رغم وضوح المواعيد المقررة التي أعلن عنها رئيس الدولة يوم 13 ديسمبر المنقضي - وهي بمثابة خارطة طريق وتسقيف للتدابير الاستثنائية- إلا أن تفاصيل كيفية تطبيقها وهوية الأشخاص والمؤسسات التي ستشرف عليها ما يزال أمرا غير معلوم على غرار مهمة لجنة الإصلاح التي سيكون عليها تأليف نتائج الاستشارة وتكييفها في شكل مقترحات قوانين وإصلاحات دستورية قبل أن يتم المرور إلى عرضها على استفتاء شعبي يوم 25 جويلية المقبل.
وفي هذا السياق توقّع خبير القانون الدستوري أمين محفوظ (واحد من بين ثلاثة خبراء في القانون دأب رئيس الجمهورية قيس سعيد على استشارتهم) خلال حوار مع قناة التاسعة بث ليلة الجمعة الماضي، أن تركيبة لجنة الإصلاح السياسي التي من المقرر أن يتم تشكيلها وتنظيم مهامها بأمر رئاسي قريبا وفقا للفصل 22 من الأمر الرئاسي عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية المؤرخ في 22 سبتمبر 2021، قد تكون مضيقة ومحدودة العدد.
وأوضح محفوظ أنه وخبيري القانون الدستوري العميد الصادق بلعيد ومحمد صالح بنعيسى، اقترحوا على سعيّد تشكيل لجنة مصغّرة تشرف على تأليف مخارج الاستشارة الالكترونية التي ستنطلق يوم 15 جانفي الجاري، مجددا تأكيده أنه لا يعلم تحديدا ما إذا كان رئيس الجمهورية سيختاره من بين الخبراء والشخصيات التي ستكون لجنة الإصلاح.
ورغم أن الكلمة الأخيرة في ما يتعلق بمهام اللجنة وتركيبتها، ومدى انفتاحها على المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات الوطنية لتشريكها في مشاريع الإصلاح المقررة، إلا أن تصريح محفوظ يمكن أن يعطي فكرة ولو في الشكل عن تركيبة اللجنة التي قد لا يتجاوز عدد أعضائها أصابع اليد الواحدة. وقد يكون العدد الجملي فرديا، تسعة أو سبعة، مع إمكانية أن يكون للجنة رئيس حتى تعمل بأريحية وتتخذ قراراتها بالأغلبية في صورة الاختلاف على بعض التوجهات والقرارات..
لكن اللافت للنظر أن قرارات اللجنة لن تكون في كل الحالات تقريرية بمعنى أنها ستكون استشارية ولرئيس الجمهورية القرار الأخير وليس عليه الأخذ بجل التوصيات التي ستتخذها اللجنة المذكورة، التي ستعمل على تأليف حزمة من الإصلاحات السياسية والدستورية والتشريعية انطلاقا من نتائج الاستشارة الشعبية الالكترونية المثيرة للجدل.
علما أن الفصل 22 من الأمر الرئاسي 117 ينص على أن رئيس الجمهورية "يتولى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي".
ومن غير الواضح كيف سيتم الاختيار على أعضاء اللجنة وهوية الشخصية التي سترأسها أو عن هوية الخبراء الذين ستتم دعوتهم للانضمام إلى اللجنة وشروط اختيارهم، وما إذا سيتم تنويع أعضاء اللجنة لتشمل خبراء آخرين دون اختصاص القانون الدستوري على غرار اختصاصات الاقتصاد وعلم الاجتماع والإعلام، فضلا عن تشريك ممثلين عن منظمات وطنية ونقابات ومجتمع مدني..؟
ووفق تصريحات سابقة أدلى بها أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ فإن الاستشارة الالكترونية ستتم بالتزامن مع لقاءات في المعتمديات مع الناس من خلال عمليات تواصل مباشر مع المواطنين. وشدّد على ضرورة الالتزام بغاية الإصلاحات التي يجب أن تهدف إلى إرساء دولة القانون والمؤسسات، وفق الفصل 22 من الأمر 117.. وذلك في علاقة بأعضاء اللجنة التي ستشرف على الاستشارة الالكترونية. كما شدّد على ضرورة تغيير قانون الأحزاب قبل المرور إلى الاستفتاء.
وقال محفوظ أيضا إن دور لجنة الإصلاح السياسي لن يكتفي بالإصلاحات الدستورية فقط، بل إنه سيشمل مراجعة كل ما يتعلق بالمناخ السياسي، وأوضح أنه ووفقا للإجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية، سيتم إصلاح القانون الانتخابي وقانون الأحزاب وسبر الآراء، بمراسيم وباستشارة لجنة الخبراء التي سيتم تكوينها.
