بعد أيام من تجميد منح وامتيازات أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، وفي تصريح مفاجئ وصادم اعتبر رئيس الجمهورية قيس سعيد من مقر وزارة الداخلية وفي الساعات الأولى من يوم 6 فيفري التي تتزامن مع إحياء ذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد، أن المجلس الأعلى للقضاء يجب أن يعتبر نفسه في "عداد الماضي من هذه اللحظة" ..
كما وضّح رئيس الجمهورية أنه يستعد لإصدار مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء بما يعني حل المجلس الأعلى للقضاء، خاصة وأنه بعد سويعات من هذا التصريح قامت قوات الأمن بتطويق مقر المجلس الأعلى للقضاء في عملية تصعيد غير مسبوقة بين رئيس الجمهورية والقضاة، حيث تم منع الموظفين من دخول المقر وكذلك أعضاء المجلس، رغم الرفض الواسع لتوجّه قيس سعيد في علاقة بالمجلس الأعلى للقضاء.
في تصريحه الأخير من داخل وزارة الداخلية قال قيس سعيد إن "المجلس الأعلى للقضاء صار مجلسا تباع فيه المناصب، ويتمّ وضع الحركة القضائية بناء على الولاءات، حيث أصبحت بعض الدوائر معروفة بدائرة "فلانّ""، مضيفا أن "هؤلاء مكانهم أين يقف المتهمون"، ويأتي هذا التصريح في ذات التوجّه الذي يتبناه رئيس الجمهورية ويرى من خلاله ضرورة اصلاح القضاء وتخليصه من التوظيف السياسي، رغم ما يواجهه أسلوب الرئيس في التعاطي مع الشأن القضائي من انتقادات لاذعة.
واذا كان اصلاح العدالة أشمل من اصلاح الجهاز القضائي على أهميته –حتى ولو كانت طريقة مثيرة للشكوك والريبة- فان موقف الجناح الثاني للعدالة والمقصود قطاع المحاماة والذي عبر عن مواقفه عميد المحامين إبراهيم بودربالة، بدت منحازة أكثر الى مواقف رئيس الجمهورية ومعترفة بضرورة إصلاح المنظومة القضائية، وعدم رفض إشراف رئاسة الجمهورية على عملية الإصلاح هذه، وان وجد هذا الموقف استحسانا لدى عدد كبير من المحامين فان البقية اعتبروا أن موقف العميد متخاذل ولا يعبّر عن إرادة كل المحامين وأن هذا الارتباك ليس في صالح العدالة حيث يسمح لرئيس الجمهورية بوضع يده على القضاء وبشكل غير مسبوق.
حيث كان التعليق الفوري لعميد المحامين إبراهيم بودربالة في علاقة بالإجراءات الجديدة التي اتخذها رئيس الجمهورية بشأن المجلس الأعلى للقضاء، بالقول:"هناك خلل ما في المنظومة القضائية وحان وقت تصحيحه"، وفق تعبير بودربالة الذي لم يبد في ظهور تلفزي سابق رفضه لمسألة اصلاح القضاء بمرسوم رئاسي حيث يعاود كل مرة التأكيد أن الرئيس هو الضامن لقوانين البلاد ويتمتع بالسلطة التشريعية.
قرارات وفق الأمر الرئاسي 117
في علاقة بالمرسوم الذي قال رئيس الجمهورية أنه يعتزم إصداره ليكون تنظيم مؤقتا للمجلس الأعلى للقضاء استند قيس سعيد إلى الأمر الرئاسي عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 الذي ينص في فصله الرابع ما يلي "يتم إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية وذلك بعد مداولة مجلس الوزراء"، ثم يأتي الفصل الخامس ليعدد المجالات التي تشملها المراسيم ومنها: تنظيم العدالة والقضاء وتنظيم الهيئات الدستورية.."، ومنذ ذلك التاريخ والقضاة يواصلون رفضهم مسألة إصلاح القضاء باعتماد المراسيم الى اليوم حيث أبدى المجلس الأعلى للقضاء رفضا مطلقا وتامّا لأي إمكانية لحل المجلس معتبرا أن رئيس الجمهورية ليست لديه أي آلية دستورية ولا قانونية لحله وهذا الإجراء فيه مساس بالسلطة القضائية، وفق نص البيان الذي صدر في الغرض، إلا أن هذا الرفض لم يغيّر من إصرار رئيس الجمهورية في المضي قدما لتطبيق ما اعتزم القيام به منذ البداية وهو استعمال المراسيم الرئاسية لإصلاح القضاء وتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء.
