فقدت الاحتفالات بعيد الثورة قيمتها منذ الأعوام الأولى التي تلت تاريخ 14 جانفي 2011 الذي انتهى معه عهد الديكتاتورية بسقوط نظام بن علي. فقد تحولت هذه الذكرى بمجرد أن تبين التأخير الكبير في الاستجابة إلى تطلعات التونسيين، في العدالة والعيش الكريم، إلى مناسبة يعبر فيها الشعب عن غضبه ضد المسؤولين ويندد بفشلهم وبتنكرهم لوعودهم، حتى أننا لاحظنا في العامين الأخيرين فتورا شبه كلي وصارت مظاهر الاحتفالات تقل مع مرور الوقت حتى على المستوى الرسمي. لكن السؤال، هل العيب في الفاعلين السياسيين، أم في الثورة؟
فعلى ما يبدو، لم يحقق تغيير موعد الاحتفالات الوطنية بهذا العيد بداية من هذا العام، من 14 جانفي إلى 17 ديسمبر(2010)، تاريخ انتحار الشاب اصيل سيدي بوزيد (وسط البلاد) محمد البوعزيزي، لم يحقق بدوره شيئا يذكر، هذا إن لم نقل إنه قد أمعن في التقليل من اهمية الحدث برمته وجعل الشك يستبد بالناس حول حصول ثورة فعلا أم لا بتونس.
ويكفي ملاحظة شوارع العاصمة، التي كان الصمت يخيم عليها، باستثناء بعض التحركات المساندة للرئيس قيس سعيد أو المعارضة له، وبالعديد من مناطق البلاد، حتى ندرك ذلك.
ونعتقد أننا كتونسيين من حقنا أن نفهم الأسباب وراء هذا الاجراء. فتواريخ الثورات كما هو معلوم ليست مجرد أمور شكلية وإنما هي مسألة جوهرية ترسخ في ذاكرة الشعوب ووجدانها وتبنى حولها سرديات وقصص تصبح جزءا من هوية الناس وثقافتها. ولا يمكن تغييرها هكذا بجرة قلم وبدون تفسير مقنع ومنطقي.
ولا يكفي القول أن ثورة التونسيين قد سرقت منهم وفق ما يروج لدى الأوساط المساندة للرئيس قيس سعيد، وأن التاريخ الصحيح للثورة يصادف يوم 17 ديسمبر، فهذا التاريخ يبقى يرمز في نظر نسبة كبيرة إلى لحظة دامية، ولا يليق بالشعوب أن تحتفل بعرس الدم ثم إن هذا التاريخ لا يحظى بإجماع شعبي واسع. وهناك اليوم تشكيك متزايد حول الرواية الرسمية لما حدث في التاريخ المذكور.
وكثيرون في تونس لم يفهموا سبب التخلي عن موعد 14 جانفي. فقد هرب يومها الرئيس الذي كان يمارس حكما شبه مطلق وترك للتونسيين أمرهم فيما بينهم. وهو حدث غير مسبوق وهو بالأحرى حدث ايجابي ولا يمكن لنا أن نقتنع بغير ذلك، إلا اذا ما تم تقديم الحجج المقنعة على أن تاريخ 14 جانفي2011، تاريخ سقوط النظام الديكتاتوري في تونس الذي تلاه وفي فترة قصيرة انهيار أنظمة عربية مستبدة، عديدة ما كان لأحد أن يتصور أنها تتزعزع بهذه السهولة، من بينها النظام الديكتاتوري المصري، ونظام القذافي الذي لا يقل عنه ديكتاتورية، بليبيا، ليس التاريخ الصحيح للثورة.
