في مشهد سياسي بات يتسم بالركود والجمود رغم المحاولات اليائسة لأغلب القوى السياسية لكسر هذه الرتابة والعمل على صنع أحداث لافتة ومثيرة على هامش حدث 25 جويلية الذي بات مسيطرا على الحياة السياسية..، نجحت رئيسة الحزب الدستوري الحرّ ، عبير موسي، في استعادة الأضواء التي انحسرت عنها في المدة التي أعقبت اعلان التدابير الاستثنائية والتي كاد أن يحتكرها بالكامل رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وفي عودتها لاستقطاب الأضواء ركزت موسي على أن تصعّد في وتيرة الهجومات ضد قيس سعيد الذي ينازعها الشعبية بقوة اليوم في عمليات سبر الآراء، ورغم تعثّر مسار 25 جويلية إلى حدّ الآن، إلا أن رئيس الجمهورية ما زال يحظى بثقة أغلبية التونسيين، ويمثل عقبة مهمة أمام المحاولات المتكررة لعبير موسي وحزبها لاجتياح الساحة السياسية والوصول الى الحكم بأغلبية ساحقة.
اليوم وبنفس الأدوات التي استنزفت بها حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي تسعى موسي الى هز صورة سعيد أمام التونسيين وإبراز مدى فشله في معالجة الملفات المهمة في اطار معركة سياسية تدرك موسي انها قد تكون بالنسبة لها آخر جولة في حرب الوصول الى الحكم وهو الهدف الذي ظلت تلاحقه دون هوادة ودون يأس منذ ما بعد الثورة.. ونجحت اليوم أن تقترب منها بشكل غير مسبوق، خاصة وأن قيس سعيد بتجميده للبرلمان اختصر عليها مسافات طويلة في انهاك واستنزاف حركة النهضة التي تجاوزتها الأحداث ومن الصعب اليوم أن تستعيد مكانتها السابقة رغم محاولاتها المتكررة...، وموسي رغم أنها لم تعارض في البداية إجراءات 25 جويلية ولم تعتبرها انقلابا كما ترى حركة النهضة وحلفائها الا أنها تؤكد كل مرة أنها ستساند قيس سعيد علنا لو أقدم على خطوة التخلّص ممن تصفهم بالإسلام وقام بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
حيث أن انشغال عبير موسي اليوم بمهاجمة سعيد لم ينسيها معركتها الأصلية مع حركة النهضة التي تحاول تركها متواصلة من خلال الاعتصام أمام مقر الاتحاد الدولي للعلماء المسلمين فرع تونس.
قضايا ضد قيس سعيد
أكدت عبير موسي في آخر ظهور تلفزي لها على قناة التاسعة أنها سترفع قضية ضد الاستشارة الالكترونية التي اطلقها قيس سعيد لمعرفة توجهات الرأي العام وقد انتقدتها موسي واصفة رئيس الجمهورية بالتستّر خلفها، كما انتقدت الصلح الجزائي الذي ينوي رئيس الجمهورية اقراره في مرسوم وقالت أنه أتعس من العدالة الانتقالية التي أشرفت عليها سهام بن سدرين، وفق تعبيرها.
وليست المرة الأولى التي تتوعد فيها عبير موسي بمقاضاة سعيد حيث أعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحرّ في أكتوبر الماضي اعتزامها تقديم شكاية قضائية ضد رئيس الجمهورية قيس سعيّد بتهمة التستّر والمشاركة في تعنيفها بالبرلمان في حادثة الاعتداء عليها من قبل النائب صحبي سمارة في جوان الفارط. وشددت موسي على أنّه رغم علم رئيس الجمهورية بمخطط تعنيفها قبل ثلاثة أيّام إلا أنه لم يتدخّل ولم يوفر لها حماية أمنية، مشيرة إلى أنها ستتقدم بشكاية على معنى قانون العنف ضد المرأة. وتوجّهت للرئيس قيس سعيد في ذلك الفيديو بالقول "اليوم أنت رئيس ولديك حصانة ولكن تأكّد أنه فور مغادرتك الرئاسة ستجد شكاياتي لدى القضاء في انتظارك".
الاشتراك في معاداة الإسلام السياسي ولكن..
قد يبدو للوهلة الأولى أن القاسم المشترك بين عبير موسي وقيس سعيد هو تبنيهما لنفس الموقف من الإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة، غير أن عبير موسي لا تريد ان ينازعها الرئيس في هذه الورقة السياسية التي ربحت بها نقاطا مهمة في معركتها السياسية مع حركة النهضة اذ تصر رئيسة الحزب الدستوري الحر أن "قيس سعيد لا يملك مشكلة مع الاسلام السياسي بل مع بعض الأشخاص التي يخوض معها معركة شخصية". كما وصفت معركة الغنوشي وقيس سعيد بـ"الشخصية" دون أن تفصح عن خلفيات هذه المعركة الشخصية كما أكدت موسي أن هناك جرائم عديدة تخص راشد الغنوشي وتنظيمه وقالت "وفي دولة تحترم نفسها تحاسبه بتهمة الإرهاب".
بورقيبة "الأصل التجاري" المتنازع عليه
بعد المكالمة الهاتفية التي جمعت رئيس الجمهورية قيس سعيد والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي بمناسبة الذكرى 44 لأحداث ما يسمى بالخميس الأسود وقال خلالها سعيد أنه "من حق الشعب التونسي أن يعرف الحقائق كلّها ولو بعد عقود بالرغم من أن البعض مازال يهزّه الحنين إلى تلك الأيام الحالكة ويعتبرها ناصعة بالرغم من سقوط مئات الشهداء وإصابة عدد كبير من الجرحى ،"ردت عبير موسي على ذلك بغضب في فيديو نشرته على صفحتها الرسمية قالت فيه أن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة "خط أحمر"، مؤكدة أن الفترة الحالكة التي تحدث عنها الرئيس هي التي تعيشها تونس اليوم قائلة "بورقيبة سجن وضحى من اجل التونسيين ولم يضع التونسيين في الوضع الحالك الذي تعيشه تونس اليوم".
ورغم ان قيس سعيد أبدى في اكثر من مناسبة اعجابا بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الا أن عبير موسي استغلت اول تصريح منتقدا لسياسات بورقيبة حتى تهاجمه بشدة وتجرده من صورة حاول يرسمها لنفسه وهو أنه رئيس يسير على خطى بورقيبة وهو ما قد يشكل ازعاجا لعبير موسي التي تطرح نفسها دوما كامتداد للحزب الدستوري من بورقيبة الى بن علي.
ودون شك أن الصراع بين رئيس الجمهورية وعبير موسي مرشح ليبلغ ذروته في المرحلة القادمة رغم أن قيس سعيد وعلى غير العادة مع بقية خصومه يتجاهل موسي ولا ينتقدها ابدا في تصريحاته ويتعامل وكأنها غير موجودة، غير أنه من المؤكد أن الصراع على السلطة يفترض أن يطيح أحدهما بالآخر فالحكم لا يحتملهما معا.
منية العرفاوي
صور: منير بن إبراهيم
تونس – الصباح
في مشهد سياسي بات يتسم بالركود والجمود رغم المحاولات اليائسة لأغلب القوى السياسية لكسر هذه الرتابة والعمل على صنع أحداث لافتة ومثيرة على هامش حدث 25 جويلية الذي بات مسيطرا على الحياة السياسية..، نجحت رئيسة الحزب الدستوري الحرّ ، عبير موسي، في استعادة الأضواء التي انحسرت عنها في المدة التي أعقبت اعلان التدابير الاستثنائية والتي كاد أن يحتكرها بالكامل رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وفي عودتها لاستقطاب الأضواء ركزت موسي على أن تصعّد في وتيرة الهجومات ضد قيس سعيد الذي ينازعها الشعبية بقوة اليوم في عمليات سبر الآراء، ورغم تعثّر مسار 25 جويلية إلى حدّ الآن، إلا أن رئيس الجمهورية ما زال يحظى بثقة أغلبية التونسيين، ويمثل عقبة مهمة أمام المحاولات المتكررة لعبير موسي وحزبها لاجتياح الساحة السياسية والوصول الى الحكم بأغلبية ساحقة.
اليوم وبنفس الأدوات التي استنزفت بها حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي تسعى موسي الى هز صورة سعيد أمام التونسيين وإبراز مدى فشله في معالجة الملفات المهمة في اطار معركة سياسية تدرك موسي انها قد تكون بالنسبة لها آخر جولة في حرب الوصول الى الحكم وهو الهدف الذي ظلت تلاحقه دون هوادة ودون يأس منذ ما بعد الثورة.. ونجحت اليوم أن تقترب منها بشكل غير مسبوق، خاصة وأن قيس سعيد بتجميده للبرلمان اختصر عليها مسافات طويلة في انهاك واستنزاف حركة النهضة التي تجاوزتها الأحداث ومن الصعب اليوم أن تستعيد مكانتها السابقة رغم محاولاتها المتكررة...، وموسي رغم أنها لم تعارض في البداية إجراءات 25 جويلية ولم تعتبرها انقلابا كما ترى حركة النهضة وحلفائها الا أنها تؤكد كل مرة أنها ستساند قيس سعيد علنا لو أقدم على خطوة التخلّص ممن تصفهم بالإسلام وقام بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
حيث أن انشغال عبير موسي اليوم بمهاجمة سعيد لم ينسيها معركتها الأصلية مع حركة النهضة التي تحاول تركها متواصلة من خلال الاعتصام أمام مقر الاتحاد الدولي للعلماء المسلمين فرع تونس.
قضايا ضد قيس سعيد
أكدت عبير موسي في آخر ظهور تلفزي لها على قناة التاسعة أنها سترفع قضية ضد الاستشارة الالكترونية التي اطلقها قيس سعيد لمعرفة توجهات الرأي العام وقد انتقدتها موسي واصفة رئيس الجمهورية بالتستّر خلفها، كما انتقدت الصلح الجزائي الذي ينوي رئيس الجمهورية اقراره في مرسوم وقالت أنه أتعس من العدالة الانتقالية التي أشرفت عليها سهام بن سدرين، وفق تعبيرها.
وليست المرة الأولى التي تتوعد فيها عبير موسي بمقاضاة سعيد حيث أعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحرّ في أكتوبر الماضي اعتزامها تقديم شكاية قضائية ضد رئيس الجمهورية قيس سعيّد بتهمة التستّر والمشاركة في تعنيفها بالبرلمان في حادثة الاعتداء عليها من قبل النائب صحبي سمارة في جوان الفارط. وشددت موسي على أنّه رغم علم رئيس الجمهورية بمخطط تعنيفها قبل ثلاثة أيّام إلا أنه لم يتدخّل ولم يوفر لها حماية أمنية، مشيرة إلى أنها ستتقدم بشكاية على معنى قانون العنف ضد المرأة. وتوجّهت للرئيس قيس سعيد في ذلك الفيديو بالقول "اليوم أنت رئيس ولديك حصانة ولكن تأكّد أنه فور مغادرتك الرئاسة ستجد شكاياتي لدى القضاء في انتظارك".
الاشتراك في معاداة الإسلام السياسي ولكن..
قد يبدو للوهلة الأولى أن القاسم المشترك بين عبير موسي وقيس سعيد هو تبنيهما لنفس الموقف من الإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة، غير أن عبير موسي لا تريد ان ينازعها الرئيس في هذه الورقة السياسية التي ربحت بها نقاطا مهمة في معركتها السياسية مع حركة النهضة اذ تصر رئيسة الحزب الدستوري الحر أن "قيس سعيد لا يملك مشكلة مع الاسلام السياسي بل مع بعض الأشخاص التي يخوض معها معركة شخصية". كما وصفت معركة الغنوشي وقيس سعيد بـ"الشخصية" دون أن تفصح عن خلفيات هذه المعركة الشخصية كما أكدت موسي أن هناك جرائم عديدة تخص راشد الغنوشي وتنظيمه وقالت "وفي دولة تحترم نفسها تحاسبه بتهمة الإرهاب".
بورقيبة "الأصل التجاري" المتنازع عليه
بعد المكالمة الهاتفية التي جمعت رئيس الجمهورية قيس سعيد والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي بمناسبة الذكرى 44 لأحداث ما يسمى بالخميس الأسود وقال خلالها سعيد أنه "من حق الشعب التونسي أن يعرف الحقائق كلّها ولو بعد عقود بالرغم من أن البعض مازال يهزّه الحنين إلى تلك الأيام الحالكة ويعتبرها ناصعة بالرغم من سقوط مئات الشهداء وإصابة عدد كبير من الجرحى ،"ردت عبير موسي على ذلك بغضب في فيديو نشرته على صفحتها الرسمية قالت فيه أن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة "خط أحمر"، مؤكدة أن الفترة الحالكة التي تحدث عنها الرئيس هي التي تعيشها تونس اليوم قائلة "بورقيبة سجن وضحى من اجل التونسيين ولم يضع التونسيين في الوضع الحالك الذي تعيشه تونس اليوم".
ورغم ان قيس سعيد أبدى في اكثر من مناسبة اعجابا بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الا أن عبير موسي استغلت اول تصريح منتقدا لسياسات بورقيبة حتى تهاجمه بشدة وتجرده من صورة حاول يرسمها لنفسه وهو أنه رئيس يسير على خطى بورقيبة وهو ما قد يشكل ازعاجا لعبير موسي التي تطرح نفسها دوما كامتداد للحزب الدستوري من بورقيبة الى بن علي.
ودون شك أن الصراع بين رئيس الجمهورية وعبير موسي مرشح ليبلغ ذروته في المرحلة القادمة رغم أن قيس سعيد وعلى غير العادة مع بقية خصومه يتجاهل موسي ولا ينتقدها ابدا في تصريحاته ويتعامل وكأنها غير موجودة، غير أنه من المؤكد أن الصراع على السلطة يفترض أن يطيح أحدهما بالآخر فالحكم لا يحتملهما معا.