بعد ممانعة في البداية وتردد وانتظار لخطوات الرئيس التي لم تأتي، قرر الاتحاد العام التونسي للشغل خوض غمار قيادة "الخيار الثالث" بمعية بقية المنظمات الوطنية والأطراف السياسية والشخصيات الوطنية المتفقة على ضرورة الخروج من الأزمة الراهنة ورسم تصور إنقاذ للبلاد في أقرب الآجال.
وتتزامن خطوة الاتحاد، التي رفض سابقا المضي فيها مخيرا احترام الشرعية الانتخابية والمؤسسات الدستورية لاسيما مؤسسة رئاسة الجمهورية التي توجه لها الاتحاد سابقا بمبادرة للحوار الوطني تحت مظلة ورعاية رئيس الجمهورية، مع تصاعد وتيرة الأصوات المطالبة بوضع حد للتدابير الاستثنائية والذهاب لانتخابات مبكرة وأيضا مع تنامي الضغوط والتهديدات الاقتصادية والاجتماعية وعزلة تونس دوليا في ظل تمترس الرئيس قيس سعيد وراء مواقفه الرافضة للمسار التشاركي في صياغة خارطة طريق مستقبلية وامتناعه إلى حد اليوم عن الإفصاح عن برنامجه وموعد إنهاء الوضع الاستثنائي.
والسؤال المطروح اليوم أي خيار بقي لرئيس الجمهورية في مواجهة "الخيار الثالث" الذي سيقوده الاتحاد ويبدو أنه سيجمع حوله الأغلبية بمن فيهم مساندي الرئيس سابقا؟
الخطر الداهم
وصف نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل الوضع الذي تعيش على وقعه البلاد اليوم بالمنعرج الذي لا يعلم أحد مآلاته مؤكدا أن "مظاهر العصيان باتت تهدّد بانفجار غير محمود العواقب وأن كلّ المؤشرات تُومِضُ أحمرَ مُنذِرَةً بخطر داهم" على حد تعبيره. وربما تكون هذه المخاوف الجدية من الانزلاق بالبلاد إلى مربع اللاعودة سرعت في تبنى الاتحاد مبادرة الخط الثالث حيث تؤكد كواليس لقاءات المنظمة الشغيلة الأخيرة مع عدد من الفاعلين السياسيين أن كثيرين دفعوا الاتحاد للعب هذا الدور في هذه المرحلة الحساسة وكما كان دائما في مختلف المحطات التاريخية الوطنية الحاسمةّ.
وقد أشار الطبوبي في كلمته السبت الفارط بمناسبة الذكرى 69 لاغتيال الزعيم النقابي والوطني فرحات حشاد إلى أن التوجه سيكون نحو "توسيع التشاور بالتنسيق مع الأطراف والمنظّمات التي يتقاطع معها في الثوابت والمبادئ للدعوة للقاءٍ وطنيٍّ يُثمِرُ قوّة اقتراح سياسية واجتماعية وحقوقية ومدنية لا يستهان بها بمعيّة شخصيّات وطنيّة ثابتة يؤسّس لتوجّه وطني ثالث عنوانه الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية".
كما أعلن الطبوبي عن الملامح الأولية لخارطة طريق "الخيار الثالث" عندما قال "إنّ بناء الديمقراطية واستكمال مسارها لا يستقيم من دون وسائل ديمقراطية ومن دون تطوير ثقافة الحرية والمواطنة ومن أهمّ هذه الوسائل الفصل بين السلطات، وتنقيح القانون الانتخابي، ومراجعة قانون الأحزاب والجمعيات والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها تكون ديمقراطية وشفّافة، ومراجعة مجلة الجماعات المحلية والقوانين المنظمة للهيئات الدستورية وفي مقدمتها الهيئة المستقلّة للانتخابات وتفعيل دور الهيئات الرقابية وإيجاد الصيغ الكفيلة بضمان بعث محكمة دستورية مستقلّة فعليا وغير خاضعة للتّأثيرات السياسية."
انتخابات مبكرة
وتلتقي عديد الأطراف السياسية مع الاتحاد العام التونسي للشغل لاسيما في موضوع الانتخابات السابقة لأوانها حيث تزامن إعلان المنظمة الشغيلة عن مبادرتها الجديدة مع جملة من التصريحات والمواقف لعديد القوى السياسية المتماهية مع خارطة الخيار الثالث.
وصرحت في هذا السياق رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي أول أمس بالتزامن مع تصريحات الطبوبي بأن الحل الوحيد هو الذهاب لانتخابات تشريعية مبكرة بعد تنقية المناخ الانتخابي لإفراز برلمان جديد وحكومة أخرى.
وقالت موسي في تصريح لها على هامش ندوة نظمها الحزب إن "هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال ومن المفروض أن يكون دورها الوحيد والأساسي هو حلحلة الإشكاليات العاجلة على المدى القصير جدا والإعداد للانتخابات والإشراف عليها بالإضافة الى الحديث على إصلاحات جوهرية وإصلاحات مؤسسات عمومية ولا يمكن لهذا أن يتم عبر التدابير الاستثنائية ولهذا يجب الإسراع بالوضع العادي الدائم المستقل للمؤسسات".
بدورها سارعت حركة النهضة للتأكيد على دعمها والتقائها مع مبادرة اتحاد الشغل ففي حوار له مع موقع ''القدس العربي'' تحدث رياض الشعيبي المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة، عن "مؤشرات وجود تقارب في الآراء بين حركة النهضة وبقية أطياف الطبقة السياسية والمنظمات الكبرى، بما فيها اتحاد الشغل، حول الموقف من تدابير الرئيس قيس سعيد".
تتبنى بدورها "مبادرة مواطنون ضد الانقلاب" مسالة الذهاب لانتخابات مبكرة كحل للوضع الراهن حيث اعتبر أستاذ القانون الدستوري وعضو المبادرة جوهر بن مبارك، في تصريح إذاعي أول أمس أنه "من الضروري إعادة البرلمان لإنجاز مهام محددة وفق جدول زمني مضبوط، في إطار اتفاق من أجل التوفير الشروط الدنيا للذهاب إلى الانتخابات المبكرة".
مضيفا أن "المجتمع الدولي يرفض التعاطي مع حكومة نجلاء بودن، هذه الحكومة فاقدة للصلاحيات وغير قادرة على الإلزام داخلياً ودولياً ونحن بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطني غير مشروط تمكن أن يتواصل ويمتد إلى ما بعد الانتخابات المبكرة".
أصدقاء الرئيس
بدت أيضا مواقف "أصدقاء" الرئيس وأكثر مسانديه متماهية مع الخيار الثالث للاتحاد لاسيما مواقف قيادات حركة الشعب التي عبر بعضها مؤخرا عن تململ ومعارضة لما وصفوه بانفراد رئيس الجمهورية بالسلطة.
وعقب اللقاء الأخير الذي جمع وفدا عن حركة الشعب ممثلا في الأمين العام زهير المغزاوي والنائبين سالم لبيض وهيكل المكي بالأمين العام لإتحاد للشغل نور الدين الطبوبي أكدت مصادر الحركة في بيان بالمناسبة أن اللقاء تناول اقتراح حلول للخروج من الأزمة الراهنة وأن الطرفين عبرا "عن معارضة انفراد رئيس الجمهورية باتخاذ القرار في ما يتعلق بمستقبل البلاد وضرورة التسقيف الزمني للإجراءات الاستثنائية".
بدوره توجه أمس الوزير السابق وأمين عام حزب حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي، وهو من داعمي سعيد، بطلب إلى رئيس الجمهورية بالتسريع في اتخاذ القرارات وتسقيف الإجراءات الاستثنائية محذرا من تراجع منسوب الثقة فيه. وقال البريكي "أرجو من الرئيس أن يقوم بخطاب يعلن فيه أن هذه المرحلة ليست دائمة، ويعلن عن مراجعة القانون الانتخابي وقانون الجمعيات والأحزاب ثم دعوة الأحزاب التي تؤمن بأنّ 25 جويلية حدث تاريخي و17 ديسمبر و14 جانفي ثورة لمسار تشاركي للحوار مع المنظمات الاجتماعية والمدنية وإعادة البناء الذي لا يمكن أن ينجزه بمفرده. ولا يوجد ديمقراطية في العالم دون حوار." وفق تعبيره.
فهل يلتحق رئيس الجمهورية بمبادرة الخيار الثالث؟
م.ي
تونس-الصباح
بعد ممانعة في البداية وتردد وانتظار لخطوات الرئيس التي لم تأتي، قرر الاتحاد العام التونسي للشغل خوض غمار قيادة "الخيار الثالث" بمعية بقية المنظمات الوطنية والأطراف السياسية والشخصيات الوطنية المتفقة على ضرورة الخروج من الأزمة الراهنة ورسم تصور إنقاذ للبلاد في أقرب الآجال.
وتتزامن خطوة الاتحاد، التي رفض سابقا المضي فيها مخيرا احترام الشرعية الانتخابية والمؤسسات الدستورية لاسيما مؤسسة رئاسة الجمهورية التي توجه لها الاتحاد سابقا بمبادرة للحوار الوطني تحت مظلة ورعاية رئيس الجمهورية، مع تصاعد وتيرة الأصوات المطالبة بوضع حد للتدابير الاستثنائية والذهاب لانتخابات مبكرة وأيضا مع تنامي الضغوط والتهديدات الاقتصادية والاجتماعية وعزلة تونس دوليا في ظل تمترس الرئيس قيس سعيد وراء مواقفه الرافضة للمسار التشاركي في صياغة خارطة طريق مستقبلية وامتناعه إلى حد اليوم عن الإفصاح عن برنامجه وموعد إنهاء الوضع الاستثنائي.
والسؤال المطروح اليوم أي خيار بقي لرئيس الجمهورية في مواجهة "الخيار الثالث" الذي سيقوده الاتحاد ويبدو أنه سيجمع حوله الأغلبية بمن فيهم مساندي الرئيس سابقا؟
الخطر الداهم
وصف نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل الوضع الذي تعيش على وقعه البلاد اليوم بالمنعرج الذي لا يعلم أحد مآلاته مؤكدا أن "مظاهر العصيان باتت تهدّد بانفجار غير محمود العواقب وأن كلّ المؤشرات تُومِضُ أحمرَ مُنذِرَةً بخطر داهم" على حد تعبيره. وربما تكون هذه المخاوف الجدية من الانزلاق بالبلاد إلى مربع اللاعودة سرعت في تبنى الاتحاد مبادرة الخط الثالث حيث تؤكد كواليس لقاءات المنظمة الشغيلة الأخيرة مع عدد من الفاعلين السياسيين أن كثيرين دفعوا الاتحاد للعب هذا الدور في هذه المرحلة الحساسة وكما كان دائما في مختلف المحطات التاريخية الوطنية الحاسمةّ.
وقد أشار الطبوبي في كلمته السبت الفارط بمناسبة الذكرى 69 لاغتيال الزعيم النقابي والوطني فرحات حشاد إلى أن التوجه سيكون نحو "توسيع التشاور بالتنسيق مع الأطراف والمنظّمات التي يتقاطع معها في الثوابت والمبادئ للدعوة للقاءٍ وطنيٍّ يُثمِرُ قوّة اقتراح سياسية واجتماعية وحقوقية ومدنية لا يستهان بها بمعيّة شخصيّات وطنيّة ثابتة يؤسّس لتوجّه وطني ثالث عنوانه الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية".
كما أعلن الطبوبي عن الملامح الأولية لخارطة طريق "الخيار الثالث" عندما قال "إنّ بناء الديمقراطية واستكمال مسارها لا يستقيم من دون وسائل ديمقراطية ومن دون تطوير ثقافة الحرية والمواطنة ومن أهمّ هذه الوسائل الفصل بين السلطات، وتنقيح القانون الانتخابي، ومراجعة قانون الأحزاب والجمعيات والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها تكون ديمقراطية وشفّافة، ومراجعة مجلة الجماعات المحلية والقوانين المنظمة للهيئات الدستورية وفي مقدمتها الهيئة المستقلّة للانتخابات وتفعيل دور الهيئات الرقابية وإيجاد الصيغ الكفيلة بضمان بعث محكمة دستورية مستقلّة فعليا وغير خاضعة للتّأثيرات السياسية."
انتخابات مبكرة
وتلتقي عديد الأطراف السياسية مع الاتحاد العام التونسي للشغل لاسيما في موضوع الانتخابات السابقة لأوانها حيث تزامن إعلان المنظمة الشغيلة عن مبادرتها الجديدة مع جملة من التصريحات والمواقف لعديد القوى السياسية المتماهية مع خارطة الخيار الثالث.
