رغم مرور 11 سنة على الشرارة الأولى للثورة التي أطاحت ببن علي، ورغم المحطات والأحداث الهامة التي شهدتها بلادنا على مدى 11 سنة فان عائلات شهداء وجرحى الثورة ظلوا طيلة هذه الفترة يكابدون و"يلهثون" أمام المحاكم العسكرية ودوائر العدالة الانتقالية طالبين من العدالة انصافهم.
بعد هذه السنوات كيف يقيم عائلات الشهداء وكذلك الجرحى مسار ملفهم وهل انصفهم القضاء وهل أن الدولة ردت إليهم اعتبارهم؟
رغم أن تونس تحيي اليوم الذكرى 11 للثورة الا ان عائلات الشهداء والجرحى لا زالوا يشعرون بمرارة وظلم كبيرين فلا القضاء انصفهم ولا الدولة ردت إليهم اعتبارهم، فالتحركات لعائلات شهداء وجرحى الثورة ما زالت متواصلة إلى اليوم وفي المقابل فإنهم لم يجدوا اية ردة فعل من السلطة السياسية.
لغز القناصة
يقول في هذا السياق لـ"الصباح" فيصل حيزي احد جرحى الثورة بالقصرين أنه رغم مرور السنوات وتعاقب الحكومات ورؤساء الجمهورية الا انه لا القضاء انصفهم ولا الدولة ردت إليهم اعتبارهم كما أن العديد من الحقائق في الملف لم تكشف، خاصة المتعلقة بملف القناصة فرغم أن العديد من قضايا شهداء وجرحى الثورة تؤكد أن عددا كبيرا من الضحايا قتلوا على يد القناصة. ولكن وإلى اليوم بقي لغز القناصة وعديد نقاط الاستفهام مطروحة حول هذا الملف وظلت عائلات الشهداء والجرحى تتساءل إلى يومنا هذا عن هوية القناصة فضلا من أن المتهمين الذين طبقوا التعليمات باستعمال الرصاص الحي تجاه المتظاهرين خلال الثورة لم تتم إدانتهم من طرف القضاء وحتى بعد إحالة قضايا شهداء وجرحى الثورة على دوائر العدالة الانتقالية فلم يطرأ عليها أي تغيير في اتجاه إنصافهم بل ظل المسار متعثرا وبطيئا جدا والمتهمون أحرارا. فضلا عن ذلك لم ترد الدولة إليهم الاعتبار المعنوي مثلما أشار ولا تتذكرهم سوى خلال ذكرى الثورة أما باقي المناسبات فهم في طي النسيان وحتى التعويضات المادية فهي بسيطة، حسب رأيه.
وتحدث عن وضعه الصحي مؤكدا أنه يتطلب مصاريف باهظة للعلاج عجز عن توفيرها فحتى التعويض المادي الذي تسلمه اشترى بواسطته منزلا يأويه وبقية أفراد عائلته.
واعتبر في سياق متصل أن رئيس الدولة قيس سعيد لم يف بوعوده بالنسبة لملفهم رغم أنه أكد لهم خلال زيارة أداها في8 جانفي 2020 إلى ولاية القصرين أنه على دراية جيدة بالملف كما أنه كان صرح خلال مجلس وزاري انه سيصدر مراسيم تخص ملف الشهداء والجرحى َلكنه لم يفعل.
وعبر جريح الثورة عن أمله في أن يعلن اليوم رئيس الجمهورية في هذه الذكرى للثورة عن قرارات أو مراسيم لفائدة ملف شهداء وجرحى الثورة. كما عبر عن أمله في أن "يتعافى" القضاء ويرفع السياسيون أيديهم عنه وان تأخذ العدالة مجراها ويعاقب كل من تلطخت يداه بدم الشهداء.
وبارك المتحدث التغييرات السياسية بعد 25 جويلية معبرا في الآن نفسه أن تتم محاسبة جميع الفاسدين الذين نهبوا المال العام وان لا تكون المحاسبة انتقائية مشددا على ضرورة محاسبة الأطراف التي كانت "جاثمة" على القضاء.
لم تخف ألفة شنيتي شقيقة الشهيد غسان الشنيتي احد شهداء تالة والقصرين المرارة التي تشعر بها رغم مرور 11 سنة على الثورة التي دفع فيها شقيقها غسان ابن الـ16 سنة الثمن الذي قتله بوليس بن علي دون رحمة أو شفقة ودون أن يضبطه متلبسا يعتدي على مؤسسات الدولة بل إن جريمته كانت عندما شاهد صديق له يسقط بعد إصابته برصاصة فهب لإنقاذه فأصابه احد أعوان الأمن برصاصة أنهت حياته.
قائمة منقوصة
واعتبرت محدثتنا أنه إلى اليوم لم تكرم الدولة العائلات ولن ترد إليهم اعتبارهم وحتى القائمة المتعلقة بشهداء وجرحى الثورة ورغم أن إصدارها كان متأخرا إلا أنها جاءت منقوصة وتم إقصاء العديد من الأسماء منها ولم يتم تحديد المعايير التي تم اعتمادها كما أنه طيلة هذه السنوات تعرضت عائلات الشهداء والجرحى لشتي أنواع التنكيل واختصرت قضيتهم في التعويض المادي في حين أن المسألة أعمق من ذلك بكثير.
وأضافت ألفة أنه رغم تعاقب السنوات والحكومات ولا زالت عائلات شهداء وجرحى الثورة تعاني معنويا وصحيا ونفسيا وتم التنكيل بها في المحاكم العسكرية وتعرضوا إلى الاعتداء بالعنف من قبل بعض أعوان الأمن خلال مواكبتهم للقضايا في حين أن المتهمين كانوا معززين مكرمين بل إن أحدهم في قضايا شهداء تالة والقصرين كان يأتي إلى محكمة الكاف تحت حماية أمنية.
الجراح لم تندمل
وتعتبر محدثتنا أن جراحهم لم تندمل بعد ولن تشفى وبأنهم دفعوا الضريبة نفسيا ومعنويا وصحيا ولا زالوا يدفعونها إلى اليوم ولم يروا من الدولة سوى النكران وحتى رئيس الجمهورية قيس سعيد لم يهتم بملفهم رغم أنه كان صرح خلال مجلس وزاري انه سيهتم بالقضية ولكن تكررت المجالس الوزارية ولم يروا أفعالا ملموسة بل ظلت مجرد وعود لم تطبق على أرض الواقع مضيفة أنها لا تزال تعاني إلى اليوم من الآثار النفسية وفي المقابل ترى أن"القتلة" يكرمون ويكافأون بتعيينهم في المناصب الهامة على غرار تعيين احد المتهمين الرئيسيين في قضايا شهداء تالة والقصرين بمنصب مهم ثم تم التراجع بعد ذلك عن ذلك التعيين بعد التأكد بأنه مشمول في القضية.
وأضافت الشنيتي أنه رغم تعاقب الحكومات ورؤساء الجمهورية ولكن ملف الشهداء والجرحى ظل يراوح مكانه ولم يتم إنصافهم لا معنويا ولا قضائيا وليس لديهم امل في أن يتم انصافهم والاعتذار لهم. مشيرة إلى أن أغلب قضايا الشهداء والجرحى تم القضاء فيها بعدم سماع الدعوى.
من جانبه رأى علي المكي رئيس جمعية "لن ننساكم" وشقيق الشهيد عبد القادر المكي أنه بعد هروب بن علي ومحاولة النظام القائم لملمة نفسه عن طريقة حكومة محمد الغنوشي حاولت السلطة آنذاك شراء ذمم عائلات شهداء الثورة لكن العائلات رفضت بشدة وتمسكت بالمحاسبة وانطلقت الاحتجاجات والاعتصامات في العديد من مناطق الجمهورية للمطالبة بالمحاسبة ومحاكمة المتورطين في "سفك" دماء أبناء الشعب التونسي.
وانه في 2011 كان مسار الملف واضحا وكشف عن وجود توجهين الأول يتمثل في تمسك عائلات شهداء وجرحى الثورة بكشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين والثاني في تهرب السلطة من محاسبة الضالعين في قتل الشهداء وإصابة الجرحى ومحاولة اسكات العائلات عن طريق تقديم تعويضات مالية لهم لكن بعد الضغط المستمر الذي قامت به العائلات على امتداد سنوات ساندتهم فيه هيئة الدفاع ومكونات المجتمع المدني وكل من آمن بثورة الحرية والكرامة ما دفع بحكومات ما بعد 14 جانفي 2011 إلى تغيير إستراتجيتها تجاه ملف شهداء وجرحى الثورة بإحالة القضايا إلى القضاء العسكري وتشتيت باقي الملفات بين الهيئات والوزارات على غرار كل من وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية ...
لذلك كانت احدى المطالب التي تقدمت بها جمعية "لن ننساكم" في 2012 إلى المجلس التأسيسي آنذاك إنشاء مؤسسة خاصة تحت عنوان "مؤسسة الشهيد" تعنى بملف شهداء وجرحى الثورة.
وأضاف أنه كان يوجد بين الحكومات المتعاقبة قاسم مشترك يتمثل في الإصرار على الالتفاف على ملف شهداء وجرحى الثورة سيما وأن المحاكمات كانت شكلية ولم تكن هناك أية رغبة في كشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين وكان القضاء أداة لتطبيق قرارات سياسية حرصت كل الحرص في اختزال قضايا شهداء وجرحى الثورة في التعويضات المالية، فالحكومات المتعاقبة لم تول اهتماما لملف شهداء وجرحى الثورة رغم المعاناة الكبيرة من الإهمال الصحي خاصة بالنسبة للجرحى مما أدى إلى وفاة البعض منهم .
واعتبر أن ملف الشهداء والجرحى تمت المتاجرة به سياسيا وان جميع من تقلدوا السلطة كانت حملاتهم الانتخابية قائمة على الوعود بالوفاء للثورة وشهدائها وجرحاها لكن لا أحد منهم كان وفيا لوعوده الانتخابية.
تعديل قائمة الشهداء والجرحى
ويأمل علي المكي انه بعد المسار السياسي الجديد بقيادة رئيس الجمهورية الذي لديه دراية كبيرة بملف الشهداء والجرحى ومعاناتهم النفسية والصحية وعلمه كذلك بالمورطين في قتل أبناء الشعب التونسي أن ينصف العائلات والجرحى معنويا وصحيا وقضائيا وان يحاسب المذنبين سيما وأن رئيس الدولة طالما رفع شعار المحاسبة.
كما عبر عن أمله في أن يتم تعديل قائمة الشهداء والجرحى وان لا يتم إقصاء اي احد تكريما وانصافا لهم.
ورفض المتحدث الخوض في الحديث عن المسار السياسي لما بعد 25 جويلية حتى لا تتهم العائلات بتوظيف ملف الشهداء والجرحى في التجاذبات السياسية.
الملف ضاع بين "المتاهات"
ورأت سامية المحيمدي شقيقة الشهيد هشام المحيمدي أن الملف ضاع بين "متاهات" المحاكم العسكرية وبين السياسيين الذين تمعشوا على حد تعبيرها من ملف شهداء وجرحى الثورة وضاعت الحقيقة، وافلت الجميع من العقاب.. ولا يزال الجرحى يعانون واخرون ماتوا بسبب الاهمال..
وأضافت أن رئيس الدولة ورغم انه كان مع عائلات الشهداء والجرحى في محطات مختلفة من مراحل الملف ولكن اليوم للأسف أصبح ملف الشهداء والجرحى آخر اهتماماته وخير دليل على ذلك عدم إصداره أي مرسوم يضمن حقهم وكرامتهم وفق قولها.
صباح الشابي
تونس-الصباح
رغم مرور 11 سنة على الشرارة الأولى للثورة التي أطاحت ببن علي، ورغم المحطات والأحداث الهامة التي شهدتها بلادنا على مدى 11 سنة فان عائلات شهداء وجرحى الثورة ظلوا طيلة هذه الفترة يكابدون و"يلهثون" أمام المحاكم العسكرية ودوائر العدالة الانتقالية طالبين من العدالة انصافهم.
بعد هذه السنوات كيف يقيم عائلات الشهداء وكذلك الجرحى مسار ملفهم وهل انصفهم القضاء وهل أن الدولة ردت إليهم اعتبارهم؟
رغم أن تونس تحيي اليوم الذكرى 11 للثورة الا ان عائلات الشهداء والجرحى لا زالوا يشعرون بمرارة وظلم كبيرين فلا القضاء انصفهم ولا الدولة ردت إليهم اعتبارهم، فالتحركات لعائلات شهداء وجرحى الثورة ما زالت متواصلة إلى اليوم وفي المقابل فإنهم لم يجدوا اية ردة فعل من السلطة السياسية.
لغز القناصة
يقول في هذا السياق لـ"الصباح" فيصل حيزي احد جرحى الثورة بالقصرين أنه رغم مرور السنوات وتعاقب الحكومات ورؤساء الجمهورية الا انه لا القضاء انصفهم ولا الدولة ردت إليهم اعتبارهم كما أن العديد من الحقائق في الملف لم تكشف، خاصة المتعلقة بملف القناصة فرغم أن العديد من قضايا شهداء وجرحى الثورة تؤكد أن عددا كبيرا من الضحايا قتلوا على يد القناصة. ولكن وإلى اليوم بقي لغز القناصة وعديد نقاط الاستفهام مطروحة حول هذا الملف وظلت عائلات الشهداء والجرحى تتساءل إلى يومنا هذا عن هوية القناصة فضلا من أن المتهمين الذين طبقوا التعليمات باستعمال الرصاص الحي تجاه المتظاهرين خلال الثورة لم تتم إدانتهم من طرف القضاء وحتى بعد إحالة قضايا شهداء وجرحى الثورة على دوائر العدالة الانتقالية فلم يطرأ عليها أي تغيير في اتجاه إنصافهم بل ظل المسار متعثرا وبطيئا جدا والمتهمون أحرارا. فضلا عن ذلك لم ترد الدولة إليهم الاعتبار المعنوي مثلما أشار ولا تتذكرهم سوى خلال ذكرى الثورة أما باقي المناسبات فهم في طي النسيان وحتى التعويضات المادية فهي بسيطة، حسب رأيه.
وتحدث عن وضعه الصحي مؤكدا أنه يتطلب مصاريف باهظة للعلاج عجز عن توفيرها فحتى التعويض المادي الذي تسلمه اشترى بواسطته منزلا يأويه وبقية أفراد عائلته.
واعتبر في سياق متصل أن رئيس الدولة قيس سعيد لم يف بوعوده بالنسبة لملفهم رغم أنه أكد لهم خلال زيارة أداها في8 جانفي 2020 إلى ولاية القصرين أنه على دراية جيدة بالملف كما أنه كان صرح خلال مجلس وزاري انه سيصدر مراسيم تخص ملف الشهداء والجرحى َلكنه لم يفعل.
وعبر جريح الثورة عن أمله في أن يعلن اليوم رئيس الجمهورية في هذه الذكرى للثورة عن قرارات أو مراسيم لفائدة ملف شهداء وجرحى الثورة. كما عبر عن أمله في أن "يتعافى" القضاء ويرفع السياسيون أيديهم عنه وان تأخذ العدالة مجراها ويعاقب كل من تلطخت يداه بدم الشهداء.
وبارك المتحدث التغييرات السياسية بعد 25 جويلية معبرا في الآن نفسه أن تتم محاسبة جميع الفاسدين الذين نهبوا المال العام وان لا تكون المحاسبة انتقائية مشددا على ضرورة محاسبة الأطراف التي كانت "جاثمة" على القضاء.
لم تخف ألفة شنيتي شقيقة الشهيد غسان الشنيتي احد شهداء تالة والقصرين المرارة التي تشعر بها رغم مرور 11 سنة على الثورة التي دفع فيها شقيقها غسان ابن الـ16 سنة الثمن الذي قتله بوليس بن علي دون رحمة أو شفقة ودون أن يضبطه متلبسا يعتدي على مؤسسات الدولة بل إن جريمته كانت عندما شاهد صديق له يسقط بعد إصابته برصاصة فهب لإنقاذه فأصابه احد أعوان الأمن برصاصة أنهت حياته.
قائمة منقوصة
واعتبرت محدثتنا أنه إلى اليوم لم تكرم الدولة العائلات ولن ترد إليهم اعتبارهم وحتى القائمة المتعلقة بشهداء وجرحى الثورة ورغم أن إصدارها كان متأخرا إلا أنها جاءت منقوصة وتم إقصاء العديد من الأسماء منها ولم يتم تحديد المعايير التي تم اعتمادها كما أنه طيلة هذه السنوات تعرضت عائلات الشهداء والجرحى لشتي أنواع التنكيل واختصرت قضيتهم في التعويض المادي في حين أن المسألة أعمق من ذلك بكثير.
وأضافت ألفة أنه رغم تعاقب السنوات والحكومات ولا زالت عائلات شهداء وجرحى الثورة تعاني معنويا وصحيا ونفسيا وتم التنكيل بها في المحاكم العسكرية وتعرضوا إلى الاعتداء بالعنف من قبل بعض أعوان الأمن خلال مواكبتهم للقضايا في حين أن المتهمين كانوا معززين مكرمين بل إن أحدهم في قضايا شهداء تالة والقصرين كان يأتي إلى محكمة الكاف تحت حماية أمنية.
الجراح لم تندمل
وتعتبر محدثتنا أن جراحهم لم تندمل بعد ولن تشفى وبأنهم دفعوا الضريبة نفسيا ومعنويا وصحيا ولا زالوا يدفعونها إلى اليوم ولم يروا من الدولة سوى النكران وحتى رئيس الجمهورية قيس سعيد لم يهتم بملفهم رغم أنه كان صرح خلال مجلس وزاري انه سيهتم بالقضية ولكن تكررت المجالس الوزارية ولم يروا أفعالا ملموسة بل ظلت مجرد وعود لم تطبق على أرض الواقع مضيفة أنها لا تزال تعاني إلى اليوم من الآثار النفسية وفي المقابل ترى أن"القتلة" يكرمون ويكافأون بتعيينهم في المناصب الهامة على غرار تعيين احد المتهمين الرئيسيين في قضايا شهداء تالة والقصرين بمنصب مهم ثم تم التراجع بعد ذلك عن ذلك التعيين بعد التأكد بأنه مشمول في القضية.
وأضافت الشنيتي أنه رغم تعاقب الحكومات ورؤساء الجمهورية ولكن ملف الشهداء والجرحى ظل يراوح مكانه ولم يتم إنصافهم لا معنويا ولا قضائيا وليس لديهم امل في أن يتم انصافهم والاعتذار لهم. مشيرة إلى أن أغلب قضايا الشهداء والجرحى تم القضاء فيها بعدم سماع الدعوى.
من جانبه رأى علي المكي رئيس جمعية "لن ننساكم" وشقيق الشهيد عبد القادر المكي أنه بعد هروب بن علي ومحاولة النظام القائم لملمة نفسه عن طريقة حكومة محمد الغنوشي حاولت السلطة آنذاك شراء ذمم عائلات شهداء الثورة لكن العائلات رفضت بشدة وتمسكت بالمحاسبة وانطلقت الاحتجاجات والاعتصامات في العديد من مناطق الجمهورية للمطالبة بالمحاسبة ومحاكمة المتورطين في "سفك" دماء أبناء الشعب التونسي.
وانه في 2011 كان مسار الملف واضحا وكشف عن وجود توجهين الأول يتمثل في تمسك عائلات شهداء وجرحى الثورة بكشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين والثاني في تهرب السلطة من محاسبة الضالعين في قتل الشهداء وإصابة الجرحى ومحاولة اسكات العائلات عن طريق تقديم تعويضات مالية لهم لكن بعد الضغط المستمر الذي قامت به العائلات على امتداد سنوات ساندتهم فيه هيئة الدفاع ومكونات المجتمع المدني وكل من آمن بثورة الحرية والكرامة ما دفع بحكومات ما بعد 14 جانفي 2011 إلى تغيير إستراتجيتها تجاه ملف شهداء وجرحى الثورة بإحالة القضايا إلى القضاء العسكري وتشتيت باقي الملفات بين الهيئات والوزارات على غرار كل من وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية ...
لذلك كانت احدى المطالب التي تقدمت بها جمعية "لن ننساكم" في 2012 إلى المجلس التأسيسي آنذاك إنشاء مؤسسة خاصة تحت عنوان "مؤسسة الشهيد" تعنى بملف شهداء وجرحى الثورة.
وأضاف أنه كان يوجد بين الحكومات المتعاقبة قاسم مشترك يتمثل في الإصرار على الالتفاف على ملف شهداء وجرحى الثورة سيما وأن المحاكمات كانت شكلية ولم تكن هناك أية رغبة في كشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين وكان القضاء أداة لتطبيق قرارات سياسية حرصت كل الحرص في اختزال قضايا شهداء وجرحى الثورة في التعويضات المالية، فالحكومات المتعاقبة لم تول اهتماما لملف شهداء وجرحى الثورة رغم المعاناة الكبيرة من الإهمال الصحي خاصة بالنسبة للجرحى مما أدى إلى وفاة البعض منهم .
واعتبر أن ملف الشهداء والجرحى تمت المتاجرة به سياسيا وان جميع من تقلدوا السلطة كانت حملاتهم الانتخابية قائمة على الوعود بالوفاء للثورة وشهدائها وجرحاها لكن لا أحد منهم كان وفيا لوعوده الانتخابية.
تعديل قائمة الشهداء والجرحى
ويأمل علي المكي انه بعد المسار السياسي الجديد بقيادة رئيس الجمهورية الذي لديه دراية كبيرة بملف الشهداء والجرحى ومعاناتهم النفسية والصحية وعلمه كذلك بالمورطين في قتل أبناء الشعب التونسي أن ينصف العائلات والجرحى معنويا وصحيا وقضائيا وان يحاسب المذنبين سيما وأن رئيس الدولة طالما رفع شعار المحاسبة.
كما عبر عن أمله في أن يتم تعديل قائمة الشهداء والجرحى وان لا يتم إقصاء اي احد تكريما وانصافا لهم.
ورفض المتحدث الخوض في الحديث عن المسار السياسي لما بعد 25 جويلية حتى لا تتهم العائلات بتوظيف ملف الشهداء والجرحى في التجاذبات السياسية.
الملف ضاع بين "المتاهات"
ورأت سامية المحيمدي شقيقة الشهيد هشام المحيمدي أن الملف ضاع بين "متاهات" المحاكم العسكرية وبين السياسيين الذين تمعشوا على حد تعبيرها من ملف شهداء وجرحى الثورة وضاعت الحقيقة، وافلت الجميع من العقاب.. ولا يزال الجرحى يعانون واخرون ماتوا بسبب الاهمال..
وأضافت أن رئيس الدولة ورغم انه كان مع عائلات الشهداء والجرحى في محطات مختلفة من مراحل الملف ولكن اليوم للأسف أصبح ملف الشهداء والجرحى آخر اهتماماته وخير دليل على ذلك عدم إصداره أي مرسوم يضمن حقهم وكرامتهم وفق قولها.