يبدو أن فكرة البناء القاعدي التي طالما انتصر لها رئيس الجمهورية قيس سعيد وروج لها كثيرا سواء في أطروحاته القانونية والفكرية أو خلال حملته الانتخابية وتبناها مؤيدوه، كأحسن نظام اقتراع يمكن اعتماده في تونس، قد يتم التخلي عنها مقابل التوجه نحو اعتماد نظام اقتراع جديد عند تنقيح القانون الانتخابي الحالي.
فكرة النظام القاعدي رفضتها لحد الآن جل الأحزاب والمنظمات الوطنية وآخرها الاتحاد العام التونسي للشغل، واعتبرها خبراء القانون فكرة غامضة غير قابلة للتحقيق وقد تعرف الفشل مثل ما كان مصير نظام الاقتراع القائم على التمثلية النسبية بأكبر البقايا الذي اعتمد سابقا في انتخابات أكتوبر 2011 في المجلس الوطني التأسيسي، وتواصل اعتماده دون تغيير في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2014 و2019 على التوالي، وأيضا في انتخابات المجالس البلدية في 2018.
ومع اقتراب المواعيد الانتخابية التي أقرها رئيس الجمهورية مؤخرا في كلمته للشعب التونسي حين وضع جدولا زمنيا لإنهاء فترة التدابير الاستثنائية تمتد لكامل سنة 2022، اقتربت لحظة معرفة أهم توجهات القانون الانتخابي الجديد الذي سيتضمن أهم الخيارات والبدائل الجديدة لنظام اقتراع جديد يعوّض نظام الاقتراع القديم الذي ثبت أنه لم يعد صالحا لانتخاب برلمان يفرز أغلبية واضحة قادرة على تشكيل حكومة قوية تتمتع بإسناد برلماني وسياسي أغلبي تدير شؤون البلاد..
ومن غير الواضح حاليا ما إذا كان سعيّد قد يستغل موقعه وسلطاته الواسعة ونفوذه السياسي لفرض رؤيته لنظام الاقتراع الملائم لتونس في المستقبل القريب ويعمل على أن يتم وضع فكرة النظام القاعدي كآلية انتخاب وحيدة، أم سيتم تكليف لجنة مكونة من خبراء وعد سعيد بإصدار مرسوم تنظيمها وتشكيلها وضبط مهامها في الأيام القليلة المقبلة، من أجل اقتراح وصياغة نظام انتخابي جديد، أم سيتم وضع الخيارات الممكنة لأنظمة الاقتراع المحتملة وعرضها على الاستفتاء الشعبي..
ومعلوم أن فكرة النظام القاعدي تلغي بشكل شبه كلي دور الأحزاب التقليدية وتنتصر لفكرة الانتخاب على الأفراد لكنها تقوم كذلك على النظام المجالسي حيث يكون الفرد الصاعد إلى أعلى هرم البناء القاعدي وهو البرلمان من خلال آلية القرعة، بعد مروره على مجالس محلية وجهوية قادرة عن تنحيته في أي وقت وفقا لآلية الوكالة، وهي مجالس بدورها منتخبة وفق تقنية القرعة. لكن لحد الآن لا تجد الفكرة رواجا قويا لدى الرأي العام الوطني رغم مساعي بعض أعضاء ما يسمى بالحملة التفسيرية لقيس سعيد في الإعلام وفي اتصال مباشر مع الناس للترويج للفكرة الغامضة.
الاقتراع بالأغلبية على الأفراد في دورتين
وهنا مربط الفرس، ففكرة النظام القاعدي ليست محل ترحيب واقتناع لا فقط من قبل الأحزاب والمجتمع المدني بل حتى قبل من خبراء القانون الدستوري المقربين من رئيس الجمهورية على غرار الأستاذ أمين محفوظ، والعميد الأستاذ الصادق بلعيد.
