لا تزال الإجراءات الرئاسية الأخيرة الصادرة في خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد تلقي بظلالها على المشهد السياسي.
ولئن نجح سعيد في الإيفاء بكلمته وتحديد آجل وسقف زمني للإجراءات الاستثنائية فانه في المقابل فشل في إقناع الداخل والخارج بواجهة توجهه الجديد بعد أن رفضت المعارضة إعلان 13ديسمبر ما صدر عنه واعتبروه مماطلة سياسية لربح مزيد من الوقت لإنعاش الرئيس نفسه.
وعبرت المعارضة التونسية عن رفضها من خلال دعوتها للتحرك يوم 17ديسمبر كردة فعل سياسي عن خريطة الطريق المعلن عنها والتي تنتهي في غضون سنة حيث تمتد من "الفاتح " من شهر جانفي إلى ديسمبر من السنة القادمة.
هكذا خارطة طريق وإذ يرى فيها بعضهم على نقائصها شكلا من أشكال الخلاص للازمة الراهنة ومدخلا يمكن البناء عليه ضمانا للاستقرار فان آخرين يصفونها بغير المجدية وغير الملائمة وأنها مجرد مواعيد واستحقاقات لتجميل الواقع السياسي المهزوز.
وفي هذا السياق رحب رئيس حزب تونس إلى الأمام عبيد البريكي (حزب غير برلماني) أن إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن خارطة طريق حتى الانتخابات التشريعية خطوة مهمة مضيفا أنها مرحلة توضح مصير الإجراءات الاستثنائية، وفق تقديره.
وأكد البريكي في إحدى تصريحاته أن المقترحات غيبت مكونات المشهد السياسي والاجتماعي والمدني مما سيؤثر سلبا على المسار معبرا عن احتراز الحركة من اعتماد المنصات الإلكترونية.
وأفاد عبيد البريكي بأن البرلمان يعتبر منحلا نظرا لتواصل تعليق اختصاصاته إلى موعد الانتخابات القادمة.
من جهته اعتبر حزب التيار الشعبي (غير برلماني) في بيان له أن الإجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم هي “خطوة أخرى متقدّمة في مسار 25 جويلية لتحقيق أهدافه وتفكيك منظومة الفساد والإرهاب وفتح المجال أمام الشعب لإعادة بناء وطنه على أسس سياسية سليمة”.
وأضاف حزب التيار الشعبي في بيان له بمناسبة حلول الذكرى 11 للثورة وتعقيبا على خطاب رئيس الجمهورية الذي أعلن فيه إجراءات جديدة تعلقت أساسا بضبط روزنامة مواعيد الإصلاحات السياسية، أن تشكيل لجنة الإصلاح السياسي بناءً على ما ورد في الأمر عدد 117 وضبط تركيبتها وصلاحياتها ومدة عملها وإدارتها للحوار المجتمعي لا بد أن تضُمّ إلى جانب خبراء القانون اختصاصات أخرى ذات الصّلة باعتبار أن لكل دستور أو نظام سياسي أو قانون انتخابي خلفية سوسيولوجية وثقافية.
وعلى عكس الأحزاب التي يصفها خصومها "بالانتهازية" فان أغلبية الأحزاب قد عبرت عن رفضها عن إجراءات الرئيس وهو ما دفعها مجددا للنزول للشارع والتحرك الاحتجاجي بعد سلسلة من الندوات والمواقف المناهضة لسياسة رئيس الجمهورية.
ولم تكن إجراءات 13ديسمبر بمعزل عن الملاحظات الدولية فقد اعتبر رئيس برلمان دول حلف "الناتو"، جيرالد كونولي، في بيان، أنّه رغم إعلان قيس سعيد يوم 13 ديسمبر الحالي، إجراء استفتاء دستوري في جويلية 2022 وتعهد بإجراء انتخابات برلمانية في ديسمبر المقبل، إلاّ أنّه يقود البلاد "لسوء الحظ"، إلى أوتوقراطية كاملة، وفق تعبيره.
وقال كونولي، في بيانه الذي نشر على موقع برلمان دول حلف الناتو أول أمس انه "يجب أن تكون إعادة تونس إلى مؤسسات ديمقراطية فاعلة من خلال حوار سياسي شامل هي الأولوية".
وأضاف: "يجب أن تشمل المعالم الأساسية للعملية، المشاركة غير المقيدة للأحزاب السياسية والمجتمع المدني، واحترام حقوق الإنسان وحمايتها، واستعادة الضوابط وتوازن السلطة التنفيذية، وسلطة انتخابية مستقلة لمراقبة الانتخابات البرلمانية المعلنة".
وتابع رئيس البرلمان: "إن استعادة النشاط البرلماني على وجه الخصوص أمر بالغ الأهمية للتصدي للتحديات السياسية والاقتصادية والصحية التي تواجهها تونس حاليًا، ولتلبية تطلعات الشعب التونسي، وضمان الحقوق الأساسية لجميع التونسيين".
وشدّد جيرالد كونولي على أنّ أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) دعموا لشعب التونسي في جهوده لتحقيق طموحاته الديمقراطية وسيواصلون القيام بذلك في المستقبل. وسيتابع المجلس عن كثب الخطوات التالية لإعادة تونس إلى مسارها الديمقراطي، حسب تعبير رئيس برلمان دول "الناتو".
ولم يكن خيار العودة إلى المسار الديمقراطي خيار خارجي بل دعمته العديد من الأحزاب والمنظمات الوطنية وذلك بعد ملاحظاتها المتكررة بتراجع سقف الحريات وحرية التعبير بالإضافة إلى ووجود مواطنين أمام القضاء العسكري وهو ما تصفه أحزاب بالانتكاسة الكبرى.
هكذا سياق تقاطع في وصفه كل من الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي محمد عبو وحركة النهضة وحذر عبو أمس الأول أثناء استضافته على إذاعة موزاييك من خطورة المس بحقوق الإنسان والحريات، قائلاً إن ذلك خط أحمر ولا مجال للتنازل عنه" كاشفا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد ''أمر شخصياً بسجن الإعلامي بقناة الزيتونة عامر عياد."
كما كان لحركة النهضة موقف مقارب لموقف عبو بشان التداخل القضائي العسكري والمدني حيث عبرت كتلة الحزب بالبرلمان رفضها لمحاكمة النوّاب والمدنيين أمام "المحاكم العسكرية ودعوتها لتوفير شروط محاكمات عادلة لهم بعيدا عن التوظيف والتشفّي، بالإضافة إلى سياسة التجويع الممنهج للنوّاب عبر حرمانهم من حقوقهم الماديّة والمعنوية".
خليل الحناشي
تونس-الصباح
لا تزال الإجراءات الرئاسية الأخيرة الصادرة في خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد تلقي بظلالها على المشهد السياسي.
ولئن نجح سعيد في الإيفاء بكلمته وتحديد آجل وسقف زمني للإجراءات الاستثنائية فانه في المقابل فشل في إقناع الداخل والخارج بواجهة توجهه الجديد بعد أن رفضت المعارضة إعلان 13ديسمبر ما صدر عنه واعتبروه مماطلة سياسية لربح مزيد من الوقت لإنعاش الرئيس نفسه.
وعبرت المعارضة التونسية عن رفضها من خلال دعوتها للتحرك يوم 17ديسمبر كردة فعل سياسي عن خريطة الطريق المعلن عنها والتي تنتهي في غضون سنة حيث تمتد من "الفاتح " من شهر جانفي إلى ديسمبر من السنة القادمة.
هكذا خارطة طريق وإذ يرى فيها بعضهم على نقائصها شكلا من أشكال الخلاص للازمة الراهنة ومدخلا يمكن البناء عليه ضمانا للاستقرار فان آخرين يصفونها بغير المجدية وغير الملائمة وأنها مجرد مواعيد واستحقاقات لتجميل الواقع السياسي المهزوز.
وفي هذا السياق رحب رئيس حزب تونس إلى الأمام عبيد البريكي (حزب غير برلماني) أن إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن خارطة طريق حتى الانتخابات التشريعية خطوة مهمة مضيفا أنها مرحلة توضح مصير الإجراءات الاستثنائية، وفق تقديره.
وأكد البريكي في إحدى تصريحاته أن المقترحات غيبت مكونات المشهد السياسي والاجتماعي والمدني مما سيؤثر سلبا على المسار معبرا عن احتراز الحركة من اعتماد المنصات الإلكترونية.
وأفاد عبيد البريكي بأن البرلمان يعتبر منحلا نظرا لتواصل تعليق اختصاصاته إلى موعد الانتخابات القادمة.
من جهته اعتبر حزب التيار الشعبي (غير برلماني) في بيان له أن الإجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم هي “خطوة أخرى متقدّمة في مسار 25 جويلية لتحقيق أهدافه وتفكيك منظومة الفساد والإرهاب وفتح المجال أمام الشعب لإعادة بناء وطنه على أسس سياسية سليمة”.
وأضاف حزب التيار الشعبي في بيان له بمناسبة حلول الذكرى 11 للثورة وتعقيبا على خطاب رئيس الجمهورية الذي أعلن فيه إجراءات جديدة تعلقت أساسا بضبط روزنامة مواعيد الإصلاحات السياسية، أن تشكيل لجنة الإصلاح السياسي بناءً على ما ورد في الأمر عدد 117 وضبط تركيبتها وصلاحياتها ومدة عملها وإدارتها للحوار المجتمعي لا بد أن تضُمّ إلى جانب خبراء القانون اختصاصات أخرى ذات الصّلة باعتبار أن لكل دستور أو نظام سياسي أو قانون انتخابي خلفية سوسيولوجية وثقافية.
وعلى عكس الأحزاب التي يصفها خصومها "بالانتهازية" فان أغلبية الأحزاب قد عبرت عن رفضها عن إجراءات الرئيس وهو ما دفعها مجددا للنزول للشارع والتحرك الاحتجاجي بعد سلسلة من الندوات والمواقف المناهضة لسياسة رئيس الجمهورية.
ولم تكن إجراءات 13ديسمبر بمعزل عن الملاحظات الدولية فقد اعتبر رئيس برلمان دول حلف "الناتو"، جيرالد كونولي، في بيان، أنّه رغم إعلان قيس سعيد يوم 13 ديسمبر الحالي، إجراء استفتاء دستوري في جويلية 2022 وتعهد بإجراء انتخابات برلمانية في ديسمبر المقبل، إلاّ أنّه يقود البلاد "لسوء الحظ"، إلى أوتوقراطية كاملة، وفق تعبيره.
وقال كونولي، في بيانه الذي نشر على موقع برلمان دول حلف الناتو أول أمس انه "يجب أن تكون إعادة تونس إلى مؤسسات ديمقراطية فاعلة من خلال حوار سياسي شامل هي الأولوية".
وأضاف: "يجب أن تشمل المعالم الأساسية للعملية، المشاركة غير المقيدة للأحزاب السياسية والمجتمع المدني، واحترام حقوق الإنسان وحمايتها، واستعادة الضوابط وتوازن السلطة التنفيذية، وسلطة انتخابية مستقلة لمراقبة الانتخابات البرلمانية المعلنة".
وتابع رئيس البرلمان: "إن استعادة النشاط البرلماني على وجه الخصوص أمر بالغ الأهمية للتصدي للتحديات السياسية والاقتصادية والصحية التي تواجهها تونس حاليًا، ولتلبية تطلعات الشعب التونسي، وضمان الحقوق الأساسية لجميع التونسيين".
وشدّد جيرالد كونولي على أنّ أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) دعموا لشعب التونسي في جهوده لتحقيق طموحاته الديمقراطية وسيواصلون القيام بذلك في المستقبل. وسيتابع المجلس عن كثب الخطوات التالية لإعادة تونس إلى مسارها الديمقراطي، حسب تعبير رئيس برلمان دول "الناتو".
ولم يكن خيار العودة إلى المسار الديمقراطي خيار خارجي بل دعمته العديد من الأحزاب والمنظمات الوطنية وذلك بعد ملاحظاتها المتكررة بتراجع سقف الحريات وحرية التعبير بالإضافة إلى ووجود مواطنين أمام القضاء العسكري وهو ما تصفه أحزاب بالانتكاسة الكبرى.
هكذا سياق تقاطع في وصفه كل من الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي محمد عبو وحركة النهضة وحذر عبو أمس الأول أثناء استضافته على إذاعة موزاييك من خطورة المس بحقوق الإنسان والحريات، قائلاً إن ذلك خط أحمر ولا مجال للتنازل عنه" كاشفا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد ''أمر شخصياً بسجن الإعلامي بقناة الزيتونة عامر عياد."
كما كان لحركة النهضة موقف مقارب لموقف عبو بشان التداخل القضائي العسكري والمدني حيث عبرت كتلة الحزب بالبرلمان رفضها لمحاكمة النوّاب والمدنيين أمام "المحاكم العسكرية ودعوتها لتوفير شروط محاكمات عادلة لهم بعيدا عن التوظيف والتشفّي، بالإضافة إلى سياسة التجويع الممنهج للنوّاب عبر حرمانهم من حقوقهم الماديّة والمعنوية".