لم تمض ساعات قليلة عن صدور بلاغ وزارة الداخلية المتعلّق بالتّوقّي من انتشار فيروس "كورونا" والقاضي بمنع التظاهرات للعموم بالفضاءات المفتوحة والمغلقة حتى سارع رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى كسر هذا القرار.
وقد اعتبر سعيد في مداخلة له ليلة 6 فيفري الجاري أمام عدد من القيادات الامنية بمقر وزارة الداخلية وقبل انطلاق التحركات المواطنية بمناسبة ذكرى اغتيال شكري بلعيد على أنه "من حق التونسيين التظاهر السلمي للتعبير عن موقفهم ولإحياء ذكرى الذين سقطوا شهداء من أجل الوطن، ومن حقهم رفع الشعارات التي يريدون سواء تعلق الأمر بالاغتيالات أو بالتلاعب بهذه الملفات وعدم البت فيها من قبل القضاء."
واذ اعتبر العديد من المتابعين أن رمزية الزيارة تتلخص أساسا في تثبيت حق التونسيين في التظاهر والتحرك على أمل معرفة الحقائق المحيطة بعملية الاغتيال، والضغط قصد إثبات تقصير القضاء في حلحلة الملف، ومنها الدعوة لحل المجلس الأعلى للقضاء، فان آخرين يرون أن تدخل سعيد ما هو إلا تأكيد على انتهاج الرجل لسياسة المكيالين في تعاطيه مع تحركات الشارع السياسي وتبنيه لطرح حل مجلس الأعلى للقضاء سواء كما بينته الأرقام الأولية للاستشارة الوطنية أو من خلال مواقف سعيد من القضاء أصلا.
ورغم إقراره بأنه يسعى لإصلاح منظومة القضاء ولا يبغى من تحركاته هذه سوى إدخال بعض من الحيوية في أكثر القطاعات تأثيرا، رد معارضو سعيد أن ما يأتيه من تدخلات ماهي الا محاولة لتطويع القضاة عبر توظيف الأزمات بالتحشيد والمراكمة.
رفض التوظيف
وفي هذا السياق عبرت المعارضة التونسية عن مخاوفها من التوظيف الحاصل لملف الأغنيات السياسية لتحقيق أهداف لا تخدم إلا الحكم الفردي.
وقد استهجنت احزاب التكتل والجمهوري والتيار الديمقراطي"الخطاب المتشنج الذي ما فتئ يعتمده قيس سعيّد وتحريضه مناصريه، على مؤسسات الدولة، في استنساخ لممارسات ما يُسمّى "لجان حماية الثورة" ورفضها توظيفه ذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد، مثلما استغل قبلها الاحتجاجات المشروعة للمواطنين لتنفيذ مشروعه الشخصي وتركيز حكم فردي خارج التاريخ، بعيدا عن الاستحقاقات الحقيقية للثورة في العدالة والكرامة"، وفق بيان صادر عن الاحزاب الثلاثة.
وأكّدت تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية على أن "استقلال السلطة القضائية، يبقى شرطا أساسيا لتحقيق العدالة وضمان الديمقراطية وطمأنة المستثمرين ودعم جهود تمويل ميزانية الدولة"، وعلى أن الإصلاح الحقيقي للقضاء الذي ما تزال الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية تطالب به، "يكون بتحريره من مختلف الضغوطات والولاءات، لا بإخضاعه لسلطة الشخص الواحد"، مشددة عن "تمسّكها بكشف الحقيقة كاملة، في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، دون تدخل سياسي ولا توظيف أو تباطؤ.
وفي نداء توجه به إلى الرأي العام الوطني قال احمد نجيب الشابي في تدوينة له "من الباطل أن يستغل السيد قيس سعيد هذه المطالب العادلة لينقض على السلطة القضائية ويجهز على استقلالها ويجعل منها ذراعا لبسط حكمه المطلق والعودة بالبلاد الى مربع الاستبداد، تماما كما استغل الازمة السياسية لينقض على السلطة التشريعية ويستأثر بكامل اختصاصاتها."
سياسة المكيالين
وفي تعليق له عما اعتبر سياسة المكيالين قال القيادي بحراك "مواطنون ضد الانقلاب" رضا بلحاج "إن سعيد شرّع للتظاهر ضد القضاة اثر خطاب متشنج وعنيف وبعد سلسلة من الترذيل ها هو اليوم يطلب من المواطنين الخروج للشارع دون مراعاة منه للازمة الصحية التي اكدتها حكومته في وقت سابق في وقت منع خصومه للنزول بحجة الأزمة الصحية".
