صيانة مطاعم مدرسية في ولاية سليانة.. وماذا عن بقية الولايات؟
تونس-الصباح
يقطعون في هذا الجو البارد عشرات الكيلومترات يوميا وحتى أكثر للوصول إلى المدرسة ثم يعودون إدراجهم بأمعاء خاوية.. هكذا هو حال مئات التلاميذ الذي يقطنون مناطق داخلية بعيدة أو نائية بما أن المطاعم المدرسية أو ما يعرف بـ"الكانتين" إما قد أقفلت أبوابها أو أنها تقدم خدمات رديئة لا ترتقي في جوهرها إلى مستوى احترام الذات البشرية.
من هذا المنطلق لطالما مثّلت المطاعم المدرسية "كابوسا مزعجا" لوزارة التربية نظرا للإشكاليات المعقدة التي تصاحب هذه المسالة خاصة على مستوى الجهات الداخلية البعيدة والمناطق النائية أين يضطر التلميذ للتغيب وللانقطاع المدرسي جراء غياب الأكلة المدرسية ..ومع ذلك ورغم بعض الجهود التي يبذلها المجتمع المدني بالتعاون مع وزارة التربية وبعض المنظمات الدولية إلا أن دار لقمان بقيت على حالها في العديد من الجهات الداخلية.
الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل اهتمت بهذه المسالة حتى أنها أصدرت بيانا في الغرض بتاريخ 6 سبتمبر الماضي حمّلت فيه وزارة التربية حرمان ما يقارب 250 ألف تلميذ من العائلات محدودة الدخل من حقهم في الأكلة المدرسية، خلال الفترة من جانفي 2021 إلى ماي 2021.
مؤكدة أنها قامت بإيداع مطلب لدعوى بالمحكمة الإدارية في تجاوز السلطة ضد إدارة ديوان الخدمات المدرسية بوزارة التربية بتاريخ 8 أوت الماضي علما أن وزارة التربية كانت قد أوضحت في بيان لها أنه قد تم غلق 53 مبيتا بصفة ظرفية خلال نفس الفترة، وذلك نظرا للتقلص الملحوظ في عدد المنتفعين بالخدمات المدرسية بسبب الظرف الوبائي ودخول البلاد في حجر صحي شامل وجزئي في فترات سابقة مما انجر عنه انقطاع الدروس موضحة أن .
هذا التراجع يعود أيضا إلى رغبة الأولياء في عدم إيداع أبنائهم بالمبيتات خوفا من انتشار العدوى.
وأكدت الوزارة أن ديوان الخدمات المدرسية قام في بداية السنة الجارية بدعوة ممثليه بمختلف الجهات إلى العمل قدر المستطاع على توفير الأكلة بالمدارس الابتدائية، إما عن طريق تنظيم استشارات جهوية ومحلية أو التزود والقيام بعملية الصرف المباشر عن طريق وكالات الدفوعات.
في هذا الخصوص يوضح رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل معز الشريف في تصريح أمس لـ"الصباح" إن الوضع ما يزال على ما هو علية مشيرا إلى أن المتصرفين الماليين المعنيين "باللّمجة" أو الأكلة المدرسية يعيشون ضغطا كبيرا من اجل استرجاع الأموال التي لم يقع صرفها متسائلا في الإطار نفسه انه لا يمكن فهم سبب تدني الخدمات المقدمة للطفل والحال أن هذه المسالة تخضع لتمويلات من برنامج التغذية العالمي.
وأوضح في هذا الجانب أن نوعية الأكلة المقدمة للتلميذ لا ترتقي إلى مستوى احترام الذات البشرية قائلا: "أين المراقبة والمتابعة التي يفترض أن تتوفر في هذا الملف وكأن اللمجة أضحت صدقة جارية والحال أنها تمثل حقا من حقوق الطفل".
وفي نفس الإطار يعتبر رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ"الصباح" انه يكفي اليوم ايلاء الموضوع الأهمية التي يستحقها لان الحلول تبقى موجودة موضحا في هذا الإطار انه يتعين على وزارة التربية تشريك منظمات المجتمع المدني وحتى الأولياء للتحسين من جودة الخدمات المقدمة موضحا أن الأكلة المدرسية ينبغي أن تكون متوازنة وتراعي جميع المتطلبات الغذائية الأساسية للتلميذ..
