لم يثر ولاة عند تعيينهم الجدل كما حصل مع ولاة ما بعد إجراءات 25 جويلية، وإذا كان سلك الولاة قبل الثورة مهمّشا بالكامل ولا أحد يهتم بمتابعة أخباره أو رصد أداء الولاة، فان بعد الثورة كان هناك بعض الولاة الذين صنعوا الأحداث من خلال مواقف بعينها أو في علاقة بقرارات تم اتخاذها ولعل أبرزهم والي سليانة في حكومة "الترويكا" والذي واجه موجة احتجاجات شعبية غير مسبوقة من الأهالي الذين غادروا الولاية في حركة رمزية بعد تعنّت رئيس الحكومة وقتها حمادي الجبالي وتصريحه المستفز بأنه سيغادر هو ولن يسمح بمغادرة الوالي !..، كما لفت عدد من الولاة الانتباه وأثاروا اهتمام الرأي العام بسبب نشاطهم المكثف وقوة شخصيتهم ومنهم والي تونس السباق عمر منصور.
ولعل السمة البارزة في تعيين الولاة خلال السنوات العشر الماضية هو اعتماد هذا التعيين على الولاء الحزبي بحيث حرصت كل أحزاب المشكلة للحكومات المتعاقبة على اقتسام المناصب الجهوية وعلى رأسها منصب الوالي والمعتمد، وكأنها غنيمة تخضع لمنطق المحاصصة السياسية وليس لمبدإ الكفاءة والقدرة على تسيير المرافق الجهوية..، ومن أجل هذه المحاصصة اندلعت معارك سياسية طاحنة وكادت أن تنتهي بانهيار حكومات.
وإذا كانت التوقعات كبيرة من إجراءات 25 جويلية وبقدرتها على تغيير الواقع وفصل الولاء عن إسناد مناصب الدولة وتكريس الكفاءة في التعيين خدمة للصالح العام..، إلا الواقع كان مختلفا تماما حيث لم يتوان رئيس الجمهورية قيس سعيد في المجاهرة بتأكيده على أهمية الولاء حتى قبل الكفاءة في تولي المناصب وربما هذا ما يفسّر الجدل الذي أثير حول تعيين الوزراء ورئيسة الحكومة في مرحلة أولى ومن ثمة تعيين الولاة.
مواصلة لنفس السياسات
»لا تجعل بينك وبين المواطنين كُتابا أو حجابا.. أنت في خدمتهم في إطار القانون وعلى قدم المساواة للجميع ومن سرق مليما واحدا سوف يعود إلى الشعب التونسي وسيُحاكم « ..، بهذه الكلمات الواثقة خاطب رئيس الجمهورية الـ 4 ولاة الجدد عند إشرافه على موكب أداء اليمين الدستورية، ولكن هذا الخطاب الذي عكس في القول حرص الرئيس على أن يكون الوالي وهو الممثل للدولة وللسلطة المركزية في جهته، ملتزما بتطبيق القانون والمساواة بين الجميع إلا أن البعض رأى انه غير منسجم مع التوجهات العملية للرئيس، والذي اعتمد في تعييناته الولاء أكثر من الكفاءة وذلك باعتراف الرئيس وباعتراف عضو الحملة الانتخابية التفسيرية لرئيس الجمهورية فوزي الدعاس الذي أكد أن تعيين بعض شباب الحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية على رأس بعض الولايات مؤخرا جاءت في إطار »تبادل الثقة بين هؤلاء الشباب الذين وضعوا ثقتهم في رئيس الجمهورية فبادلهم الثقة"، وفق تعبيره.
ولاة مثيرون للجدل..
أثار منذ أيام، حفل تنصيب والي بن عروس الجديد عز الدين شلبي الكثير من الجدل وصلت حدّ التكهم بعد استقباله بـ »الطبال والزكرة « في تذكير لممارسات بائدة اقترنت بزمن الدكتاتورية، كما أن تصريح الوالي الجديد بأنه ضرب يده في الحائط بعد زيارته لمحطة القطار بالزهراء بالنظر للوضع المزري الذي وجد عليه المحطة.. وكان والي بن عروس الجديد من الولاة الذين أثار تعيينهم جدلا حيث انتقدت أحزاب كثيرة تمشي سعيد في سياسة الولاءات في التعيينات التي انتهجها باعتبار أن مختلف التعيينات الأخيرة شملت أصدقاء الرئيس وتنسيقياته حتى المعطلين عن العمل كوالي بنزرت ووالي مدنين .كما عرف هؤلاء الولاة بارتباطهم بالحملة الانتخابية لقيس سعيد وما يعرف بالتنسيقيات التي تعمل جهويا على التعريف بمشروعه الذي يقوم على البناء القاعدي.
وكان والي بنزرت الجديد سمير عبد اللاوي من الولاة الذين اقترن اسمهم بالحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية والذي أثار تعيينه كذلك الجدل حيث أثارت كلمته بالفرنسية في منتدى الاقتصاد الأزرق ببنزرت محل تندر واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وتم طرح مرة أخرى مسألة تعيين سمير عبد اللاوي كوال على بنزرت باعتبار أن هذا التعيين غير مبني على الكفاءة بل على الولاء فقط لرئيس الجمهورية قيس سعيد والذي قام بزيارته سابقا في منزله بمنطقة أولاد حفوز من ولاية سيدي بوزيد. كما اعتبر البعض الآخر أن هذا التعيين مواصلة لسياسة حركة النهضة نظرا لأن الوالي المذكور لا يتمتع بالكفاءة وكان من العاطلين عن العمل خاصة وأن البلاد أنهكتها ودمرتها التعيينات حسب الولاءات.
كما أثار تعيين والي قفصة الجديد والمّعين منذ أيام، نادر الحمدوني، الجدل بعد أن اتهمته رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، بالتورّط في حادثة الاعتداء التي طالت مقر حزبها بسيدي بوزيد، حيث أكّدت أنّه تمّ خلع باب المقر وكسره وبعثرة محتوياته. وقالت موسي أنّ الوالي يظهر بالصوت والصورة في فيديو أكّدت أنّه سيُنشر لاحقا، وهو يردّد عبارة "أووه يا عبورة اليوم باش نشوطوك كيف الكورة".
وكل هذه الوقائع والأحداث جعلت الولاة الجدد على محك النقد الشديد والمتابعة اللصيقة لكل ما يبدر منهم من تصرفات أو تصريحات.
الولاء قبل الكفاءة
عكس، رئيس الجمهورية، الهجوم على منتقديه عند اتهامه بالتركيز على مسألة الولاء قبل الكفاءة في التعيينات وذلك خلال إشرافه على اجتماع المجلس الأعلى للجيوش، حيث قال حرفيا »يجتمعون صباحا مساء ويتحدثون عن بعض من يقدّمونهم كفاءات عليا، نحن بحاجة إلى الكفاءات، لكننا في حاجة قبل الكفاءات إلى الصادقين المخلصين للوطن«، القول »الكفاءة عندهم في الخمارات والمطاعم وتهريب الأموال وتجاوز القانون..، الكفاءة عندنا هي الوطنية وخدمة الشعب ومطالبه".
وقد أثار هذا التصريح موجة من الاستياء والغضب لدى مختلف القوى السياسية والمدنية التي رأت في تصريح الرئيس استخفافا بالكفاءات الوطنية وترسيخ للطابع الولائي في تسيير الدولة على حساب كل معايير الكفاءة والخبرة في إدارة الشأن العام وهو ما ستكون له تبعات خطيرة.
منية العرفاوي
تونس-الصباح
لم يثر ولاة عند تعيينهم الجدل كما حصل مع ولاة ما بعد إجراءات 25 جويلية، وإذا كان سلك الولاة قبل الثورة مهمّشا بالكامل ولا أحد يهتم بمتابعة أخباره أو رصد أداء الولاة، فان بعد الثورة كان هناك بعض الولاة الذين صنعوا الأحداث من خلال مواقف بعينها أو في علاقة بقرارات تم اتخاذها ولعل أبرزهم والي سليانة في حكومة "الترويكا" والذي واجه موجة احتجاجات شعبية غير مسبوقة من الأهالي الذين غادروا الولاية في حركة رمزية بعد تعنّت رئيس الحكومة وقتها حمادي الجبالي وتصريحه المستفز بأنه سيغادر هو ولن يسمح بمغادرة الوالي !..، كما لفت عدد من الولاة الانتباه وأثاروا اهتمام الرأي العام بسبب نشاطهم المكثف وقوة شخصيتهم ومنهم والي تونس السباق عمر منصور.
ولعل السمة البارزة في تعيين الولاة خلال السنوات العشر الماضية هو اعتماد هذا التعيين على الولاء الحزبي بحيث حرصت كل أحزاب المشكلة للحكومات المتعاقبة على اقتسام المناصب الجهوية وعلى رأسها منصب الوالي والمعتمد، وكأنها غنيمة تخضع لمنطق المحاصصة السياسية وليس لمبدإ الكفاءة والقدرة على تسيير المرافق الجهوية..، ومن أجل هذه المحاصصة اندلعت معارك سياسية طاحنة وكادت أن تنتهي بانهيار حكومات.
وإذا كانت التوقعات كبيرة من إجراءات 25 جويلية وبقدرتها على تغيير الواقع وفصل الولاء عن إسناد مناصب الدولة وتكريس الكفاءة في التعيين خدمة للصالح العام..، إلا الواقع كان مختلفا تماما حيث لم يتوان رئيس الجمهورية قيس سعيد في المجاهرة بتأكيده على أهمية الولاء حتى قبل الكفاءة في تولي المناصب وربما هذا ما يفسّر الجدل الذي أثير حول تعيين الوزراء ورئيسة الحكومة في مرحلة أولى ومن ثمة تعيين الولاة.
مواصلة لنفس السياسات
»لا تجعل بينك وبين المواطنين كُتابا أو حجابا.. أنت في خدمتهم في إطار القانون وعلى قدم المساواة للجميع ومن سرق مليما واحدا سوف يعود إلى الشعب التونسي وسيُحاكم « ..، بهذه الكلمات الواثقة خاطب رئيس الجمهورية الـ 4 ولاة الجدد عند إشرافه على موكب أداء اليمين الدستورية، ولكن هذا الخطاب الذي عكس في القول حرص الرئيس على أن يكون الوالي وهو الممثل للدولة وللسلطة المركزية في جهته، ملتزما بتطبيق القانون والمساواة بين الجميع إلا أن البعض رأى انه غير منسجم مع التوجهات العملية للرئيس، والذي اعتمد في تعييناته الولاء أكثر من الكفاءة وذلك باعتراف الرئيس وباعتراف عضو الحملة الانتخابية التفسيرية لرئيس الجمهورية فوزي الدعاس الذي أكد أن تعيين بعض شباب الحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية على رأس بعض الولايات مؤخرا جاءت في إطار »تبادل الثقة بين هؤلاء الشباب الذين وضعوا ثقتهم في رئيس الجمهورية فبادلهم الثقة"، وفق تعبيره.
ولاة مثيرون للجدل..
أثار منذ أيام، حفل تنصيب والي بن عروس الجديد عز الدين شلبي الكثير من الجدل وصلت حدّ التكهم بعد استقباله بـ »الطبال والزكرة « في تذكير لممارسات بائدة اقترنت بزمن الدكتاتورية، كما أن تصريح الوالي الجديد بأنه ضرب يده في الحائط بعد زيارته لمحطة القطار بالزهراء بالنظر للوضع المزري الذي وجد عليه المحطة.. وكان والي بن عروس الجديد من الولاة الذين أثار تعيينهم جدلا حيث انتقدت أحزاب كثيرة تمشي سعيد في سياسة الولاءات في التعيينات التي انتهجها باعتبار أن مختلف التعيينات الأخيرة شملت أصدقاء الرئيس وتنسيقياته حتى المعطلين عن العمل كوالي بنزرت ووالي مدنين .كما عرف هؤلاء الولاة بارتباطهم بالحملة الانتخابية لقيس سعيد وما يعرف بالتنسيقيات التي تعمل جهويا على التعريف بمشروعه الذي يقوم على البناء القاعدي.
وكان والي بنزرت الجديد سمير عبد اللاوي من الولاة الذين اقترن اسمهم بالحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية والذي أثار تعيينه كذلك الجدل حيث أثارت كلمته بالفرنسية في منتدى الاقتصاد الأزرق ببنزرت محل تندر واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وتم طرح مرة أخرى مسألة تعيين سمير عبد اللاوي كوال على بنزرت باعتبار أن هذا التعيين غير مبني على الكفاءة بل على الولاء فقط لرئيس الجمهورية قيس سعيد والذي قام بزيارته سابقا في منزله بمنطقة أولاد حفوز من ولاية سيدي بوزيد. كما اعتبر البعض الآخر أن هذا التعيين مواصلة لسياسة حركة النهضة نظرا لأن الوالي المذكور لا يتمتع بالكفاءة وكان من العاطلين عن العمل خاصة وأن البلاد أنهكتها ودمرتها التعيينات حسب الولاءات.
كما أثار تعيين والي قفصة الجديد والمّعين منذ أيام، نادر الحمدوني، الجدل بعد أن اتهمته رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، بالتورّط في حادثة الاعتداء التي طالت مقر حزبها بسيدي بوزيد، حيث أكّدت أنّه تمّ خلع باب المقر وكسره وبعثرة محتوياته. وقالت موسي أنّ الوالي يظهر بالصوت والصورة في فيديو أكّدت أنّه سيُنشر لاحقا، وهو يردّد عبارة "أووه يا عبورة اليوم باش نشوطوك كيف الكورة".
وكل هذه الوقائع والأحداث جعلت الولاة الجدد على محك النقد الشديد والمتابعة اللصيقة لكل ما يبدر منهم من تصرفات أو تصريحات.
الولاء قبل الكفاءة
عكس، رئيس الجمهورية، الهجوم على منتقديه عند اتهامه بالتركيز على مسألة الولاء قبل الكفاءة في التعيينات وذلك خلال إشرافه على اجتماع المجلس الأعلى للجيوش، حيث قال حرفيا »يجتمعون صباحا مساء ويتحدثون عن بعض من يقدّمونهم كفاءات عليا، نحن بحاجة إلى الكفاءات، لكننا في حاجة قبل الكفاءات إلى الصادقين المخلصين للوطن«، القول »الكفاءة عندهم في الخمارات والمطاعم وتهريب الأموال وتجاوز القانون..، الكفاءة عندنا هي الوطنية وخدمة الشعب ومطالبه".
وقد أثار هذا التصريح موجة من الاستياء والغضب لدى مختلف القوى السياسية والمدنية التي رأت في تصريح الرئيس استخفافا بالكفاءات الوطنية وترسيخ للطابع الولائي في تسيير الدولة على حساب كل معايير الكفاءة والخبرة في إدارة الشأن العام وهو ما ستكون له تبعات خطيرة.