وقال بلحاج انه لم يعد خاف على أحد منهج الاقصاء والتقسيم للشعب التونسي حتى في ابسط حقوقه فقد عاين التونسيون حجم العنف الامني يوم 14جانفي وما عاشه المتظاهرون من عسكرة للشارع فان ذلك لم يحصل امام انصار الرئيس الذين تحركوا بكل حرية ويسر بعد تدخل سعيد شخصيا لتحريكهم ضد القضاء والقضاة".
واعتبر القيادي بحراك "مواطنون ضد الانقلاب" أن سعيد لم يعد محايدا بالمرة رغم الدعوات المتتالية بضرورة أخذه لمسافة واضحة بين مختلف الفرقاء السياسيين لكنه اليوم يعود لينتصر مجددا لأنصاره بل ويحرضهم على المس من هيبة القضاء كسلطة مستقلة عن الجميع".
بين 14 جانفي.. و13فيفري
مع اعلان تحرك 13فيفري القادم المناهض للإجراءات الاستثنائية والقرارات التي أعلنها قيس سعيد منذ 25جويلية الماضي سارع عدد كبير من المتابعين للشأن العام للتساؤل عن الادوار المحتملة لوزارة الداخلية واستعداداتها للتعامل مع تحرك "مواطنون ضد الانقلاب" والمجموعة الديمقراطية في قادم الايام .
فبعد أن وجد أنصار الرئيس أول أمس الأحد طريقا مفتوحا للتظاهر في الشارع والتقدم خطوات في اتجاه الاطاحة بالمجلس الاعلى للقضاء فان مناهضي سعيد قد لا يجدون الطريق سالكا تماما كما حصل يوم 14جانفي الماضي أو 17ديسمبر المنقضي وغيرها من المواعيد السياسية الاخرى وعلق نشطاء سياسيين حينها "انهم ازاء تحول واضح في التعامل الامني مع المعارضين بما ينبئ بعودة محتملة لدولة القمع والبوليس سيما وأن مسألة حياد المؤسسة الأمنية يتأرجح في ميزان التعامل الميداني للأمنيين والإغلاق التام لمحيط التحركات".
خليل الحناشي
تونس-الصباح
لم تمض ساعات قليلة عن صدور بلاغ وزارة الداخلية المتعلّق بالتّوقّي من انتشار فيروس "كورونا" والقاضي بمنع التظاهرات للعموم بالفضاءات المفتوحة والمغلقة حتى سارع رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى كسر هذا القرار.
وقد اعتبر سعيد في مداخلة له ليلة 6 فيفري الجاري أمام عدد من القيادات الامنية بمقر وزارة الداخلية وقبل انطلاق التحركات المواطنية بمناسبة ذكرى اغتيال شكري بلعيد على أنه "من حق التونسيين التظاهر السلمي للتعبير عن موقفهم ولإحياء ذكرى الذين سقطوا شهداء من أجل الوطن، ومن حقهم رفع الشعارات التي يريدون سواء تعلق الأمر بالاغتيالات أو بالتلاعب بهذه الملفات وعدم البت فيها من قبل القضاء."
واذ اعتبر العديد من المتابعين أن رمزية الزيارة تتلخص أساسا في تثبيت حق التونسيين في التظاهر والتحرك على أمل معرفة الحقائق المحيطة بعملية الاغتيال، والضغط قصد إثبات تقصير القضاء في حلحلة الملف، ومنها الدعوة لحل المجلس الأعلى للقضاء، فان آخرين يرون أن تدخل سعيد ما هو إلا تأكيد على انتهاج الرجل لسياسة المكيالين في تعاطيه مع تحركات الشارع السياسي وتبنيه لطرح حل مجلس الأعلى للقضاء سواء كما بينته الأرقام الأولية للاستشارة الوطنية أو من خلال مواقف سعيد من القضاء أصلا.
ورغم إقراره بأنه يسعى لإصلاح منظومة القضاء ولا يبغى من تحركاته هذه سوى إدخال بعض من الحيوية في أكثر القطاعات تأثيرا، رد معارضو سعيد أن ما يأتيه من تدخلات ماهي الا محاولة لتطويع القضاة عبر توظيف الأزمات بالتحشيد والمراكمة.
رفض التوظيف
وفي هذا السياق عبرت المعارضة التونسية عن مخاوفها من التوظيف الحاصل لملف الأغنيات السياسية لتحقيق أهداف لا تخدم إلا الحكم الفردي.
