إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ماذا في الاجتماع الطارئ بين الحكومة واتحاد الشغل حول صندوق النقد الدولي؟

*صندوق النقد الدولي يشترط تشريك اتحاد الشغل في المفاوضات الحكومية

*تونس في حاجة إلى موافقة صندوق النقد الدولي للخروج من أزمتها الاقتصادية والمالية

تونس - الصباح

انعقد بقصر الحكومة بالقصبة، امس ، اجتماع ضم كل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزيرة المالية سهام البوغديري ومحافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي وأمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ولجنة ممثلة عن كل من البنك المركزي ووزارة المالية.

ويعد هذا الاجتماع الأول من نوعه خلال العام الجديد، والذي يضم احد الاطراف الاجتماعية المهمة، وهو اتحاد الشغل والذي سبق لممثلي صندوق النقد الدولي ان طالبوا بتواجده ضمن حوار الاصلاحات الاقتصادية والمالية المزمع تنفيذها في تونس خلال السنوات القادمة.

ويتزامن الاجتماع مع مساعي تونس لإيجاد صيغة للتوافق حول انطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ، والتي توقفت منذ 25 جويلية الماضي ، وهي خطوة تؤكد ان تونس ملتزمة في مسارها  الاصلاح الاجتماعي والاقتصادي الذي طالب به صندوق النقد الدولي منذ 2016.

واحيط الاجتماع المنعقد بين كافة الاطراف الفاعلة في الشان الاقتصادي والسياسي، ببعض الغموض، خاصة وان اتحاد الشغل لديه العديد من التحفظات في شان مطالب صندوق النقد الدولي والتي تهدف بعضها الى اعادة هيكلة المؤسسات العمومية والضغط على كتلة الاجور.

اتحاد الشغل يحذر

وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، قد اعلن في آخر ظهور اعلامي له بمدينة الحمامات عن وجود تداعيات اقتصادية واجتماعية خطرة ناجمة عن قانون المالية لسنة 2022.

وقال الطبوبي أن هذه التداعيات الناجمة عن قانون المالية لسنة 2022 "ستساهم في تدهور المقدرة الشرائية للمواطن، وتخلق توترات اجتماعية، في وقت تمر فيه البلاد باحداث خطيرة".

واعلنت الحكومة ممثلة في وزيرة المالية ميزانيتها لعام 2022، بعجز أولي متوقع باكثر من 8 مليار دينار ، اي 6.7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

وقال الامين العام لإتحاد الشغل ان "الهيئة الإدارية للاتحاد ستنظر خلال مؤتمر تعقده الشهر المقبل، في مسألة التخفيض في الأجور بنسبة 10 بالمائة، أو تجميدها، والرفع التدريجي للدعم على المواد الأساسية ورفع الدعم على المحروقات والكهرباء".

وتتصاعد حدة الضغوط الاقتصادية والمالية على تونس التي تواجه عجزا في ميزانية 2021 و2022 قدر باكثر من 20 مليار دينار ثلثها لتسديد الاقتراض الداخلي وثلث آخر لتسديد الديون الخارجية التي حلت آجال تسديدها.

ويعد الاجتماع الاخير بالقصبة بين نجلاء بودن ووزيرة المالية سهام البوغديري ومحافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي وأمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ، خطوة ايجابية هامة للوصول الى اتفاق بين الطرف الاجتماعي يضمن لتونس الحصول على موافقة صندوق النقد الدولي لتمويل عجز الميزانية الكي بلغ مستويات مقلقة حسب جل خبراء الاقتصاد.

تسريع نسق المفاوضات مع الصندوق

وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي ،قد دعا مؤخرا ، الحكومة الى التسريع في نسق الاصلاحات التي طلبتها المؤسسات المالية الدولية، وذلك في خطوة لاستئناف الحوار مع صندوق النقد الدولي  والحصول على قرض تحتاجه تونس لسد العجز في الميزانية

وكان صندوق النقد الدولي قد طالب الحكومات السابقة بحزمة من الاصلاحات، منذ 2016 وجدد تطبيقها موفى 2019 وتشمل الضغط على كتلة الاجور وتسريح الموظفين وتعبئة الإيرادات واحتواء الإنفاق الجاري لتخفيض عجز الميزانية، مع الحفاظ على الاستثمارات العامة وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض، وفرض سياسة نقدية صارمة لكبح التضخم، وتحسين مناخ الأعمال، وتوسيع فرص الحصول على التمويل للمؤسسات الخاصة، ومكافحة الفساد.

