إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد تصعيد النهضة لخطابها وتصريحاتها.. توسيع لـ"حصار" سعيد.. أم تحسين لشروط التفاوض؟

تونس-الصباح

لا يزال الوضع العام بالبلاد يتحرك ضمن دائرة لا نهاية لها في ظل انعدام الحوار والإغلاق المتين لأي منفذ بين رئيس الجمهورية قيس سعيد والمعارضة.

هكذا إغلاق قابله ارتفاع شاهق للمطلبية السياسية بغاية تحصيل الأدنى الممكن الذي يصلح للبناء عليه وتوظيفه لتجاوز حالة العطالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي انطلقت منذ إعلان 25 جويلية.

أول المطالب جسده موقف الاتحاد العام التونسي للشغل بالدعوة إلى حوار وطني عاجل غير أن ذلك لم يحصل بعد تصلب رئيس الجمهورية في موقفه الرافض لأي حوار وإصرار قيس سعيد على الذهاب بعيدا في مشروعه السياسي وفرضه على الجميع لتدخل بعدها البلاد في حالة من الركود والقلق.

وأمام إصرار سعيد على تنفيذ أجندة 25 جويلية وبعد أن استوعبت الأحزاب والمنظمات خيارات الرئيس في تنفيذ برنامجه الخاص عاد الجميع لينشط مجددا ليُفتتح بعدها موسم المطالب السياسية على مصراعيه أبرزها إنهاء الوضع الاستثنائي والدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها.

وقادت حركة النهضة وحزب العمال المعركة منذ البداية، في اعتبار أن ما حصل انقلاب وان التراجع عنه لا يكون إلا بالعودة إلى المربع الديمقراطي وتجاوز الأنا الاستبدادية لقيس سعيد.

وقد ازدادت المعركة حدة مع ارتفاع واضح لمنسوب الرفض لسياسة الأمر الواقع مع اعتبار إجراءات سعيد وحكومته تعسفا كبيرا وتجاوزا للجميع سواء بإعلان قانون المالية المرفوض سياسيا واجتماعيا أو بإحالة مدنيين على القضاء العسكري أو ما وقع مؤخرا لنائب رئيس حركة النهضة نورالدين البحيري من اختطاف/إيقاف.

وقد كان الحدث الأخير موجبا لمزيد تأزم الوضع بين سعيد وحركة النهضة التي صعدت من حدة لهجتها تجاه الرئيس لتعود على إثرها الحركة كمعادلة سياسية في تحديد مسار إجراءات 25جويلية إلى جانب أحزاب أخرى وجهات مواطنية أيضا كما هو حال "مواطنون ضد الانقلاب".

ديمقراطية عرجاء…أفضل من ديكتاتورية ناشئة

nahda.jpeg

منذ اللحظات الأولى لإعلان إجراءات 25 جويلية كانت حركة النهضة أول الأحزاب التي وصفت هذا التاريخ بـ"الانقلاب" ودافعت الحركة عن موقفها هذا في عدد لاحق من البيانات واعتبرت أن ديمقراطية عرجاء قابلة للإصلاح أفضل من ديكتاتورية ناشئة ستبتلع الجميع.

غير انها لم تواصل في هذا المنهج ليتراجع منسوب حدة بيانات الحركة وتركت المجال لعودة محتملة الى الوراء في انتظار انتهاء الآجال الدستورية للفصل 80.

انتظار زاده سعيد انتظارا، اثر تمديد آجال الشهر وتجديد إجراءات الإيقافات والإقامات الجبرية لتعود بعدها النهضة الى سياسة التصعيد السياسي بدعوة التونسيين للنزول للشارع دفاعا عن الحرية والديمقراطية.

 تراجع الانقلاب.. أم تحسين لشروط التفاوض؟

مع إصرار النهضة على سياسة التصعيد تحركت ماكينة خصوم الحركة لتعتبر أن غاية التصعيد هو في الواقع محاولة لتحسين شروط التفاوض مع قيس سعيد لضمان خروج آمن للنهضة ولزعيمها راشد الغنوشي.

وحاول خصوم الحركة إقناع الرأي العام الوطني بقولهم هذا من خلال الإشارة إلى الهروب الكبير من مركب النهضة إبان 25 جويلية وما سُجل من استقالات من داخل الحزب خوفا من المحاسبة والعودة المحتملة الى السجون لا بسبب الأداء السياسي للنهضة بل بسبب ملفات فساد ثقيلة.

في المقابل يرى متابعون أن تصعيد النهضة هو في الأصل إقرار بقرب نهاية "الانقلاب" الذي بات محاصرا في الداخل والخارج حتى انه عجز عن إقناع الدول الخليجية والعربية التي رحبت بإجراءات 25 جويلية على أنها بداية تأسيس جديد على غرار مصر والإمارات والسعودية.

ولم يكن الفشل عربيا فحسب حيث لم يقتنع الأوروبيون بالمنجز السياسي لقيس سعيد ليدخل الأمريكان على خط الأزمة وليعلنوا موقفهم الرافض للإجراءات وبدعوتهم للعودة للشرعية البرلمانية في أسرع وقت ممكن وهو ما خلق أزمة صامتة مع واشنطن.

وقد حاول وزير الخارجية عثمان الجريدي التقليل من حدة الأزمة بتأكيده على سلامة العلاقة التونسية الأمريكية والحال أن رسائل وزير الخارجية انتوني بلينكن وعدد من السيناتورات تؤكد عكس ذلك.

من معركة سياسية.. إلى أخرى حقوقية

لم يكن التصعيد النهضاوي خاليا من المعركة الحقوقية، فبعد أن افتتحت معاركها السياسية في وجه الرئيس، فتحت النهضة واجهة أخرى تحت عنوان حقوقي وذلك على اثر عملية الإيقاف التي تعرض لها القيادي نورالدين البحيري فقد طالبت الحركة في بيان مكتبها التنفيذي الأخير بـ"الإطلاق الفوري لسراح المختطفَيْن نور الدين البحيري وفتحي البلدي، والمحتجزَين قسريا خارج إطار القانون، وفي غياب أي إذن قضائي، خلافا لما أعلنه المكلف بتسيير وزارة الداخلية، الذي استنكرت الجهات القضائية المختصة ما ورد في تصريحاته حول القضية وبينت حدود صلاحياته في استعمال الضابطة العدلية وخطورة تجاوزاته بترتيب الآثار القانونية بعد تعهد القضاء بالمسألة."

ونجحت هذه الواجهة إلى جانب الواجهة السياسية في "تهرئة" سعيد داخليا وخارجيا وذلك بتحرك الإعلام والمنظمات الحقوقية الدوليين ولتخرج الأزمة التونسية للتدويل.

خليل الحناشي

بعد تصعيد النهضة لخطابها وتصريحاتها.. توسيع لـ"حصار" سعيد.. أم تحسين لشروط التفاوض؟

تونس-الصباح

لا يزال الوضع العام بالبلاد يتحرك ضمن دائرة لا نهاية لها في ظل انعدام الحوار والإغلاق المتين لأي منفذ بين رئيس الجمهورية قيس سعيد والمعارضة.

هكذا إغلاق قابله ارتفاع شاهق للمطلبية السياسية بغاية تحصيل الأدنى الممكن الذي يصلح للبناء عليه وتوظيفه لتجاوز حالة العطالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي انطلقت منذ إعلان 25 جويلية.

أول المطالب جسده موقف الاتحاد العام التونسي للشغل بالدعوة إلى حوار وطني عاجل غير أن ذلك لم يحصل بعد تصلب رئيس الجمهورية في موقفه الرافض لأي حوار وإصرار قيس سعيد على الذهاب بعيدا في مشروعه السياسي وفرضه على الجميع لتدخل بعدها البلاد في حالة من الركود والقلق.

وأمام إصرار سعيد على تنفيذ أجندة 25 جويلية وبعد أن استوعبت الأحزاب والمنظمات خيارات الرئيس في تنفيذ برنامجه الخاص عاد الجميع لينشط مجددا ليُفتتح بعدها موسم المطالب السياسية على مصراعيه أبرزها إنهاء الوضع الاستثنائي والدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها.

وقادت حركة النهضة وحزب العمال المعركة منذ البداية، في اعتبار أن ما حصل انقلاب وان التراجع عنه لا يكون إلا بالعودة إلى المربع الديمقراطي وتجاوز الأنا الاستبدادية لقيس سعيد.

وقد ازدادت المعركة حدة مع ارتفاع واضح لمنسوب الرفض لسياسة الأمر الواقع مع اعتبار إجراءات سعيد وحكومته تعسفا كبيرا وتجاوزا للجميع سواء بإعلان قانون المالية المرفوض سياسيا واجتماعيا أو بإحالة مدنيين على القضاء العسكري أو ما وقع مؤخرا لنائب رئيس حركة النهضة نورالدين البحيري من اختطاف/إيقاف.

