادية بحل المجلس الأعلى للقضاء" .
مؤكدا بمناسبة مشاركته في الدورة 35 لأيام المؤسسة، في تصريح "حرص الاتحاد على أن يظل القضاء مستقلا بعيدا عن المناكفات السياسية".
للمحامين رأيهم
في المقابل بدا موقف عمادة المحامين الأكثر سرعة ووضوحا من بين منظمات الرباعي الراعي للحوار فقد سارع عميد المحامين إبراهيم بودربالة إلى التأكيد أنهم مع تغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء.
مضيفا في تصريحات إذاعية "أنهم طالبوا باختيار ناس تسهر على حماية المؤسسة القضائية واتخاذ المواقف المناسبة في الأوقات المناسبة وليس العمل لأهداف انتخابية ولحساب المصالح الضيقة".
وردا على موقف العميد عبر يوسف بوزاخر عن رئيس المجلس الأعلى للقضاء عن استيائه ملمحا إلى محاولات تموقع ما تقود مواقف بودربالة، وقد رد هذا الأخير بدوره قائلا انه غير معني بأي منصب.
في السياق ذاته صرح أمس رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان طارق الحركاتي بأن "موقف جمعية المحامين الشبان مع حل المجلس الأعلى للقضاء باعتباره موظفا وحديقة خلفية للحزب الحاكم كما كان ساحة للمحاصصة الحزبية وتقاسم الغنائم والتنكيل بشرفاء الوطن ومع بقاء المؤسسة الدستورية واستقلال السلطة قضائية ولكن ضد تركيبة المجلس بهاته الشاكلة"، على حد تعبيره.
صمت رابطة حقوق الإنسان
في الوقت الذي سارعت فيه مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت أول أمس إلى حث رئيس الجمهورية على إعادة عمل المجلس الأعلى للقضاء محذرةً من أن حلّه “سيُقوض بشكل خطير سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء بالبلاد، خبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الصمت ولم يصدر عنها، إلى حد كتابة هذه الأسطر، أي موقف من مسألة حل المجلس الأعلى للقضاء.
وفي واقع الأمر، يبدو الصمت هو خيار الرابطة في الآونة الأخيرة فقد انتقد مؤخرا بسام الطريفي المحامي ونائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على موقعه على الفايسبوك غياب مواقف الرابطة لا سيما في قضية الحقوقية بشرى بلحاج حميدة وصدور حكم غيابي في حقها، وأيضا غياب موقف الرابطة من قانون المالية 2022.
بدورها تجنح في الآونة الأخيرة منظمة الأعراف إلى "المهادنة" وهي تخير الصمت في الكثير من الأحيان كما يحصل اليوم مع موضوع حل المجلس الأعلى للقضاء.
م.ي
تونس-الصباح
في الوقت الذي شرع فيه القضاة في الدفاع عن موقفهم الرافض لحل المجلس الأعلى للقضاء بتنفيذ إضراب عن العمل أمس واليوم في مختلف الأصناف الثلاثة العدلي والإداري والمالي استجابة لدعوة جمعية القضاة التونسيين، ينتظر الرأي العام مواقف المنظمات الوطنية الكبرى لا سيما الرباعي الراعي للحوار سابقا والحائز على جائزة نوبل للسلام، وسط انتقادات وأسئلة عن تأخر بعض المواقف أو غيابها رغم الجدل الواسع داخليا وخارجيا بعد إعلان رئيس الجمهورية حل المجلس الأعلى للقضاء.
اللافت كذلك أن البيان الصادر أول أمس عن 45 منظمة وجمعية تونسية والرافض لتوجه الرئيس لحل المجلس الأعلى للقضاء لم يضم توقيع أحد المنظمات الوطنية الكبرى رغم أنها دأبت سابقا على التواجد لا سيما إلى جانب نقابة الصحفيين عند إصدار بيانات مشتركة خاصة في المجالات الحقوقية.
يذكر أن من بين الموقعين على البيان الصادر أول أمس نجد النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، والمرصد التونسي لأماكن الاحتجاز، ولجنة اليقظة من أجل الديمقراطية في تونس ببلجيكا، واللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الإنسان، والشبكة التونسية للعدالة الانتقالية، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، ومنظمة محامون بلا حدود..
وأعلنت هذه المنظمات عن رفضها المبدئي لأي تدخل من السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية، معتبرة أن حلّ المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بهيئة وقتية وفق مرسوم هو "تجميع كامل لكل السلطات ونسف تام لمبدأ الفصل بين السلط". كما نددت بما وصفته "التهديد المباشر الذي يمارسه رئيس الجمهورية لمؤسسة دستورية تم تكريسها إثر مسار تشاركي وبعد نضالات القضاة وهياكلهم المهنية".
وعبرت الجمعيات والمنظمات الموقعة على البيان عن رفضها لانصياع الأداة التنفيذية لخطاب شفاهي من السيد رئيس الجمهورية وتوجه قوات الأمن لتطويق مقر المجلس ومنع الموظفين والموظفات من أداء الواجب في غياب تام لأي سند أو ترتيب قانوني، بحسب نص البيان.
ودعت كل القوى المدافعة عن الديمقراطية وعن مدنية الدولة من منظمات المجتمع المدني إلى "توحيد الجهود وتجديد الالتزام بالدفاع عن الهيئات الدستورية والمستقلة كحجر أساس في البناء الديمقراطي الذي انتهجته تونس، ووضع حد للعبث المتكرّر الذي يطالها".
موقف اتحاد الشغل
لم يصدر إلى حد الآن أي موقف أو تعليق شخصي من قيادات اتحاد الشغل على خلاف العادة ففي السابق وإلى حين صدور الموقف الرسمي للمنظمة بعد اجتماع مكتبها التنفيذي كانت تصدر من هنا وهناك تصريحات لبعض القيادات النقابية تعبر عن مواقفها الخاصة أو تهيئ للموقف الرسمي للمنظمة.
وفي انتظار صدور موقف واضح للاتحاد العام التونسي للشغل اليوم بمناسبة انعقاد الهيئة الإدارية الوطنية للإعداد للمؤتمر القادم أيام 16 و17 و18 فيفري الجاري، كان التصريح الوحيد الصادر عن سمير الشفي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل يوم الأحد الفارط على هامش إحياء ذكرى الشهيد شكري بلعيد قد أشار إلى أن" المكتب التنفيذي سيجتمع للتحليل وللوقوف عند كل هذه الحيثيات وموقفنا ثابت بأن القضاء التونسي شأنه في ذلك هو تقريبا شأن كلّ المنظومات الأخرى ويحتاج إلى إصلاح ولكن الخلاف أو الاختلاف قد يكون في طرق هذا الإصلاح”.
وبالرجوع قليلا إلى الوراء نشير إلى أن نور الدين الطبوبي الأمين العام للمنظمة الشغيلة وتحديدا في ديسمبر الفارط كان قد صرح بـ"رفض الاتحاد للأصوات المنادية بحل المجلس الأعلى للقضاء" .
مؤكدا بمناسبة مشاركته في الدورة 35 لأيام المؤسسة، في تصريح "حرص الاتحاد على أن يظل القضاء مستقلا بعيدا عن المناكفات السياسية".
للمحامين رأيهم
في المقابل بدا موقف عمادة المحامين الأكثر سرعة ووضوحا من بين منظمات الرباعي الراعي للحوار فقد سارع عميد المحامين إبراهيم بودربالة إلى التأكيد أنهم مع تغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء.
مضيفا في تصريحات إذاعية "أنهم طالبوا باختيار ناس تسهر على حماية المؤسسة القضائية واتخاذ المواقف المناسبة في الأوقات المناسبة وليس العمل لأهداف انتخابية ولحساب المصالح الضيقة".
وردا على موقف العميد عبر يوسف بوزاخر عن رئيس المجلس الأعلى للقضاء عن استيائه ملمحا إلى محاولات تموقع ما تقود مواقف بودربالة، وقد رد هذا الأخير بدوره قائلا انه غير معني بأي منصب.
في السياق ذاته صرح أمس رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان طارق الحركاتي بأن "موقف جمعية المحامين الشبان مع حل المجلس الأعلى للقضاء باعتباره موظفا وحديقة خلفية للحزب الحاكم كما كان ساحة للمحاصصة الحزبية وتقاسم الغنائم والتنكيل بشرفاء الوطن ومع بقاء المؤسسة الدستورية واستقلال السلطة قضائية ولكن ضد تركيبة المجلس بهاته الشاكلة"، على حد تعبيره.
صمت رابطة حقوق الإنسان
في الوقت الذي سارعت فيه مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت أول أمس إلى حث رئيس الجمهورية على إعادة عمل المجلس الأعلى للقضاء محذرةً من أن حلّه “سيُقوض بشكل خطير سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء بالبلاد، خبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الصمت ولم يصدر عنها، إلى حد كتابة هذه الأسطر، أي موقف من مسألة حل المجلس الأعلى للقضاء.
وفي واقع الأمر، يبدو الصمت هو خيار الرابطة في الآونة الأخيرة فقد انتقد مؤخرا بسام الطريفي المحامي ونائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على موقعه على الفايسبوك غياب مواقف الرابطة لا سيما في قضية الحقوقية بشرى بلحاج حميدة وصدور حكم غيابي في حقها، وأيضا غياب موقف الرابطة من قانون المالية 2022.
بدورها تجنح في الآونة الأخيرة منظمة الأعراف إلى "المهادنة" وهي تخير الصمت في الكثير من الأحيان كما يحصل اليوم مع موضوع حل المجلس الأعلى للقضاء.