سجلت الساعات القليلة الماضية وحسب المنظمة الدولية للهجرة، غرق 160 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في تكرار للحوادث المأساوية لقوارب وسفن الموت المحملة بأحلام المهاجرين في معانقة الوجه الآخر من العالم والتي ستسقط في عرض البحر وتتحول الى عناوين لقصص وتجارب مؤلمة لن يكون لاحد القدرة على إلغائها او منعها حتى في زمن الجائحة التي اصابت العالم وحكمت على المطارات والموانئ بالشلل والركود لانه وبكل بساطة من يعتبرون انفسهم في عداد الاموات لن يضيرهم في شيء الارتماء في احضان البحر فان هم نجوا فقد كسبوا الرهان وان هم غرقوا فانه القضاء والقدر...
رقم مرعب لم تصحبه توضيحات عن هوية او اعمار او اسماء هؤلاء الضحايا الذين يتحولون في كل مرة الى مجرد رقم او رمز يتم تداوله قبل ان يطويه النسيان أو يستفيق العالم على وقع صدمة اخرى او مأساة اكبر واثقل مما سبق..
بين تفاصيل ماسي اللاجئين طفل لم يتجاوز السنة من عمره يصل جزيرة لامبادوزادون عائلته.. الخبر تناقلته وسائل اعلام ايطالية ومنها لا ريبابليكا التي اكدت انه لا احد يعرف هوية الطفل ولا اسمه وان كل ما يعرفونه ان والديه سلموه لبعض المهاجرين وجعلوه امانة بين ايديهم ولا احد يعرف مصير الوالدين وما اذا تمكنا من النجاة او غرقا في البحر...اي مصير لهذا الطفل ولأمثاله ممن أنصفهم القدر وجنبهم الغرق في البحر ومنحهم فرصة الحياة؟ ليس من السهل التكهن بذلك فالمشهد اعقد مما قد يبدو في النشرات الإخبارية.. مآسي اللاجئين في المتوسط وغيره أيضا تعكس في الواقع تداعيات مختلف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وما تخلفه من ظلم وفقر وبؤس وحيف فضلا عن الصراعات والحروب الدموية والاجتياحات وجرائم التدمير والخراب الحاصل في عديد المجتمعات التي تحولت إلى مجتمعات لاجئة على أرضها بلا عنوان أو مستقر وهي بالتأكيد ضحية لعصابات السلاح وتجار الموت والمخدرات والإرهاب والترهيب..
..ولا شك أن مأساة الطفل او الرضيع المجهول تظل عنوانا لازمة إنسانية عابرة للحدود وهي أزمة مرتبطة بملايين اللاجئين والمهاجرين في سباقاتهم اليومية للهروب من صوت الرصاص والقنابل والصراعات الدموية والحروب والكوارث الطبيعية والمجاعات وكل ما يزرع الخوف في الإنسان ويقلل الإحساس لديه بالأمان والاستقرار ويجعله مهوسا بهاجس البحث عن الهروب والهجرة إلى حيث يمكنه أن يستقر..
ولان ملف الهجرة والهجرة غير الشرعية من اعقد الملفات التي سيتعين على دول الشمال الغنية والمقتدرة صاحبة النفوذ وصناعة القرار في المحافل الإقليمية والدولية بحثها والتعاطي بشأنها مع دول الجنوب الاقل تطورا والأقل نموا والأكثر فقرا وتهميشا والاهم وهي المطالبة بان تكون الشرطي والحارس الأمين للحدود مع الشمال لمنع المتسللين والمتسربين إليه.. معها فان الأكيد أن هذا الملف سيكون من الأولويات التي لا يمكن تأجيلها أو تجاهلها في السنة القادمة 2022 ..
وحدها لغة الأرقام يمكن أن تختزل المأساة وترصد أبعاد وتداعيات أزمة الهجرة غير الشرعية وهي أزمة قديمة جديدة لم تجد ولن تجد لها دول المنشأ كما دول العبور أو دول الاستقبال الحلول المطلوبة طالما استمر التعاطي الكلاسيكي والأناني مع هذه الأزمة الإنسانية التي تكشف يوما بعد يوم عن عمق التناقض الخطير الحاصل وغياب القيم والعدالة الإنسانية والأخلاقية والسياسية والدولية في التعاطي مع هذا الملف الذي يحمل في طياته مع كل سفينة موت تعبر المتوسط عنوانا جديدا للمآسي الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع إلى الانسياق وراء الهجرة غير المشروعة والمخاطرة بأغلى وأقدس ما يمتلكه الإنسان وهو الحياة البشرية في مغامرة غير محسوبة قد تنتهي بالنجاة كما قد تنتهي بالغرق والموت المحقق وربما تكون فرص الموت اكبر من فرص الحياة..
