جدّد نور الدين الطبوبي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل دعوته لرئيس الجمهورية لإنهاء المرحلة الاستثنائية والإعلان عن إجراءات واضحة تتعلق بتحديد موعد نهائي لانتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها وتنقيح القانون الانتخابي لاستعادة ثقة التونسيين وإنهاء الضغط الخارجي على البلاد.
ووجّه الطبوبي أمس في كلمة ألقاها أمام جمع غفير من النقابيين شاركوا في تجمع عمّالي وطني دعا إليه الاتحاد في ساحة القصبة بالعاصمة، إحياء للذكرى التاسعة والستين لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد، رسائل عديدة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، ومسانديه، وحذّر من تأزم الوضع ومن توظيف الإدارة والقضاء واستغلال الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد لتمرير أجندات خفية..
وأعلن أمين عام المنظمة النقابية وأكد أن الاتحاد اختار المضي في "خيار ثالث" مغاير لما قبل 25 جويلية ولما بعدها، منتقدا أداء رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي اعتبره أنه لم يقدم شيئا منذ إعلانه على التدابير الاستثنائية. وقال: إن تونس لا تبنى بالفردية وإنما في إطار تشاركي".
ويؤسس هذا الإعلان لبداية مرحلة جديدة في المشهد الوطني، ومحاولة من المنظمة الشغيلة إثبات وجودها ورفض تقزيمها، والتأكيد على قدرتها على لعب دور وطني وسياسي بوصفها "خيمة وطنية" مفتحة لجميع التونسيين تعبر عنهم وعن مشاغلهم، وهي صوت الضعفاء والمهمشين والمظلومين، تدافع عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية، مثل ما كانت عليه دائما وأنها لن تسكت على محاولات شيطنتها..
فك ارتباط وإعلان مرحلة جديدة
ويبدو أن خطاب الطبوبي أمس سيكون له تداعيات مفتوحة على جميع الاحتمالات، ومن شان الإعلان عن تأسيس جبهة وطنية، أن يزيد من عزلة سعيد ويشكل قوة ضغط عليه. وقد تشهد الأيام المقبلة تحركات سياسية يقودها الاتحاد لبناء جبهة جديدة معارضة لقيس سعيد خاصة ولطريقة أدائه وإدارته للحكم وللأزمة التي تمر بها البلاد على جميع المستويات.
لكن مبادرة الاتحاد - ووفقا لما أعلنه الطبوبي- لا تقطع نهائيا مع مبادرة 25 جويلية بل تلتقي معها في الأهداف والمبادئ، من حيث قطعها مع المشهد السياسي السابق لتلك المرحلة، وتأسيسا لمشهد سياسي جديد قائم على الإصلاح الشامل للمنظومة السياسية والقانونية والتشريعية عبر آلية الحوار الوطني الذي ما يزال رئيس الجمهورية يرفض المضي فيه، واختار طريقا آخر مبهما للحوار من خلال تقنية الاستفتاء الالكتروني..
علما أن الطبوبي شدد على أن اتحاد الشغل مازال مؤمنا بأن تدابير 25 جويلية يمكن أن تكون طريقا للخروج من النفق الذي تمر به البلاد منذ عشر سنوات شرط أن تكون مرفوقة بخارطة طريق واضحة وسقف زمني محذرا من أن يتم تحويل هذه التدابير إلى غنيمة..
وجاء إعلان الطبوبي تبني "الخيار الثالث" كما أسماه، بعد محاولات يائسة من المنظمة الشغيلة وأمينها العام لإقناع رئيس الجمهورية قيس سعيد بالانفتاح على مقترحات المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية التي لم تتورط في ملفات فساد، وفتح حوار وطني جدي كان الاتحاد قد بادر بتقديم محاوره الكبرى قبل أشهر عديدة ودعا رئيس الجمهورية إلى تبنيه وقيادته، لكن هذا الأخير رفض أي شكل من أشكال الحوار. كما انقطع الحوار وقلت اللقاءات والاتصالات بين الاتحاد وأمينه العام من جهة، وبين رئيس الجمهورية من جهة ثانية. ويعود آخر لقاء بين الرجلين إلى يوم 26 جويلية حين دعا سعيد ممثلي المنظمات الوطنية في لقاء بقصر قرطاج..