وبلغ العجز الاقتصادي المسجل مستوى خطير ،ارتفعت معه المديونية، وأصبح عجز التمويل يهدد مؤسسات الدولة ويجعلها غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها ، وهو الخطر الذي حذر منه اغلب الخبراء الفاعلين في الشان الاقتصادي والذين شددوا على ان لا يتجاوز العجز حاجز 7٪ خوفا من عدم امكانية حصول تونس على قروض خارجية من المؤسسات المالية العالمية.

تنازلات مصيرية

ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي ، فإنه من المتوقع ان يقف نمو الناتج المحلي الإجمالي عند 3.0٪ في عام 2021. ووفقًا لوزارة المالية ، انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 8.6٪ في عام 2020. وبلغ معدل البطالة ذروته (18٪ في نهاية عام 2020)، في حين كان الانتعاش في عام 2021 بطيئًا. في نهاية جوان 2021 ، وظل الناتج المحلي الإجمالي دون مستويات ما قبل الأزمة، حيث سجل ارتفاعا بنسبة 0.2٪ في الربع الأول من عام 2021 ، متاثرا بانخفاض النشاط الاقتصادي ، الذي لا يزال متأثرًا بالأزمة الصحية ، فيما سجل نسبة -2٪ في الربع الثاني من العام مقارنة بالربع الأول.

وعلى أساس سنوي ، كان الناتج المحلي الإجمالي في نهاية جوان 2021 قد سجل انتعاشًا تقنيًا بنسبة 16.2٪ بفضل رفع اجراءات الحجر الصحي تدريجيا وانتعاشة قطاعات الصناعة والخدمات ، في حين سجّل الاقتصاد الوطني نموا سنويا بنسبة 0.3 في المائة في حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021، وذلك مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2020 بحسب قياس النمو بحساب الانزلاق السنوي وذلك حسب آخر احصائيات المعهد الوطني للاحصاء.

وتظل الجهود اليوم منكبة بين وزارة المالية والبنك المركزي ، حول التسريع في نسق المفاوضات مع الشريك الاجتماعي الابرز اتحاد الشغل ، وذلك في خطوة للحصول على تنازلات تضمن لتونس موارد مالية مستعجلة من صندوق النقد الدولي الذي يعد الخيار الأخير لضمان التوازنات المالية للبلاد ، وعدم حصول اختلالات مالية قد تؤدي بتونس الى منعطف اقتصادي خطير يهدد بازمة مالية واقتصادية خانقة طويلة الامد.

سفيان المهداوي

ماذا في الاجتماع الطارئ بين الحكومة واتحاد الشغل حول صندوق النقد الدولي؟

*صندوق النقد الدولي يشترط تشريك اتحاد الشغل في المفاوضات الحكومية

*تونس في حاجة إلى موافقة صندوق النقد الدولي للخروج من أزمتها الاقتصادية والمالية

تونس - الصباح

انعقد بقصر الحكومة بالقصبة، امس ، اجتماع ضم كل من رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزيرة المالية سهام البوغديري ومحافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي وأمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ولجنة ممثلة عن كل من البنك المركزي ووزارة المالية.

ويعد هذا الاجتماع الأول من نوعه خلال العام الجديد، والذي يضم احد الاطراف الاجتماعية المهمة، وهو اتحاد الشغل والذي سبق لممثلي صندوق النقد الدولي ان طالبوا بتواجده ضمن حوار الاصلاحات الاقتصادية والمالية المزمع تنفيذها في تونس خلال السنوات القادمة.

ويتزامن الاجتماع مع مساعي تونس لإيجاد صيغة للتوافق حول انطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ، والتي توقفت منذ 25 جويلية الماضي ، وهي خطوة تؤكد ان تونس ملتزمة في مسارها  الاصلاح الاجتماعي والاقتصادي الذي طالب به صندوق النقد الدولي منذ 2016.

واحيط الاجتماع المنعقد بين كافة الاطراف الفاعلة في الشان الاقتصادي والسياسي، ببعض الغموض، خاصة وان اتحاد الشغل لديه العديد من التحفظات في شان مطالب صندوق النقد الدولي والتي تهدف بعضها الى اعادة هيكلة المؤسسات العمومية والضغط على كتلة الاجور.

اتحاد الشغل يحذر

وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، قد اعلن في آخر ظهور اعلامي له بمدينة الحمامات عن وجود تداعيات اقتصادية واجتماعية خطرة ناجمة عن قانون المالية لسنة 2022.

وقال الطبوبي أن هذه التداعيات الناجمة عن قانون المالية لسنة 2022 "ستساهم في تدهور المقدرة الشرائية للمواطن، وتخلق توترات اجتماعية، في وقت تمر فيه البلاد باحداث خطيرة".

