نظم أمس مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي ندوة علمية تحت عنوان "إصلاح القضاء زمن حالة الاستثناء رهانات أم مخاوف؟"
وقد أجمع جل المتدخلين على أن القضاء يحتاج إلى الإصلاح ولكن ليس بصفة أحادية بل تشاركية من هياكل المهنة.
من جهته أكد وسيم المرداسي ممثلا عن جمعية المحامين الشبان انه على رئيس الدولة ووزيرة العدل توضيح تصورهما حول إصلاح القضاء بتقديم مشروع لمناقشته وعرضه على هياكل المهنة من محامين وقضاة ومتداخلين في الشأن القضائي ليكون التصور واضحا وتكون خارطة الطريق واضحة لإيجاد بديل للمجلس الأعلى للقضاء أو البناء على ما هو موجود معبرا عن أمله في أن يتم الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف لعدم الزج بالبلاد وبالمرفق القضائي في أي نزاع سياسي والذهاب نحو الإصلاح الجذري وتجاوز الهنات السابقة.
وأكد أن هياكل المحاماة مستعدة للتشاور وإبداء رأيها وعرض مشاريع واقتراحات لتحقيق قضاء مستقل وناجز يحفظ حقوق المواطنين.
أما ليلي الدوس مساعد وكيل الجمهورية وكاتب عام جمعية القضاة الشبان فقد أكدت على ضرورة إصلاح المنظومة القضائية خاصة وأن هناك هنات حسب رأيها يشكو منها القضاء منذ سنة 1959 لكنها ترى في نفس الوقت ان الإصلاح لا يكون بطريقة غير مدروسة بل بتنقيح القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء وذلك بالاقتصار على قضاة منتخبين وبان يكون للأعضاء المنتخبين بالصفة دور استشاري فقط داخل المجلس حتى نبتعد عن تسييس المجلس كذلك من واجب التفقدية العامة بوزارة العدل القيام بدورها وإحالة الملفات التي بحوزتها إلى المجلس وجعل كذلك المجلس مفتوحا للجميع لإيصال تظلماتهم حتى نحقق سلطة قضائية عادلة.
واعتبرت رفقة المباركي رئيسة اتحاد القضاة الإداريين انه منذ 2011 إلى اليوم لم يكن إصلاح القضاء ضمن أولويات السلطة التنفيذية أو التشريعية بسبب محاولة وضع اليد على القضاء وتطويعه لفائدة السلطة السياسية مضيفة أن القضاء لا يزال يعاني من هنات ومشاكل أهمها القضايا المتراكمة وعدم قدرة القضاة على الفصل فيها في الآجال المعقولة، فضلا عن ذلك فإن أحكام الدستور لم تفعل إلى اليوم كعدم تنقيح القوانين الأساسية وعدم تفعيل مجلة القضاء الإداري مضيفة أنه لا يزال أمامنا مشوار طويل حتى نحقق قضاء ناجزا وفعالا يعيد الثقة للمواطن، مؤكدة أن الأشكال ليس في المنظومة القانونية بل في عدم وجود إرادة سياسية حقيقية من السلطة التنفيذية في إصلاح القضاء والاستثمار فيه بتحسين البنية التحتية للمحاكم وانتداب القضاة ورقمنة المحاكم.
وأضافت أن متطلبات الإصلاح تقتضي مراجعة القوانين وتفعيل أحكام الدستور وجوانب الإصلاح لا تشمل فقط تنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء لأن المنظومة القانونية لا تختزل في المجلس فقط وان الإصلاح لا يعني تطهير القضاء بل المحاسبة.
ورأت انه ولئن كان إصلاح القضاء ضروريا ولكنه يتطلب استراتيجيا وخطة متوسطة أو طويلة المدى مؤكدة أنهم مع الإصلاح ولكن بشرط تشريك الهياكل القضائية وليس بصفة أحادية معبرة عن رفضها في أن يتم إصدار مجلة القضاء الإداري عن طريق مرسوم.
محمد عفيف الجعيدي مستشار بمحكمة التعقيب أكد خلال مداخلته انه لا يجوز إصلاح القضاء في فترة الاستثناء لأن ذلك قد يؤدي إلى تغول السلطة السياسية معتبرا أن شروط الإصلاح يجب أن تكون في إطار عمل برلماني منظم وخارج إطار الفصل 80.
وأشار خلال مداخلته إلى الحديث عن بعض الصفحات المساندة لرئيس الدولة كيف تعمد إلى تشويه القضاة معتبرا أن ذلك فيه مس بالثقة العامة في القضاء وخطير جدا على استقلال الدولة والسلم الاجتماعي.
