إحراج سياسي واقتصادي واجتماعي ذلك الذي تعيشه تونس بعد أن بدأت ملامح الأزمة الثلاثية تتوسع في اتجاه جميع القطاعات بما ينذر بتحركات احتجاجية قاسية كردة فعل عن الوضع المتردي للبلاد.
هكذا موقف لم يكن لينشأ لولا التدخل الإذاعي لرئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي أول أمس والذي حذر من ارتفاع عدد الاحتجاجات في تونس خلال سنة 2022 .
ولم يكن تصريح الهذيلي خارج سياق الملاحظات العامة المسجلة في الآونة الأخيرة من تراجع ملحوظ في الاستثمار وتراجع الدولة عن وعودها بالانتداب وارتفاع عدد العاطلين عن العمل بالإضافة إلى توسع خط الفقر الذي شمل بالأساس ولايات الهامش ومدنها.
وقال الهذيلي خلال مداخلة له على إذاعة “اكسبراس اف ام”: “تتمّ الاحتجاجات اضطرارا وهي ردّ فعل عن الانتظار طويلا لتحقيق مطالب ما وتنديدا بوضع معين ولا يكون الاحتجاج من اجل الاحتجاج بل هو نتيجة واقع مترد والوضع هو الذي يضطر المواطنين للاحتجاج” .
وأضاف “من شهر ديسمبر إلى شهري جانفي وفيفري يزيد عدد الاحتجاجات عامّة لكن ذلك هو نتيجة تراكمات وأوضاع اقتصادية واجتماعية متردية ودائما ما يكون هناك فعل سياسي سابق للاحتجاجات”.
وتابع “تختلف أشكال الاحتجاجات وهي متنوعة حسب المطالب.. هناك استقرار ولكن احتجاجات هذه السنة ستكون بقدر السنوات الفارطة.. من شهر جانفي الماضي إلى اليوم هناك 13 ألف تونسي غادروا البلاد في إطار هجرة غير نظامية ووصلوا إلى ايطاليا وتم منع أكثر من 23 ألفا من طرف الأمن التونسي زد على ذلك قضية القانون عدد 38 الذي يترقب المعنيون به منذ 11 سنة تشغيلهم.. اعتقد انه كان هناك أمل بعد 25 جويلية ولكنه بصدد التراجع وهناك عودة كبيرة لكل الاحتجاجات ونتوقع هذه السنة أن تكون الاحتجاجات على مستوى العدد وعلى مستوى الجهات أكثر بكثير من السنوات الماضية لأنه كان هناك أمل في 25 جويلية لكن هذا الأمل تراجع تدريجيا “.
وقال المتحدث “كان للجميع أمل على أساس فتح باب تفاوض جدي ومشاورات إلا أن الأمر بدأ يتراجع خاصة بخصوص المعنيين بالقانون 38 الذين طالت بطالتهم وفي المقابل الهجرة غير النظامية التي ترتبط بالقطاع المدرسي وبالفقر وغيره من المسائل. هناك قصّر ونساء ..أكثر من 500 امرأة غادرن البلاد في “حرقة” وأكثر من 1500 طفل تتراوح أعمارهم بين 14 و16 سنة من جانفي إلى الآن أي في سنة وهناك أطفال فارقوا الحياة وتتراوح أعمارهم بين 5 و6 سنوات”.
ولم تكن المسالة الاجتماعية وحدها عنوان للازمة حيث الوضع الاقتصادي الهش والسياسي المهزوز وهو ما يبذر بأزمة قد تمس السلم الاجتماعي للبلاد.
وتعيش تونس على وقع التعطيل بعد الاختلاف الكبير في الرؤى لما تعيشه بلادنا منذ متغير 25جويلية، بين من يراه تصحيحا لمسار كامل وبين من يصفه بانقلاب واضح.
وخلق هذا التشويش والتداخل جدلا واسعا داخل الأوساط القانونية والدستورية بما عمق الأزمة أكثر بعد أن اصطف محللون وأساتذة قانون دستوري وراء الجهات المتخاصمة.