عميد المحامين لا يعكس كل مواقف المحامين
لم يتوان عميد المحامين إبراهيم بودربالة عن التأكيد على أن جميع المؤسسات في تونس بحاجة الى تقييم للعمل الذي قامت به وذلك في علاقة بالجدل الذي أثاره رئيس الجمهورية قيس سعيد وتصريحه بشأن المجلس الأعلى للقضاء..، وعكس ما ذهبت إليه الأغلبية في اعتبار أن تصريح الرئيس وتطويق مقر المجلس الأعلى للقضاء هو إعلان صريح بحل المجلس الأعلى للقضاء، فإن بودربالة قال في تصريحات إعلامية مختلفة، أنه لم يقع إلغاء المجلس الأعلى للقضاء "لكن ربما سيقع تغيير تركيبته". كما قال بودربالة أنه على جميع مكونات السطلة القضائية الاجتماع حول طاولة الحوار وعلى رئيس الجمهورية الدعوة الى هذا الحوار من اجل اصلاح القضاء. كما لم يبد عميد المحامين تخوفا من أن يسيطر قيس سعيد على السلطة القضائية واعتبر بودربالة انه لا مجال للخوف بما أن الرئيس أعلن عن آجال محددة للمواعيد السياسية المقبلة، مؤكدا على مساندته لأي مبادرة تسعى إلى إصلاح القضاء بما في ذلك مبادرة رئيس الجمهورية.
ومنذ اندلاع الازمة بين رئيس الجمهورية والقضاة وخاصة المجلس الأعلى للقضاء كانت مواقف عميد المحامين لافتة وفيها تأييد ضمني لكل قرارات الرئيس حيث اعتبر في تصريح اعلامي في نوفمبر الماضي أنّ اصلاح الوضع القضائي ووضع المجلس الأعلى للقضاء أصبح ضرورة ملحة وأن تغييره يتطلب جملة من الخطوات من بينها إصلاح القانون المنظّم للمجلس الأعلى للقضاء..، مشيرا إلى أنّ الهياكل الرسمية لمهنة المحامين غير ممثلة في المجلس ولا يمكن محاسبتهم من قبل أهل المهنة بما أنّ هذه التمثيلية تمّت عبر الانتخاب المباشر وهو ما يمنع المحاسبة، وفق تقديره.
لم تمض مواقف عميد المحامين التي تقف في الاغلب على يسار المجلس الأعلى للقضاء دون رد فعل من القضاة حيث عبّر رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر عن أسفه من تغير موقف عميد المحامين إبراهيم بودربالة بخصوص حل المجلس. وقال إن عميد المحامين لم يكن موقفه السابق مساندا لحل المجلس، حيث سبق وأفاد انه ضد إصلاح القضاء في ظل الظروف الاستثنائية، وفق تعبير بوزاخر الذي أردف بالقول انه يتمنى أن لا يكون موقف عميد المحامين على خلفية تموقع جديد، دون توضيح لما يقصده بهذا التموقع.
ولكن اللافت أيضا أن مواقف عميد المحامين في علاقة بمجلس القضاء لم تحظ بالإجماع المألوف بين المحامين حيث أيدها البعض ورفضها البعض الآخر وخاصة المحامين المحسوبين على حركة النهضة.
