لم يسبق للأحزاب السياسية، بعد الثورة، أن بلغت درجة من الضياع والتيه، كما يحدث اليوم.. فكل الأحزاب الرافضة والمؤيدة لمسار 25 جويلية وللتدابير الاستثنائية وجدت نفسها أمام اكراهات جعلتها تتناقض حتى في مواقفها خاصة بعد إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن تسقيف زمني لمرحلة التدابير الاستثنائية وإقرار موعد 17 ديسمبر 2022 كموعد للانتخابات التشريعية القادمة.. وإذا كانت هناك أحزاب دعت قبل ذلك إلى ضرورة حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة مثل حركة النهضة والدستوري الحر في حين يرى حزب التيار الديمقراطي مثلا انه لا يمكن الحديث عن انتخابات أو الذهاب إليها قبل تنقية المناخ السياسي وتغيير الدستور والقانون الانتخابي.. فان تحديد موعد للانتخابات من طرف رئيس الجمهورية أجبر الأحزاب المؤيدة والرافضة اليوم أن تبدأ في التفكير بشكل جدي في الانتخابات القادمة، أملا في استعادة سلطة ضائعة أو في الوصول إلى الحكم كما كانت تخطط لذلك وتعمل من أجل ذلك لسنوات .
الأحزاب مجبرة على القبول بالأمر الواقع
لم يحسم قيس سعيد نهائيا في منظومة 2019 ولم يطو صفحة البرلمان بل قرر تجميده إلى حين إجراء انتخابات في السنة القادمة.. وإذا كانت اغلب الأحزاب المعارضة لمسار 25 جويلية تعلن عن رفضها لخارطة الطريق والتسقيف الزمني الذي قرره رئيس الجمهورية وخاصة موعد الانتخابات التشريعية التي ستكون حاسمة.. إلا أن هذه الأحزاب وكذلك الأحزاب المؤيدة لقيس سعيد لا يمكنها بحال تجاهل موعد هذا الاستحقاق الانتخابي حتى أن هناك أحزابا أعلنت أنها بصدد تجهيز نفسها للانتخابات في حين تعمل أحزاب أخرى على ذلك الهدف دون أن تعلن ذلك صراحة .
ولم يستجب رئيس الجمهورية إلى دعوات حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة حيث دعا الحزب الدستوري الحر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة معتبرا أن ذلكم هو "الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية"
وحركة النهضة التي اقترحت في وقت سابق إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها كان لها موقف مختلف بعد خطاب 13 ديسمبر حيث اعتبرت أن خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس سعيد خطوة أحادية لا تلزم سواه، مؤكدة رفضها "للإجراءات الانقلابية" التي أقدم عليها. وبالتوازي مع ذلك وفي بيان مشترك، أعلنت "تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية" التي تضم أحزاب (التيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والجمهوري) أن الرئيس سعيد عمّق الأزمة التي تمر بها البلاد بانقلابه على الدستور. كما أكد الأمين العام للحزب الجمهوري وعضو تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، عصام الشابي أن الرئيس قيس سعيد يواصل سياسة تقسيم التونسيين والمضي في الانقلاب على الدستور والديمقراطية. مشددا على ضرورة المرور إلى انتخابات سابقة لأوانها بعد إيجاد التوافق الوطني الواسع بين جميع القوى الوطنية.
في حين بدا موقف آفاق تونس مختلفا حيث قال رئيس حزب آفاق تونس فاضل عبد الكافي إن حزبه سيشرع في التحضير للانتخابات القادمة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد أن استكمل تركيز هياكله خلال أشغال المؤتمر الثالث للحزب. مبينا أن حزبه يتعامل مع الأمر الواقع رغم أنه كان يفضل وجود حوار وروزنامة لا تواريخ مسقطة حسب تعبيره. كما أكد عبد الكافي أن المرحلة تقتضي جلوس الجميع الى طاولة الحوار للاتفاق على ماهية دور الدولة الاقتصادي مؤكدا في الوقت نفسه وجود حلول لتونس من خلال التخلي عن القوانين التي لم تعد صالحة للتطبيق.