ولاشك أن غياب الأكلة المدرسية وحتى "اللمج" الضعيفة إن وجدت، يهدد عشرات آلاف التلاميذ بسوء التغذية دون أي تحرك فعلي من سلطة الإشراف، وفي ظل هذا الوضع وفي محاولة للنهوض بواقع المطاعم المدرسية في بعض الجهات، تسعى بعض المنظمات الدولية بالتعاون مع وزارة التربية إلى وضع برنامج خاص للنهوض بالأكلة المدرسية في بعض الجهات الداخلية على غرار ما حصل مؤخرا في ولاية سليانة حيث تم أول أمس بأحد النزل في البحيرة عقد ندوة صحفية لتسليط الضوء على مشروع يستهدف مطاعم مدرسية بالجهة حيث تم بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة ووزارتي التربية والفلاحة استهداف وصيانة 5 مطاعم مدرسية بـخمس مدارس ابتدائية لتوفير تغذية متوازنة داخل الوسط المدرسي إضافة إلى إنشاء حدائق في مدرستين ابتدائيتين .
وفي هذا الخٌصوص أوردت مديرة مشروع تجديد المطاعم المدرسية بولاية سليانة ريم شرياق في تصريح أمس لـ"الصباح" انه وفي إطار تجديد المطاعم المدرسية بخمس مدارس ابتدائية في ولاية سليانة تم انجاز دراسة حول العادات الغذائية بولاية سليانة حيث كشفت هذه الدراسة عن بعض المؤشرات على غرار تأثير الوضع الاقتصادي والاجتماعي على العادات الغذائية للتلاميذ لاسيما في المناطق البعيدة، حيث أن التلاميذ في هذه المناطق عادة ما يعانون من نقص في الوزن بسب إهدارهم طاقة كبيرة قبل الوصول إلى المدرسة كما اتضح أيضا أن الأمهات يعانين بدورهن من سوء التغذية .
ومن هذا المنطلق تم العمل على تحسين الأكلة المدرسية في خمس مدارس ابتدائية بولاية سليانة وذلك من خلال توفير أكلة ساخنة عوضا عن الباردة لاسيما وان غياب الأكلة المدرسية يؤشر إلى ظاهرتي الانقطاع المدرسي والتغيب.
من جانب آخر أوردت رباب عزعوزي المكلفة بمهمة لدى برنامج الأغذية العالمي في تونس مكلفة ببرنامج التغذية المدرسية انه تم بالشراكة مع وزارة التربية تفعيل برنامج يخص منطقة سليانة الجنوبية حيث يتمحور مجال تدخل هذا المشروع في ثلاث معتمديات وهي برقو وكسرى والروحية موضحة انه تم بالتعاون مع وزارة التربية تهيئة خمس مطاعم مدرسية في خمس مدارس ابتدائية في المناطق سالفة الذكر وتهيئة حدائق بيداغوجية كمنطقة للتعليم والتربية الغذائية للتلاميذ .
أما في ما يتعلق بالدراسة التي شملت العادات الغذائية للتلاميذ بالمدارس أوردت العزعوزي أن الدراسة أظهرت وجود ارتفاع معدل السمنة في صفوف التلاميذ في المرحلة الابتدائية يٌصاحبه نقص في النمو وهي تعتبر مسالة مهمة خاصة أن ولاية سليانة معروفة بجودة منتٌوجاتها الغذائية المتوازنة في حين أن الأولياء يلجؤون إلى عادات غذائية سيئة متكونة من سعرات حرارية عالية جدا مشيرة الى أن الجهود في الفترة القادمة ستكون منكبة على تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية للأولياء والتلاميذ علما أن البرنامج سيٌواصل عمله وتدخله في ولاية سليانة إلى غاية سنة 2023.
في هذا الخضم ولان مسالة التحسين من جودة الأكلة المدرسية تتجاوز ولاية سليانة لتطال مناطق وولايات أخرى من الجمهورية يتساءل كثيرون بإلحاح عن حال بقية المطاعم المدرسية التي تقدم خدمات لا ترتقي مطلقا إلى الحد الأدنى من المطلوب..
يذكر أن دراسة قامت بها مصالح وزارة الصحة سنة 2016 كشفت عن أن 91 بالمائة من المطاعم المدرسية غير مطابقة لشروط حفظ الصحة ويرجح كثيرون أن الوضعية ازدادت سوءا خلال السنوات الأخيرة مع التضخم الحاصل في الأسعار وظهور جائحة كورونا التي عمقت من حدة الأزمة .
فمتى يتم الالتفات جديا إلى "الكانتين" من خلال الحرص على تقديم أكلة صحية متوازنة تكون خالية من شرائح الخبز المطلية "بالهريسة والسردينة" تجعل
التلميذ الذي يقطع يوميا عشرات الكيلومترات للوصول إلى المدرسة يعود مجددا إلى البيت بأمعاء خاوية..
منال حرزي
صيانة مطاعم مدرسية في ولاية سليانة.. وماذا عن بقية الولايات؟
تونس-الصباح
يقطعون في هذا الجو البارد عشرات الكيلومترات يوميا وحتى أكثر للوصول إلى المدرسة ثم يعودون إدراجهم بأمعاء خاوية.. هكذا هو حال مئات التلاميذ الذي يقطنون مناطق داخلية بعيدة أو نائية بما أن المطاعم المدرسية أو ما يعرف بـ"الكانتين" إما قد أقفلت أبوابها أو أنها تقدم خدمات رديئة لا ترتقي في جوهرها إلى مستوى احترام الذات البشرية.
من هذا المنطلق لطالما مثّلت المطاعم المدرسية "كابوسا مزعجا" لوزارة التربية نظرا للإشكاليات المعقدة التي تصاحب هذه المسالة خاصة على مستوى الجهات الداخلية البعيدة والمناطق النائية أين يضطر التلميذ للتغيب وللانقطاع المدرسي جراء غياب الأكلة المدرسية ..ومع ذلك ورغم بعض الجهود التي يبذلها المجتمع المدني بالتعاون مع وزارة التربية وبعض المنظمات الدولية إلا أن دار لقمان بقيت على حالها في العديد من الجهات الداخلية.
الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل اهتمت بهذه المسالة حتى أنها أصدرت بيانا في الغرض بتاريخ 6 سبتمبر الماضي حمّلت فيه وزارة التربية حرمان ما يقارب 250 ألف تلميذ من العائلات محدودة الدخل من حقهم في الأكلة المدرسية، خلال الفترة من جانفي 2021 إلى ماي 2021.
مؤكدة أنها قامت بإيداع مطلب لدعوى بالمحكمة الإدارية في تجاوز السلطة ضد إدارة ديوان الخدمات المدرسية بوزارة التربية بتاريخ 8 أوت الماضي علما أن وزارة التربية كانت قد أوضحت في بيان لها أنه قد تم غلق 53 مبيتا بصفة ظرفية خلال نفس الفترة، وذلك نظرا للتقلص الملحوظ في عدد المنتفعين بالخدمات المدرسية بسبب الظرف الوبائي ودخول البلاد في حجر صحي شامل وجزئي في فترات سابقة مما انجر عنه انقطاع الدروس موضحة أن .
هذا التراجع يعود أيضا إلى رغبة الأولياء في عدم إيداع أبنائهم بالمبيتات خوفا من انتشار العدوى.
وأكدت الوزارة أن ديوان الخدمات المدرسية قام في بداية السنة الجارية بدعوة ممثليه بمختلف الجهات إلى العمل قدر المستطاع على توفير الأكلة بالمدارس الابتدائية، إما عن طريق تنظيم استشارات جهوية ومحلية أو التزود والقيام بعملية الصرف المباشر عن طريق وكالات الدفوعات.
في هذا الخصوص يوضح رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل معز الشريف في تصريح أمس لـ"الصباح" إن الوضع ما يزال على ما هو علية مشيرا إلى أن المتصرفين الماليين المعنيين "باللّمجة" أو الأكلة المدرسية يعيشون ضغطا كبيرا من اجل استرجاع الأموال التي لم يقع صرفها متسائلا في الإطار نفسه انه لا يمكن فهم سبب تدني الخدمات المقدمة للطفل والحال أن هذه المسالة تخضع لتمويلات من برنامج التغذية العالمي.
وأوضح في هذا الجانب أن نوعية الأكلة المقدمة للتلميذ لا ترتقي إلى مستوى احترام الذات البشرية قائلا: "أين المراقبة والمتابعة التي يفترض أن تتوفر في هذا الملف وكأن اللمجة أضحت صدقة جارية والحال أنها تمثل حقا من حقوق الطفل".
وفي نفس الإطار يعتبر رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ"الصباح" انه يكفي اليوم ايلاء الموضوع الأهمية التي يستحقها لان الحلول تبقى موجودة موضحا في هذا الإطار انه يتعين على وزارة التربية تشريك منظمات المجتمع المدني وحتى الأولياء للتحسين من جودة الخدمات المقدمة موضحا أن الأكلة المدرسية ينبغي أن تكون متوازنة وتراعي جميع المتطلبات الغذائية الأساسية للتلميذ..