ويلتقي إعلان الخيار الثالث وأهم مبادئه التي كشف عنها الطبوبي أمس، مع مبادرات سياسية سابقة تبنتها بعض الأحزاب مثل التيار الديمقراطي، والتكتل، والجمهوري.. وسبق ذلك أيضا لقاءات ثنائية قام بها الاتحاد بمقره المركزي مع قيادات حزبية وطنية مثل رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، وأمين عام التيار الديمقراطي غازي الشواشي، وأمين عام حركة الشعب، لمناقشة سبل إنهاء حالة الاستثناء والإصلاحات السياسية التي يعتزم سعيد القيام بها، وبعد أن تيقن الاتحاد بأن سعيد انحرف بالتدابير الاستثنائية التي أعلنها يوم 25 جويلية ليجمع السلطات بيد واحدة وهو ماض في تحقيق مشروعه السياسي.
كما جاءت دعوة الطبوبي القوى الوطنية والمنظمات والأحزاب إلى الانضمام إلى مبادرة الاتحاد بعد تصريحات انتقد فيها رئيسة الحكومة وقال إنها تقوم بدور الوسيط فقط بين قرطاج والفاعلين في الساحة الوطنية ولا تملك سلطة ترتيبية، كما تأتي بعد أيام قليلة من لقاء جمع المكتب التنفيذي للاتحاد مع وفد من حركة الشعب عبرا خلاله عن رفضهما انفراد سعيد باتخاذ قرارات ولتعلن بوضوح تام فك ارتباطها نهائيا مع جبهة دعم الرئيس، لتصبح حركة الشعب وحتى اتحاد الشغل في صف المعارضين لتفرد سعيد بالحكم ورفضا لتواصل حالة الغموض وعدم مبادرة رئاسة الجمهورية لإقرار جدول زمني لإنهاء حالة الأحكام الاستثنائية..
قطار الخيار الثالث انطلق
ولاحظ الطبوبي قائلا:"توسمت خيرا برئيس الجمهورية لاحتضان الحوار الوطني ورعايته لإنهاء حالة العطالة التي أفضت إليها خيارات الائتلافات الحاكمة المتعاقبة ومنظومة الحكم التي تعود لها مسؤولية تفقير الشعب وتخريب الاقتصاد واستنزاف ماليتها ومواردها وارتهان القرار السيادي التونسي للدول والدوائر الأجنبية المالية العالمية"..
وتابع:" القطار انطلق ولن نبقى مكتوفي الأيدي وبوصلتنا الخيارات الوطنية وسنلعب دورنا مع منظمات وطنية وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية وانطلقنا منذ مدة في خيارنا الثالث ومن يريد الانضمام مرحبا به في خدمة تونس".
وقال إن التونسيين لا يريدون العودة لما قبل 25 جويلية، لكنهم يعتبرون أن من حقهم معرفة الطريق الذي تسير نحوه البلاد ومن حقهم مساءلة أي مسؤول بشأن ما يعتزم القيام به في إدارة المسؤولية المنوطة بعهدته.. واستكمال مسارها لا يستقيم دون وسائل ديمقراطية ومن دون ثقافة الحرية والمواطنة ومن بين أهم الوسائل الفصل بين السلطات وتنقيح القانون الانتخابي ومراجعة قانون الأحزاب والجمعيات والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها تكون شفافة وإيجاد الصيغ لإرساء المحكمة الدستورية..
وأضاف أن الاتحاد حرص على القيام بخطى استباقية في مسار الإصلاح وقام بتشكيل لجان تنظر في المسائل التي تحتاج إلى مراجعة أكيدة مثل تنقيح القانون الانتخابات والاستفتاء وقانون الأحزاب والجمعيات وتفعيل دور الهيئات الرقابية وتركيز محكمة دستورية لا تخضع للضغوطات السياسية.
وأكد في نفس الوقت عزم المنظمة على توسيع التشاور بالتنسيق مع الأطراف والمنظمات التي يتقاطع معها في الثوابت والمبادئ للدعوة للقاء وطني يُثمر قوة اقتراح سياسية واجتماعية ثابتة يؤسس لتوجه وطني ثالث عنوانه الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية..
واعتبر الطبوبي أن السعي الحثيث لشيطنة الإتحاد ورموزه وتشويههم من قبل مليشيات سببه تشبثه بالخيارات الوطنية والدفاع عن دولة مدنية اجتماعية وطنية وبسبب تشبث الاتحاد بالدفاع عن المؤسسات العمومية.
ولاحظ أيضا أن نفس الإشكاليات ما تزال مطروحة وتحتاج إلى وقت لمعالجتها على غرار البطالة المستفحلة والفقر الضارب في أعماق البلاد والمشاريع الاستثمارية المعطلة التي أدخلت الشك في استقلالية القضاء.
وشدد على أن الملفات القضائية المعلقة أدخلت الشك في استقلالية القضاء وسلطان القانون، ومن بينها قضية الجهاز السري وقضيتي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، وقضايا اغتيال الأمنيين والعسكريين والمدنيين وقضايا الإرهاب وقضية الرش بسليانة.. ومنها أيضا تفعيل تقريري محكمة المحاسبات والتفقدية العامة لوزارة العدل بخصوص الجرائم الانتخابية وجرائم الفساد والتسفير والاعتداءات على المنظمات ومنهم الاعتداء الجبان على مقر المركزي للاتحاد يوم 4 ديسمبر 2012 والاعتداء على الأحزاب والشخصيات وأصحاب الكلمة الحرة.
وقال:" الوضوح اليوم هو عنوان المرحلة وهو السبيل الأفضل والأسلم لإحلال الثقة ومن دونه تهيمن الفوضى وتتحول الدولة من قاطرة النمو إلى عون مطافئ يلهث وراء الأحداث والأزمات وما أكثرها".
وأضاف :" تعود علينا هذه الذكرى والبلاد تعيش منعرجا لا نعلم مآلاته لكن الثابت والبلاد على ما عليه من ضبابية سياسية وعاطلة اقتصادية واحتقان اجتماعي أن اليأس بلغ مداه وأن مظاهر العصيان باتت تهدد بانفجار غير محمود العواقب تعطلت لغة الحوار وتراجع منسوب الثقة إلى أدنى مستوياته، كل المؤشرات تومض أحمر منذرة بخطر داهم..
وحذّر في هذا الخصوص من توظيف الوضع الاستثنائي لتحويل البلاد إلى غنيمة يستبيحها الجشعون وسماسرة الموت، كما حذر من التنكر للاتفاقيات المبرمة وحشر الإدارة في التجاذبات السياسية، وحذر أيضا مما أسماه بغضب الشارع وخطر توظيفه لإحلال الفوضى لتحقيق مآرب حزبية وفئوية أو شخصية غير معلومة، أو لتغذية النعرات البدائية كالجهوية والعشائرية لبث الفتنة والتفرقة.. وحذر كذلك من جر البلاد وراء اصطفافات في محاور إقليمية تضرب استقلالنا الوطني وسيادتنا الوطنية. كما حذر من شيطنة الخصوم السياسيين بمنأى عن مسار قضائي واضح ما يشكل خطرا بتقسيم الشعب وجرّه إلى صراعات داخلية..
وأكد أن الاتحاد لن يخضع للابتزاز ولن يساوم في استقلالية قراره وسيظل وفيا لأصحاب الحق ونصيرا للديمقراطية وداع للحوار.
بدوره قال سامي الطاهري الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل أن الاتحاد لن يقبل بتهميش دوره في البلاد ولا بمحاولات ضرب استقلاليته، وقال في تصريح إعلامي أمس على هامش مشاركته في إحياء ذكرى حشاد أن الوضع ضبابي، وأن الرسالة موجهة إلى رئيس الجمهورية هي إلى أين نذهب؟
وقال أن ذكرى استشهاد حشاد هي مناسبة للتأكيد على أن الاتحاد لا يمكن تهميشه وله دور وطني واجتماعي يجب أن يؤديه، وأن البلاد في حاجة له في هذا الظرف..
وقال:" هناك مخاطر كثيرة تتهدد البلاد على المستويين الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن عدم الاستقرار السياسي الذي طال لأكثر من أربعة أشهر ولا نعرف ما هي مآلات قرارات 25 جويلية التي نطالب بأن تتحول إلى مسار وألا تبقى مجرد يوم تم فيه حل الحكومة وتجميد البرلمان.
رفيق
تونس- الصباح
جدّد نور الدين الطبوبي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل دعوته لرئيس الجمهورية لإنهاء المرحلة الاستثنائية والإعلان عن إجراءات واضحة تتعلق بتحديد موعد نهائي لانتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها وتنقيح القانون الانتخابي لاستعادة ثقة التونسيين وإنهاء الضغط الخارجي على البلاد.
ووجّه الطبوبي أمس في كلمة ألقاها أمام جمع غفير من النقابيين شاركوا في تجمع عمّالي وطني دعا إليه الاتحاد في ساحة القصبة بالعاصمة، إحياء للذكرى التاسعة والستين لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد، رسائل عديدة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، ومسانديه، وحذّر من تأزم الوضع ومن توظيف الإدارة والقضاء واستغلال الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد لتمرير أجندات خفية..
وأعلن أمين عام المنظمة النقابية وأكد أن الاتحاد اختار المضي في "خيار ثالث" مغاير لما قبل 25 جويلية ولما بعدها، منتقدا أداء رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي اعتبره أنه لم يقدم شيئا منذ إعلانه على التدابير الاستثنائية. وقال: إن تونس لا تبنى بالفردية وإنما في إطار تشاركي".
ويؤسس هذا الإعلان لبداية مرحلة جديدة في المشهد الوطني، ومحاولة من المنظمة الشغيلة إثبات وجودها ورفض تقزيمها، والتأكيد على قدرتها على لعب دور وطني وسياسي بوصفها "خيمة وطنية" مفتحة لجميع التونسيين تعبر عنهم وعن مشاغلهم، وهي صوت الضعفاء والمهمشين والمظلومين، تدافع عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية، مثل ما كانت عليه دائما وأنها لن تسكت على محاولات شيطنتها..
فك ارتباط وإعلان مرحلة جديدة
ويبدو أن خطاب الطبوبي أمس سيكون له تداعيات مفتوحة على جميع الاحتمالات، ومن شان الإعلان عن تأسيس جبهة وطنية، أن يزيد من عزلة سعيد ويشكل قوة ضغط عليه. وقد تشهد الأيام المقبلة تحركات سياسية يقودها الاتحاد لبناء جبهة جديدة معارضة لقيس سعيد خاصة ولطريقة أدائه وإدارته للحكم وللأزمة التي تمر بها البلاد على جميع المستويات.
لكن مبادرة الاتحاد - ووفقا لما أعلنه الطبوبي- لا تقطع نهائيا مع مبادرة 25 جويلية بل تلتقي معها في الأهداف والمبادئ، من حيث قطعها مع المشهد السياسي السابق لتلك المرحلة، وتأسيسا لمشهد سياسي جديد قائم على الإصلاح الشامل للمنظومة السياسية والقانونية والتشريعية عبر آلية الحوار الوطني الذي ما يزال رئيس الجمهورية يرفض المضي فيه، واختار طريقا آخر مبهما للحوار من خلال تقنية الاستفتاء الالكتروني..
علما أن الطبوبي شدد على أن اتحاد الشغل مازال مؤمنا بأن تدابير 25 جويلية يمكن أن تكون طريقا للخروج من النفق الذي تمر به البلاد منذ عشر سنوات شرط أن تكون مرفوقة بخارطة طريق واضحة وسقف زمني محذرا من أن يتم تحويل هذه التدابير إلى غنيمة..
وجاء إعلان الطبوبي تبني "الخيار الثالث" كما أسماه، بعد محاولات يائسة من المنظمة الشغيلة وأمينها العام لإقناع رئيس الجمهورية قيس سعيد بالانفتاح على مقترحات المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية التي لم تتورط في ملفات فساد، وفتح حوار وطني جدي كان الاتحاد قد بادر بتقديم محاوره الكبرى قبل أشهر عديدة ودعا رئيس الجمهورية إلى تبنيه وقيادته، لكن هذا الأخير رفض أي شكل من أشكال الحوار. كما انقطع الحوار وقلت اللقاءات والاتصالات بين الاتحاد وأمينه العام من جهة، وبين رئيس الجمهورية من جهة ثانية. ويعود آخر لقاء بين الرجلين إلى يوم 26 جويلية حين دعا سعيد ممثلي المنظمات الوطنية في لقاء بقصر قرطاج..
ويلتقي إعلان الخيار الثالث وأهم مبادئه التي كشف عنها الطبوبي أمس، مع مبادرات سياسية سابقة تبنتها بعض الأحزاب مثل التيار الديمقراطي، والتكتل، والجمهوري.. وسبق ذلك أيضا لقاءات ثنائية قام بها الاتحاد بمقره المركزي مع قيادات حزبية وطنية مثل رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، وأمين عام التيار الديمقراطي غازي الشواشي، وأمين عام حركة الشعب، لمناقشة سبل إنهاء حالة الاستثناء والإصلاحات السياسية التي يعتزم سعيد القيام بها، وبعد أن تيقن الاتحاد بأن سعيد انحرف بالتدابير الاستثنائية التي أعلنها يوم 25 جويلية ليجمع السلطات بيد واحدة وهو ماض في تحقيق مشروعه السياسي.
كما جاءت دعوة الطبوبي القوى الوطنية والمنظمات والأحزاب إلى الانضمام إلى مبادرة الاتحاد بعد تصريحات انتقد فيها رئيسة الحكومة وقال إنها تقوم بدور الوسيط فقط بين قرطاج والفاعلين في الساحة الوطنية ولا تملك سلطة ترتيبية، كما تأتي بعد أيام قليلة من لقاء جمع المكتب التنفيذي للاتحاد مع وفد من حركة الشعب عبرا خلاله عن رفضهما انفراد سعيد باتخاذ قرارات ولتعلن بوضوح تام فك ارتباطها نهائيا مع جبهة دعم الرئيس، لتصبح حركة الشعب وحتى اتحاد الشغل في صف المعارضين لتفرد سعيد بالحكم ورفضا لتواصل حالة الغموض وعدم مبادرة رئاسة الجمهورية لإقرار جدول زمني لإنهاء حالة الأحكام الاستثنائية..
قطار الخيار الثالث انطلق
ولاحظ الطبوبي قائلا:"توسمت خيرا برئيس الجمهورية لاحتضان الحوار الوطني ورعايته لإنهاء حالة العطالة التي أفضت إليها خيارات الائتلافات الحاكمة المتعاقبة ومنظومة الحكم التي تعود لها مسؤولية تفقير الشعب وتخريب الاقتصاد واستنزاف ماليتها ومواردها وارتهان القرار السيادي التونسي للدول والدوائر الأجنبية المالية العالمية"..
وتابع:" القطار انطلق ولن نبقى مكتوفي الأيدي وبوصلتنا الخيارات الوطنية وسنلعب دورنا مع منظمات وطنية وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية وانطلقنا منذ مدة في خيارنا الثالث ومن يريد الانضمام مرحبا به في خدمة تونس".
وقال إن التونسيين لا يريدون العودة لما قبل 25 جويلية، لكنهم يعتبرون أن من حقهم معرفة الطريق الذي تسير نحوه البلاد ومن حقهم مساءلة أي مسؤول بشأن ما يعتزم القيام به في إدارة المسؤولية المنوطة بعهدته.. واستكمال مسارها لا يستقيم دون وسائل ديمقراطية ومن دون ثقافة الحرية والمواطنة ومن بين أهم الوسائل الفصل بين السلطات وتنقيح القانون الانتخابي ومراجعة قانون الأحزاب والجمعيات والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها تكون شفافة وإيجاد الصيغ لإرساء المحكمة الدستورية..
وأضاف أن الاتحاد حرص على القيام بخطى استباقية في مسار الإصلاح وقام بتشكيل لجان تنظر في المسائل التي تحتاج إلى مراجعة أكيدة مثل تنقيح القانون الانتخابات والاستفتاء وقانون الأحزاب والجمعيات وتفعيل دور الهيئات الرقابية وتركيز محكمة دستورية لا تخضع للضغوطات السياسية.
وأكد في نفس الوقت عزم المنظمة على توسيع التشاور بالتنسيق مع الأطراف والمنظمات التي يتقاطع معها في الثوابت والمبادئ للدعوة للقاء وطني يُثمر قوة اقتراح سياسية واجتماعية ثابتة يؤسس لتوجه وطني ثالث عنوانه الإنقاذ في كنف السيادة الوطنية..
