إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين استقلالية القضاء و"سلاح" المراسيم.. عملية شد الحبل تشتد بين سعيد والنهضة

تونس-الصباح

تعددت التصريحات في الآونة الأخيرة حول محكمة المحاسبات والمخالفات الانتخابية لتدفع بالجميع إلى مربع الفعل ورد الفعل.

ففي حين يؤكد رئيس الجمهورية على ضرورة ترتيب الآثار في ما يخص شبهات التمويل الأجنبي التي تعلقت بحركة النهضة وحزب قلب تونس، سلطت حركة النهضة في مناسبتين الضوء على المخالفات الانتخابية لرئيس الجمهورية.

وجاءت المرة الأولى من خلال البيان الصادر عن المكتب التنفيذي للحزب يوم 2 ديسمبر الجاري حيث أشارت فيه حركة النهضة "إلى ضغط رئيس الجمهورية على القضاء والتهديد باتخاذ أوامر ومراسيم على المقاس رغبة منه في السيطرة على دواليب الدولة والتخلّص من معارضيه، في تناقض صارخ مع الدستور، مقابل صمته التام عن المخالفات الواردة بشأنه في تقرير محكمة المحاسبات"، مضيفة أنه "سيسعى عبر المراسيم، إلى تحصين نفسه، كما فعل في الأمر الرئاسي عدد 117 الذي جعله فوق الدستور ولا معقب عليه"، وفق نص البيان.

أما المرة الثانية فكانت خلال الندوة الصحفية صباح الاثنين 6 ديسمبر والتي حذرت فيها النهضة من سعي الرئيس للإطاحة بقائماتها الانتخابية دون سند قانوني.

ويأتي موقف النهضة بعد تحركات سعيد لإعلان محتمل قصد الإطاحة بقائمات النهضة وقلب تونس لا بنص قانوني بل انطلاقا من مرسوم رئاسي بما يسهل عليه لاحقا إنهاء البرلمان والانطلاق الفعلي في مشروعه السياسي وهو ما حذر منه الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي.

ورغم التسابق والتلاحق بين طرفي الصراع مع أسبقية واضحة لسعيد على حساب النهضة وبقية الأحزاب، فإن الحركة أعادت إلى الساحة السياسية الحديث عن المخالفة الانتخابية للرئيس وهو ما كان المدير التنفيذي لحزب الشعب يريد نجد الخلفاوي قد أشار إليه سابقا لتتالى التأويلات رغم تدخل القضاء الذي تناول  الموضوع وفق مسارين منفصلين وفق بيانات الأحزاب وتصريحات الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية .

ويتمثل المسار الأول في الإفادة التي تقدم بها حزب الشعب يريد بتاريخ 19 مارس 2021 لمحكمة المحاسبات وكان الحزب قد أصدر بيانا في الغرض يوم 20 مارس يشير فيه إلى أن لجنة قانونية قد اطلعت على أدلة ومعطيات جادة تشير إلى وجود صفحات ممولة من الخارج قد ساهمت في الدعاية للمرشح قيس سعيد.

وحسب المكتب التنفيذي للحزب فقد أحالت محكمة المحاسبات الموضوع للنيابة العمومية التي بدورها فتحت تحقيقا وعهدت الفرقة المركزية بالعوينة بالبحث فيه وفق تصريح الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية محسن الدالي يوم 21 أفريل 2021 وقد أكد أعضاء من حزب الشعب يريد أنه تم الاستماع إليهم وقدموا كل ما يملكون من أدلة للفرقة المذكورة.

وفي ذات السياق أفاد القيادي في حملة المترشح قيس سعيد، فوزي الدعاس أنه تم الاستماع إليه أيضا بمقر الفرقة المركزية بالعوينة.

أما المسار الثاني للقضية فهو البحث التلقائي الذي فتحه القضاء العسكري في تصريحات النائب راشد الخياري يوم 20 أفريل الماضي .

ووفق معلومات تحصلت عليها "الصباح" فقد قام قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية بالاستماع للمثل القانوني لحزب الشعب يريد كشاهد وقد تمسك ممثل الحزب بتصريحاته التي وردت بمحاضر البحث أمام الفرقة المركزية بالعوينة ووجود صفحات ممولة من الخارج قامت بالدعاية الإعلامية لحملة المترشح قيس سعيد كما قام قاضي التحقيق بالاستماع إلى عدة أطراف من تونس ومن خارجها.

وقد تقاطعت كل التصريحات وأكدت وجود صفحات أجنبية ممولة من الخارج كذلك تأكد وجود اتصالات بين فوزي الدعاس وأحد التونسيين بالخارج الذي يشغل خطة مسؤول أمني بأحد السفارات الأجنبية بالخارج والذي قدم إلى تونس للالتقاء بالمترشح قيس سعيد أشهر قبل الانتخابات بطلب وتنسيق من المشرفين على حملة قيس سعيد وقد تم هذا اللقاء بأحد المقاهي بالعاصمة وهو ما كان أعلن عنه المسؤول الأول عن حركة الشعب يريد في أكثر من تصريح.

وخلافا لما ذكره النائب راشد الخياري فإن البنك المركزي لم يجد أثرا لأموال أو تحويلات قادمة من الخارج استفادت منها حملة قيس سعيد باستثناء بعض المبالغ البسيطة التي تم تحويلها لفوزي الدعاس والتي أقر بها أثناء البحث.

لكن المفاجأة الأهم أن بعض المصادر خلال الأبحاث أمام قاضي التحقيق العسكري أقرت بوجود الصفحات التي أشار إليها تقرير محكمة المحاسبات والتي كانت تدار من الخارج وتم تمويلها بمبالغ ضخمة أثناء الحملة الانتخابية وهو ما أقر بعلمه بها فوزي الدعاس القيادي في حملة المترشح قيس سعيد.

ومن الملاحظ ووفق مصادر مطلعة فإن التحقيق الأولي الذي فتحه القضاء العسكري في تصريحات النائب راشد الخياري والذي استمع لعديد الأطراف على سبيل الاسترشاد قد توصل إلى حقائق مهمة ليصبح فتح تحقيق في تصريحات راشد الخياري وتوسيع دائرة البحث فيه بمثابة الورطة التي وقع فيها قيس سعيد وربما من أشار عليه بفتح هذا التحقيق.

أما التحقيق العدلي الذي فتحته النيابة العمومية وتعهدت به أحد الفرق المختصة بالعوينة لا يزال يراوح مكانه بعد الاستماع إلى بعض الأطراف وربما بقي في الرفوف خاصة بعد حركة النقل الأخيرة صلب الإدارة العامة للحرس الوطني يوم 28 أوت 2021.

ويذكر أن رئيس الدولة قيس سعيد قد اجتمع بكل من يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء ومليكة المزاري رئيسة مجلس القضاء العدلي وعبد السلام مهدي قريصيعة الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية ومحمد نجيب القطاري رئيس مجلس القضاء المالي .

وتمّ خلال هذا اللقاء، تناول سير المرفق العمومي القضائي وخاصة منه المتعلق بالنزاعات الانتخابية حيث أكّد رئيس الجمهورية وفق الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على أن التقرير الذي وضعته محكمة المحاسبات والخاص بالانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة لا يمكن أن يظلّ دون أثر بل يجب ترتيب النتائج القانونية عليه في مستوى صحّة الانتخابات.

وعلى أهمية الاجتماع فقد عبر المجلس الأعلى للقضاء في بلاغه الصادر، الاثنين  6 ديسمبر 2021، عن رفضه المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية بواسطة المراسيم، مذكرا أن وجود المجلس في حد ذاته ضمانة أساسية لاستقلال القضاء.

كما أكد المجلس أن إصلاح القضاء ينبغي أن يتم في إطار الضوابط الدستورية وخارج إطار التدابير الاستثنائية، مؤكدا عزمه الانخراط في مسار الإصلاح ومحاربة الفساد.