وعما إذا كان هذا الدستور سينص على ''البناء القاعدي''، طمأن أمين محفوظ بقوله: ''هذا مستبعد جدا، لم نتعرض لهذا في اجتماعاتنا''. مضيفا: ''نحن مساندون لدولة القانون والمؤسسات، وجوهر المشروع ضمان الحقوق والحريات بشكل واضح ومبدأ التفريق بين السلط والتوازن بينها''.
وأوضح أن تكييف النظام السياسي في هذا الدستور بأن يكون نظاما برلمانيا أو رئاسيا ''سابق لأوانه''. مشددا على أن ''الهدف هو تخليص المنظومة الدستورية من كل ما هو معقد.. نريد صياغة نص مبسط، واضح وقابل للتطبيق''.
وتعتبر الإصلاحات السياسية جوهر حراك 25 جويلية ومحركها الأساسي وهي من أبرز أهداف تطبيق الرئيس سعيد الفصل 80 من الدستور وإعلان حالة التدابير الاستثنائية في البلاد. علما أن خارطة الإصلاحات ستنطلق باستشارة الكترونية شعبية مفتوحة للعموم خلال الفترة من 15جانفي إلى 20 مارس، ثم يأتي دور لجنة الإصلاح السياسي التي ستقوم بدور تجميع مقترحات التونسيين المشاركين في عملية الاستفتاء الالكتروني وتوحيدها وتجسيم آراء الأغلبية في مشاريع مراسيم تشريعية أو مراسيم إصلاح دستوري، وينتهي عملها يوم قبل نهاية جوان 2022 قبل أن يتم عرض مشاريع المراسيم المقترحة منها القانون الانتخابي على استفتاء شعبي مباشر يوم 25 جويلية 2022، ثم يتم المرور إلى تنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر على ضوء نتائج الاستفتاء الشعبي..
وكان رئيس الدولة قيس سعيد قد قال في آخر لقاء جمعه مع أساتذة القانون الدستوري العميد الصادق بلعيد، والعميد محمد صالح بن عيسى وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، بتاريخ 9 ديسمبر الماضي، أن "الطريق صارت واضحة وهي العودة إلى الشعب بطريقة جديدة ومختلفة تماما، ولا بدّ من حلّ قانوني يستند إلى إرادة الشعب وسيادته".
رفيق
تونس- الصباح
رغم وضوح المواعيد المقررة التي أعلن عنها رئيس الدولة يوم 13 ديسمبر المنقضي - وهي بمثابة خارطة طريق وتسقيف للتدابير الاستثنائية- إلا أن تفاصيل كيفية تطبيقها وهوية الأشخاص والمؤسسات التي ستشرف عليها ما يزال أمرا غير معلوم على غرار مهمة لجنة الإصلاح التي سيكون عليها تأليف نتائج الاستشارة وتكييفها في شكل مقترحات قوانين وإصلاحات دستورية قبل أن يتم المرور إلى عرضها على استفتاء شعبي يوم 25 جويلية المقبل.
وفي هذا السياق توقّع خبير القانون الدستوري أمين محفوظ (واحد من بين ثلاثة خبراء في القانون دأب رئيس الجمهورية قيس سعيد على استشارتهم) خلال حوار مع قناة التاسعة بث ليلة الجمعة الماضي، أن تركيبة لجنة الإصلاح السياسي التي من المقرر أن يتم تشكيلها وتنظيم مهامها بأمر رئاسي قريبا وفقا للفصل 22 من الأمر الرئاسي عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية المؤرخ في 22 سبتمبر 2021، قد تكون مضيقة ومحدودة العدد.
وأوضح محفوظ أنه وخبيري القانون الدستوري العميد الصادق بلعيد ومحمد صالح بنعيسى، اقترحوا على سعيّد تشكيل لجنة مصغّرة تشرف على تأليف مخارج الاستشارة الالكترونية التي ستنطلق يوم 15 جانفي الجاري، مجددا تأكيده أنه لا يعلم تحديدا ما إذا كان رئيس الجمهورية سيختاره من بين الخبراء والشخصيات التي ستكون لجنة الإصلاح.
ورغم أن الكلمة الأخيرة في ما يتعلق بمهام اللجنة وتركيبتها، ومدى انفتاحها على المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات الوطنية لتشريكها في مشاريع الإصلاح المقررة، إلا أن تصريح محفوظ يمكن أن يعطي فكرة ولو في الشكل عن تركيبة اللجنة التي قد لا يتجاوز عدد أعضائها أصابع اليد الواحدة. وقد يكون العدد الجملي فرديا، تسعة أو سبعة، مع إمكانية أن يكون للجنة رئيس حتى تعمل بأريحية وتتخذ قراراتها بالأغلبية في صورة الاختلاف على بعض التوجهات والقرارات..