واعتبر الطبوبي أن السعي الحثيث لشيطنة الإتحاد ورموزه وتشويههم من قبل مليشيات سببه تشبثه بالخيارات الوطنية والدفاع عن دولة مدنية اجتماعية وطنية وبسبب تشبث الاتحاد بالدفاع عن المؤسسات العمومية.
ولاحظ أيضا أن نفس الإشكاليات ما تزال مطروحة وتحتاج إلى وقت لمعالجتها على غرار البطالة المستفحلة والفقر الضارب في أعماق البلاد والمشاريع الاستثمارية المعطلة التي أدخلت الشك في استقلالية القضاء.
وشدد على أن الملفات القضائية المعلقة أدخلت الشك في استقلالية القضاء وسلطان القانون، ومن بينها قضية الجهاز السري وقضيتي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، وقضايا اغتيال الأمنيين والعسكريين والمدنيين وقضايا الإرهاب وقضية الرش بسليانة.. ومنها أيضا تفعيل تقريري محكمة المحاسبات والتفقدية العامة لوزارة العدل بخصوص الجرائم الانتخابية وجرائم الفساد والتسفير والاعتداءات على المنظمات ومنهم الاعتداء الجبان على مقر المركزي للاتحاد يوم 4 ديسمبر 2012 والاعتداء على الأحزاب والشخصيات وأصحاب الكلمة الحرة.
وقال:" الوضوح اليوم هو عنوان المرحلة وهو السبيل الأفضل والأسلم لإحلال الثقة ومن دونه تهيمن الفوضى وتتحول الدولة من قاطرة النمو إلى عون مطافئ يلهث وراء الأحداث والأزمات وما أكثرها".
وأضاف :" تعود علينا هذه الذكرى والبلاد تعيش منعرجا لا نعلم مآلاته لكن الثابت والبلاد على ما عليه من ضبابية سياسية وعاطلة اقتصادية واحتقان اجتماعي أن اليأس بلغ مداه وأن مظاهر العصيان باتت تهدد بانفجار غير محمود العواقب تعطلت لغة الحوار وتراجع منسوب الثقة إلى أدنى مستوياته، كل المؤشرات تومض أحمر منذرة بخطر داهم..
وحذّر في هذا الخصوص من توظيف الوضع الاستثنائي لتحويل البلاد إلى غنيمة يستبيحها الجشعون وسماسرة الموت، كما حذر من التنكر للاتفاقيات المبرمة وحشر الإدارة في التجاذبات السياسية، وحذر أيضا مما أسماه بغضب الشارع وخطر توظيفه لإحلال الفوضى لتحقيق مآرب حزبية وفئوية أو شخصية غير معلومة، أو لتغذية النعرات البدائية كالجهوية والعشائرية لبث الفتنة والتفرقة.. وحذر كذلك من جر البلاد وراء اصطفافات في محاور إقليمية تضرب استقلالنا الوطني وسيادتنا الوطنية. كما حذر من شيطنة الخصوم السياسيين بمنأى عن مسار قضائي واضح ما يشكل خطرا بتقسيم الشعب وجرّه إلى صراعات داخلية..
وأكد أن الاتحاد لن يخضع للابتزاز ولن يساوم في استقلالية قراره وسيظل وفيا لأصحاب الحق ونصيرا للديمقراطية وداع للحوار.
بدوره قال سامي الطاهري الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل أن الاتحاد لن يقبل بتهميش دوره في البلاد ولا بمحاولات ضرب استقلاليته، وقال في تصريح إعلامي أمس على هامش مشاركته في إحياء ذكرى حشاد أن الوضع ضبابي، وأن الرسالة موجهة إلى رئيس الجمهورية هي إلى أين نذهب؟
وقال أن ذكرى استشهاد حشاد هي مناسبة للتأكيد على أن الاتحاد لا يمكن تهميشه وله دور وطني واجتماعي يجب أن يؤديه، وأن البلاد في حاجة له في هذا الظرف..
وقال:" هناك مخاطر كثيرة تتهدد البلاد على المستويين الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن عدم الاستقرار السياسي الذي طال لأكثر من أربعة أشهر ولا نعرف ما هي مآلات قرارات 25 جويلية التي نطالب بأن تتحول إلى مسار وألا تبقى مجرد يوم تم فيه حل الحكومة وتجميد البرلمان.