تأبى السنة الحالية 2021 أن ترحل دون مزيد ماسي اللاجئين و"الحراقة" المغامرين الذين يركبون البحر كل يوم غير عابئين بالعواصف والأمواج العاتية وما يمكن أن يعترضهم في رحلة البحث عن ضفة أمنة تحيي فيهم الأمل من اجل فرصة أفضل في الحياة.. بل لعل السنة التي نستعد لطي أوراقها الأخيرة ستكون الأثقل من حيث حصيلة الضحايا من المهاجرين غير الشرعيين إن صح التوصيف وهم الذين تاهوا في البحر بعد أن تحول حلمهم إلى كابوس.. قد تختلف هوياتهم وأسماؤهم وجنسياتهم وقد تختلف الأسباب التي تدفعهم إلى المقامرة والرهان بالوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط والهرب من وطن أو أوطان تنكرت لأبنائها فصاروا غرباء عنها يطلبون الأمان فيه فلا يجدونه وينشدون الكرامة فلا يعرفون لها معنى أو سبيلا أو عنوانا..،لكن يبقى الأرجح أن الأسباب اكبر واخطر من أن يتم حصرها في رفض الأمر لواقع ورفض البحث عن الحلول والبدائل المتاحة...ولعل فيما ينقل يوميا من اخبار وصور الضحايا والجثث يتم إخراجها من خفر السواحل يوميا ما يؤكد ان كل المخاطر القائمة وهي مخاطر حقيقية وكل الحواجز الامنية وعمليات المراقبة المعقدة وكل ما يجري اعداده من محاولات لتعقب ومنع وافشال عمليات الهجرة غير الشرعية لا يمكن ان تتوقف ولن تتوقف مهما كانت الحراسة والقيود وسيجد تجار البشر واصحاب سفن الموت الذين يستثمرون في مآسي البؤساء الفرصة تلو الفرصة للعودة في كل مرة والمغامرة من اجل الوصول الى الضفة الاخرى للمتوسط الذي بات يوصف بمقبرة المتوسط..
نقول هذا لكلام ونحن ندرك خطورة وتعقيدات مشكلة الهجرة غير الشرعية وما خلفته وتخلفه من جروح وندوب وماسي ولكن لأننا ندرك بان هذه القضية لا يمكن أن تطوى أو تجد لها الحلول المناسبة بتحميل المسؤولية لدول المنشئ وحدها..
اسيا العتروس
سجلت الساعات القليلة الماضية وحسب المنظمة الدولية للهجرة، غرق 160 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في تكرار للحوادث المأساوية لقوارب وسفن الموت المحملة بأحلام المهاجرين في معانقة الوجه الآخر من العالم والتي ستسقط في عرض البحر وتتحول الى عناوين لقصص وتجارب مؤلمة لن يكون لاحد القدرة على إلغائها او منعها حتى في زمن الجائحة التي اصابت العالم وحكمت على المطارات والموانئ بالشلل والركود لانه وبكل بساطة من يعتبرون انفسهم في عداد الاموات لن يضيرهم في شيء الارتماء في احضان البحر فان هم نجوا فقد كسبوا الرهان وان هم غرقوا فانه القضاء والقدر...
رقم مرعب لم تصحبه توضيحات عن هوية او اعمار او اسماء هؤلاء الضحايا الذين يتحولون في كل مرة الى مجرد رقم او رمز يتم تداوله قبل ان يطويه النسيان أو يستفيق العالم على وقع صدمة اخرى او مأساة اكبر واثقل مما سبق..
بين تفاصيل ماسي اللاجئين طفل لم يتجاوز السنة من عمره يصل جزيرة لامبادوزادون عائلته.. الخبر تناقلته وسائل اعلام ايطالية ومنها لا ريبابليكا التي اكدت انه لا احد يعرف هوية الطفل ولا اسمه وان كل ما يعرفونه ان والديه سلموه لبعض المهاجرين وجعلوه امانة بين ايديهم ولا احد يعرف مصير الوالدين وما اذا تمكنا من النجاة او غرقا في البحر...اي مصير لهذا الطفل ولأمثاله ممن أنصفهم القدر وجنبهم الغرق في البحر ومنحهم فرصة الحياة؟ ليس من السهل التكهن بذلك فالمشهد اعقد مما قد يبدو في النشرات الإخبارية.. مآسي اللاجئين في المتوسط وغيره أيضا تعكس في الواقع تداعيات مختلف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وما تخلفه من ظلم وفقر وبؤس وحيف فضلا عن الصراعات والحروب الدموية والاجتياحات وجرائم التدمير والخراب الحاصل في عديد المجتمعات التي تحولت إلى مجتمعات لاجئة على أرضها بلا عنوان أو مستقر وهي بالتأكيد ضحية لعصابات السلاح وتجار الموت والمخدرات والإرهاب والترهيب..