وفي المقابل علق المناضل أحمد نجيب الشابي علق على المواعيد السياسية القادمة والتي أعلنها سعيد بقوله أن هناك انفرادا بالسلطة من طرف قيس سعيد ودوسا على الدستور وخروجا تاما عن الشرعية.. وعلى العكس من ذلك تماما اعتبر حزب التحالف من أجل تونس، أن محتوى خطاب سعيد يُعبر عن تطلعات غالبية أبناء الشعب التونسي. وأن القرارات المعلن عنها توضح معالم الطريق لسنة مقبلة تتوج بانتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية لدورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها.
ورغم كل هذه المواقف المراوحة بين الرفض والتأييد لانتخابات تشريعية في الموعد الذي أعلنه رئيس الجمهورية.. ورغم وانه ووفق ما أعلنه قيس سعيد من مواعيد قادمة ستسبق هذه الانتخابات والتي ستغيّر بشكل كامل –ربما – ملامح النظام السياسي وستضع قواعد جديدة للعبة الديمقراطية.. فان الأحزاب لا يمكن المجازفة بعدم الاستعداد للانتخابات حتى تلك الرافضة لمسار 25 جويلية، حيث أن جبهة الرفض هذه، عجزت إلى اليوم عن تغيير الواقع الجديد، من خلال الشارع والاحتجاجات ولا تملك اليوم إلا أن تتعامل معه وان تقبل بقواعد اللعبة الديمقراطية الجديدة وتحاول اغتنام فرصة الانتخابات حتى ولو كانت تلك القواعد وضعها الرئيس، املا في نتائج تمنحها القوة السياسية والشرعية التي تؤهلها لتغيير ما ترفضه في الواقع.. ولذلك ووفق ما تسنى لنا من معطيات فان اغلب الأحزاب وعلى رأسها حركة النهضة باتت تنظر إلى هذا الموعد الانتخابي بشكل جدي وانطلقت بالفعل في عملية ترميم داخلي بوضع برامج للاستعداد جهويا ومحليا .
منية العرفاوي
تونس – الصباح
لم يسبق للأحزاب السياسية، بعد الثورة، أن بلغت درجة من الضياع والتيه، كما يحدث اليوم.. فكل الأحزاب الرافضة والمؤيدة لمسار 25 جويلية وللتدابير الاستثنائية وجدت نفسها أمام اكراهات جعلتها تتناقض حتى في مواقفها خاصة بعد إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن تسقيف زمني لمرحلة التدابير الاستثنائية وإقرار موعد 17 ديسمبر 2022 كموعد للانتخابات التشريعية القادمة.. وإذا كانت هناك أحزاب دعت قبل ذلك إلى ضرورة حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة مثل حركة النهضة والدستوري الحر في حين يرى حزب التيار الديمقراطي مثلا انه لا يمكن الحديث عن انتخابات أو الذهاب إليها قبل تنقية المناخ السياسي وتغيير الدستور والقانون الانتخابي.. فان تحديد موعد للانتخابات من طرف رئيس الجمهورية أجبر الأحزاب المؤيدة والرافضة اليوم أن تبدأ في التفكير بشكل جدي في الانتخابات القادمة، أملا في استعادة سلطة ضائعة أو في الوصول إلى الحكم كما كانت تخطط لذلك وتعمل من أجل ذلك لسنوات .
الأحزاب مجبرة على القبول بالأمر الواقع
لم يحسم قيس سعيد نهائيا في منظومة 2019 ولم يطو صفحة البرلمان بل قرر تجميده إلى حين إجراء انتخابات في السنة القادمة.. وإذا كانت اغلب الأحزاب المعارضة لمسار 25 جويلية تعلن عن رفضها لخارطة الطريق والتسقيف الزمني الذي قرره رئيس الجمهورية وخاصة موعد الانتخابات التشريعية التي ستكون حاسمة.. إلا أن هذه الأحزاب وكذلك الأحزاب المؤيدة لقيس سعيد لا يمكنها بحال تجاهل موعد هذا الاستحقاق الانتخابي حتى أن هناك أحزابا أعلنت أنها بصدد تجهيز نفسها للانتخابات في حين تعمل أحزاب أخرى على ذلك الهدف دون أن تعلن ذلك صراحة .