وبالعودة إلى كتابات الخبيرين وتصريحاتهما في الإعلام والمنابر والندوات العلمية، يتضح أن كلامهما دعا في مناسبات عديدة سابقة حتى قبل 25 جويلية إلى ضرورة تغيير نظام الاقتراع الحالي ووصفها بأنه السبب الرئيس في فشل النظام السياسي المعتمد في دستور 2014. وتشاء الصدف أن يتفق نفس الخبيرين، محفوظ وبلعيد، على أن أفضل نظام اقتراع يمكن اعتماده في تونس هو نظام الاقتراع بالأغلبية على الأفراد في دورتين. وهو النظام الذي يؤديه خبراء آخرون مثل سامي بن سلامة العضو السابق بمجلس هيئة الانتخابات التي أشرفت على انتخابات 2011.
بالنسبة لأستاذ القانون الدستوريأمين محفوظ فقد طالب في عدة مناسبات ومن بينها حوارات صحفية أدلى لجريدة "الصباح"،بتغيير طريقة الاقتراع فيالانتخابات التشريعية لسنة 2019. وتحدث محفوظ عن أهمية إنهاء العمل بقاعدة التمثيلية النسبية واعتماد طريقة الاقتراع بالأغلبية على الأفراد. وأوضح أن هذه الطريقة ستُمكن من بروز زعيم حزبي له رؤية وبالتالي لا يمكن لبعض المنظمات حتى وإن كانت نقابية التدخل في نظام الحكم.
أما العميد بلعيد فقد دعا في تصريح بتاريخ 20 مارس 2018، على ضرورة تغييرالنظام الانتخابيقبلالانتخابات التشريعيةالقادمة المقررة في 2019. وقالإن الوضع يتطلب مبادرة تشريعية لتغيير النظام الانتخابي، واصفا النظام الحالي بغير المتلائم مع الثورة ومع التشاركي، وقال إن أفضل الأنظمة هو التصويت على الأفراد في دورتين.
"البناء القاعدي" خطير وغامض..
وكان أمين محفوظ قد صرّح مؤخرا لراديو "موازييك"، أنّه يؤمن بالديمقراطية التمثيلية معتبرا أنّ مسألة البناء القاعدي هي مسألة خطيرة وليس وقتها. وقال:'' نحن نحاول أن نصلح أخطاء الذين سبقونا ونحن مع نظام ديمقراطي في دولة قانون ومؤسسات''.
وأوضح أنّه يخاف من السقوط في الدكتاتورية مؤكّدا أنّه رفقة الدكتور الصادق بلعيد، والعميد محمد صالح بن عيسى، (استقبلهم قيس سعيد يوم 9 ديسمبر بقصر قرطاج)، لن يساندوا مشروع الدكتاتور أو مشروع تهديم الدولة.
وشدّد على أنّ مشروع قيس سعيد قدّم ضمانات وهو مُلتزم بها ويتجلى ذلك في الفصل 22 من الأمر الرئاسي عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021.
وتابع:"الفصل 22 لا يضمّ البناء القاعدي ولا تجد فيه الدولة الدينية ولا تجد فيه الدولة الدكتاتورية''.
أما العميد الصادق بلعيد، فقد نفى بدوره تبنيه لفكرة البناء القاعدي، وقال أمس في تصريح لراديو "أي اف ام" :" هذه الفكرة بالذات تنتابنا بعض الحيرة لأنها ما جاءت في قاموس والمعروف في سياسة المصالح الجهوية هو مبدأ اللامركزية يعني تكوين لجان منتخبة من المجموعة سواء كانت بلدية او ولاية او اقليم “.
وواصل “التوجه القاعدي الى حد الان وحسب ما هو مصرح به لا ينبئ بخير، فيه الكثير من الثغرات.. والى حد الان لا نعرف بطريقة علمية وتقنية ما هو مضمون هذه الفكرة والآليات البشرية والمالية التي ستضمن لنا نجاحها.. ومرد الريبة من مثل هذه الفكرة انه لا يوجد مثيل لها في العالم.."
وقال ان الفصل 22 من الامر عدد 117 حدد ما سيكون مطلوبا من اللجنة التي سيتم تشكيلها والتي ستتكفل ببلورة الإصلاحات السياسية مشددا على انها ستعمل على اساس مبادئ واختيارات متفق عليها من طرف الشعب مشيرا الى مبدأ الحقوق والحريات والمساواة والمبدأ الدستوري الديمقراطي ودولة القانون مؤكدا ان هذه المبادئ هي التي ستحدد مهام اللجنة وان تعيين أعضائها سيتم على هذا الأساس.