واعلنت الحكومة ممثلة في وزيرة المالية ميزانيتها لعام 2022، بعجز أولي متوقع باكثر من 8 مليار دينار ، اي 6.7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

وقال الامين العام لإتحاد الشغل ان "الهيئة الإدارية للاتحاد ستنظر خلال مؤتمر تعقده الشهر المقبل، في مسألة التخفيض في الأجور بنسبة 10 بالمائة، أو تجميدها، والرفع التدريجي للدعم على المواد الأساسية ورفع الدعم على المحروقات والكهرباء".

وتتصاعد حدة الضغوط الاقتصادية والمالية على تونس التي تواجه عجزا في ميزانية 2021 و2022 قدر باكثر من 20 مليار دينار ثلثها لتسديد الاقتراض الداخلي وثلث آخر لتسديد الديون الخارجية التي حلت آجال تسديدها.

ويعد الاجتماع الاخير بالقصبة بين نجلاء بودن ووزيرة المالية سهام البوغديري ومحافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي وأمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ، خطوة ايجابية هامة للوصول الى اتفاق بين الطرف الاجتماعي يضمن لتونس الحصول على موافقة صندوق النقد الدولي لتمويل عجز الميزانية الكي بلغ مستويات مقلقة حسب جل خبراء الاقتصاد.

تسريع نسق المفاوضات مع الصندوق

وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي ،قد دعا مؤخرا ، الحكومة الى التسريع في نسق الاصلاحات التي طلبتها المؤسسات المالية الدولية، وذلك في خطوة لاستئناف الحوار مع صندوق النقد الدولي  والحصول على قرض تحتاجه تونس لسد العجز في الميزانية

وكان صندوق النقد الدولي قد طالب الحكومات السابقة بحزمة من الاصلاحات، منذ 2016 وجدد تطبيقها موفى 2019 وتشمل الضغط على كتلة الاجور وتسريح الموظفين وتعبئة الإيرادات واحتواء الإنفاق الجاري لتخفيض عجز الميزانية، مع الحفاظ على الاستثمارات العامة وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض، وفرض سياسة نقدية صارمة لكبح التضخم، وتحسين مناخ الأعمال، وتوسيع فرص الحصول على التمويل للمؤسسات الخاصة، ومكافحة الفساد.

وبلغ العجز الاقتصادي المسجل مستوى خطير ،ارتفعت معه المديونية، وأصبح عجز التمويل يهدد مؤسسات الدولة ويجعلها غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها ، وهو الخطر الذي حذر منه اغلب الخبراء الفاعلين في الشان الاقتصادي والذين شددوا على ان لا يتجاوز العجز حاجز 7٪ خوفا من عدم امكانية حصول تونس على قروض خارجية من المؤسسات المالية العالمية.

تنازلات مصيرية

ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي ، فإنه من المتوقع ان يقف نمو الناتج المحلي الإجمالي عند 3.0٪ في عام 2021. ووفقًا لوزارة المالية ، انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 8.6٪ في عام 2020. وبلغ معدل البطالة ذروته (18٪ في نهاية عام 2020)، في حين كان الانتعاش في عام 2021 بطيئًا. في نهاية جوان 2021 ، وظل الناتج المحلي الإجمالي دون مستويات ما قبل الأزمة، حيث سجل ارتفاعا بنسبة 0.2٪ في الربع الأول من عام 2021 ، متاثرا بانخفاض النشاط الاقتصادي ، الذي لا يزال متأثرًا بالأزمة الصحية ، فيما سجل نسبة -2٪ في الربع الثاني من العام مقارنة بالربع الأول.

وعلى أساس سنوي ، كان الناتج المحلي الإجمالي في نهاية جوان 2021 قد سجل انتعاشًا تقنيًا بنسبة 16.2٪ بفضل رفع اجراءات الحجر الصحي تدريجيا وانتعاشة قطاعات الصناعة والخدمات ، في حين سجّل الاقتصاد الوطني نموا سنويا بنسبة 0.3 في المائة في حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021، وذلك مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2020 بحسب قياس النمو بحساب الانزلاق السنوي وذلك حسب آخر احصائيات المعهد الوطني للاحصاء.

وتظل الجهود اليوم منكبة بين وزارة المالية والبنك المركزي ، حول التسريع في نسق المفاوضات مع الشريك الاجتماعي الابرز اتحاد الشغل ، وذلك في خطوة للحصول على تنازلات تضمن لتونس موارد مالية مستعجلة من صندوق النقد الدولي الذي يعد الخيار الأخير لضمان التوازنات المالية للبلاد ، وعدم حصول اختلالات مالية قد تؤدي بتونس الى منعطف اقتصادي خطير يهدد بازمة مالية واقتصادية خانقة طويلة الامد.

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews