خلال الأسبوع الأول لانطلاقتها التجريبية داخل دور الشباب، صنفت نسب المشاركة في الاستشارة الوطنية الشعبية بالضعيفة، فلم يتجاوز عدد المشاركين حسب آخر تحيين من قبل وزارة تكنولوجيا الاتصال عشية يوم أمس السبت 8 جانفي الـ1000 مشارك.
بوابة الكترونية واستشارة، تبقى المعطيات الخاصة بها شحيحة للغاية، فلا نعرف من هو الفريق الذي اشرف على اعداد هذه الاستشارة وعلى اي أساس تمت صياغة أسئلتها ومن هي الجهة التي ستتكفل بتجميع نتائجها وما مستوى الحماية التي تتوفر فيها فيما يتصل بالمعطيات الشخصية والمشاركين فيها.
وفي انتظار تجميع هذه المعطيات،اتجهت "الصباح" إلى محاولة تقييم الاستشارة الوطنية والأسئلة التي وردت فيها، هل هي تتوفر على الجانب العلمي؟ وكيف سيتم قياس تمثيليتها وحجم المشاركة فيها؟ وهل فتحت المجال للمشاركة امام كل التونسيين باختلافاتهم العمرية والفئوية والخصوصية؟
في تقييمه لمضمون الاستشارة، بين أستاذ علم الاجتماع حسان القصار ان تبويب الأسئلة الوارد في الاستشارة يعتبر تبويبا معقولا وجيدا، خاصة إذا ربطناه بغاية البحث وهو دراسة التوجهات العام للراي العام التونسي. كما ان الاستشارة تعتبر انطلاقة لتشريك المواطن التونسي في الشأن العام واخذ رأيه في القرارات العامة في سياق تفاعلي.
لكن في المقابل يعتبر القصار انه بمجرد الخوض في طبيعة الأسئلة التي جاءت في الاستشارة سنجد ان اغلب الإجابات المنتظرة من الاستشارة هي إجابات معلومة سلفا، اذا ما تمت العودة إلى دراسات سابقة وأطروحات تم إنجازها داخل الجامعة التونسية، فكل المواضيع المطروحة والأسئلة وردت في دراسات جهوية وديمغرافية واستبيانات لبحوث علم اجتماع ومقالات علوم اقتصاد وعلم نفس. ويعيب حسان القصار في الاطار تواصل تجاهل السلطة للجامعة ومخرجاتها والدراسات العلمية التي تنجزها وبصدد القيام بها بصفة دورية واستباقية ولقيمة العلم والتي كان يمكن ان يتم الاستفادة منها واعتمادها كمرجع تربح منه الدولة الكثير من الوقت والجهد.
ويعتبر الأستاذ والباحث في علم الاجتماع، ان ما يرده رئيس الجمهورية من الاستشارة هو إعطاء تبرير لما سيقوم بإقراره وانجازه خلال المرحلة القادمة، وذلك عبر وضعه تحت عنوان كبير هو "الشعب يريد". ومع ما ستعطيه من إجابات معلومة مسبقا، ستواجه مخرجات الاستشارة والتوجهات العامة التي ستطرحها مستوى قدرة الحاكم على التطبيق والاكراهات المادية التي ستطرحها والتي تعرض لها الرئيس قيس سعيد عند إمضائه لقانون المالية الذي احتوى على عديد النقاط المخالفة لقناعاته وما يرنو الى تحقيقه وامضى عليه مكرها..
ومرجح حسب القصار ان تستغرق الإجابة على الاستشارة الوطنية بين الـ20 والـ30 دقيقة حسب ما احتوته من أسئلة، وهي تتطلب بداية توفر إمكانية الولوج لها عبر الانترنات مع جهاز ذكي، كما انه لا يمكن لمن ليس له مستوى تعليميا نسبيا مرتفعا أن يتعامل معها. وهي استشارة تستوجب مجهودا للانتهاء من أبوابها الخمسة والمشاركة فيها وهذا سيؤثر حسب تقييمه على نسب المشاركين فيها.
وفي انتظار التمثيلية التي ستشارك في الاستشارة، لا يتوقع القصار أن تكون عينة المشاركين والنتائج التي ستتوصل لها الاستشارة ذات تمثيلية جيدة للتونسيين بكل شرائحهم او تحقق حجم التمثيلية المرجوة منها، فهي تتوفر للناس الأكثر التزاما بمشروع رئيس الجمهورية ومن لهم القدرة على الولوج الى الانترنات. ويشير في نفس السياق الى ان العينة وعددها ومستوى تمثيليتها، علميا يخضع الى خصائص المجتمع حسب اخر تعداد لسكان والسكنى وبقدر ما تتوسيع العينة ويتم الترفيع في عدد المشاركين فيها يتم التحسين من جودة النتائج.