لكن اللافت للنظر أن قرارات اللجنة لن تكون في كل الحالات تقريرية بمعنى أنها ستكون استشارية ولرئيس الجمهورية القرار الأخير وليس عليه الأخذ بجل التوصيات التي ستتخذها اللجنة المذكورة، التي ستعمل على تأليف حزمة من الإصلاحات السياسية والدستورية والتشريعية انطلاقا من نتائج الاستشارة الشعبية الالكترونية المثيرة للجدل.
علما أن الفصل 22 من الأمر الرئاسي 117 ينص على أن رئيس الجمهورية "يتولى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي".
ومن غير الواضح كيف سيتم الاختيار على أعضاء اللجنة وهوية الشخصية التي سترأسها أو عن هوية الخبراء الذين ستتم دعوتهم للانضمام إلى اللجنة وشروط اختيارهم، وما إذا سيتم تنويع أعضاء اللجنة لتشمل خبراء آخرين دون اختصاص القانون الدستوري على غرار اختصاصات الاقتصاد وعلم الاجتماع والإعلام، فضلا عن تشريك ممثلين عن منظمات وطنية ونقابات ومجتمع مدني..؟
ووفق تصريحات سابقة أدلى بها أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ فإن الاستشارة الالكترونية ستتم بالتزامن مع لقاءات في المعتمديات مع الناس من خلال عمليات تواصل مباشر مع المواطنين. وشدّد على ضرورة الالتزام بغاية الإصلاحات التي يجب أن تهدف إلى إرساء دولة القانون والمؤسسات، وفق الفصل 22 من الأمر 117.. وذلك في علاقة بأعضاء اللجنة التي ستشرف على الاستشارة الالكترونية. كما شدّد على ضرورة تغيير قانون الأحزاب قبل المرور إلى الاستفتاء.
وقال محفوظ أيضا إن دور لجنة الإصلاح السياسي لن يكتفي بالإصلاحات الدستورية فقط، بل إنه سيشمل مراجعة كل ما يتعلق بالمناخ السياسي، وأوضح أنه ووفقا للإجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية، سيتم إصلاح القانون الانتخابي وقانون الأحزاب وسبر الآراء، بمراسيم وباستشارة لجنة الخبراء التي سيتم تكوينها.
وعما إذا كان هذا الدستور سينص على ''البناء القاعدي''، طمأن أمين محفوظ بقوله: ''هذا مستبعد جدا، لم نتعرض لهذا في اجتماعاتنا''. مضيفا: ''نحن مساندون لدولة القانون والمؤسسات، وجوهر المشروع ضمان الحقوق والحريات بشكل واضح ومبدأ التفريق بين السلط والتوازن بينها''.
وأوضح أن تكييف النظام السياسي في هذا الدستور بأن يكون نظاما برلمانيا أو رئاسيا ''سابق لأوانه''. مشددا على أن ''الهدف هو تخليص المنظومة الدستورية من كل ما هو معقد.. نريد صياغة نص مبسط، واضح وقابل للتطبيق''.
وتعتبر الإصلاحات السياسية جوهر حراك 25 جويلية ومحركها الأساسي وهي من أبرز أهداف تطبيق الرئيس سعيد الفصل 80 من الدستور وإعلان حالة التدابير الاستثنائية في البلاد. علما أن خارطة الإصلاحات ستنطلق باستشارة الكترونية شعبية مفتوحة للعموم خلال الفترة من 15جانفي إلى 20 مارس، ثم يأتي دور لجنة الإصلاح السياسي التي ستقوم بدور تجميع مقترحات التونسيين المشاركين في عملية الاستفتاء الالكتروني وتوحيدها وتجسيم آراء الأغلبية في مشاريع مراسيم تشريعية أو مراسيم إصلاح دستوري، وينتهي عملها يوم قبل نهاية جوان 2022 قبل أن يتم عرض مشاريع المراسيم المقترحة منها القانون الانتخابي على استفتاء شعبي مباشر يوم 25 جويلية 2022، ثم يتم المرور إلى تنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر على ضوء نتائج الاستفتاء الشعبي..
وكان رئيس الدولة قيس سعيد قد قال في آخر لقاء جمعه مع أساتذة القانون الدستوري العميد الصادق بلعيد، والعميد محمد صالح بن عيسى وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، بتاريخ 9 ديسمبر الماضي، أن "الطريق صارت واضحة وهي العودة إلى الشعب بطريقة جديدة ومختلفة تماما، ولا بدّ من حلّ قانوني يستند إلى إرادة الشعب وسيادته".