وتبدو الأسبقية في كل هذا إلى أولئك الذين يقفون خلف خط الرئيس قيس سعيد يساندهم في ذلك تسونامي من الحسابات الفايسبوكية حيث التعليقات والترويج للموقف القريب من سعيد والثلب والشتم لكل من يخالف في الرأي.
وبعيدا عن توظيف البعض لمعارفهم لفائدة هذه الجهة او تلك، وعلى اعتبار أن الأرقام والإحصائيات لا تكذب فقد بدا القلق متصاعدا إزاء التراجع الاقتصادي بما ينذر بمزيد من التصنيفات السيادية السلبية .
وزادت حدة الوضع الاقتصادي مع ما تسرب من فصول قانون المالية حيث سيزيد الضغط على جيوب المواطن التونسي أكثر فأكثر.
وفي هذا السياق دوّن النائب المستقلّ والرئيس السابق للجنة المالية بمجلس نواب الشعب، والخبير المحاسب عياض اللومي قائلا إن ما تعيشه البلاد من جدل سياسي عقيم في بلد يتهدده شبح الإفلاس."
وأورد اللومي جملة من الأرقام والمعطيات الحينية لاقتصاد البلاد أهمها ان " آخر تحيين لوزارة المالية في جوان 2021 أفرز عجزا متوقعا إلى موفى 2021 بـ9.7% أي حوالي 11.5 مليار دينار على أساس سعر برميل النفط بـ67 دولار في حين وأنه اليوم ب70 دولار مما يتطلب 4 مليارات إضافية".
وعن حجم الديون قال اللومي "إنها تبلغ 22.7 مليار في حين تم تعبئة 7.2 مليار فقط أي أن ما نحتاجه إلى موفّى 2021 هو 15.5 مليار دينار منها 8.2 ديون خارجية (يعني بالعملة الأجنبية).
وإذ يبدو الوضع صعبا فان معادلة الاستقرار قد لا تتحقق هي الأخرى وهو ما حذر منه الاتحاد العام التونسي للشغل.
وفي هذا السياق قال الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي "إن الوضع الذي وصلت إليه البلاد يمثل أزمة غير مسبوقة على الصعيد الاقتصادي والمالي، ولذلك أصبحنا اليوم نخشى على الشعب التونسي من تداعيات قرارات 25جويلية".
ونبه الطبوبي في خطاب ألقاه أمام تجمع عمالي ضخم، بمناسبة إحياء الذكرى 69 لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد إلى جملة المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي تتهدد تونس، في ظل عدم استقرار سياسي وتاريخ انتهاء التدابير الاستثنائية، والعودة إلى المسار الديمقراطي الطبيعي بمؤسساته الدستورية المختلفة.
وأضاف الطبوبي أن تونس «تعيش حالة عطالة»، مشيراً إلى مظاهر العصيان التي بدأت تهدد بانفجار اجتماعي غير محدود العواقب. وتابع موضحاً: «نحتاج إلى رؤية، وبرنامج يقوم على الكفاءة الوطنية لا على الولاءات، ولا إلى المنوال التنموي الحالي مع الاستجابة للاستحقاقات الاجتماعية.
وإذ لا يشك احد في خلو المسؤولية السياسية والاقتصادية لقيس سعيد على اعتبار أن أزمة البلاد سابقة لانتخاب الرئيس فان مسؤوليته لا تقل أهمية بعد تاريخ 25جويلية بعد ان امسك بيده جميع السلط وأغلق أبواب رئاسة الحكومة وباردو وهو ما يرفضه الشركاء الاقتصاديين الذين اشترطوا الدعم الاقتصادي بعودة الحياة السياسية الى طبيعتها .
ويبدو واضحا أن الحديث عن تصحيح المسار يتطلب هو الآخر تصحيحا، وقد انتبه الاتحاد العام التونسي للشغل لهذه النقطة وبدا يتحسس الانحرافات الحاصلة لتصحيح المسار في نسخته الأولى لتنطلق المنظمة في طرح مبادرات للحوار ولخريطة الطريق بغاية إنهاء الأزمة بشقيها السياسي والاقتصادي وتأثيراته المحتملة على الاجتماعي أيضا.
وقد وضعت منظمة حشاد خطة "الخط الثالث" كحل عاجل لإنهاء الأزمة والاستثمار في الاستقرار.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
إحراج سياسي واقتصادي واجتماعي ذلك الذي تعيشه تونس بعد أن بدأت ملامح الأزمة الثلاثية تتوسع في اتجاه جميع القطاعات بما ينذر بتحركات احتجاجية قاسية كردة فعل عن الوضع المتردي للبلاد.
هكذا موقف لم يكن لينشأ لولا التدخل الإذاعي لرئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي أول أمس والذي حذر من ارتفاع عدد الاحتجاجات في تونس خلال سنة 2022 .
ولم يكن تصريح الهذيلي خارج سياق الملاحظات العامة المسجلة في الآونة الأخيرة من تراجع ملحوظ في الاستثمار وتراجع الدولة عن وعودها بالانتداب وارتفاع عدد العاطلين عن العمل بالإضافة إلى توسع خط الفقر الذي شمل بالأساس ولايات الهامش ومدنها.
وقال الهذيلي خلال مداخلة له على إذاعة “اكسبراس اف ام”: “تتمّ الاحتجاجات اضطرارا وهي ردّ فعل عن الانتظار طويلا لتحقيق مطالب ما وتنديدا بوضع معين ولا يكون الاحتجاج من اجل الاحتجاج بل هو نتيجة واقع مترد والوضع هو الذي يضطر المواطنين للاحتجاج” .
وأضاف “من شهر ديسمبر إلى شهري جانفي وفيفري يزيد عدد الاحتجاجات عامّة لكن ذلك هو نتيجة تراكمات وأوضاع اقتصادية واجتماعية متردية ودائما ما يكون هناك فعل سياسي سابق للاحتجاجات”.
وتابع “تختلف أشكال الاحتجاجات وهي متنوعة حسب المطالب.. هناك استقرار ولكن احتجاجات هذه السنة ستكون بقدر السنوات الفارطة.. من شهر جانفي الماضي إلى اليوم هناك 13 ألف تونسي غادروا البلاد في إطار هجرة غير نظامية ووصلوا إلى ايطاليا وتم منع أكثر من 23 ألفا من طرف الأمن التونسي زد على ذلك قضية القانون عدد 38 الذي يترقب المعنيون به منذ 11 سنة تشغيلهم.. اعتقد انه كان هناك أمل بعد 25 جويلية ولكنه بصدد التراجع وهناك عودة كبيرة لكل الاحتجاجات ونتوقع هذه السنة أن تكون الاحتجاجات على مستوى العدد وعلى مستوى الجهات أكثر بكثير من السنوات الماضية لأنه كان هناك أمل في 25 جويلية لكن هذا الأمل تراجع تدريجيا “.
وقال المتحدث “كان للجميع أمل على أساس فتح باب تفاوض جدي ومشاورات إلا أن الأمر بدأ يتراجع خاصة بخصوص المعنيين بالقانون 38 الذين طالت بطالتهم وفي المقابل الهجرة غير النظامية التي ترتبط بالقطاع المدرسي وبالفقر وغيره من المسائل. هناك قصّر ونساء ..أكثر من 500 امرأة غادرن البلاد في “حرقة” وأكثر من 1500 طفل تتراوح أعمارهم بين 14 و16 سنة من جانفي إلى الآن أي في سنة وهناك أطفال فارقوا الحياة وتتراوح أعمارهم بين 5 و6 سنوات”.
ولم تكن المسالة الاجتماعية وحدها عنوان للازمة حيث الوضع الاقتصادي الهش والسياسي المهزوز وهو ما يبذر بأزمة قد تمس السلم الاجتماعي للبلاد.
وتعيش تونس على وقع التعطيل بعد الاختلاف الكبير في الرؤى لما تعيشه بلادنا منذ متغير 25جويلية، بين من يراه تصحيحا لمسار كامل وبين من يصفه بانقلاب واضح.
وخلق هذا التشويش والتداخل جدلا واسعا داخل الأوساط القانونية والدستورية بما عمق الأزمة أكثر بعد أن اصطف محللون وأساتذة قانون دستوري وراء الجهات المتخاصمة.
وتبدو الأسبقية في كل هذا إلى أولئك الذين يقفون خلف خط الرئيس قيس سعيد يساندهم في ذلك تسونامي من الحسابات الفايسبوكية حيث التعليقات والترويج للموقف القريب من سعيد والثلب والشتم لكل من يخالف في الرأي.
وبعيدا عن توظيف البعض لمعارفهم لفائدة هذه الجهة او تلك، وعلى اعتبار أن الأرقام والإحصائيات لا تكذب فقد بدا القلق متصاعدا إزاء التراجع الاقتصادي بما ينذر بمزيد من التصنيفات السيادية السلبية .
وزادت حدة الوضع الاقتصادي مع ما تسرب من فصول قانون المالية حيث سيزيد الضغط على جيوب المواطن التونسي أكثر فأكثر.
وفي هذا السياق دوّن النائب المستقلّ والرئيس السابق للجنة المالية بمجلس نواب الشعب، والخبير المحاسب عياض اللومي قائلا إن ما تعيشه البلاد من جدل سياسي عقيم في بلد يتهدده شبح الإفلاس."
وأورد اللومي جملة من الأرقام والمعطيات الحينية لاقتصاد البلاد أهمها ان " آخر تحيين لوزارة المالية في جوان 2021 أفرز عجزا متوقعا إلى موفى 2021 بـ9.7% أي حوالي 11.5 مليار دينار على أساس سعر برميل النفط بـ67 دولار في حين وأنه اليوم ب70 دولار مما يتطلب 4 مليارات إضافية".
وعن حجم الديون قال اللومي "إنها تبلغ 22.7 مليار في حين تم تعبئة 7.2 مليار فقط أي أن ما نحتاجه إلى موفّى 2021 هو 15.5 مليار دينار منها 8.2 ديون خارجية (يعني بالعملة الأجنبية).
وإذ يبدو الوضع صعبا فان معادلة الاستقرار قد لا تتحقق هي الأخرى وهو ما حذر منه الاتحاد العام التونسي للشغل.
وفي هذا السياق قال الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي "إن الوضع الذي وصلت إليه البلاد يمثل أزمة غير مسبوقة على الصعيد الاقتصادي والمالي، ولذلك أصبحنا اليوم نخشى على الشعب التونسي من تداعيات قرارات 25جويلية".
ونبه الطبوبي في خطاب ألقاه أمام تجمع عمالي ضخم، بمناسبة إحياء الذكرى 69 لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد إلى جملة المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي تتهدد تونس، في ظل عدم استقرار سياسي وتاريخ انتهاء التدابير الاستثنائية، والعودة إلى المسار الديمقراطي الطبيعي بمؤسساته الدستورية المختلفة.
وأضاف الطبوبي أن تونس «تعيش حالة عطالة»، مشيراً إلى مظاهر العصيان التي بدأت تهدد بانفجار اجتماعي غير محدود العواقب. وتابع موضحاً: «نحتاج إلى رؤية، وبرنامج يقوم على الكفاءة الوطنية لا على الولاءات، ولا إلى المنوال التنموي الحالي مع الاستجابة للاستحقاقات الاجتماعية.
وإذ لا يشك احد في خلو المسؤولية السياسية والاقتصادية لقيس سعيد على اعتبار أن أزمة البلاد سابقة لانتخاب الرئيس فان مسؤوليته لا تقل أهمية بعد تاريخ 25جويلية بعد ان امسك بيده جميع السلط وأغلق أبواب رئاسة الحكومة وباردو وهو ما يرفضه الشركاء الاقتصاديين الذين اشترطوا الدعم الاقتصادي بعودة الحياة السياسية الى طبيعتها .
ويبدو واضحا أن الحديث عن تصحيح المسار يتطلب هو الآخر تصحيحا، وقد انتبه الاتحاد العام التونسي للشغل لهذه النقطة وبدا يتحسس الانحرافات الحاصلة لتصحيح المسار في نسخته الأولى لتنطلق المنظمة في طرح مبادرات للحوار ولخريطة الطريق بغاية إنهاء الأزمة بشقيها السياسي والاقتصادي وتأثيراته المحتملة على الاجتماعي أيضا.
وقد وضعت منظمة حشاد خطة "الخط الثالث" كحل عاجل لإنهاء الأزمة والاستثمار في الاستقرار.