وإذا ما عرفنا أن كل قرارات الدولة المنبثقة عن حركة 25 جويلية (قام فيها الرئيس بتجميد البرلمان واقالة رئيس الحكومة والانفراد بالسلطة التنفيذية)، تراعي مطالب الشعب التونسي، فإن سؤالنا هو الآتي: إلى أي مدى كان الشعب التونسي يوم أمس وقد نفذ قرار تغيير التواريخ، وكان يوم أمس ولأول مرة بعد 11 سنة على ثورة 14 جانفي يوم عطلة رسمية في كامل البلاد احتفالا بعيد الثورة الجديد، سعيدا ومطمئنا على مستقبل ثورته وقد صحح مسارها وتاريخها؟
حياة السايب
فقدت الاحتفالات بعيد الثورة قيمتها منذ الأعوام الأولى التي تلت تاريخ 14 جانفي 2011 الذي انتهى معه عهد الديكتاتورية بسقوط نظام بن علي. فقد تحولت هذه الذكرى بمجرد أن تبين التأخير الكبير في الاستجابة إلى تطلعات التونسيين، في العدالة والعيش الكريم، إلى مناسبة يعبر فيها الشعب عن غضبه ضد المسؤولين ويندد بفشلهم وبتنكرهم لوعودهم، حتى أننا لاحظنا في العامين الأخيرين فتورا شبه كلي وصارت مظاهر الاحتفالات تقل مع مرور الوقت حتى على المستوى الرسمي. لكن السؤال، هل العيب في الفاعلين السياسيين، أم في الثورة؟
فعلى ما يبدو، لم يحقق تغيير موعد الاحتفالات الوطنية بهذا العيد بداية من هذا العام، من 14 جانفي إلى 17 ديسمبر(2010)، تاريخ انتحار الشاب اصيل سيدي بوزيد (وسط البلاد) محمد البوعزيزي، لم يحقق بدوره شيئا يذكر، هذا إن لم نقل إنه قد أمعن في التقليل من اهمية الحدث برمته وجعل الشك يستبد بالناس حول حصول ثورة فعلا أم لا بتونس.
ويكفي ملاحظة شوارع العاصمة، التي كان الصمت يخيم عليها، باستثناء بعض التحركات المساندة للرئيس قيس سعيد أو المعارضة له، وبالعديد من مناطق البلاد، حتى ندرك ذلك.
ونعتقد أننا كتونسيين من حقنا أن نفهم الأسباب وراء هذا الاجراء. فتواريخ الثورات كما هو معلوم ليست مجرد أمور شكلية وإنما هي مسألة جوهرية ترسخ في ذاكرة الشعوب ووجدانها وتبنى حولها سرديات وقصص تصبح جزءا من هوية الناس وثقافتها. ولا يمكن تغييرها هكذا بجرة قلم وبدون تفسير مقنع ومنطقي.
ولا يكفي القول أن ثورة التونسيين قد سرقت منهم وفق ما يروج لدى الأوساط المساندة للرئيس قيس سعيد، وأن التاريخ الصحيح للثورة يصادف يوم 17 ديسمبر، فهذا التاريخ يبقى يرمز في نظر نسبة كبيرة إلى لحظة دامية، ولا يليق بالشعوب أن تحتفل بعرس الدم ثم إن هذا التاريخ لا يحظى بإجماع شعبي واسع. وهناك اليوم تشكيك متزايد حول الرواية الرسمية لما حدث في التاريخ المذكور.
وكثيرون في تونس لم يفهموا سبب التخلي عن موعد 14 جانفي. فقد هرب يومها الرئيس الذي كان يمارس حكما شبه مطلق وترك للتونسيين أمرهم فيما بينهم. وهو حدث غير مسبوق وهو بالأحرى حدث ايجابي ولا يمكن لنا أن نقتنع بغير ذلك، إلا اذا ما تم تقديم الحجج المقنعة على أن تاريخ 14 جانفي2011، تاريخ سقوط النظام الديكتاتوري في تونس الذي تلاه وفي فترة قصيرة انهيار أنظمة عربية مستبدة، عديدة ما كان لأحد أن يتصور أنها تتزعزع بهذه السهولة، من بينها النظام الديكتاتوري المصري، ونظام القذافي الذي لا يقل عنه ديكتاتورية، بليبيا، ليس التاريخ الصحيح للثورة.
وإذا ما عرفنا أن كل قرارات الدولة المنبثقة عن حركة 25 جويلية (قام فيها الرئيس بتجميد البرلمان واقالة رئيس الحكومة والانفراد بالسلطة التنفيذية)، تراعي مطالب الشعب التونسي، فإن سؤالنا هو الآتي: إلى أي مدى كان الشعب التونسي يوم أمس وقد نفذ قرار تغيير التواريخ، وكان يوم أمس ولأول مرة بعد 11 سنة على ثورة 14 جانفي يوم عطلة رسمية في كامل البلاد احتفالا بعيد الثورة الجديد، سعيدا ومطمئنا على مستقبل ثورته وقد صحح مسارها وتاريخها؟