تباينت المواقف وردود الأفعال حول القرارات التي أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 13 من الشهر الجاري واختلفت القراءات السياسية والقانونية لخطابه وما تضمنه من قرارات جديدة استباقية للذكرى 11 للثورة في نسخة هذا العام المقررة يوم الجمعة المقبل وانتظارات التونسيين لقرارات قيل إنها مصيرية وحاسمة، خاصة أمام الدعوات والاستعدادات من عدة جهات إما داعمة لحراك 25 جويلية وما رافقها من قرارات رئاسية أو مناهضة لذلك ومعارضين لسعيد في مشروعه الجديد للإدارة دواليب الدولة، لاسيما أن كلها دعوات لخروج التونسيين للتظاهر والاحتجاج في هذه الذكرى المجيدة ليكون الشارع مرة أخرى محل رهان السياسيين والطبقة الحاكمة للحسم في الصراعات والتنازع على التموقع في المشهد السياسي والدولة.
ويبدو أن سعيد أراد من خلال هذه القرارات الجديدة خاصة فيما يتعلق بوضع تسقيف زمني للمرحلة القادمة، تأكيد محاولاته الإستباقية لسحب البساط من تحت أقدام خصومه السياسيين خاصة أن هذا الطيف راهن على الشكوك التي ما انفكت تخامر بعض مساندي سعيد من سياسيين وناشطين في المجتمع المدني ومواطنين في ظل طول المرحلة الاستثنائية وغياب الحلول والتلكؤ في اتخاذ القرارات الحاسمة وتنفيذ ما وعد به، وما رافقها من غموض وتذبذب وتردد وتخوفات مقابل تواصل الضغوط الداخلية والأجنبية.
فرغم ما قدمه رئيس الجمهورية من تسقيف زمني للمرحلة الاستثنائية لتنتهي في الذكرى 12 لعيد الثورة أي بتنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر 2022 وغيرها من المواعيد الأخرى كخارطة طريق خاصة بالفترة القادمة، إلا أن ذلك لم يشف لخصومه ومعارضيه من توجيه انتقادات وتشكيك في ما أقره وأكده مساء أول أمس.
دعم ومساندة
عبرت بعض الجهات السياسية والمدنية عن ترحيبها بالقرارات الرئاسية الجديدة المعلنة نظرا لما تحمله من أجوبة وتوضيحات حول عدة استفهامات وتساؤلات في مختلف الأوساط على المستويين الوطني والدولي. وذلك في انتظار تعزيزها بإجراءات أخرى تشمل مختلف المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية وغيرها التوجه العملي إلى تفعيلها على ارض الواقع وذلك بعد وضع الآليات الكفيلة بذلك.
إذ عبر حزب التحالف من أجل تونس الذي يرأسه سرحان الناصري عن دعمه ومساندته وتثمينه للقرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية الأخيرة مثلما عبر عن مساندته لقرارات 25 جويلية و22 سبتمبر. واعتبر الحزب في بيان صدر في الغرض أن الإجراءات المعلن عنها توضح معالم الطريق للسنة القادمة لتتوج بتنظيم انتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية لدورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها وفق ما سينتج عن الاستفتاء الشعبي المقرر تنظيمه قريبا من تعديلات في مستوى الدستور والنظام الانتخابي.
من جانبه عبر حزب البعث الاشتراكي عن دعمه وتأييده لجملة القرارات والإجراءات التي أعلن عنها سعيد يوم 13 من الشهر الجاري. واعتبر خارطة الطريقة المعلنة قد اسقطت كل ذرائع الدول القاضية بالامتناع عن مساعدة بلادنا وستبين مدى مصداقيتها في مساعدة تونس على تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها، حسب نصّ البيان.
في المقابل دعا رئيس الجمهورية بضرورة أن تكون اللجنة المراد تكوينها وتكليفها بمهمة صياغة الإصلاحات الدستورية والسياسية لجنة تعددية وممثلة لكل التوجهات الأساسية الفكرية والفلسفية والسياسية الوطنية والقومية والدينية، وأن يكون عملها في كنف الشفافية حتى يتمكن الشعب من مواكبته وتقويمه عند الاقتضاء.
كما طالب حزب البعث في نفس البيان القضاء بتحمل مسؤوليته والقيام بواجبه ودوره في محاربة الفساد ومحاسبة كل من أضر بمصالح تونس الشعب والوطن أو استقوى بالأجنبي وحاول الضغط على واقع البلاد بكل الوسائل السياسية والاقتصادية.
كما عبر كل من الصادق بالعيد وأمين محفوظ المختصان في القانون الدستوري عن استحسانهما لجملة الإجراءات المعلن عنها من قبل رئيس الجمهورية نظرا لأهميتها في تأكيد البعد الإجرائي والتمشي الناجع لسعيد في تجاوز مرحلة الغموض والضبابية التي حفت بالمرحلة الماضية منذ نجاح حراك 25 جويلية في القطع مع المنظومة الحاكمة السابقة ودخول بلادنا في مرحلة استثنائية جديدة. وأجمع الثنائي على أن الهام في هذه القرارات أن سعيد حافظ من خلالها على البقاء في "دائرة الدستور"، على اعتبار أن في ذلك رسائل مضمونة الوصول لمعارضيه ومنتقيده في الداخل التونسي وشركاء بلادنا إقليميا وعالميا وممثلي المنظمات والجهات المانحة في الخارج.
نقد ورفض
فيما تحركت جهات سياسية أخرى على خط النقد والتشكيك والرفض والاستنكار لما أعلن عنه من إجراءات وقرارات. إذ اعتبر أحمد نجيب الشابي أن رئيس الجمهورية لم يقدم في خطابه الأخير خارطة طريق للفترة القادمة وإنما قدّم روزنامة وفق أجندته الخاصة لتنفيذ إرادته في الخروج بتونس من الديمقراطية التمثيلية وجمع السلطات وما ينجم عنها من تهديد للحريات والحقوق. فيما ذهبت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، إلى أن إعلان سعيد عن تنظيم انتخابات تشريعية وفق القانون الانتخابي الجديد يوم 17 ديسمبر 2022 قد منح ''الخوانجيّة'' سنة إضافية للاستعداد والرسكلة ومواصلة جمع المال الخارجي والتغلغل أكثر وتنظيم صفوفهم.
فيما حمّل عياض اللومي القيادي السابق في "قلب تونس" والنائب في البرلمان المجمدة اختصاصاته، رئيس الجمهورية مسؤولية تردي الوضع في البلاد وإفلاسها وعزلتها داخليا وخارجيا بسبب انفراده بالسلطة، منتقدا توجه سعيد لإعادة صياغة العقد الاجتماعي في حين أن استحقاقات البلاد اقتصادية واجتماعية وتقديم إصلاحات شاملة بالأساس هي أولى من أي خيارات أخرى.
ولم يختلف موقف غازي الشواشي، أمين عام حزب التيار الديمقراطي، عن القراءات الرافضة لتلك القرارات مؤكدا مواصلة تنسيقية الأحزاب التي تتقاطع حول معارضة تمشي سعيد كل أشكال التحركات النضالية التصعيدية في ذلك الخروج إلى الشارع والاحتجاج. من جهته شكك محمد عبّو في وجود إمكانية للإصلاح وانقاذ الدولة من قبل قيس سعيد، واصفا مشروعه بـ"التافه".
وذهب عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، إلى أن في موصلة سعيد منهجه في تقسيم التونسيين والانقلاب على الدستور وعلى الديمقراطية خطرا على الدولة.
فيما عبر المختص في القانون العام الصغير الزكراوي عن عدم استحسانه لمواصلة رئيس الجمهورية التفرد بالقرار والرأي في تعاطيه مع مسائل مصيرية على غاية من الخطورة لاسيما في هذه المرحلة التي تمر فيها بلادنا بأزمات خانقة على جميع المستويات.
فهذه المواقف والقراءات الرافضة لقرارات سعيد وما أعلنه من إجراءات جديدة تؤكد أن هدف مكونات الطيف السياسي المعارض لرئيس الجمهورية تتجاوز ما يتعلق بالاختلاف حول المشروع السياسي والإصلاحات الشاملة لكل المجالات والقطاعات لتصبح معركة "شخصية" بالأساس بما يضع البلاد رهينة مطامع حزبية وشخصية ضيقة.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
تباينت المواقف وردود الأفعال حول القرارات التي أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 13 من الشهر الجاري واختلفت القراءات السياسية والقانونية لخطابه وما تضمنه من قرارات جديدة استباقية للذكرى 11 للثورة في نسخة هذا العام المقررة يوم الجمعة المقبل وانتظارات التونسيين لقرارات قيل إنها مصيرية وحاسمة، خاصة أمام الدعوات والاستعدادات من عدة جهات إما داعمة لحراك 25 جويلية وما رافقها من قرارات رئاسية أو مناهضة لذلك ومعارضين لسعيد في مشروعه الجديد للإدارة دواليب الدولة، لاسيما أن كلها دعوات لخروج التونسيين للتظاهر والاحتجاج في هذه الذكرى المجيدة ليكون الشارع مرة أخرى محل رهان السياسيين والطبقة الحاكمة للحسم في الصراعات والتنازع على التموقع في المشهد السياسي والدولة.
ويبدو أن سعيد أراد من خلال هذه القرارات الجديدة خاصة فيما يتعلق بوضع تسقيف زمني للمرحلة القادمة، تأكيد محاولاته الإستباقية لسحب البساط من تحت أقدام خصومه السياسيين خاصة أن هذا الطيف راهن على الشكوك التي ما انفكت تخامر بعض مساندي سعيد من سياسيين وناشطين في المجتمع المدني ومواطنين في ظل طول المرحلة الاستثنائية وغياب الحلول والتلكؤ في اتخاذ القرارات الحاسمة وتنفيذ ما وعد به، وما رافقها من غموض وتذبذب وتردد وتخوفات مقابل تواصل الضغوط الداخلية والأجنبية.
فرغم ما قدمه رئيس الجمهورية من تسقيف زمني للمرحلة الاستثنائية لتنتهي في الذكرى 12 لعيد الثورة أي بتنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر 2022 وغيرها من المواعيد الأخرى كخارطة طريق خاصة بالفترة القادمة، إلا أن ذلك لم يشف لخصومه ومعارضيه من توجيه انتقادات وتشكيك في ما أقره وأكده مساء أول أمس.
دعم ومساندة
عبرت بعض الجهات السياسية والمدنية عن ترحيبها بالقرارات الرئاسية الجديدة المعلنة نظرا لما تحمله من أجوبة وتوضيحات حول عدة استفهامات وتساؤلات في مختلف الأوساط على المستويين الوطني والدولي. وذلك في انتظار تعزيزها بإجراءات أخرى تشمل مختلف المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية وغيرها التوجه العملي إلى تفعيلها على ارض الواقع وذلك بعد وضع الآليات الكفيلة بذلك.
إذ عبر حزب التحالف من أجل تونس الذي يرأسه سرحان الناصري عن دعمه ومساندته وتثمينه للقرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية الأخيرة مثلما عبر عن مساندته لقرارات 25 جويلية و22 سبتمبر. واعتبر الحزب في بيان صدر في الغرض أن الإجراءات المعلن عنها توضح معالم الطريق للسنة القادمة لتتوج بتنظيم انتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية لدورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها وفق ما سينتج عن الاستفتاء الشعبي المقرر تنظيمه قريبا من تعديلات في مستوى الدستور والنظام الانتخابي.
من جانبه عبر حزب البعث الاشتراكي عن دعمه وتأييده لجملة القرارات والإجراءات التي أعلن عنها سعيد يوم 13 من الشهر الجاري. واعتبر خارطة الطريقة المعلنة قد اسقطت كل ذرائع الدول القاضية بالامتناع عن مساعدة بلادنا وستبين مدى مصداقيتها في مساعدة تونس على تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها، حسب نصّ البيان.
في المقابل دعا رئيس الجمهورية بضرورة أن تكون اللجنة المراد تكوينها وتكليفها بمهمة صياغة الإصلاحات الدستورية والسياسية لجنة تعددية وممثلة لكل التوجهات الأساسية الفكرية والفلسفية والسياسية الوطنية والقومية والدينية، وأن يكون عملها في كنف الشفافية حتى يتمكن الشعب من مواكبته وتقويمه عند الاقتضاء.
كما طالب حزب البعث في نفس البيان القضاء بتحمل مسؤوليته والقيام بواجبه ودوره في محاربة الفساد ومحاسبة كل من أضر بمصالح تونس الشعب والوطن أو استقوى بالأجنبي وحاول الضغط على واقع البلاد بكل الوسائل السياسية والاقتصادية.
كما عبر كل من الصادق بالعيد وأمين محفوظ المختصان في القانون الدستوري عن استحسانهما لجملة الإجراءات المعلن عنها من قبل رئيس الجمهورية نظرا لأهميتها في تأكيد البعد الإجرائي والتمشي الناجع لسعيد في تجاوز مرحلة الغموض والضبابية التي حفت بالمرحلة الماضية منذ نجاح حراك 25 جويلية في القطع مع المنظومة الحاكمة السابقة ودخول بلادنا في مرحلة استثنائية جديدة. وأجمع الثنائي على أن الهام في هذه القرارات أن سعيد حافظ من خلالها على البقاء في "دائرة الدستور"، على اعتبار أن في ذلك رسائل مضمونة الوصول لمعارضيه ومنتقيده في الداخل التونسي وشركاء بلادنا إقليميا وعالميا وممثلي المنظمات والجهات المانحة في الخارج.
نقد ورفض
فيما تحركت جهات سياسية أخرى على خط النقد والتشكيك والرفض والاستنكار لما أعلن عنه من إجراءات وقرارات. إذ اعتبر أحمد نجيب الشابي أن رئيس الجمهورية لم يقدم في خطابه الأخير خارطة طريق للفترة القادمة وإنما قدّم روزنامة وفق أجندته الخاصة لتنفيذ إرادته في الخروج بتونس من الديمقراطية التمثيلية وجمع السلطات وما ينجم عنها من تهديد للحريات والحقوق. فيما ذهبت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، إلى أن إعلان سعيد عن تنظيم انتخابات تشريعية وفق القانون الانتخابي الجديد يوم 17 ديسمبر 2022 قد منح ''الخوانجيّة'' سنة إضافية للاستعداد والرسكلة ومواصلة جمع المال الخارجي والتغلغل أكثر وتنظيم صفوفهم.
فيما حمّل عياض اللومي القيادي السابق في "قلب تونس" والنائب في البرلمان المجمدة اختصاصاته، رئيس الجمهورية مسؤولية تردي الوضع في البلاد وإفلاسها وعزلتها داخليا وخارجيا بسبب انفراده بالسلطة، منتقدا توجه سعيد لإعادة صياغة العقد الاجتماعي في حين أن استحقاقات البلاد اقتصادية واجتماعية وتقديم إصلاحات شاملة بالأساس هي أولى من أي خيارات أخرى.
ولم يختلف موقف غازي الشواشي، أمين عام حزب التيار الديمقراطي، عن القراءات الرافضة لتلك القرارات مؤكدا مواصلة تنسيقية الأحزاب التي تتقاطع حول معارضة تمشي سعيد كل أشكال التحركات النضالية التصعيدية في ذلك الخروج إلى الشارع والاحتجاج. من جهته شكك محمد عبّو في وجود إمكانية للإصلاح وانقاذ الدولة من قبل قيس سعيد، واصفا مشروعه بـ"التافه".
وذهب عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري، إلى أن في موصلة سعيد منهجه في تقسيم التونسيين والانقلاب على الدستور وعلى الديمقراطية خطرا على الدولة.
فيما عبر المختص في القانون العام الصغير الزكراوي عن عدم استحسانه لمواصلة رئيس الجمهورية التفرد بالقرار والرأي في تعاطيه مع مسائل مصيرية على غاية من الخطورة لاسيما في هذه المرحلة التي تمر فيها بلادنا بأزمات خانقة على جميع المستويات.
فهذه المواقف والقراءات الرافضة لقرارات سعيد وما أعلنه من إجراءات جديدة تؤكد أن هدف مكونات الطيف السياسي المعارض لرئيس الجمهورية تتجاوز ما يتعلق بالاختلاف حول المشروع السياسي والإصلاحات الشاملة لكل المجالات والقطاعات لتصبح معركة "شخصية" بالأساس بما يضع البلاد رهينة مطامع حزبية وشخصية ضيقة.