منية العرفاوي
تونس- الصباح
بعد أيام من تجميد منح وامتيازات أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، وفي تصريح مفاجئ وصادم اعتبر رئيس الجمهورية قيس سعيد من مقر وزارة الداخلية وفي الساعات الأولى من يوم 6 فيفري التي تتزامن مع إحياء ذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد، أن المجلس الأعلى للقضاء يجب أن يعتبر نفسه في "عداد الماضي من هذه اللحظة" ..
كما وضّح رئيس الجمهورية أنه يستعد لإصدار مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء بما يعني حل المجلس الأعلى للقضاء، خاصة وأنه بعد سويعات من هذا التصريح قامت قوات الأمن بتطويق مقر المجلس الأعلى للقضاء في عملية تصعيد غير مسبوقة بين رئيس الجمهورية والقضاة، حيث تم منع الموظفين من دخول المقر وكذلك أعضاء المجلس، رغم الرفض الواسع لتوجّه قيس سعيد في علاقة بالمجلس الأعلى للقضاء.
في تصريحه الأخير من داخل وزارة الداخلية قال قيس سعيد إن "المجلس الأعلى للقضاء صار مجلسا تباع فيه المناصب، ويتمّ وضع الحركة القضائية بناء على الولاءات، حيث أصبحت بعض الدوائر معروفة بدائرة "فلانّ""، مضيفا أن "هؤلاء مكانهم أين يقف المتهمون"، ويأتي هذا التصريح في ذات التوجّه الذي يتبناه رئيس الجمهورية ويرى من خلاله ضرورة اصلاح القضاء وتخليصه من التوظيف السياسي، رغم ما يواجهه أسلوب الرئيس في التعاطي مع الشأن القضائي من انتقادات لاذعة.
واذا كان اصلاح العدالة أشمل من اصلاح الجهاز القضائي على أهميته –حتى ولو كانت طريقة مثيرة للشكوك والريبة- فان موقف الجناح الثاني للعدالة والمقصود قطاع المحاماة والذي عبر عن مواقفه عميد المحامين إبراهيم بودربالة، بدت منحازة أكثر الى مواقف رئيس الجمهورية ومعترفة بضرورة إصلاح المنظومة القضائية، وعدم رفض إشراف رئاسة الجمهورية على عملية الإصلاح هذه، وان وجد هذا الموقف استحسانا لدى عدد كبير من المحامين فان البقية اعتبروا أن موقف العميد متخاذل ولا يعبّر عن إرادة كل المحامين وأن هذا الارتباك ليس في صالح العدالة حيث يسمح لرئيس الجمهورية بوضع يده على القضاء وبشكل غير مسبوق.
حيث كان التعليق الفوري لعميد المحامين إبراهيم بودربالة في علاقة بالإجراءات الجديدة التي اتخذها رئيس الجمهورية بشأن المجلس الأعلى للقضاء، بالقول:"هناك خلل ما في المنظومة القضائية وحان وقت تصحيحه"، وفق تعبير بودربالة الذي لم يبد في ظهور تلفزي سابق رفضه لمسألة اصلاح القضاء بمرسوم رئاسي حيث يعاود كل مرة التأكيد أن الرئيس هو الضامن لقوانين البلاد ويتمتع بالسلطة التشريعية.
