في الوقت الذي تتزاحم فيه الآراء والتجاذبات والقراءات للإجراءات والقرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية يوم 13 من الشهر الجاري لتزيل جانب من الغموض وتضع الجميع أمام الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة لاسيما ما تعلق منها بالبرنامج الزمني و"التسقيف" المحدد للمرحلة الاستثنائية، الذي لطالما انتظره وطالب به الداخل والخارج التونسي، جاءت ردود الأفعال الدولية لتنهي الجدل حول المواقف الدولية من تونس خاصة أن البعض بدأ يطرح مخاطر وتداعيات حالة "العزلة" التي أصبح عليها سعيد وأيضا بلادنا في الفترة الأخيرة بسبب الغموض والضبابية المخيمة على المشهد والوضع بشكل عام و"قصر قرطاج" بشكل خاص باعتباره مصدر القرار الوحيد في تونس منذ 25 جويلية إلى الآن.
فكانت ردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية حاسمة لعدة اعتبارات لعل أبرزها أنها تزامنت مع الزيارة الرسمية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس، إذ تضمن البيان الصادر عن نيد برايس، الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية دعم وترحيب بلاده بالجدول الزمني الذي أعلن عنه قيس سعيد وما تضمنه من قرارات تتمثل في وتوجهاته العملية لإحداث تغيير دستوري وسياسي والقيام بإصلاح سياسي وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، إضافة إلى تنظيم استفتاء شعبي مؤكدة التزامها بدعم علاقة الشراكة مع تونس. والهام في هذا أيضا ما تضمنه البيان من تأكيد ضمني على الدعم والمساندة التي ستقدمها الولايات المتحدة لبلادنا في هذه المرحلة الصعبة التي تتزامن مع إحياء الذكرى الحادية عشرة للثورة وما يرافقه من مطلبية وانتظارات واسعة في ظل مناخ اجتماعي ينذر بالانفجار وسياسي تحكمه التجاذبات والصراعات وظرف اقتصادي أقل ما يقال عنه أنه متأزم.
وتقاطعت أغلب المواقف عند جملة من النقاط منها التشديد على أن تكون الإصلاحات في كنف الشفافية ومشاركة جميع أصوات المجتمع المدني والسياسي المختلف وأن نجاح العملية مرتبط بطرق تنفيذها الديمقراطي بعيدا عن منطق الإقصاء.
ولم تقتصر ردود الأفعال الدولية الداعمة والمرحبة باتضاح سياسية سعيد في إدارة المرحلة الاستثنائية على الموقف الأمريكي وحده وذلك بعد إعلانه عن البرنامج الزمني بالأساس وما سيرافقه من إصلاحات وإجراءات في سياق التمهيد للقيام بإصلاحات شاملة للمنظومة السياسية برمتها في انتظار إعلانه عن جملة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية مثلما أكد ذلك، بل شملت أيضا بيانا للاتحاد الأوروبي عبر من خلاله عن ترحيبه بروزنامة سعيد بشأن البرنامج السياسي على اعتبار أنها تعد خطوة هامة في إطار مسار الإصلاح واستعادة الدولة لمقومات الاستقرار وتوازن المؤسسات. وتقاطع هذا البيان أيضا مع ما تضمنه بيان الخارجية الأمريكية وعدة بلدان أوروبية وعربية أخرى وذلك بتأكيد عزم الاتحاد الأوروبي على دعم تونس باعتبارها شريكا وثيقا في توطيد الديمقراطية. وإعلان العمل على مساندتها في إنجاح المفاوضات مع الشركاء والمانحين الماليين الدوليين.
ويذكر أن بلادنا تمر بأزمة مالية واقتصادية جد صعبة وذلك بعد توقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وغيره من الجهات المانحة للحصول على قروض بسبب تهاون الحكومات السابقة وعدم إيفائها بالتعهدات والوعود التي قطعتها معها في مناسبات سابقة، إضافة إلى إشكال ميزانية الدولة للعام 2022 والعجز المسجل في المالية العمومية وعدم القدرة بعد على إيجاد البدائل بالتوجه إلى التداين من دول شقيقة وصديقة.
كما أصدرت عدة بلدان أخرى بيانات تعرب من خلالها عن ترحيبها بالخارطة الزمنية الجديدة التي حددتها رئاسة الجمهورية على غرار إيطاليا التي أكدت في بيان لخارجيتها حرصها على دعم مسار الإصلاحات المقررة تنظيمها وما تتطلبه المواعيد التي تسبق الانتخابات من تنظيم استفتاء وغيرها وذلك لتعزيز علاقة الجوار والشراكة والتعاون في مجالات مختلفة.
زيارة الرئيس الجزائري في الميزان
كما لعبت الزيارة الرسمية التي أداها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس بعد يوم من إعلان سعيد عن القرارات الأخيرة، دورها في توجيه المواقف الدولية وتأكيد جدية دعم المسار الإصلاحي الجديد الذي اختار قيس سعيد إتباعه في سياق المساعي لإنجاح مسار 25 جويلية. نظرا لأهمية وقيمة علاقة الجوار والصداقة والشراكة والتعاون بين البلدين ودورهما الإقليمي والدولي مغاربيا وفي جنوب الحوض المتوسطي.