بدورها تتفق نجاة عرعاري الباحثة في علم الاجتماع، مع ما سبق فيما يتصل بمدى علمية الاستشارة، وتضيف ان جزئية هامة تم اهمالها عند صياغة الاستشارة، حيث انه في العادة في البحوث والدراسات يتم استعمال اللغة العامية التي تكون مفهومة لكل المستجوبين باختلاف مستوياتهم العلمية واعمارهم وتمكن الجميع من الولوج اليها، وتعتبر ان الأسئلة التي احتوتها الاستشارة بمستوى التعقيد الذي جاءت عليه، ستتجه الإجابات فيها نحو الاعتباطية والعشوائية وهو ما سيجعل من مصداقيتها العلمية مجروحة وستنقص من قيمتها العلمية.
وأضافت كان الاجدر ومن اجل الوصول الى الهدف المعلن من الاستشارة وهي تشريك التونسيين في القرار وفي رسم التوجهات الكبرى للبلاد، ان تسبق الاستشارة حملات تفسيرية وتوعوية للتونسيين باختلاف مستوياتهم التعليمية تتناول كل محور على حدة، ويتم خلالها تفسير الفرق بين النظام البرلماني مثلا والنظام الرئاسي والنظام المختلط. كما يقع تقديم إيضاحات فيما يتعلق بالمنظومة القضائية وطريقة عملها وهياكلها ومكوناتها حتى يتمكن لاحقا من تقديم آرائه فيما يتصل بها ولا تكون ايجابيه عشوائية.
وتشير نجاة عرعاري انه وطبقا لما سبق التطرق له لن تكون للاستشارة التمثيلية المرجوة بالمرة، خاصة أنها أقصت في شكلها الحالي جزءا لا باس به من التونسيين، فبداية هي لم تشمل الأميين من التونسيين وغير القادرين على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة وفئة فاقدي البصر وفاقدي السمع، وحتى الشباب في حد ذاتهم لن يشاركوا في الاستشارة لضعف وصولهم للانترنات.
اما من ناحية المضمون فتقول الباحثة في علم الاجتماع ان الاستشارة لم تنبن على مفهوم عام للحقوق والحريات كما أهملت عدد من المواضيع فلم تطرح مسالة التوازن بين السلط ولم يرد فيها ما يشير الى الحريات المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الأقليات..
وتشير في نفس الوقت ان التجربة لم تأخذ على ما يبدو ازمة الثقة التي بين التونسي ومؤسسات الدولة، او كيفية حماية معطياتهم الشخصية ومواقفهم التي سيعبرون عليها في اجابتهم. كما لم تعط أي ضمانات حول حيادية من سيقوم بدراسة نتائج الاستشارة والمعطيات التي تقدمها، وهل سيتم تكليف مختصين أم لا.
ريم سوودي
تونس ـ الصباح
خلال الأسبوع الأول لانطلاقتها التجريبية داخل دور الشباب، صنفت نسب المشاركة في الاستشارة الوطنية الشعبية بالضعيفة، فلم يتجاوز عدد المشاركين حسب آخر تحيين من قبل وزارة تكنولوجيا الاتصال عشية يوم أمس السبت 8 جانفي الـ1000 مشارك.
بوابة الكترونية واستشارة، تبقى المعطيات الخاصة بها شحيحة للغاية، فلا نعرف من هو الفريق الذي اشرف على اعداد هذه الاستشارة وعلى اي أساس تمت صياغة أسئلتها ومن هي الجهة التي ستتكفل بتجميع نتائجها وما مستوى الحماية التي تتوفر فيها فيما يتصل بالمعطيات الشخصية والمشاركين فيها.
وفي انتظار تجميع هذه المعطيات،اتجهت "الصباح" إلى محاولة تقييم الاستشارة الوطنية والأسئلة التي وردت فيها، هل هي تتوفر على الجانب العلمي؟ وكيف سيتم قياس تمثيليتها وحجم المشاركة فيها؟ وهل فتحت المجال للمشاركة امام كل التونسيين باختلافاتهم العمرية والفئوية والخصوصية؟
في تقييمه لمضمون الاستشارة، بين أستاذ علم الاجتماع حسان القصار ان تبويب الأسئلة الوارد في الاستشارة يعتبر تبويبا معقولا وجيدا، خاصة إذا ربطناه بغاية البحث وهو دراسة التوجهات العام للراي العام التونسي. كما ان الاستشارة تعتبر انطلاقة لتشريك المواطن التونسي في الشأن العام واخذ رأيه في القرارات العامة في سياق تفاعلي.
لكن في المقابل يعتبر القصار انه بمجرد الخوض في طبيعة الأسئلة التي جاءت في الاستشارة سنجد ان اغلب الإجابات المنتظرة من الاستشارة هي إجابات معلومة سلفا، اذا ما تمت العودة إلى دراسات سابقة وأطروحات تم إنجازها داخل الجامعة التونسية، فكل المواضيع المطروحة والأسئلة وردت في دراسات جهوية وديمغرافية واستبيانات لبحوث علم اجتماع ومقالات علوم اقتصاد وعلم نفس. ويعيب حسان القصار في الاطار تواصل تجاهل السلطة للجامعة ومخرجاتها والدراسات العلمية التي تنجزها وبصدد القيام بها بصفة دورية واستباقية ولقيمة العلم والتي كان يمكن ان يتم الاستفادة منها واعتمادها كمرجع تربح منه الدولة الكثير من الوقت والجهد.