ولاشك أن غياب الأكلة المدرسية وحتى "اللمج" الضعيفة إن وجدت، يهدد عشرات آلاف التلاميذ بسوء التغذية دون أي تحرك فعلي من سلطة الإشراف، وفي ظل هذا الوضع وفي محاولة للنهوض بواقع المطاعم المدرسية في بعض الجهات، تسعى بعض المنظمات الدولية بالتعاون مع وزارة التربية إلى وضع برنامج خاص للنهوض بالأكلة المدرسية في بعض الجهات الداخلية على غرار ما حصل مؤخرا في ولاية سليانة حيث تم أول أمس بأحد النزل في البحيرة عقد ندوة صحفية لتسليط الضوء على مشروع يستهدف مطاعم مدرسية بالجهة حيث تم بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة ووزارتي التربية والفلاحة استهداف وصيانة 5 مطاعم مدرسية بـخمس مدارس ابتدائية لتوفير تغذية متوازنة داخل الوسط المدرسي إضافة إلى إنشاء حدائق في مدرستين ابتدائيتين .
وفي هذا الخٌصوص أوردت مديرة مشروع تجديد المطاعم المدرسية بولاية سليانة ريم شرياق في تصريح أمس لـ"الصباح" انه وفي إطار تجديد المطاعم المدرسية بخمس مدارس ابتدائية في ولاية سليانة تم انجاز دراسة حول العادات الغذائية بولاية سليانة حيث كشفت هذه الدراسة عن بعض المؤشرات على غرار تأثير الوضع الاقتصادي والاجتماعي على العادات الغذائية للتلاميذ لاسيما في المناطق البعيدة، حيث أن التلاميذ في هذه المناطق عادة ما يعانون من نقص في الوزن بسب إهدارهم طاقة كبيرة قبل الوصول إلى المدرسة كما اتضح أيضا أن الأمهات يعانين بدورهن من سوء التغذية .
ومن هذا المنطلق تم العمل على تحسين الأكلة المدرسية في خمس مدارس ابتدائية بولاية سليانة وذلك من خلال توفير أكلة ساخنة عوضا عن الباردة لاسيما وان غياب الأكلة المدرسية يؤشر إلى ظاهرتي الانقطاع المدرسي والتغيب.
من جانب آخر أوردت رباب عزعوزي المكلفة بمهمة لدى برنامج الأغذية العالمي في تونس مكلفة ببرنامج التغذية المدرسية انه تم بالشراكة مع وزارة التربية تفعيل برنامج يخص منطقة سليانة الجنوبية حيث يتمحور مجال تدخل هذا المشروع في ثلاث معتمديات وهي برقو وكسرى والروحية موضحة انه تم بالتعاون مع وزارة التربية تهيئة خمس مطاعم مدرسية في خمس مدارس ابتدائية في المناطق سالفة الذكر وتهيئة حدائق بيداغوجية كمنطقة للتعليم والتربية الغذائية للتلاميذ .
أما في ما يتعلق بالدراسة التي شملت العادات الغذائية للتلاميذ بالمدارس أوردت العزعوزي أن الدراسة أظهرت وجود ارتفاع معدل السمنة في صفوف التلاميذ في المرحلة الابتدائية يٌصاحبه نقص في النمو وهي تعتبر مسالة مهمة خاصة أن ولاية سليانة معروفة بجودة منتٌوجاتها الغذائية المتوازنة في حين أن الأولياء يلجؤون إلى عادات غذائية سيئة متكونة من سعرات حرارية عالية جدا مشيرة الى أن الجهود في الفترة القادمة ستكون منكبة على تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية للأولياء والتلاميذ علما أن البرنامج سيٌواصل عمله وتدخله في ولاية سليانة إلى غاية سنة 2023.
في هذا الخضم ولان مسالة التحسين من جودة الأكلة المدرسية تتجاوز ولاية سليانة لتطال مناطق وولايات أخرى من الجمهورية يتساءل كثيرون بإلحاح عن حال بقية المطاعم المدرسية التي تقدم خدمات لا ترتقي مطلقا إلى الحد الأدنى من المطلوب..
يذكر أن دراسة قامت بها مصالح وزارة الصحة سنة 2016 كشفت عن أن 91 بالمائة من المطاعم المدرسية غير مطابقة لشروط حفظ الصحة ويرجح كثيرون أن الوضعية ازدادت سوءا خلال السنوات الأخيرة مع التضخم الحاصل في الأسعار وظهور جائحة كورونا التي عمقت من حدة الأزمة .
فمتى يتم الالتفات جديا إلى "الكانتين" من خلال الحرص على تقديم أكلة صحية متوازنة تكون خالية من شرائح الخبز المطلية "بالهريسة والسردينة" تجعل
التلميذ الذي يقطع يوميا عشرات الكيلومترات للوصول إلى المدرسة يعود مجددا إلى البيت بأمعاء خاوية..