 

خليل الحناشي

بين استقلالية القضاء و"سلاح" المراسيم.. عملية شد الحبل تشتد بين سعيد والنهضة

تونس-الصباح

تعددت التصريحات في الآونة الأخيرة حول محكمة المحاسبات والمخالفات الانتخابية لتدفع بالجميع إلى مربع الفعل ورد الفعل.

ففي حين يؤكد رئيس الجمهورية على ضرورة ترتيب الآثار في ما يخص شبهات التمويل الأجنبي التي تعلقت بحركة النهضة وحزب قلب تونس، سلطت حركة النهضة في مناسبتين الضوء على المخالفات الانتخابية لرئيس الجمهورية.

وجاءت المرة الأولى من خلال البيان الصادر عن المكتب التنفيذي للحزب يوم 2 ديسمبر الجاري حيث أشارت فيه حركة النهضة "إلى ضغط رئيس الجمهورية على القضاء والتهديد باتخاذ أوامر ومراسيم على المقاس رغبة منه في السيطرة على دواليب الدولة والتخلّص من معارضيه، في تناقض صارخ مع الدستور، مقابل صمته التام عن المخالفات الواردة بشأنه في تقرير محكمة المحاسبات"، مضيفة أنه "سيسعى عبر المراسيم، إلى تحصين نفسه، كما فعل في الأمر الرئاسي عدد 117 الذي جعله فوق الدستور ولا معقب عليه"، وفق نص البيان.

أما المرة الثانية فكانت خلال الندوة الصحفية صباح الاثنين 6 ديسمبر والتي حذرت فيها النهضة من سعي الرئيس للإطاحة بقائماتها الانتخابية دون سند قانوني.

ويأتي موقف النهضة بعد تحركات سعيد لإعلان محتمل قصد الإطاحة بقائمات النهضة وقلب تونس لا بنص قانوني بل انطلاقا من مرسوم رئاسي بما يسهل عليه لاحقا إنهاء البرلمان والانطلاق الفعلي في مشروعه السياسي وهو ما حذر منه الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي.

ورغم التسابق والتلاحق بين طرفي الصراع مع أسبقية واضحة لسعيد على حساب النهضة وبقية الأحزاب، فإن الحركة أعادت إلى الساحة السياسية الحديث عن المخالفة الانتخابية للرئيس وهو ما كان المدير التنفيذي لحزب الشعب يريد نجد الخلفاوي قد أشار إليه سابقا لتتالى التأويلات رغم تدخل القضاء الذي تناول  الموضوع وفق مسارين منفصلين وفق بيانات الأحزاب وتصريحات الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية .

ويتمثل المسار الأول في الإفادة التي تقدم بها حزب الشعب يريد بتاريخ 19 مارس 2021 لمحكمة المحاسبات وكان الحزب قد أصدر بيانا في الغرض يوم 20 مارس يشير فيه إلى أن لجنة قانونية قد اطلعت على أدلة ومعطيات جادة تشير إلى وجود صفحات ممولة من الخارج قد ساهمت في الدعاية للمرشح قيس سعيد.

وحسب المكتب التنفيذي للحزب فقد أحالت محكمة المحاسبات الموضوع للنيابة العمومية التي بدورها فتحت تحقيقا وعهدت الفرقة المركزية بالعوينة بالبحث فيه وفق تصريح الناطق الرسمي باسم النيابة العمومية محسن الدالي يوم 21 أفريل 2021 وقد أكد أعضاء من حزب الشعب يريد أنه تم الاستماع إليهم وقدموا كل ما يملكون من أدلة للفرقة المذكورة.

وفي ذات السياق أفاد القيادي في حملة المترشح قيس سعيد، فوزي الدعاس أنه تم الاستماع إليه أيضا بمقر الفرقة المركزية بالعوينة.

أما المسار الثاني للقضية فهو البحث التلقائي الذي فتحه القضاء العسكري في تصريحات النائب راشد الخياري يوم 20 أفريل الماضي .