ويعتبر الأستاذ والباحث في علم الاجتماع، ان ما يرده رئيس الجمهورية من الاستشارة هو إعطاء تبرير لما سيقوم بإقراره وانجازه خلال المرحلة القادمة، وذلك عبر وضعه تحت عنوان كبير هو "الشعب يريد". ومع ما ستعطيه من إجابات معلومة مسبقا، ستواجه مخرجات الاستشارة والتوجهات العامة التي ستطرحها مستوى قدرة الحاكم على التطبيق والاكراهات المادية التي ستطرحها والتي تعرض لها الرئيس قيس سعيد عند إمضائه لقانون المالية الذي احتوى على عديد النقاط المخالفة لقناعاته وما يرنو الى تحقيقه وامضى عليه مكرها..
ومرجح حسب القصار ان تستغرق الإجابة على الاستشارة الوطنية بين الـ20 والـ30 دقيقة حسب ما احتوته من أسئلة، وهي تتطلب بداية توفر إمكانية الولوج لها عبر الانترنات مع جهاز ذكي، كما انه لا يمكن لمن ليس له مستوى تعليميا نسبيا مرتفعا أن يتعامل معها. وهي استشارة تستوجب مجهودا للانتهاء من أبوابها الخمسة والمشاركة فيها وهذا سيؤثر حسب تقييمه على نسب المشاركين فيها.
وفي انتظار التمثيلية التي ستشارك في الاستشارة، لا يتوقع القصار أن تكون عينة المشاركين والنتائج التي ستتوصل لها الاستشارة ذات تمثيلية جيدة للتونسيين بكل شرائحهم او تحقق حجم التمثيلية المرجوة منها، فهي تتوفر للناس الأكثر التزاما بمشروع رئيس الجمهورية ومن لهم القدرة على الولوج الى الانترنات. ويشير في نفس السياق الى ان العينة وعددها ومستوى تمثيليتها، علميا يخضع الى خصائص المجتمع حسب اخر تعداد لسكان والسكنى وبقدر ما تتوسيع العينة ويتم الترفيع في عدد المشاركين فيها يتم التحسين من جودة النتائج.
بدورها تتفق نجاة عرعاري الباحثة في علم الاجتماع، مع ما سبق فيما يتصل بمدى علمية الاستشارة، وتضيف ان جزئية هامة تم اهمالها عند صياغة الاستشارة، حيث انه في العادة في البحوث والدراسات يتم استعمال اللغة العامية التي تكون مفهومة لكل المستجوبين باختلاف مستوياتهم العلمية واعمارهم وتمكن الجميع من الولوج اليها، وتعتبر ان الأسئلة التي احتوتها الاستشارة بمستوى التعقيد الذي جاءت عليه، ستتجه الإجابات فيها نحو الاعتباطية والعشوائية وهو ما سيجعل من مصداقيتها العلمية مجروحة وستنقص من قيمتها العلمية.
وأضافت كان الاجدر ومن اجل الوصول الى الهدف المعلن من الاستشارة وهي تشريك التونسيين في القرار وفي رسم التوجهات الكبرى للبلاد، ان تسبق الاستشارة حملات تفسيرية وتوعوية للتونسيين باختلاف مستوياتهم التعليمية تتناول كل محور على حدة، ويتم خلالها تفسير الفرق بين النظام البرلماني مثلا والنظام الرئاسي والنظام المختلط. كما يقع تقديم إيضاحات فيما يتعلق بالمنظومة القضائية وطريقة عملها وهياكلها ومكوناتها حتى يتمكن لاحقا من تقديم آرائه فيما يتصل بها ولا تكون ايجابيه عشوائية.
وتشير نجاة عرعاري انه وطبقا لما سبق التطرق له لن تكون للاستشارة التمثيلية المرجوة بالمرة، خاصة أنها أقصت في شكلها الحالي جزءا لا باس به من التونسيين، فبداية هي لم تشمل الأميين من التونسيين وغير القادرين على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة وفئة فاقدي البصر وفاقدي السمع، وحتى الشباب في حد ذاتهم لن يشاركوا في الاستشارة لضعف وصولهم للانترنات.
اما من ناحية المضمون فتقول الباحثة في علم الاجتماع ان الاستشارة لم تنبن على مفهوم عام للحقوق والحريات كما أهملت عدد من المواضيع فلم تطرح مسالة التوازن بين السلط ولم يرد فيها ما يشير الى الحريات المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الأقليات..
وتشير في نفس الوقت ان التجربة لم تأخذ على ما يبدو ازمة الثقة التي بين التونسي ومؤسسات الدولة، او كيفية حماية معطياتهم الشخصية ومواقفهم التي سيعبرون عليها في اجابتهم. كما لم تعط أي ضمانات حول حيادية من سيقوم بدراسة نتائج الاستشارة والمعطيات التي تقدمها، وهل سيتم تكليف مختصين أم لا.