وقد استهجنت احزاب التكتل والجمهوري والتيار الديمقراطي"الخطاب المتشنج الذي ما فتئ يعتمده قيس سعيّد وتحريضه مناصريه، على مؤسسات الدولة، في استنساخ لممارسات ما يُسمّى "لجان حماية الثورة" ورفضها توظيفه ذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد، مثلما استغل قبلها الاحتجاجات المشروعة للمواطنين لتنفيذ مشروعه الشخصي وتركيز حكم فردي خارج التاريخ، بعيدا عن الاستحقاقات الحقيقية للثورة في العدالة والكرامة"، وفق بيان صادر عن الاحزاب الثلاثة.
وأكّدت تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية على أن "استقلال السلطة القضائية، يبقى شرطا أساسيا لتحقيق العدالة وضمان الديمقراطية وطمأنة المستثمرين ودعم جهود تمويل ميزانية الدولة"، وعلى أن الإصلاح الحقيقي للقضاء الذي ما تزال الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية تطالب به، "يكون بتحريره من مختلف الضغوطات والولاءات، لا بإخضاعه لسلطة الشخص الواحد"، مشددة عن "تمسّكها بكشف الحقيقة كاملة، في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، دون تدخل سياسي ولا توظيف أو تباطؤ.
وفي نداء توجه به إلى الرأي العام الوطني قال احمد نجيب الشابي في تدوينة له "من الباطل أن يستغل السيد قيس سعيد هذه المطالب العادلة لينقض على السلطة القضائية ويجهز على استقلالها ويجعل منها ذراعا لبسط حكمه المطلق والعودة بالبلاد الى مربع الاستبداد، تماما كما استغل الازمة السياسية لينقض على السلطة التشريعية ويستأثر بكامل اختصاصاتها."
سياسة المكيالين
وفي تعليق له عما اعتبر سياسة المكيالين قال القيادي بحراك "مواطنون ضد الانقلاب" رضا بلحاج "إن سعيد شرّع للتظاهر ضد القضاة اثر خطاب متشنج وعنيف وبعد سلسلة من الترذيل ها هو اليوم يطلب من المواطنين الخروج للشارع دون مراعاة منه للازمة الصحية التي اكدتها حكومته في وقت سابق في وقت منع خصومه للنزول بحجة الأزمة الصحية".
وقال بلحاج انه لم يعد خاف على أحد منهج الاقصاء والتقسيم للشعب التونسي حتى في ابسط حقوقه فقد عاين التونسيون حجم العنف الامني يوم 14جانفي وما عاشه المتظاهرون من عسكرة للشارع فان ذلك لم يحصل امام انصار الرئيس الذين تحركوا بكل حرية ويسر بعد تدخل سعيد شخصيا لتحريكهم ضد القضاء والقضاة".
واعتبر القيادي بحراك "مواطنون ضد الانقلاب" أن سعيد لم يعد محايدا بالمرة رغم الدعوات المتتالية بضرورة أخذه لمسافة واضحة بين مختلف الفرقاء السياسيين لكنه اليوم يعود لينتصر مجددا لأنصاره بل ويحرضهم على المس من هيبة القضاء كسلطة مستقلة عن الجميع".
بين 14 جانفي.. و13فيفري
مع اعلان تحرك 13فيفري القادم المناهض للإجراءات الاستثنائية والقرارات التي أعلنها قيس سعيد منذ 25جويلية الماضي سارع عدد كبير من المتابعين للشأن العام للتساؤل عن الادوار المحتملة لوزارة الداخلية واستعداداتها للتعامل مع تحرك "مواطنون ضد الانقلاب" والمجموعة الديمقراطية في قادم الايام .
فبعد أن وجد أنصار الرئيس أول أمس الأحد طريقا مفتوحا للتظاهر في الشارع والتقدم خطوات في اتجاه الاطاحة بالمجلس الاعلى للقضاء فان مناهضي سعيد قد لا يجدون الطريق سالكا تماما كما حصل يوم 14جانفي الماضي أو 17ديسمبر المنقضي وغيرها من المواعيد السياسية الاخرى وعلق نشطاء سياسيين حينها "انهم ازاء تحول واضح في التعامل الامني مع المعارضين بما ينبئ بعودة محتملة لدولة القمع والبوليس سيما وأن مسألة حياد المؤسسة الأمنية يتأرجح في ميزان التعامل الميداني للأمنيين والإغلاق التام لمحيط التحركات".