وختم بأن رئيس الجمهورية قيس سعيد يسعى لتطويع القضاء وأن المسألة ليست مسألة إصلاح القضاء بل استيلاء عليه.
وقد صرح عدنان منصر رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي أن هذه الندوة تندرج في إطار الأنشطة التي تتلاءم مع الأحداث الكبرى في الساحة الوطنية مضيفا أن هناك سجالا اليوم موجود بين رئيس الجمهورية وبين هياكل القضاة يدل أن هناك صراعا بين الاثنين يتمثل في أن رئيس الدولة يريد القيام بإصلاحات مستفيدا من احتكاره لكافة السلطات لذلك فالقضاة يخشون أن تؤدي الإصلاحات إلى الحد من استقلاليتهم كقضاة.
وأضاف في تصريح لــ"الصباح" على هامش الندوة العلمية أن مكافحة الفساد جزء من عمل المؤسسة القضائية وان وجود الفساد في سلك القضاء لا يمكن إنكاره بشهادة بعض القضاة أنفسهم فضلا عن قضية الفساد التي كانت أثارت الرأي العام والمورط فيها قضاة خير دليل على أن هناك فسادا في القضاء ولكن رغم ذلك لا يمكن إصلاح القضاء بمرسوم ودون التعامل مع هياكل القضاة ودون حوار سواء تعلق الأمر بالقضاة أو بقية القطاعات الأخرى والإصلاح لا يمكن أن يكون دون حوار وبطريقة أحادية متسائلا هل أن الهدف فعلا إصلاح القضاء أو وضع اليد على السلطة القضائية مضيفا أنه لو فرضنا أن الهدف هو الإصلاح هل أن قرارا عموديا من السلطة السياسية قادر فعلا على تحقيق قضاء فعال وناجز وغير فاسد أم سيؤدي إلى وضع اليد على السلطة القضائية مثلما تم في حكومات سابقة.
واعتبر أن رئيس الجمهورية ينظر إلى القضاء من زاوية سياسية وأن الخشية أن يكون هدف الإصلاح هدفا ثانويا وان الهدف الحقيقي وضع القضاء تحت يد سلطة سياسية يفترض أنها أحيانا قد تكون طرفا في النزاع.
وأكد أن الجميع يرغب في الإصلاح ولكن المشكل في السياق والمتمثل في الاستحواذ على كافة السلط معتبرا أن رئيس الدولة توسع في استعمال السلطة الاستثنائية بطريقة أصبحت تثير الريبة وتثير كذلك مخاوف من استهداف كل المؤسسات والمجتمع المدني ويمكن أن يؤدي ذلك إلى السيطرة على الوضع ولكن لا يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار بل إلى إحياء صراعات واستقطاب حاد بين المجتمع والسلطة السياسية.
وعبر رابح الخرايفي في تصريح لـ"الصباح" على هامش الندوة العلمية دعمه بقوة ضرورة إصلاح القضاء الذي لم يتم إصلاحه منذ عشر سنوات عن طريق إدخال تعديلات على المنظومة الإجرائية التي كبلت وعطلت القضاء التونسي مما أثر على حسن أدائه كما أنه يجب حسب قوله إيقاف "تسيب" عدد من القضاة الذين فقدوا مبدأ الحياد مشيرا أن جميع القضاة الذين يعبرون عن مواقفهم السياسية أصبحوا مصطفين وراء هذا الحزب أو ذاك متسائلا كيف سنضمن المحاكمة العادلة لخصومهم عندما يمثلون أمامهم؟ فضلا عن ذلك هناك تسيب آخر يتعلق بعمل القضاة إذ أن هناك قضاة يشتغلون يوما واحدا في الأسبوع أو بعض الساعات في اليوم والبقية تجد الملفات متراكمة أمامهم وهناك قضاة شرفاء يحترمون عملهم وهناك قضاة العكس والآخرون تجدهم إما تابعين لهيكل نقابي أو رجل أعمال أو حزب سياسي معين.
وأكد الخرايفي أن رفع شعار استقلال القضاء لمنع الإصلاح هي حجة غير سليمة وغير دقيقة الغرض منها تأليب الرأي العام والأحزاب السياسية والجمعيات ضد رئيس الجمهورية مضيفا أن رئيس الدولة إذا كان جادا في إصلاح القضاء فليتحلى بالشجاعة وليمضي في ذلك.
واعتبر أن لرئيس الدولة الحق في إصلاح القضاء عن طريق إصدار مراسيم لأن السلطة التشريعية بيده استنادا إلى الأمر عدد 117.. وإذا كانت المراسيم غير دستورية يمكن الطعن فيها أمام المحكمة الدستورية عندما تتركز.
صباح الشابّي
تونس-الصباح
نظم أمس مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي ندوة علمية تحت عنوان "إصلاح القضاء زمن حالة الاستثناء رهانات أم مخاوف؟"
وقد أجمع جل المتدخلين على أن القضاء يحتاج إلى الإصلاح ولكن ليس بصفة أحادية بل تشاركية من هياكل المهنة.
من جهته أكد وسيم المرداسي ممثلا عن جمعية المحامين الشبان انه على رئيس الدولة ووزيرة العدل توضيح تصورهما حول إصلاح القضاء بتقديم مشروع لمناقشته وعرضه على هياكل المهنة من محامين وقضاة ومتداخلين في الشأن القضائي ليكون التصور واضحا وتكون خارطة الطريق واضحة لإيجاد بديل للمجلس الأعلى للقضاء أو البناء على ما هو موجود معبرا عن أمله في أن يتم الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف لعدم الزج بالبلاد وبالمرفق القضائي في أي نزاع سياسي والذهاب نحو الإصلاح الجذري وتجاوز الهنات السابقة.
وأكد أن هياكل المحاماة مستعدة للتشاور وإبداء رأيها وعرض مشاريع واقتراحات لتحقيق قضاء مستقل وناجز يحفظ حقوق المواطنين.
أما ليلي الدوس مساعد وكيل الجمهورية وكاتب عام جمعية القضاة الشبان فقد أكدت على ضرورة إصلاح المنظومة القضائية خاصة وأن هناك هنات حسب رأيها يشكو منها القضاء منذ سنة 1959 لكنها ترى في نفس الوقت ان الإصلاح لا يكون بطريقة غير مدروسة بل بتنقيح القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء وذلك بالاقتصار على قضاة منتخبين وبان يكون للأعضاء المنتخبين بالصفة دور استشاري فقط داخل المجلس حتى نبتعد عن تسييس المجلس كذلك من واجب التفقدية العامة بوزارة العدل القيام بدورها وإحالة الملفات التي بحوزتها إلى المجلس وجعل كذلك المجلس مفتوحا للجميع لإيصال تظلماتهم حتى نحقق سلطة قضائية عادلة.
واعتبرت رفقة المباركي رئيسة اتحاد القضاة الإداريين انه منذ 2011 إلى اليوم لم يكن إصلاح القضاء ضمن أولويات السلطة التنفيذية أو التشريعية بسبب محاولة وضع اليد على القضاء وتطويعه لفائدة السلطة السياسية مضيفة أن القضاء لا يزال يعاني من هنات ومشاكل أهمها القضايا المتراكمة وعدم قدرة القضاة على الفصل فيها في الآجال المعقولة، فضلا عن ذلك فإن أحكام الدستور لم تفعل إلى اليوم كعدم تنقيح القوانين الأساسية وعدم تفعيل مجلة القضاء الإداري مضيفة أنه لا يزال أمامنا مشوار طويل حتى نحقق قضاء ناجزا وفعالا يعيد الثقة للمواطن، مؤكدة أن الأشكال ليس في المنظومة القانونية بل في عدم وجود إرادة سياسية حقيقية من السلطة التنفيذية في إصلاح القضاء والاستثمار فيه بتحسين البنية التحتية للمحاكم وانتداب القضاة ورقمنة المحاكم.
وأضافت أن متطلبات الإصلاح تقتضي مراجعة القوانين وتفعيل أحكام الدستور وجوانب الإصلاح لا تشمل فقط تنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء لأن المنظومة القانونية لا تختزل في المجلس فقط وان الإصلاح لا يعني تطهير القضاء بل المحاسبة.
ورأت انه ولئن كان إصلاح القضاء ضروريا ولكنه يتطلب استراتيجيا وخطة متوسطة أو طويلة المدى مؤكدة أنهم مع الإصلاح ولكن بشرط تشريك الهياكل القضائية وليس بصفة أحادية معبرة عن رفضها في أن يتم إصدار مجلة القضاء الإداري عن طريق مرسوم.
محمد عفيف الجعيدي مستشار بمحكمة التعقيب أكد خلال مداخلته انه لا يجوز إصلاح القضاء في فترة الاستثناء لأن ذلك قد يؤدي إلى تغول السلطة السياسية معتبرا أن شروط الإصلاح يجب أن تكون في إطار عمل برلماني منظم وخارج إطار الفصل 80.
وأشار خلال مداخلته إلى الحديث عن بعض الصفحات المساندة لرئيس الدولة كيف تعمد إلى تشويه القضاة معتبرا أن ذلك فيه مس بالثقة العامة في القضاء وخطير جدا على استقلال الدولة والسلم الاجتماعي.
وختم بأن رئيس الجمهورية قيس سعيد يسعى لتطويع القضاء وأن المسألة ليست مسألة إصلاح القضاء بل استيلاء عليه.
وقد صرح عدنان منصر رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي أن هذه الندوة تندرج في إطار الأنشطة التي تتلاءم مع الأحداث الكبرى في الساحة الوطنية مضيفا أن هناك سجالا اليوم موجود بين رئيس الجمهورية وبين هياكل القضاة يدل أن هناك صراعا بين الاثنين يتمثل في أن رئيس الدولة يريد القيام بإصلاحات مستفيدا من احتكاره لكافة السلطات لذلك فالقضاة يخشون أن تؤدي الإصلاحات إلى الحد من استقلاليتهم كقضاة.
وأضاف في تصريح لــ"الصباح" على هامش الندوة العلمية أن مكافحة الفساد جزء من عمل المؤسسة القضائية وان وجود الفساد في سلك القضاء لا يمكن إنكاره بشهادة بعض القضاة أنفسهم فضلا عن قضية الفساد التي كانت أثارت الرأي العام والمورط فيها قضاة خير دليل على أن هناك فسادا في القضاء ولكن رغم ذلك لا يمكن إصلاح القضاء بمرسوم ودون التعامل مع هياكل القضاة ودون حوار سواء تعلق الأمر بالقضاة أو بقية القطاعات الأخرى والإصلاح لا يمكن أن يكون دون حوار وبطريقة أحادية متسائلا هل أن الهدف فعلا إصلاح القضاء أو وضع اليد على السلطة القضائية مضيفا أنه لو فرضنا أن الهدف هو الإصلاح هل أن قرارا عموديا من السلطة السياسية قادر فعلا على تحقيق قضاء فعال وناجز وغير فاسد أم سيؤدي إلى وضع اليد على السلطة القضائية مثلما تم في حكومات سابقة.
واعتبر أن رئيس الجمهورية ينظر إلى القضاء من زاوية سياسية وأن الخشية أن يكون هدف الإصلاح هدفا ثانويا وان الهدف الحقيقي وضع القضاء تحت يد سلطة سياسية يفترض أنها أحيانا قد تكون طرفا في النزاع.
وأكد أن الجميع يرغب في الإصلاح ولكن المشكل في السياق والمتمثل في الاستحواذ على كافة السلط معتبرا أن رئيس الدولة توسع في استعمال السلطة الاستثنائية بطريقة أصبحت تثير الريبة وتثير كذلك مخاوف من استهداف كل المؤسسات والمجتمع المدني ويمكن أن يؤدي ذلك إلى السيطرة على الوضع ولكن لا يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار بل إلى إحياء صراعات واستقطاب حاد بين المجتمع والسلطة السياسية.
وعبر رابح الخرايفي في تصريح لـ"الصباح" على هامش الندوة العلمية دعمه بقوة ضرورة إصلاح القضاء الذي لم يتم إصلاحه منذ عشر سنوات عن طريق إدخال تعديلات على المنظومة الإجرائية التي كبلت وعطلت القضاء التونسي مما أثر على حسن أدائه كما أنه يجب حسب قوله إيقاف "تسيب" عدد من القضاة الذين فقدوا مبدأ الحياد مشيرا أن جميع القضاة الذين يعبرون عن مواقفهم السياسية أصبحوا مصطفين وراء هذا الحزب أو ذاك متسائلا كيف سنضمن المحاكمة العادلة لخصومهم عندما يمثلون أمامهم؟ فضلا عن ذلك هناك تسيب آخر يتعلق بعمل القضاة إذ أن هناك قضاة يشتغلون يوما واحدا في الأسبوع أو بعض الساعات في اليوم والبقية تجد الملفات متراكمة أمامهم وهناك قضاة شرفاء يحترمون عملهم وهناك قضاة العكس والآخرون تجدهم إما تابعين لهيكل نقابي أو رجل أعمال أو حزب سياسي معين.
وأكد الخرايفي أن رفع شعار استقلال القضاء لمنع الإصلاح هي حجة غير سليمة وغير دقيقة الغرض منها تأليب الرأي العام والأحزاب السياسية والجمعيات ضد رئيس الجمهورية مضيفا أن رئيس الدولة إذا كان جادا في إصلاح القضاء فليتحلى بالشجاعة وليمضي في ذلك.
واعتبر أن لرئيس الدولة الحق في إصلاح القضاء عن طريق إصدار مراسيم لأن السلطة التشريعية بيده استنادا إلى الأمر عدد 117.. وإذا كانت المراسيم غير دستورية يمكن الطعن فيها أمام المحكمة الدستورية عندما تتركز.