ولم يستجب رئيس الجمهورية إلى دعوات حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة حيث دعا الحزب الدستوري الحر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة معتبرا أن ذلكم هو "الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية"
وحركة النهضة التي اقترحت في وقت سابق إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها كان لها موقف مختلف بعد خطاب 13 ديسمبر حيث اعتبرت أن خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس سعيد خطوة أحادية لا تلزم سواه، مؤكدة رفضها "للإجراءات الانقلابية" التي أقدم عليها. وبالتوازي مع ذلك وفي بيان مشترك، أعلنت "تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية" التي تضم أحزاب (التيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والجمهوري) أن الرئيس سعيد عمّق الأزمة التي تمر بها البلاد بانقلابه على الدستور. كما أكد الأمين العام للحزب الجمهوري وعضو تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، عصام الشابي أن الرئيس قيس سعيد يواصل سياسة تقسيم التونسيين والمضي في الانقلاب على الدستور والديمقراطية. مشددا على ضرورة المرور إلى انتخابات سابقة لأوانها بعد إيجاد التوافق الوطني الواسع بين جميع القوى الوطنية.
في حين بدا موقف آفاق تونس مختلفا حيث قال رئيس حزب آفاق تونس فاضل عبد الكافي إن حزبه سيشرع في التحضير للانتخابات القادمة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد أن استكمل تركيز هياكله خلال أشغال المؤتمر الثالث للحزب. مبينا أن حزبه يتعامل مع الأمر الواقع رغم أنه كان يفضل وجود حوار وروزنامة لا تواريخ مسقطة حسب تعبيره. كما أكد عبد الكافي أن المرحلة تقتضي جلوس الجميع الى طاولة الحوار للاتفاق على ماهية دور الدولة الاقتصادي مؤكدا في الوقت نفسه وجود حلول لتونس من خلال التخلي عن القوانين التي لم تعد صالحة للتطبيق.
وفي المقابل علق المناضل أحمد نجيب الشابي علق على المواعيد السياسية القادمة والتي أعلنها سعيد بقوله أن هناك انفرادا بالسلطة من طرف قيس سعيد ودوسا على الدستور وخروجا تاما عن الشرعية.. وعلى العكس من ذلك تماما اعتبر حزب التحالف من أجل تونس، أن محتوى خطاب سعيد يُعبر عن تطلعات غالبية أبناء الشعب التونسي. وأن القرارات المعلن عنها توضح معالم الطريق لسنة مقبلة تتوج بانتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية لدورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها.
ورغم كل هذه المواقف المراوحة بين الرفض والتأييد لانتخابات تشريعية في الموعد الذي أعلنه رئيس الجمهورية.. ورغم وانه ووفق ما أعلنه قيس سعيد من مواعيد قادمة ستسبق هذه الانتخابات والتي ستغيّر بشكل كامل –ربما – ملامح النظام السياسي وستضع قواعد جديدة للعبة الديمقراطية.. فان الأحزاب لا يمكن المجازفة بعدم الاستعداد للانتخابات حتى تلك الرافضة لمسار 25 جويلية، حيث أن جبهة الرفض هذه، عجزت إلى اليوم عن تغيير الواقع الجديد، من خلال الشارع والاحتجاجات ولا تملك اليوم إلا أن تتعامل معه وان تقبل بقواعد اللعبة الديمقراطية الجديدة وتحاول اغتنام فرصة الانتخابات حتى ولو كانت تلك القواعد وضعها الرئيس، املا في نتائج تمنحها القوة السياسية والشرعية التي تؤهلها لتغيير ما ترفضه في الواقع.. ولذلك ووفق ما تسنى لنا من معطيات فان اغلب الأحزاب وعلى رأسها حركة النهضة باتت تنظر إلى هذا الموعد الانتخابي بشكل جدي وانطلقت بالفعل في عملية ترميم داخلي بوضع برامج للاستعداد جهويا ومحليا .