وقد كان الحدث الأخير موجبا لمزيد تأزم الوضع بين سعيد وحركة النهضة التي صعدت من حدة لهجتها تجاه الرئيس لتعود على إثرها الحركة كمعادلة سياسية في تحديد مسار إجراءات 25جويلية إلى جانب أحزاب أخرى وجهات مواطنية أيضا كما هو حال "مواطنون ضد الانقلاب".

ديمقراطية عرجاء…أفضل من ديكتاتورية ناشئة

nahda.jpeg

منذ اللحظات الأولى لإعلان إجراءات 25 جويلية كانت حركة النهضة أول الأحزاب التي وصفت هذا التاريخ بـ"الانقلاب" ودافعت الحركة عن موقفها هذا في عدد لاحق من البيانات واعتبرت أن ديمقراطية عرجاء قابلة للإصلاح أفضل من ديكتاتورية ناشئة ستبتلع الجميع.

غير انها لم تواصل في هذا المنهج ليتراجع منسوب حدة بيانات الحركة وتركت المجال لعودة محتملة الى الوراء في انتظار انتهاء الآجال الدستورية للفصل 80.

انتظار زاده سعيد انتظارا، اثر تمديد آجال الشهر وتجديد إجراءات الإيقافات والإقامات الجبرية لتعود بعدها النهضة الى سياسة التصعيد السياسي بدعوة التونسيين للنزول للشارع دفاعا عن الحرية والديمقراطية.

 تراجع الانقلاب.. أم تحسين لشروط التفاوض؟

مع إصرار النهضة على سياسة التصعيد تحركت ماكينة خصوم الحركة لتعتبر أن غاية التصعيد هو في الواقع محاولة لتحسين شروط التفاوض مع قيس سعيد لضمان خروج آمن للنهضة ولزعيمها راشد الغنوشي.

وحاول خصوم الحركة إقناع الرأي العام الوطني بقولهم هذا من خلال الإشارة إلى الهروب الكبير من مركب النهضة إبان 25 جويلية وما سُجل من استقالات من داخل الحزب خوفا من المحاسبة والعودة المحتملة الى السجون لا بسبب الأداء السياسي للنهضة بل بسبب ملفات فساد ثقيلة.

في المقابل يرى متابعون أن تصعيد النهضة هو في الأصل إقرار بقرب نهاية "الانقلاب" الذي بات محاصرا في الداخل والخارج حتى انه عجز عن إقناع الدول الخليجية والعربية التي رحبت بإجراءات 25 جويلية على أنها بداية تأسيس جديد على غرار مصر والإمارات والسعودية.

ولم يكن الفشل عربيا فحسب حيث لم يقتنع الأوروبيون بالمنجز السياسي لقيس سعيد ليدخل الأمريكان على خط الأزمة وليعلنوا موقفهم الرافض للإجراءات وبدعوتهم للعودة للشرعية البرلمانية في أسرع وقت ممكن وهو ما خلق أزمة صامتة مع واشنطن.

وقد حاول وزير الخارجية عثمان الجريدي التقليل من حدة الأزمة بتأكيده على سلامة العلاقة التونسية الأمريكية والحال أن رسائل وزير الخارجية انتوني بلينكن وعدد من السيناتورات تؤكد عكس ذلك.

من معركة سياسية.. إلى أخرى حقوقية

لم يكن التصعيد النهضاوي خاليا من المعركة الحقوقية، فبعد أن افتتحت معاركها السياسية في وجه الرئيس، فتحت النهضة واجهة أخرى تحت عنوان حقوقي وذلك على اثر عملية الإيقاف التي تعرض لها القيادي نورالدين البحيري فقد طالبت الحركة في بيان مكتبها التنفيذي الأخير بـ"الإطلاق الفوري لسراح المختطفَيْن نور الدين البحيري وفتحي البلدي، والمحتجزَين قسريا خارج إطار القانون، وفي غياب أي إذن قضائي، خلافا لما أعلنه المكلف بتسيير وزارة الداخلية، الذي استنكرت الجهات القضائية المختصة ما ورد في تصريحاته حول القضية وبينت حدود صلاحياته في استعمال الضابطة العدلية وخطورة تجاوزاته بترتيب الآثار القانونية بعد تعهد القضاء بالمسألة."

ونجحت هذه الواجهة إلى جانب الواجهة السياسية في "تهرئة" سعيد داخليا وخارجيا وذلك بتحرك الإعلام والمنظمات الحقوقية الدوليين ولتخرج الأزمة التونسية للتدويل.

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews