أحد منسقي حراك 17 ديسمبر والمشرف على شبكة "الشارع يقرر
ويراقب" لـ"الصباح": غدا الأحد الحسم في مكان تعبئة عيد الثورة وهذه الشعارات المرفوعة
تونس – الصباح
بدأت تلوح بوادر التحضير لتحركات وتظاهرات في يوم 17 ديسمبر وما يحمله من رمزية ثورية في تاريخ تونس المعاصر، لاسيما أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أعلن مؤخرا رسميا عن تغيير عيد الثورة ليصبح في نفس التاريخ بعد أن كان يوم 14 جانفي. إذ تلوح كل المؤشرات ليكون هذا الموعد ساخنا على جميع الأصعدة تناغما مع القرارات والمراسيم الجديدة التي سيعلن عنها رئيس الجمهورية خلال هذه المناسبة والتي ستكون مصيرية ومفصلية في عديد المجالات مثلما سبق وأكد على ذلك. لتتأكد مرة أخرى نزعة عديد الجهات السياسية للمراهنة على الشارع بحثا عن مخارج حاسمة في التوجهات والخيارات السياسية.
ولئن أكدت المبادرة الديمقراطية في بيان لها صدر أمس تمسكها برفض القرارات الرئاسية الصادرة يوم 25 جويلية وما بعده ورفضها للوضع الاستثنائي وخيارات سعيد، فإنها تؤكد استعدادها للتحرك الميداني يوم عيد الثورة في نسخته الجديدة من خلال ما تضمنه البيان ومفاده "إصرار المبادرة على مواصلة كلّ أشكال النضال والتصعيد الكفاحي بداية من يوم 17 ديسمبر تاريخ انطلاق شرارة الثورة حتى إسقاط سلطة الاستثناء وفرض الذهاب إلى استكمال البناء الديمقراطي لنجعل من ذكرى هروب المخلوع في 14 جانفي تاريخا آخر لإغلاق قوس الانقلاب".
وقد أثارت هذه الدعوة ردود أفعال عديد بين رافضة ومستنكرة لمثل هذه التحركات المبنية على التحريض وخطاب الكراهية في العلن مقابل ما تبطنه من خدمة لأجندات المنظومة التي حكمت تونس خلال السنوات العشر الأخيرة وكانت سببا في تراكم الأزمات وتفشي الفساد الذي نخر مؤسسات الدولة. فيما وجد هذا التمشي ترحيبا من قبل بعض أنصار الأحزاب التي كانت مكونة للمنظومة الحاكمة ما قبل 25 جويلية وفي مقدمتها حزب حركة النهضة وبعض السياسيين المنتمين لأحزاب كلاسيكية وأخرى برزت في مرحلة ما بعد ثورة 2011.
وهو ما يعني أن "النزول" إلى الشارع لا يزال الخيار المطروح أمام شق من القوى السياسية المكونة للمشهد السياسي في تونس اليوم مقابل تواصل غياب أي مبادرة أو برنامج أو مشاريع عملية قادرة على تقديم رؤى وتصورات كفيلة بإيجاد حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة التي تتخبط فيها البلاد.
يأتي ذلك في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات بعض المفكرين والسياسيين والباحثين في مجالات اجتماعية واقتصادية بخطورة الخطاب الذي يفرق التونسيين والدعوة إلى ضرورة وضع حد "للأجندات" المراهنة على بث ثقافة التفرقة والتقسيم لأبناء المجتمع الواحد وتوظيف القواعد الشعبية في الصراعات السياسية والحزبية ذات الأهداف والمصالح الضيقة.
خليل عبد المجيد لـ"الصباح":
في سياق متصل أفاد خليل عبدالمجيد، المشرف العام على الشبكة الميدانية "الشارع يقرر ويراقب" المنبثقة عن حراك 25 جويلية وأحد منسقي حراك 17 ديسمبر لـ"الصباح"، أن تنسيقيتهم بصدد التحضير لتنظيم حراك كبير وصفه بـ"تعبئة الشارع". موضحا أن الحسم في هذه التعبئة ومكان تنظيمها وتحديد الأمور "اللوجيستية" سيتم إثر اجتماع التنسيقيات في كامل جهات الجمهورية يوم غدا الأحد، ليتم على إثر ذلك إيداع مطلب لدى الجهات الرسمية المعنية للحصول على ترخيص في الغرض. وبين أن النية تتجه مبدئيا إلى تنظيم تعبئة شعبية في ساحة باردو أو وسط العاصمة في الشارع الرمز رغم وجود مقترحات أخرى بتنظيم تحركات في كامل جهات الجمهورية في ذكرى عيد الثورة.
وحول مضمون وأهداف هذا الحراك أفاد محدثنا أنها ستكون تعبئة ميدانية في مستوى الحدث الهدف منها دعم مسار 25 جويلية وتجديد التأكيد على مساندة رئيس الجمهورية في خيار الإصلاح والقطع مع المنظومة الفاشلة وأشكال الفساد.
كما أفاد أحد منسقي هذا الحراك المرتقب أنه مثلما تم في حراك 25 جويلية رفع شعارات حل البرلمان وإسقاط منظومة الفشل والفساد فإنه سيتم يوم 17 ديسمبر المقبل رفع شعارات تطهير القضاء ليكون عادلا وناجزا وتحرير الإعلام ليكون حرا ونزيها. وعبر عبد المجيد عن استنكاره لما يروجه البعض عن خطر المساس بالحريات والديمقراطية، معتبرا أن المطالبة بتحرير الإعلام من "بارونات ولوبيات" الفساد لا يعني المس من الحريات لأن مكسب الديمقراطية هدف وجب تعزيزه وتطبيقه على أرض الواقع وليس توظيفه لغايات محددة أو العودة به إلى الوراء.
في جانب آخر من حديثه انتقد المشرف العام للشبكة الميدانية "الشارع يقرر ويراقب" ردة فعل الشق المعارض لقيس سعيد الذي صدر في بيان تحت إمضاء المبادرة التنفيذية واعتبره مجرد موقف بناه الناشطون في هذا الحراك على حادثة احتراق مقر حركة النهضة، تأكيدا على ما تعيشه الحركة من تشرذم.
ويذكر أن خليل عبد المجيد هو كاتب عام مرصد تونسيون من أجل قضاء عادل" أيضا.
نزيهة الغضباني