البناء القاعدي والديمقراطية المباشرة
تجدر الإشارة إلى أن فكرة النظام القاعدي روج لها رئيس الدولة قيس سعيد منذ سنة 2011، وأعاد طرحها سنة 2013 أثناء النقاش العام حول صياغة دستور 2014 في وثيقة حملت عنوان "من أجل تأسيس جديد" قبل أن يضمنه في حملته الانتخابية عند ترشحه لرئاسيات 2019.
ويفتح مشروع سعيد الباب للديمقراطية المباشرة من خلال البناء القاعدي الذي ينطلق من المحلي نحو المركز، حيث يتم التصعيد من المجالس المحلية إلى الجهوية، ثم إلى المجلس الوطني أي البرلمان، فتحذف بذلك الانتخابات التشريعيّة، ليتشكل المجلس النيابي ممن يقع تصعيدهم من المجالس المحلية ثم الجهوية بالقرعة.
ويرتكز هذا التصور على فهم مغاير لممارسة العملية الديمقراطية وفق "فكر سياسي جديد" وجبت ترجمته في "نص دستوري جديد" على حد سعيد، وينبني هذا الطرح على مبدأيْ الديمقراطية المباشرة والبناء القاعدي، أو ما عبر عنه بالـ"بناء الديمقراطي القاعدي" أو "الهرم المقلوب".
ويتكون هذا الهرم في أعلى مستوى له من مجالس محلية على عدد المعتمديات في تونس، أي 264 مجلسا محلياً، يتم انتخاب أعضائه وعضواته عن طريق الاقتراع المباشر على الأفراد من كل عمادة. وينبثق عن هذه المجالس، مجالس جهوية على عدد الولايات في تونس أي 24 مجلسا جهويا. ويعُد كل مجلسٍ عضوا واحدا ممثلا عن كل معتمدية.
أما البرلمان أو "المجلس الوطني الشعبي" فهو يمثل أسفل هرم السلطة. وينبثق أعضاؤه عن المجالس المحلية.
رفيق
تونس- الصباح
يبدو أن فكرة البناء القاعدي التي طالما انتصر لها رئيس الجمهورية قيس سعيد وروج لها كثيرا سواء في أطروحاته القانونية والفكرية أو خلال حملته الانتخابية وتبناها مؤيدوه، كأحسن نظام اقتراع يمكن اعتماده في تونس، قد يتم التخلي عنها مقابل التوجه نحو اعتماد نظام اقتراع جديد عند تنقيح القانون الانتخابي الحالي.
فكرة النظام القاعدي رفضتها لحد الآن جل الأحزاب والمنظمات الوطنية وآخرها الاتحاد العام التونسي للشغل، واعتبرها خبراء القانون فكرة غامضة غير قابلة للتحقيق وقد تعرف الفشل مثل ما كان مصير نظام الاقتراع القائم على التمثلية النسبية بأكبر البقايا الذي اعتمد سابقا في انتخابات أكتوبر 2011 في المجلس الوطني التأسيسي، وتواصل اعتماده دون تغيير في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2014 و2019 على التوالي، وأيضا في انتخابات المجالس البلدية في 2018.
ومع اقتراب المواعيد الانتخابية التي أقرها رئيس الجمهورية مؤخرا في كلمته للشعب التونسي حين وضع جدولا زمنيا لإنهاء فترة التدابير الاستثنائية تمتد لكامل سنة 2022، اقتربت لحظة معرفة أهم توجهات القانون الانتخابي الجديد الذي سيتضمن أهم الخيارات والبدائل الجديدة لنظام اقتراع جديد يعوّض نظام الاقتراع القديم الذي ثبت أنه لم يعد صالحا لانتخاب برلمان يفرز أغلبية واضحة قادرة على تشكيل حكومة قوية تتمتع بإسناد برلماني وسياسي أغلبي تدير شؤون البلاد..
ومن غير الواضح حاليا ما إذا كان سعيّد قد يستغل موقعه وسلطاته الواسعة ونفوذه السياسي لفرض رؤيته لنظام الاقتراع الملائم لتونس في المستقبل القريب ويعمل على أن يتم وضع فكرة النظام القاعدي كآلية انتخاب وحيدة، أم سيتم تكليف لجنة مكونة من خبراء وعد سعيد بإصدار مرسوم تنظيمها وتشكيلها وضبط مهامها في الأيام القليلة المقبلة، من أجل اقتراح وصياغة نظام انتخابي جديد، أم سيتم وضع الخيارات الممكنة لأنظمة الاقتراع المحتملة وعرضها على الاستفتاء الشعبي..
ومعلوم أن فكرة النظام القاعدي تلغي بشكل شبه كلي دور الأحزاب التقليدية وتنتصر لفكرة الانتخاب على الأفراد لكنها تقوم كذلك على النظام المجالسي حيث يكون الفرد الصاعد إلى أعلى هرم البناء القاعدي وهو البرلمان من خلال آلية القرعة، بعد مروره على مجالس محلية وجهوية قادرة عن تنحيته في أي وقت وفقا لآلية الوكالة، وهي مجالس بدورها منتخبة وفق تقنية القرعة. لكن لحد الآن لا تجد الفكرة رواجا قويا لدى الرأي العام الوطني رغم مساعي بعض أعضاء ما يسمى بالحملة التفسيرية لقيس سعيد في الإعلام وفي اتصال مباشر مع الناس للترويج للفكرة الغامضة.
الاقتراع بالأغلبية على الأفراد في دورتين
وهنا مربط الفرس، ففكرة النظام القاعدي ليست محل ترحيب واقتناع لا فقط من قبل الأحزاب والمجتمع المدني بل حتى قبل من خبراء القانون الدستوري المقربين من رئيس الجمهورية على غرار الأستاذ أمين محفوظ، والعميد الأستاذ الصادق بلعيد.
وبالعودة إلى كتابات الخبيرين وتصريحاتهما في الإعلام والمنابر والندوات العلمية، يتضح أن كلامهما دعا في مناسبات عديدة سابقة حتى قبل 25 جويلية إلى ضرورة تغيير نظام الاقتراع الحالي ووصفها بأنه السبب الرئيس في فشل النظام السياسي المعتمد في دستور 2014. وتشاء الصدف أن يتفق نفس الخبيرين، محفوظ وبلعيد، على أن أفضل نظام اقتراع يمكن اعتماده في تونس هو نظام الاقتراع بالأغلبية على الأفراد في دورتين. وهو النظام الذي يؤديه خبراء آخرون مثل سامي بن سلامة العضو السابق بمجلس هيئة الانتخابات التي أشرفت على انتخابات 2011.
بالنسبة لأستاذ القانون الدستوريأمين محفوظ فقد طالب في عدة مناسبات ومن بينها حوارات صحفية أدلى لجريدة "الصباح"،بتغيير طريقة الاقتراع فيالانتخابات التشريعية لسنة 2019. وتحدث محفوظ عن أهمية إنهاء العمل بقاعدة التمثيلية النسبية واعتماد طريقة الاقتراع بالأغلبية على الأفراد. وأوضح أن هذه الطريقة ستُمكن من بروز زعيم حزبي له رؤية وبالتالي لا يمكن لبعض المنظمات حتى وإن كانت نقابية التدخل في نظام الحكم.
أما العميد بلعيد فقد دعا في تصريح بتاريخ 20 مارس 2018، على ضرورة تغييرالنظام الانتخابيقبلالانتخابات التشريعيةالقادمة المقررة في 2019. وقالإن الوضع يتطلب مبادرة تشريعية لتغيير النظام الانتخابي، واصفا النظام الحالي بغير المتلائم مع الثورة ومع التشاركي، وقال إن أفضل الأنظمة هو التصويت على الأفراد في دورتين.
"البناء القاعدي" خطير وغامض..
وكان أمين محفوظ قد صرّح مؤخرا لراديو "موازييك"، أنّه يؤمن بالديمقراطية التمثيلية معتبرا أنّ مسألة البناء القاعدي هي مسألة خطيرة وليس وقتها. وقال:'' نحن نحاول أن نصلح أخطاء الذين سبقونا ونحن مع نظام ديمقراطي في دولة قانون ومؤسسات''.