وصرحت في هذا السياق رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي أول أمس بالتزامن مع تصريحات الطبوبي بأن الحل الوحيد هو الذهاب لانتخابات تشريعية مبكرة بعد تنقية المناخ الانتخابي لإفراز برلمان جديد وحكومة أخرى.
وقالت موسي في تصريح لها على هامش ندوة نظمها الحزب إن "هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال ومن المفروض أن يكون دورها الوحيد والأساسي هو حلحلة الإشكاليات العاجلة على المدى القصير جدا والإعداد للانتخابات والإشراف عليها بالإضافة الى الحديث على إصلاحات جوهرية وإصلاحات مؤسسات عمومية ولا يمكن لهذا أن يتم عبر التدابير الاستثنائية ولهذا يجب الإسراع بالوضع العادي الدائم المستقل للمؤسسات".
بدورها سارعت حركة النهضة للتأكيد على دعمها والتقائها مع مبادرة اتحاد الشغل ففي حوار له مع موقع ''القدس العربي'' تحدث رياض الشعيبي المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة، عن "مؤشرات وجود تقارب في الآراء بين حركة النهضة وبقية أطياف الطبقة السياسية والمنظمات الكبرى، بما فيها اتحاد الشغل، حول الموقف من تدابير الرئيس قيس سعيد".
تتبنى بدورها "مبادرة مواطنون ضد الانقلاب" مسالة الذهاب لانتخابات مبكرة كحل للوضع الراهن حيث اعتبر أستاذ القانون الدستوري وعضو المبادرة جوهر بن مبارك، في تصريح إذاعي أول أمس أنه "من الضروري إعادة البرلمان لإنجاز مهام محددة وفق جدول زمني مضبوط، في إطار اتفاق من أجل التوفير الشروط الدنيا للذهاب إلى الانتخابات المبكرة".
مضيفا أن "المجتمع الدولي يرفض التعاطي مع حكومة نجلاء بودن، هذه الحكومة فاقدة للصلاحيات وغير قادرة على الإلزام داخلياً ودولياً ونحن بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطني غير مشروط تمكن أن يتواصل ويمتد إلى ما بعد الانتخابات المبكرة".
أصدقاء الرئيس
بدت أيضا مواقف "أصدقاء" الرئيس وأكثر مسانديه متماهية مع الخيار الثالث للاتحاد لاسيما مواقف قيادات حركة الشعب التي عبر بعضها مؤخرا عن تململ ومعارضة لما وصفوه بانفراد رئيس الجمهورية بالسلطة.
وعقب اللقاء الأخير الذي جمع وفدا عن حركة الشعب ممثلا في الأمين العام زهير المغزاوي والنائبين سالم لبيض وهيكل المكي بالأمين العام لإتحاد للشغل نور الدين الطبوبي أكدت مصادر الحركة في بيان بالمناسبة أن اللقاء تناول اقتراح حلول للخروج من الأزمة الراهنة وأن الطرفين عبرا "عن معارضة انفراد رئيس الجمهورية باتخاذ القرار في ما يتعلق بمستقبل البلاد وضرورة التسقيف الزمني للإجراءات الاستثنائية".
بدوره توجه أمس الوزير السابق وأمين عام حزب حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي، وهو من داعمي سعيد، بطلب إلى رئيس الجمهورية بالتسريع في اتخاذ القرارات وتسقيف الإجراءات الاستثنائية محذرا من تراجع منسوب الثقة فيه. وقال البريكي "أرجو من الرئيس أن يقوم بخطاب يعلن فيه أن هذه المرحلة ليست دائمة، ويعلن عن مراجعة القانون الانتخابي وقانون الجمعيات والأحزاب ثم دعوة الأحزاب التي تؤمن بأنّ 25 جويلية حدث تاريخي و17 ديسمبر و14 جانفي ثورة لمسار تشاركي للحوار مع المنظمات الاجتماعية والمدنية وإعادة البناء الذي لا يمكن أن ينجزه بمفرده. ولا يوجد ديمقراطية في العالم دون حوار." وفق تعبيره.