تتزامن الذكرى التاسعة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد هذه المرة مع فترة التدابير الاستثنائية التي كان قد أقرها رئيس الجمهورية منذ 25 جويلية الماضي. وعمليا وانطلاقا من تصور مناصري دعاة كشف حقيقة الاغتيالات في تونس فإن حجة وجود حركة النهضة في السلطة، كطرف توجه له هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد ومحمد البراهمي اتهامات مباشرة وتحمله مسؤولية الاغتيال، قد سقطت ولم تعد هناك يد طائلة للحركة في التستر على الملفات ومنع الكشف عن حقيقة الاغتيالات في تونس والأطراف التي تقف وراءها.
وربما كان سقف الانتظارات عاليا في صفوف هيئة الدفاع عن الشهيدين بعد 25 جويلية اقتناعا بأن رئيس الجمهورية الذي أطاح بحركة النهضة من السلطة "سيجهز عليها" تحديدا بالمضي في استكمال مساعي هيئة الدفاع لتثبيت التهمة في حق حركة النهضة والكشف عن حقيقة الجهاز السري وإيقاف قيادات الحركة.
تأييد
ولعل ذلك ما يفسر مسارعة هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي مباشرة اثر إعلان الرئيس عن التدابير الاستثنائية لعقد ندوة صحفية أيدت فيها تسلم الرئيس للنيابة العامة، ووصفها القرار بالقانوني.
كما سلطت بالمناسبة الضوء على المشاكل القضائية والقانونية التي واجهت سير التحقيقات في جريمتي الاغتيال، واتهمت حركة النهضة بعرقلة سير التحقيقات للحيلولة دون الكشف عن هوية المتورطين.
وطالبت بفتح تحقيق في حركة النهضة بسبب "عرقلتها لسير التحقيقات والكشف عن المتورطين".
لكن اليوم وبعد مرور أكثر من 6 أشهر على تسلم رئيس الجمهورية كافة صلاحيات إدارة السلطة التنفيذية وتجميد البرلمان، لم يتحقق الكثير في ملف الاغتيالات. والمتابع للتصريحات حول هذا الملف يستشف تململا في صفوف مناصري الرئيس من تباطؤه في وقت يدفعه الكثيرون إلى الحسم ولا يلتمسون له العذر في عدم جعل الملفات التي تدين حركة النهضة ،في اعتقادهم، أولوية الأولويات وفي مقدمتها ملف الاغتيالات والتسفير والإرهاب.
أولويات الرئيس
هذا ما يعتقده وما ينتظره البعض لكن ماذا عن أولويات الرئيس؟ وهل يبدو متحمسا لاسيما في ملف الاغتيالات؟
تشير تحاليل إلى أن درجة تحمس وتعهد الرئيس قيس سعيد بملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي لا تبدو عالية ولا تتصدر اهتماماته على الأقل من خلال تصفح مضمون خطابه منذ 25 جويلية إلى اليوم.
اللافت أيضا أن سعيد لم يخرج علنا، كما فعل الراحل الباجي قائد السبسي، ليطلق تعهدات بكشف حقيقة الاغتيالات وإعلانها على رأس أولوياته لا في حملته الانتخابية ولا بعد توليه مقاليد السلطة ولا حتى اثر الإعلان عن التدابير الاستثنائية.
وغالبا ما تم التطرق للملف في مناسبات محددة إما لإحياء ذكرى اغتيال أحد الشهيدين أو عند حديثه عن ملف القضاء.
مواقف وتصريحات
كان موقف أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد بعد حادثة اغتيال بلعيد وقبل توليه الرئاسة يركز على أن "من دبر عملية اغتيال شكري بلعيد يريد إدخال تونس في حرب أهلية" مضيفا أنه "على جميع الأطراف التحلي بروح المسؤولية والتهدئة من أجل الوقوف على حقيقة ما جرى".
واثر وصوله إلى قصر قرطاج في انتخابات 2019 قال الرئيس بمناسبة إحياء الذكرى السابعة لاغتيال محمد البراهمي ولقائه بأرملته حينها، إن "دماء الشهداء لن تذهب هباء"، مجددا "حرصه على تطبيق القانون على الجميع" مؤكدا أنه "حريص على أن توفر الدولة كل إمكانياتها لكشف الحقيقة الكاملة لاغتيال البراهمي وبلعيد، وغيرهما من شهداء الوطن".
وفي تصريح لرئيس الجمهورية في نوفمبر الفارط خلال لقائه مع وزيرة العدل وضمن حديث مطول عن وضع القضاء والمجلس الأعلى للقضاء عرج على ملف الاغتيالات مؤكدا أنه "تم إخفاء العديد من الملفات من قبل بعض القضاة، على غرار ملفات تخص قضيتي بلعيد والبرهامي". متابعا "لدي الكثير من الوثائق التي تدين القضاة الذين أجرموا في حق المتقاضين".
وفي 21 جانفي الفارط تحركت وزيرة العدل للإذن للوكيل العام لمحكمة الاستئناف بفتح تحقيقاتٍ بشأن الجهاز السري وجاء القرار إثر شكاية تم تقديمها من طرف أحد أعضاء فريق الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ضدّ عدد من الأشخاص، في اتهامات تتعلَّق بأمن الدولة.
غير أن الوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف بتونس وجّهت مراسلة إلى وزيرة العدل حول تعذّر الاستجابة لطلبها نظرا لوجود تحقيق قضائي منشور في الغرض وسبق التعهّد به من طرف قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بأريانة بمقتضى مطلب "استجلاب" تم تقديمه في الغرض.
وقد اعتبر كثيرون تحرك وزيرة العدل بإذن من رئيس الجمهورية يندرج فقط في سياق امتصاص الغصب والرد على التململ والانتقادات في صفوف مؤيدي الرئيس.
م.ي
تونس-الصباح
تتزامن الذكرى التاسعة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد هذه المرة مع فترة التدابير الاستثنائية التي كان قد أقرها رئيس الجمهورية منذ 25 جويلية الماضي. وعمليا وانطلاقا من تصور مناصري دعاة كشف حقيقة الاغتيالات في تونس فإن حجة وجود حركة النهضة في السلطة، كطرف توجه له هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد ومحمد البراهمي اتهامات مباشرة وتحمله مسؤولية الاغتيال، قد سقطت ولم تعد هناك يد طائلة للحركة في التستر على الملفات ومنع الكشف عن حقيقة الاغتيالات في تونس والأطراف التي تقف وراءها.
وربما كان سقف الانتظارات عاليا في صفوف هيئة الدفاع عن الشهيدين بعد 25 جويلية اقتناعا بأن رئيس الجمهورية الذي أطاح بحركة النهضة من السلطة "سيجهز عليها" تحديدا بالمضي في استكمال مساعي هيئة الدفاع لتثبيت التهمة في حق حركة النهضة والكشف عن حقيقة الجهاز السري وإيقاف قيادات الحركة.
تأييد
ولعل ذلك ما يفسر مسارعة هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي مباشرة اثر إعلان الرئيس عن التدابير الاستثنائية لعقد ندوة صحفية أيدت فيها تسلم الرئيس للنيابة العامة، ووصفها القرار بالقانوني.
كما سلطت بالمناسبة الضوء على المشاكل القضائية والقانونية التي واجهت سير التحقيقات في جريمتي الاغتيال، واتهمت حركة النهضة بعرقلة سير التحقيقات للحيلولة دون الكشف عن هوية المتورطين.
وطالبت بفتح تحقيق في حركة النهضة بسبب "عرقلتها لسير التحقيقات والكشف عن المتورطين".
لكن اليوم وبعد مرور أكثر من 6 أشهر على تسلم رئيس الجمهورية كافة صلاحيات إدارة السلطة التنفيذية وتجميد البرلمان، لم يتحقق الكثير في ملف الاغتيالات. والمتابع للتصريحات حول هذا الملف يستشف تململا في صفوف مناصري الرئيس من تباطؤه في وقت يدفعه الكثيرون إلى الحسم ولا يلتمسون له العذر في عدم جعل الملفات التي تدين حركة النهضة ،في اعتقادهم، أولوية الأولويات وفي مقدمتها ملف الاغتيالات والتسفير والإرهاب.
أولويات الرئيس
هذا ما يعتقده وما ينتظره البعض لكن ماذا عن أولويات الرئيس؟ وهل يبدو متحمسا لاسيما في ملف الاغتيالات؟
تشير تحاليل إلى أن درجة تحمس وتعهد الرئيس قيس سعيد بملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي لا تبدو عالية ولا تتصدر اهتماماته على الأقل من خلال تصفح مضمون خطابه منذ 25 جويلية إلى اليوم.
اللافت أيضا أن سعيد لم يخرج علنا، كما فعل الراحل الباجي قائد السبسي، ليطلق تعهدات بكشف حقيقة الاغتيالات وإعلانها على رأس أولوياته لا في حملته الانتخابية ولا بعد توليه مقاليد السلطة ولا حتى اثر الإعلان عن التدابير الاستثنائية.
وغالبا ما تم التطرق للملف في مناسبات محددة إما لإحياء ذكرى اغتيال أحد الشهيدين أو عند حديثه عن ملف القضاء.
مواقف وتصريحات
كان موقف أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد بعد حادثة اغتيال بلعيد وقبل توليه الرئاسة يركز على أن "من دبر عملية اغتيال شكري بلعيد يريد إدخال تونس في حرب أهلية" مضيفا أنه "على جميع الأطراف التحلي بروح المسؤولية والتهدئة من أجل الوقوف على حقيقة ما جرى".
واثر وصوله إلى قصر قرطاج في انتخابات 2019 قال الرئيس بمناسبة إحياء الذكرى السابعة لاغتيال محمد البراهمي ولقائه بأرملته حينها، إن "دماء الشهداء لن تذهب هباء"، مجددا "حرصه على تطبيق القانون على الجميع" مؤكدا أنه "حريص على أن توفر الدولة كل إمكانياتها لكشف الحقيقة الكاملة لاغتيال البراهمي وبلعيد، وغيرهما من شهداء الوطن".
وفي تصريح لرئيس الجمهورية في نوفمبر الفارط خلال لقائه مع وزيرة العدل وضمن حديث مطول عن وضع القضاء والمجلس الأعلى للقضاء عرج على ملف الاغتيالات مؤكدا أنه "تم إخفاء العديد من الملفات من قبل بعض القضاة، على غرار ملفات تخص قضيتي بلعيد والبرهامي". متابعا "لدي الكثير من الوثائق التي تدين القضاة الذين أجرموا في حق المتقاضين".
وفي 21 جانفي الفارط تحركت وزيرة العدل للإذن للوكيل العام لمحكمة الاستئناف بفتح تحقيقاتٍ بشأن الجهاز السري وجاء القرار إثر شكاية تم تقديمها من طرف أحد أعضاء فريق الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ضدّ عدد من الأشخاص، في اتهامات تتعلَّق بأمن الدولة.
غير أن الوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف بتونس وجّهت مراسلة إلى وزيرة العدل حول تعذّر الاستجابة لطلبها نظرا لوجود تحقيق قضائي منشور في الغرض وسبق التعهّد به من طرف قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بأريانة بمقتضى مطلب "استجلاب" تم تقديمه في الغرض.
وقد اعتبر كثيرون تحرك وزيرة العدل بإذن من رئيس الجمهورية يندرج فقط في سياق امتصاص الغصب والرد على التململ والانتقادات في صفوف مؤيدي الرئيس.