الانقسام كان واضحا امس في شارع الحبيب بورقيبة، وتحت رقابة أمنية مشددة.. وبآليات توزيع تم تحديدها من قبل وزارة الداخلية وبإشراف مباشر من وزير الداخلية.. تم توجيه الوافدين حسب الأهواء والمواقف من قرارات 25 جويلية مع تقسيم المجال على هذا الأساس وترك "منطقة عازلة" بين الضفتين.. فان كنت مع الرئيس قيس سعيد فستكون من المبجلين وستفتح أمامك كل الشوارع المؤدية الى المسرح البلدي اين تجمع انصار قيس سعيد.. اما في حال كنت من الخصوم والمخالفين فستواجه تضييقا وعددا من الحواجز الأمنية وسيكون لك منفذ واحد للوصول الى الجزء الآخر من الشارع اين تتواجد مختلف القوى السياسية والمواطنين الذي اختاروا أن يطلقوا على أنفسهم تسمية "مواطنون ضد الانقلاب".
وفعليا، لا يعد هذا التقسيم بين المتظاهرين او المحتفلين بذكرى الثورة، استثناء او حدثا مستجدا على شارع الحبيب بورقيبة. فمنذ تاريخ 14 جانفي 2011 الموعد الذي وحد كل التونسيين، وعلى امتداد العشرية الماضية شهد نفس المكان بصفة شبه دورية وبالتزامن مع مختلف الأعياد الوطنية خلافات ومواجهات وحتى مشادات كلامية وصراعات بين مناصرين لمن في سدة الحكم وأولئك المعارضين لهم. اما بالنسبة لهذه المواجهات غير المباشرة بين مناصري رئيس الجمهورية قيس سعيد وأنصار حركة النهضة ومن معها اليوم تمثيليات سياسية، فتعود الى ما قبل تاريخ 25 جويلية، اين عرفت العاصمة (شارع الحبيب بورقيبة وشارع محمد الخامس وساحة باردو وأمام مجلس نواب الشعب..) على امتداد السنة الماضية مظاهرات وتحركات تصاعدية بين الشقين تحتكم جميعها الى قانون المزايدات والاستعراض والتحدي في محاولة للسيطرة على الشارع عبر التباهي أنها الأكثر تمثيلية وقدرة على التعبئة. وتواصل هذا التنافس بين الشقين لفترة طويلة للغاية انطلقت بسلسة من المسيرات التي شهدتها أشهر جانفي وفيفري ومارس 2021.. لتعود موجة تلك المظاهرات التنافسية ما بعد إعلان الرئيس للإجراءات الاستثنائية ليلة 25 جويلية من نفس السنة عبر سلسة من التحركات انتظم ابرزها في منطقة باردو.
وتشهد الطبقة السياسية بصفة عامة حالة مخاض حقيقي، يصعب معه توزيعها بصفة واضحة بين المناصرين والمعاديين لقرارات الرئيس. فعدديا لا يمكن إحصاء او ضبط حجم التونسيين المنتمين الى الشقين لكن سياسيا ومع كل خروج جديد لقيس سعيد وصدور قرارات جديدة عنه تعلن قوى حزبية جديدة تغييرها لموقفها من مساندة الى مخالفة لرئيس.. لتتسع دائرة من هم ضد قيس سعيد اكثر وتشمل بالإضافة الى حركة النهضة وائتلاف الكرامة أحزاب الجمهوري والتيار الديمقراطي.
وسجلت أمس تحركات "مواطنون ضد الانقلاب"، حضور عدد من الوجوه السياسية التي أثثت حكومات ما بعد الثورة تولت حقائب وزارية فيها على غرار سمير ديلو وعبد اللطيف المكي. ويرفع هذا الشق شعار إسقاط حزب الرئيس.. وتحرير البرلمان وحتى عزل الرئيس. فعبد اللطيف المكي ندد في تصريحه بالخطوة الأخيرة التي اتخذها قيس سعيد بخارطة الطريق التي أعلنها. واعتبر انه مكن نفسه عبرها من سنة إضافية للحكم الفردي فقط وهي لا تصنف لا في خانة الحوار ولا المشاورات ولا الديمقراطية. ودعا في نفس الوقت المكي الى العودة للحياة الدستورية قائلا ان من له مشروع عليه ان يدافع عنه في ظل ظروف طبيعية وفي ظل دستور.
وفي سياق متصل استنكرت أحزاب الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل منعها من قبل قوات الأمن من ممارسة حقّها في التظاهر، وندد كل من خليل الزاوية ومحمد الحامدي وعصام الشابي بعملية الغلق البوليسية لشارع الحبيب بورقيبة أمام معارضي الرئيس قيس سعيد واعتبروا انها مسالة خطيرة تذكر بسلوكيات قديمة لحزب التجمع المنحل.
وفي الجهة المقابلة والتي عرفت حضورا اقل كثافة للمواطنين وللوجوه السياسية والحزبية، وتم التأكيد فيها على أنهم مواطنون مستقلون دون انتماءات سياسية وهم فقط مساندون لقرارات الرئيس ومع المصلحة الوطنية. وكان شعار مكافحة الفساد ومتابعة الفاسدين الشعار الأبرز الذي تم رفعه من قبل الحاضرين أمام المسرح البلدي.
وباستثناء الكلمة التي ألقاها الممثل عاطف بن حسين وحملت الكثير من خطابات الكراهية والتحريض على الإعلاميين والصحفيين وكل من عارض قيس سعيد، كانت بقية التدخلات في شكل حملة تفسيرية لمشروع الرئيس خلال السنة القادمة.
وأكد رضا شهاب المكي (شهر رضا لينين) ابرز وجوه الحملة التفسيرية للرئيس قيس سعيد، ان الفترة القادمة سيكون فيها الشعب التونسي هو صاحب السيادة وان ما نراه اليوم من صراع ومعارضة لا علاقة لها بالديمقراطية بل بالتمثيلية. واعتبر شهاب المكي ان قدر تونس ان تكون ريادية في ثوراتها.. وان أي بناء مبني على الآليات القديمة سيكون فاشلا ولذلك من المحتم علينا البحث على ما هو أجدى.
ويؤكد رضا شهاب المكي، ان مناصري الرئيس قيس سعيد لا يعادون أحدا وليسوا في منافسة مع احد، باعتبار ان تونس تتسع للجميع. لكن الأكيد حسب رايه ان تونس اليوم دخلت منعرجا جديدا وبقيس سعيد او دونه ستشق طريقها للريادة.
اما بالنسبة للاستفتاء فاعتبر المكي انه آلية لتحقيق أراء الناس الفرق بينها وبين الانتخابات ان لها تبعات قانونية سيتم على أساسها وضع نظام انتخابي جديد لنظام سياسي معدل نصل عبره الى انتخابات تشريعية جديدة.
وللإشارة شهدت بدورها عديد ولايات الجمهورية أمس تحركات واحتفالات بذكرى اندلاع الثورة، عرفت بدورها حضور مساندين ورافضين لقرارات الرئيس قيس سعيد هذا الى جانب احتجاجات للمعنيين بقانون عدد 38 لتشغيل حاملي الشهائد العاطلين ومن طالت بطالتهم.
ريم سوودي
تونس ـ الصباح
الانقسام كان واضحا امس في شارع الحبيب بورقيبة، وتحت رقابة أمنية مشددة.. وبآليات توزيع تم تحديدها من قبل وزارة الداخلية وبإشراف مباشر من وزير الداخلية.. تم توجيه الوافدين حسب الأهواء والمواقف من قرارات 25 جويلية مع تقسيم المجال على هذا الأساس وترك "منطقة عازلة" بين الضفتين.. فان كنت مع الرئيس قيس سعيد فستكون من المبجلين وستفتح أمامك كل الشوارع المؤدية الى المسرح البلدي اين تجمع انصار قيس سعيد.. اما في حال كنت من الخصوم والمخالفين فستواجه تضييقا وعددا من الحواجز الأمنية وسيكون لك منفذ واحد للوصول الى الجزء الآخر من الشارع اين تتواجد مختلف القوى السياسية والمواطنين الذي اختاروا أن يطلقوا على أنفسهم تسمية "مواطنون ضد الانقلاب".
وفعليا، لا يعد هذا التقسيم بين المتظاهرين او المحتفلين بذكرى الثورة، استثناء او حدثا مستجدا على شارع الحبيب بورقيبة. فمنذ تاريخ 14 جانفي 2011 الموعد الذي وحد كل التونسيين، وعلى امتداد العشرية الماضية شهد نفس المكان بصفة شبه دورية وبالتزامن مع مختلف الأعياد الوطنية خلافات ومواجهات وحتى مشادات كلامية وصراعات بين مناصرين لمن في سدة الحكم وأولئك المعارضين لهم. اما بالنسبة لهذه المواجهات غير المباشرة بين مناصري رئيس الجمهورية قيس سعيد وأنصار حركة النهضة ومن معها اليوم تمثيليات سياسية، فتعود الى ما قبل تاريخ 25 جويلية، اين عرفت العاصمة (شارع الحبيب بورقيبة وشارع محمد الخامس وساحة باردو وأمام مجلس نواب الشعب..) على امتداد السنة الماضية مظاهرات وتحركات تصاعدية بين الشقين تحتكم جميعها الى قانون المزايدات والاستعراض والتحدي في محاولة للسيطرة على الشارع عبر التباهي أنها الأكثر تمثيلية وقدرة على التعبئة. وتواصل هذا التنافس بين الشقين لفترة طويلة للغاية انطلقت بسلسة من المسيرات التي شهدتها أشهر جانفي وفيفري ومارس 2021.. لتعود موجة تلك المظاهرات التنافسية ما بعد إعلان الرئيس للإجراءات الاستثنائية ليلة 25 جويلية من نفس السنة عبر سلسة من التحركات انتظم ابرزها في منطقة باردو.
وتشهد الطبقة السياسية بصفة عامة حالة مخاض حقيقي، يصعب معه توزيعها بصفة واضحة بين المناصرين والمعاديين لقرارات الرئيس. فعدديا لا يمكن إحصاء او ضبط حجم التونسيين المنتمين الى الشقين لكن سياسيا ومع كل خروج جديد لقيس سعيد وصدور قرارات جديدة عنه تعلن قوى حزبية جديدة تغييرها لموقفها من مساندة الى مخالفة لرئيس.. لتتسع دائرة من هم ضد قيس سعيد اكثر وتشمل بالإضافة الى حركة النهضة وائتلاف الكرامة أحزاب الجمهوري والتيار الديمقراطي.
وسجلت أمس تحركات "مواطنون ضد الانقلاب"، حضور عدد من الوجوه السياسية التي أثثت حكومات ما بعد الثورة تولت حقائب وزارية فيها على غرار سمير ديلو وعبد اللطيف المكي. ويرفع هذا الشق شعار إسقاط حزب الرئيس.. وتحرير البرلمان وحتى عزل الرئيس. فعبد اللطيف المكي ندد في تصريحه بالخطوة الأخيرة التي اتخذها قيس سعيد بخارطة الطريق التي أعلنها. واعتبر انه مكن نفسه عبرها من سنة إضافية للحكم الفردي فقط وهي لا تصنف لا في خانة الحوار ولا المشاورات ولا الديمقراطية. ودعا في نفس الوقت المكي الى العودة للحياة الدستورية قائلا ان من له مشروع عليه ان يدافع عنه في ظل ظروف طبيعية وفي ظل دستور.
وفي سياق متصل استنكرت أحزاب الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل منعها من قبل قوات الأمن من ممارسة حقّها في التظاهر، وندد كل من خليل الزاوية ومحمد الحامدي وعصام الشابي بعملية الغلق البوليسية لشارع الحبيب بورقيبة أمام معارضي الرئيس قيس سعيد واعتبروا انها مسالة خطيرة تذكر بسلوكيات قديمة لحزب التجمع المنحل.
وفي الجهة المقابلة والتي عرفت حضورا اقل كثافة للمواطنين وللوجوه السياسية والحزبية، وتم التأكيد فيها على أنهم مواطنون مستقلون دون انتماءات سياسية وهم فقط مساندون لقرارات الرئيس ومع المصلحة الوطنية. وكان شعار مكافحة الفساد ومتابعة الفاسدين الشعار الأبرز الذي تم رفعه من قبل الحاضرين أمام المسرح البلدي.
وباستثناء الكلمة التي ألقاها الممثل عاطف بن حسين وحملت الكثير من خطابات الكراهية والتحريض على الإعلاميين والصحفيين وكل من عارض قيس سعيد، كانت بقية التدخلات في شكل حملة تفسيرية لمشروع الرئيس خلال السنة القادمة.
وأكد رضا شهاب المكي (شهر رضا لينين) ابرز وجوه الحملة التفسيرية للرئيس قيس سعيد، ان الفترة القادمة سيكون فيها الشعب التونسي هو صاحب السيادة وان ما نراه اليوم من صراع ومعارضة لا علاقة لها بالديمقراطية بل بالتمثيلية. واعتبر شهاب المكي ان قدر تونس ان تكون ريادية في ثوراتها.. وان أي بناء مبني على الآليات القديمة سيكون فاشلا ولذلك من المحتم علينا البحث على ما هو أجدى.
ويؤكد رضا شهاب المكي، ان مناصري الرئيس قيس سعيد لا يعادون أحدا وليسوا في منافسة مع احد، باعتبار ان تونس تتسع للجميع. لكن الأكيد حسب رايه ان تونس اليوم دخلت منعرجا جديدا وبقيس سعيد او دونه ستشق طريقها للريادة.
اما بالنسبة للاستفتاء فاعتبر المكي انه آلية لتحقيق أراء الناس الفرق بينها وبين الانتخابات ان لها تبعات قانونية سيتم على أساسها وضع نظام انتخابي جديد لنظام سياسي معدل نصل عبره الى انتخابات تشريعية جديدة.
وللإشارة شهدت بدورها عديد ولايات الجمهورية أمس تحركات واحتفالات بذكرى اندلاع الثورة، عرفت بدورها حضور مساندين ورافضين لقرارات الرئيس قيس سعيد هذا الى جانب احتجاجات للمعنيين بقانون عدد 38 لتشغيل حاملي الشهائد العاطلين ومن طالت بطالتهم.