..ولا شك أن مأساة الطفل او الرضيع المجهول تظل عنوانا لازمة إنسانية عابرة للحدود وهي أزمة مرتبطة بملايين اللاجئين والمهاجرين في سباقاتهم اليومية للهروب من صوت الرصاص والقنابل والصراعات الدموية والحروب والكوارث الطبيعية والمجاعات وكل ما يزرع الخوف في الإنسان ويقلل الإحساس لديه بالأمان والاستقرار ويجعله مهوسا بهاجس البحث عن الهروب والهجرة إلى حيث يمكنه أن يستقر..
ولان ملف الهجرة والهجرة غير الشرعية من اعقد الملفات التي سيتعين على دول الشمال الغنية والمقتدرة صاحبة النفوذ وصناعة القرار في المحافل الإقليمية والدولية بحثها والتعاطي بشأنها مع دول الجنوب الاقل تطورا والأقل نموا والأكثر فقرا وتهميشا والاهم وهي المطالبة بان تكون الشرطي والحارس الأمين للحدود مع الشمال لمنع المتسللين والمتسربين إليه.. معها فان الأكيد أن هذا الملف سيكون من الأولويات التي لا يمكن تأجيلها أو تجاهلها في السنة القادمة 2022 ..
وحدها لغة الأرقام يمكن أن تختزل المأساة وترصد أبعاد وتداعيات أزمة الهجرة غير الشرعية وهي أزمة قديمة جديدة لم تجد ولن تجد لها دول المنشأ كما دول العبور أو دول الاستقبال الحلول المطلوبة طالما استمر التعاطي الكلاسيكي والأناني مع هذه الأزمة الإنسانية التي تكشف يوما بعد يوم عن عمق التناقض الخطير الحاصل وغياب القيم والعدالة الإنسانية والأخلاقية والسياسية والدولية في التعاطي مع هذا الملف الذي يحمل في طياته مع كل سفينة موت تعبر المتوسط عنوانا جديدا للمآسي الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع إلى الانسياق وراء الهجرة غير المشروعة والمخاطرة بأغلى وأقدس ما يمتلكه الإنسان وهو الحياة البشرية في مغامرة غير محسوبة قد تنتهي بالنجاة كما قد تنتهي بالغرق والموت المحقق وربما تكون فرص الموت اكبر من فرص الحياة..
تأبى السنة الحالية 2021 أن ترحل دون مزيد ماسي اللاجئين و"الحراقة" المغامرين الذين يركبون البحر كل يوم غير عابئين بالعواصف والأمواج العاتية وما يمكن أن يعترضهم في رحلة البحث عن ضفة أمنة تحيي فيهم الأمل من اجل فرصة أفضل في الحياة.. بل لعل السنة التي نستعد لطي أوراقها الأخيرة ستكون الأثقل من حيث حصيلة الضحايا من المهاجرين غير الشرعيين إن صح التوصيف وهم الذين تاهوا في البحر بعد أن تحول حلمهم إلى كابوس.. قد تختلف هوياتهم وأسماؤهم وجنسياتهم وقد تختلف الأسباب التي تدفعهم إلى المقامرة والرهان بالوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط والهرب من وطن أو أوطان تنكرت لأبنائها فصاروا غرباء عنها يطلبون الأمان فيه فلا يجدونه وينشدون الكرامة فلا يعرفون لها معنى أو سبيلا أو عنوانا..،لكن يبقى الأرجح أن الأسباب اكبر واخطر من أن يتم حصرها في رفض الأمر لواقع ورفض البحث عن الحلول والبدائل المتاحة...ولعل فيما ينقل يوميا من اخبار وصور الضحايا والجثث يتم إخراجها من خفر السواحل يوميا ما يؤكد ان كل المخاطر القائمة وهي مخاطر حقيقية وكل الحواجز الامنية وعمليات المراقبة المعقدة وكل ما يجري اعداده من محاولات لتعقب ومنع وافشال عمليات الهجرة غير الشرعية لا يمكن ان تتوقف ولن تتوقف مهما كانت الحراسة والقيود وسيجد تجار البشر واصحاب سفن الموت الذين يستثمرون في مآسي البؤساء الفرصة تلو الفرصة للعودة في كل مرة والمغامرة من اجل الوصول الى الضفة الاخرى للمتوسط الذي بات يوصف بمقبرة المتوسط..
نقول هذا لكلام ونحن ندرك خطورة وتعقيدات مشكلة الهجرة غير الشرعية وما خلفته وتخلفه من جروح وندوب وماسي ولكن لأننا ندرك بان هذه القضية لا يمكن أن تطوى أو تجد لها الحلول المناسبة بتحميل المسؤولية لدول المنشئ وحدها..