خاصة أن هذه الزيارة التي حظيت باهتمام إعلامي دولي موسع وفي البلدين، رافقها إمضاء 27 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين، وفق ما تضمنه بلاغ رئاسة الجمهورية التونسية وشمل مجالات العدل والمؤسسات العمومية والداخلية والتعاون اللامركزي والاتصال والإعلام والصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والبيئة والتجارة الخارجية والثقافة والصحة وغيرها من المجالات الأخرى، هذا فضلا عن تقديم قرض جزائري لتونس بقيمة 300 مليون دولار.
تتواتر جملة هذه المواقف وردود الأفعال الدولية لتعديل المواقف وتزيح جانبا من التخوفات حيال ما يحدث في تونس خاصة بعد مضي ما يقارب ستة أشهر من قرارات 25 جويلية المفصلية والمصيرية في سياسة الدولة مقابل تواتر الدعوات والتحركات على المستويين الوطني والدولي المناهضة والرافضة لسياسة سعيد ولتلك القرارات الأمر الذي دفع عدة بلدان ومنظمات دولية تعبر عن مخاوفها ما يجري في الداخل التونسي لاسيما أمام تواصل تجميد البرلمان وحل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وغلق مقرها فضلا عن الدعوات لحل المجلس الأعلى للقضاء إضافة إلى عدم وجود محكمة دستورية وهي كلها عوامل تهدد المناخ الديمقراطي ومكسب الحريات خاصة أن رئيس الجمهورية يواصل تفرده بالسلطات والقرار مقابل رفضه التوجه إلى الحلول التشاركية وعدم فتحه باب الحوار بين المنظمات ومكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية رغم تأكيده على ذلك في عديد المناسبات.
لتعيد هذه المواقف الدولية الأمل لعدم تعرض بلادنا إلى تداعيات الضغوطات والعقوبات الدولية لاسيما أنها تأتي أياما قليلة بعد بيان الدول السبع الذي صدر يوم 11 من الشهر الجاري وكان مصدر ضغط كبير على الدولة التونسية بتشديد الدعوة إلى ضرورة العودة السريعة لعمل المؤسسات الديمقراطية وتحديد سقف زمني واضح، وأكدت على ضرورة احترام الحريات الأساسية لجميع التونسيين، فكان تفاعل سعيد السريع كفيل بقلب الموازين لفائدته.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
في الوقت الذي تتزاحم فيه الآراء والتجاذبات والقراءات للإجراءات والقرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية يوم 13 من الشهر الجاري لتزيل جانب من الغموض وتضع الجميع أمام الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة لاسيما ما تعلق منها بالبرنامج الزمني و"التسقيف" المحدد للمرحلة الاستثنائية، الذي لطالما انتظره وطالب به الداخل والخارج التونسي، جاءت ردود الأفعال الدولية لتنهي الجدل حول المواقف الدولية من تونس خاصة أن البعض بدأ يطرح مخاطر وتداعيات حالة "العزلة" التي أصبح عليها سعيد وأيضا بلادنا في الفترة الأخيرة بسبب الغموض والضبابية المخيمة على المشهد والوضع بشكل عام و"قصر قرطاج" بشكل خاص باعتباره مصدر القرار الوحيد في تونس منذ 25 جويلية إلى الآن.
فكانت ردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية حاسمة لعدة اعتبارات لعل أبرزها أنها تزامنت مع الزيارة الرسمية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس، إذ تضمن البيان الصادر عن نيد برايس، الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية دعم وترحيب بلاده بالجدول الزمني الذي أعلن عنه قيس سعيد وما تضمنه من قرارات تتمثل في وتوجهاته العملية لإحداث تغيير دستوري وسياسي والقيام بإصلاح سياسي وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، إضافة إلى تنظيم استفتاء شعبي مؤكدة التزامها بدعم علاقة الشراكة مع تونس. والهام في هذا أيضا ما تضمنه البيان من تأكيد ضمني على الدعم والمساندة التي ستقدمها الولايات المتحدة لبلادنا في هذه المرحلة الصعبة التي تتزامن مع إحياء الذكرى الحادية عشرة للثورة وما يرافقه من مطلبية وانتظارات واسعة في ظل مناخ اجتماعي ينذر بالانفجار وسياسي تحكمه التجاذبات والصراعات وظرف اقتصادي أقل ما يقال عنه أنه متأزم.
وتقاطعت أغلب المواقف عند جملة من النقاط منها التشديد على أن تكون الإصلاحات في كنف الشفافية ومشاركة جميع أصوات المجتمع المدني والسياسي المختلف وأن نجاح العملية مرتبط بطرق تنفيذها الديمقراطي بعيدا عن منطق الإقصاء.
ولم تقتصر ردود الأفعال الدولية الداعمة والمرحبة باتضاح سياسية سعيد في إدارة المرحلة الاستثنائية على الموقف الأمريكي وحده وذلك بعد إعلانه عن البرنامج الزمني بالأساس وما سيرافقه من إصلاحات وإجراءات في سياق التمهيد للقيام بإصلاحات شاملة للمنظومة السياسية برمتها في انتظار إعلانه عن جملة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية مثلما أكد ذلك، بل شملت أيضا بيانا للاتحاد الأوروبي عبر من خلاله عن ترحيبه بروزنامة سعيد بشأن البرنامج السياسي على اعتبار أنها تعد خطوة هامة في إطار مسار الإصلاح واستعادة الدولة لمقومات الاستقرار وتوازن المؤسسات. وتقاطع هذا البيان أيضا مع ما تضمنه بيان الخارجية الأمريكية وعدة بلدان أوروبية وعربية أخرى وذلك بتأكيد عزم الاتحاد الأوروبي على دعم تونس باعتبارها شريكا وثيقا في توطيد الديمقراطية. وإعلان العمل على مساندتها في إنجاح المفاوضات مع الشركاء والمانحين الماليين الدوليين.
ويذكر أن بلادنا تمر بأزمة مالية واقتصادية جد صعبة وذلك بعد توقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وغيره من الجهات المانحة للحصول على قروض بسبب تهاون الحكومات السابقة وعدم إيفائها بالتعهدات والوعود التي قطعتها معها في مناسبات سابقة، إضافة إلى إشكال ميزانية الدولة للعام 2022 والعجز المسجل في المالية العمومية وعدم القدرة بعد على إيجاد البدائل بالتوجه إلى التداين من دول شقيقة وصديقة.
كما أصدرت عدة بلدان أخرى بيانات تعرب من خلالها عن ترحيبها بالخارطة الزمنية الجديدة التي حددتها رئاسة الجمهورية على غرار إيطاليا التي أكدت في بيان لخارجيتها حرصها على دعم مسار الإصلاحات المقررة تنظيمها وما تتطلبه المواعيد التي تسبق الانتخابات من تنظيم استفتاء وغيرها وذلك لتعزيز علاقة الجوار والشراكة والتعاون في مجالات مختلفة.
زيارة الرئيس الجزائري في الميزان
كما لعبت الزيارة الرسمية التي أداها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس بعد يوم من إعلان سعيد عن القرارات الأخيرة، دورها في توجيه المواقف الدولية وتأكيد جدية دعم المسار الإصلاحي الجديد الذي اختار قيس سعيد إتباعه في سياق المساعي لإنجاح مسار 25 جويلية. نظرا لأهمية وقيمة علاقة الجوار والصداقة والشراكة والتعاون بين البلدين ودورهما الإقليمي والدولي مغاربيا وفي جنوب الحوض المتوسطي.
خاصة أن هذه الزيارة التي حظيت باهتمام إعلامي دولي موسع وفي البلدين، رافقها إمضاء 27 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين، وفق ما تضمنه بلاغ رئاسة الجمهورية التونسية وشمل مجالات العدل والمؤسسات العمومية والداخلية والتعاون اللامركزي والاتصال والإعلام والصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والبيئة والتجارة الخارجية والثقافة والصحة وغيرها من المجالات الأخرى، هذا فضلا عن تقديم قرض جزائري لتونس بقيمة 300 مليون دولار.
تتواتر جملة هذه المواقف وردود الأفعال الدولية لتعديل المواقف وتزيح جانبا من التخوفات حيال ما يحدث في تونس خاصة بعد مضي ما يقارب ستة أشهر من قرارات 25 جويلية المفصلية والمصيرية في سياسة الدولة مقابل تواتر الدعوات والتحركات على المستويين الوطني والدولي المناهضة والرافضة لسياسة سعيد ولتلك القرارات الأمر الذي دفع عدة بلدان ومنظمات دولية تعبر عن مخاوفها ما يجري في الداخل التونسي لاسيما أمام تواصل تجميد البرلمان وحل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وغلق مقرها فضلا عن الدعوات لحل المجلس الأعلى للقضاء إضافة إلى عدم وجود محكمة دستورية وهي كلها عوامل تهدد المناخ الديمقراطي ومكسب الحريات خاصة أن رئيس الجمهورية يواصل تفرده بالسلطات والقرار مقابل رفضه التوجه إلى الحلول التشاركية وعدم فتحه باب الحوار بين المنظمات ومكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية رغم تأكيده على ذلك في عديد المناسبات.
لتعيد هذه المواقف الدولية الأمل لعدم تعرض بلادنا إلى تداعيات الضغوطات والعقوبات الدولية لاسيما أنها تأتي أياما قليلة بعد بيان الدول السبع الذي صدر يوم 11 من الشهر الجاري وكان مصدر ضغط كبير على الدولة التونسية بتشديد الدعوة إلى ضرورة العودة السريعة لعمل المؤسسات الديمقراطية وتحديد سقف زمني واضح، وأكدت على ضرورة احترام الحريات الأساسية لجميع التونسيين، فكان تفاعل سعيد السريع كفيل بقلب الموازين لفائدته.