قرارات وفق الأمر الرئاسي 117
في علاقة بالمرسوم الذي قال رئيس الجمهورية أنه يعتزم إصداره ليكون تنظيم مؤقتا للمجلس الأعلى للقضاء استند قيس سعيد إلى الأمر الرئاسي عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 الذي ينص في فصله الرابع ما يلي "يتم إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية وذلك بعد مداولة مجلس الوزراء"، ثم يأتي الفصل الخامس ليعدد المجالات التي تشملها المراسيم ومنها: تنظيم العدالة والقضاء وتنظيم الهيئات الدستورية.."، ومنذ ذلك التاريخ والقضاة يواصلون رفضهم مسألة إصلاح القضاء باعتماد المراسيم الى اليوم حيث أبدى المجلس الأعلى للقضاء رفضا مطلقا وتامّا لأي إمكانية لحل المجلس معتبرا أن رئيس الجمهورية ليست لديه أي آلية دستورية ولا قانونية لحله وهذا الإجراء فيه مساس بالسلطة القضائية، وفق نص البيان الذي صدر في الغرض، إلا أن هذا الرفض لم يغيّر من إصرار رئيس الجمهورية في المضي قدما لتطبيق ما اعتزم القيام به منذ البداية وهو استعمال المراسيم الرئاسية لإصلاح القضاء وتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء.
عميد المحامين لا يعكس كل مواقف المحامين
لم يتوان عميد المحامين إبراهيم بودربالة عن التأكيد على أن جميع المؤسسات في تونس بحاجة الى تقييم للعمل الذي قامت به وذلك في علاقة بالجدل الذي أثاره رئيس الجمهورية قيس سعيد وتصريحه بشأن المجلس الأعلى للقضاء..، وعكس ما ذهبت إليه الأغلبية في اعتبار أن تصريح الرئيس وتطويق مقر المجلس الأعلى للقضاء هو إعلان صريح بحل المجلس الأعلى للقضاء، فإن بودربالة قال في تصريحات إعلامية مختلفة، أنه لم يقع إلغاء المجلس الأعلى للقضاء "لكن ربما سيقع تغيير تركيبته". كما قال بودربالة أنه على جميع مكونات السطلة القضائية الاجتماع حول طاولة الحوار وعلى رئيس الجمهورية الدعوة الى هذا الحوار من اجل اصلاح القضاء. كما لم يبد عميد المحامين تخوفا من أن يسيطر قيس سعيد على السلطة القضائية واعتبر بودربالة انه لا مجال للخوف بما أن الرئيس أعلن عن آجال محددة للمواعيد السياسية المقبلة، مؤكدا على مساندته لأي مبادرة تسعى إلى إصلاح القضاء بما في ذلك مبادرة رئيس الجمهورية.
ومنذ اندلاع الازمة بين رئيس الجمهورية والقضاة وخاصة المجلس الأعلى للقضاء كانت مواقف عميد المحامين لافتة وفيها تأييد ضمني لكل قرارات الرئيس حيث اعتبر في تصريح اعلامي في نوفمبر الماضي أنّ اصلاح الوضع القضائي ووضع المجلس الأعلى للقضاء أصبح ضرورة ملحة وأن تغييره يتطلب جملة من الخطوات من بينها إصلاح القانون المنظّم للمجلس الأعلى للقضاء..، مشيرا إلى أنّ الهياكل الرسمية لمهنة المحامين غير ممثلة في المجلس ولا يمكن محاسبتهم من قبل أهل المهنة بما أنّ هذه التمثيلية تمّت عبر الانتخاب المباشر وهو ما يمنع المحاسبة، وفق تقديره.
لم تمض مواقف عميد المحامين التي تقف في الاغلب على يسار المجلس الأعلى للقضاء دون رد فعل من القضاة حيث عبّر رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر عن أسفه من تغير موقف عميد المحامين إبراهيم بودربالة بخصوص حل المجلس. وقال إن عميد المحامين لم يكن موقفه السابق مساندا لحل المجلس، حيث سبق وأفاد انه ضد إصلاح القضاء في ظل الظروف الاستثنائية، وفق تعبير بوزاخر الذي أردف بالقول انه يتمنى أن لا يكون موقف عميد المحامين على خلفية تموقع جديد، دون توضيح لما يقصده بهذا التموقع.
ولكن اللافت أيضا أن مواقف عميد المحامين في علاقة بمجلس القضاء لم تحظ بالإجماع المألوف بين المحامين حيث أيدها البعض ورفضها البعض الآخر وخاصة المحامين المحسوبين على حركة النهضة.