وأوضح أنّه يخاف من السقوط في الدكتاتورية مؤكّدا أنّه رفقة الدكتور الصادق بلعيد، والعميد محمد صالح بن عيسى، (استقبلهم قيس سعيد يوم 9 ديسمبر بقصر قرطاج)، لن يساندوا مشروع الدكتاتور أو مشروع تهديم الدولة.
وشدّد على أنّ مشروع قيس سعيد قدّم ضمانات وهو مُلتزم بها ويتجلى ذلك في الفصل 22 من الأمر الرئاسي عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021.
وتابع:"الفصل 22 لا يضمّ البناء القاعدي ولا تجد فيه الدولة الدينية ولا تجد فيه الدولة الدكتاتورية''.
أما العميد الصادق بلعيد، فقد نفى بدوره تبنيه لفكرة البناء القاعدي، وقال أمس في تصريح لراديو "أي اف ام" :" هذه الفكرة بالذات تنتابنا بعض الحيرة لأنها ما جاءت في قاموس والمعروف في سياسة المصالح الجهوية هو مبدأ اللامركزية يعني تكوين لجان منتخبة من المجموعة سواء كانت بلدية او ولاية او اقليم “.
وواصل “التوجه القاعدي الى حد الان وحسب ما هو مصرح به لا ينبئ بخير، فيه الكثير من الثغرات.. والى حد الان لا نعرف بطريقة علمية وتقنية ما هو مضمون هذه الفكرة والآليات البشرية والمالية التي ستضمن لنا نجاحها.. ومرد الريبة من مثل هذه الفكرة انه لا يوجد مثيل لها في العالم.."
وقال ان الفصل 22 من الامر عدد 117 حدد ما سيكون مطلوبا من اللجنة التي سيتم تشكيلها والتي ستتكفل ببلورة الإصلاحات السياسية مشددا على انها ستعمل على اساس مبادئ واختيارات متفق عليها من طرف الشعب مشيرا الى مبدأ الحقوق والحريات والمساواة والمبدأ الدستوري الديمقراطي ودولة القانون مؤكدا ان هذه المبادئ هي التي ستحدد مهام اللجنة وان تعيين أعضائها سيتم على هذا الأساس.
البناء القاعدي والديمقراطية المباشرة
تجدر الإشارة إلى أن فكرة النظام القاعدي روج لها رئيس الدولة قيس سعيد منذ سنة 2011، وأعاد طرحها سنة 2013 أثناء النقاش العام حول صياغة دستور 2014 في وثيقة حملت عنوان "من أجل تأسيس جديد" قبل أن يضمنه في حملته الانتخابية عند ترشحه لرئاسيات 2019.
ويفتح مشروع سعيد الباب للديمقراطية المباشرة من خلال البناء القاعدي الذي ينطلق من المحلي نحو المركز، حيث يتم التصعيد من المجالس المحلية إلى الجهوية، ثم إلى المجلس الوطني أي البرلمان، فتحذف بذلك الانتخابات التشريعيّة، ليتشكل المجلس النيابي ممن يقع تصعيدهم من المجالس المحلية ثم الجهوية بالقرعة.
ويرتكز هذا التصور على فهم مغاير لممارسة العملية الديمقراطية وفق "فكر سياسي جديد" وجبت ترجمته في "نص دستوري جديد" على حد سعيد، وينبني هذا الطرح على مبدأيْ الديمقراطية المباشرة والبناء القاعدي، أو ما عبر عنه بالـ"بناء الديمقراطي القاعدي" أو "الهرم المقلوب".
ويتكون هذا الهرم في أعلى مستوى له من مجالس محلية على عدد المعتمديات في تونس، أي 264 مجلسا محلياً، يتم انتخاب أعضائه وعضواته عن طريق الاقتراع المباشر على الأفراد من كل عمادة. وينبثق عن هذه المجالس، مجالس جهوية على عدد الولايات في تونس أي 24 مجلسا جهويا. ويعُد كل مجلسٍ عضوا واحدا ممثلا عن كل معتمدية.
أما البرلمان أو "المجلس الوطني الشعبي" فهو يمثل أسفل هرم السلطة. وينبثق أعضاؤه عن المجالس المحلية.