ووفق معلومات تحصلت عليها "الصباح" فقد قام قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية بالاستماع للمثل القانوني لحزب الشعب يريد كشاهد وقد تمسك ممثل الحزب بتصريحاته التي وردت بمحاضر البحث أمام الفرقة المركزية بالعوينة ووجود صفحات ممولة من الخارج قامت بالدعاية الإعلامية لحملة المترشح قيس سعيد كما قام قاضي التحقيق بالاستماع إلى عدة أطراف من تونس ومن خارجها.

وقد تقاطعت كل التصريحات وأكدت وجود صفحات أجنبية ممولة من الخارج كذلك تأكد وجود اتصالات بين فوزي الدعاس وأحد التونسيين بالخارج الذي يشغل خطة مسؤول أمني بأحد السفارات الأجنبية بالخارج والذي قدم إلى تونس للالتقاء بالمترشح قيس سعيد أشهر قبل الانتخابات بطلب وتنسيق من المشرفين على حملة قيس سعيد وقد تم هذا اللقاء بأحد المقاهي بالعاصمة وهو ما كان أعلن عنه المسؤول الأول عن حركة الشعب يريد في أكثر من تصريح.

وخلافا لما ذكره النائب راشد الخياري فإن البنك المركزي لم يجد أثرا لأموال أو تحويلات قادمة من الخارج استفادت منها حملة قيس سعيد باستثناء بعض المبالغ البسيطة التي تم تحويلها لفوزي الدعاس والتي أقر بها أثناء البحث.

لكن المفاجأة الأهم أن بعض المصادر خلال الأبحاث أمام قاضي التحقيق العسكري أقرت بوجود الصفحات التي أشار إليها تقرير محكمة المحاسبات والتي كانت تدار من الخارج وتم تمويلها بمبالغ ضخمة أثناء الحملة الانتخابية وهو ما أقر بعلمه بها فوزي الدعاس القيادي في حملة المترشح قيس سعيد.

ومن الملاحظ ووفق مصادر مطلعة فإن التحقيق الأولي الذي فتحه القضاء العسكري في تصريحات النائب راشد الخياري والذي استمع لعديد الأطراف على سبيل الاسترشاد قد توصل إلى حقائق مهمة ليصبح فتح تحقيق في تصريحات راشد الخياري وتوسيع دائرة البحث فيه بمثابة الورطة التي وقع فيها قيس سعيد وربما من أشار عليه بفتح هذا التحقيق.

أما التحقيق العدلي الذي فتحته النيابة العمومية وتعهدت به أحد الفرق المختصة بالعوينة لا يزال يراوح مكانه بعد الاستماع إلى بعض الأطراف وربما بقي في الرفوف خاصة بعد حركة النقل الأخيرة صلب الإدارة العامة للحرس الوطني يوم 28 أوت 2021.

ويذكر أن رئيس الدولة قيس سعيد قد اجتمع بكل من يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء ومليكة المزاري رئيسة مجلس القضاء العدلي وعبد السلام مهدي قريصيعة الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية ومحمد نجيب القطاري رئيس مجلس القضاء المالي .

وتمّ خلال هذا اللقاء، تناول سير المرفق العمومي القضائي وخاصة منه المتعلق بالنزاعات الانتخابية حيث أكّد رئيس الجمهورية وفق الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على أن التقرير الذي وضعته محكمة المحاسبات والخاص بالانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة لا يمكن أن يظلّ دون أثر بل يجب ترتيب النتائج القانونية عليه في مستوى صحّة الانتخابات.

وعلى أهمية الاجتماع فقد عبر المجلس الأعلى للقضاء في بلاغه الصادر، الاثنين  6 ديسمبر 2021، عن رفضه المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية بواسطة المراسيم، مذكرا أن وجود المجلس في حد ذاته ضمانة أساسية لاستقلال القضاء.

كما أكد المجلس أن إصلاح القضاء ينبغي أن يتم في إطار الضوابط الدستورية وخارج إطار التدابير الاستثنائية، مؤكدا عزمه الانخراط في مسار الإصلاح ومحاربة الفساد.

 

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews