إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

إضراب 10 ديسمبر.. الشعار بيئي والخلفية سياسية

 

تونس-الصباح

كما كان متوقعا وبعد الإضراب العام بعقارب، تصعد جهة صفاقس ومن ورائها المنظمة الشغيلة  بإقرار الاتحاد الجهوي للشغل يوم غضب جهوي في  10 ديسمبر الجاري  مرفوقا بإضراب عام وبغلق منافذ المدينة وتعليق كل الأنشطة ما عدا الحيوية منها.

وإن بدا الشعار بيئيا، إلا أن رمزية وثقل جهة صفاقس تاريخيا ومواعيدها مع الإضرابات العامة الحاسمة والفاصلة في كل المحطات وآخرها ثورة 2011، تجعل من إضراب 10  ديسمبر المرتقب موعدا لا يمكن المرور عليه مرور الكرام أو اختصاره في أزمة النفايات، على أهميتها وخطورتها، بل الأكيد أن الخلفيات السياسية حاضرة وبقوة في علاقة بالتطورات على الساحة الوطنية  وأيضا بمحرار المد والجزر المتواصل منذ ما بعد 25 جويلية بين الاتحاد والرئيس قيس سعيد.

إضراب وعصيان  

تنفيذ إضراب عام بجهة صفاقس، يوم 10 ديسمبر القادم، تحت شعار “يوم غضب”، وذلك على "خلفية مواصلة تجاهل وعدم اكتراث رئاستي الحكومة والجمهورية بالوضع البيئي المتردي الذي تعيش على وقعه جهة صفاقس منذ أكثر من شهرين، والذي بات ينذر بمخاطر صحية وخيمة"..

هذا ما جاء على لسان  كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، يوسف العوادني، أول أمس، عقب اجتماع موسع انعقد بمقر الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس، وضم ممثلي المنظمات الوطنية الأربع بالجهة، ومجموعة من مكونات المجتمع المدني.

وأوضح العوادني، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن هذا الإضراب الجهوي العام، الذي سيشمل كافة القطاعات العمومية والخاصة، باستثناء تواصل خدمات المرافق الحيوية والصحية، "سيكون مردفا بمسيرة شعبية كبرى مدوية ينخرط فيها جميع أهالي صفاقس للدفاع عن مدينتهم والتصدي للكارثة البيئية والصحية التي تتهددهم، وسيتم بمقتضاه غلق جميع مداخل المدينة”، على حد تعبيره.

كما أكد العدواني على أنه سيتم اتخاذ قرارات تصعيدية أكبر، إذا ما واصلت رئاستي الحكومة والجمهورية الصمت إزاء الكارثة البيئية في صفاقس.

تجدر الإشارة إلى أن إقرار العصيان المدني والجبائي مطروح وغير مُستبعد في الجهة. وكان سليم المراكشي الناطق الرسمي باسم الغرفة الجهوية للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس قد أكد يوم الخميس الماضي أن الحالة في الولاية كارثية محذرا من المخاطر البيئية والصحية مبرزا انه سيتمّ اللجوء للعصيان الجبائي في صورة لم يتمّ حل الأزمة.

كما أكد رئيس بلدية صفاقس منير اللومي يوم الأحد الفارط أن البلدية رفعت شكاية لدى المحكمة الإدارية بتونس العاصمة ضد الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات لتحديد المسؤوليات بخصوص أزمة النفايات التي تشهدها الجهة ولجبر الضرر المادي والمعنوي جراء التوقف الفجئي عن رفع النفايات والضرر بكل مقومات البيئة بالولاية.

الصدام الأول

يعد إقرار الإضراب العام في صفاقس الامتحان الأول في علاقة المنظمة بحكومة بودن اثر اللقاء الأخير الذي جمع وفدين من الطرفيين ووصف حينها بالإيجابي. وربما يتطور الأمر إلى الصدام، الأول إذا لم يتم تطويق الأزمة وإيجاد الحلول التي تبدو عسيرة اليوم على الحكومة.

ولم تفض زيارات وزيرة البيئة ولا تحركات رئاسة الجمهورية في هذا الملف على إيجاد مخرج إلى حد الآن وحتى لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد مساء أول أمس الاثنين 29 بوزيرة البيئة ليلى الشيخاوي المتزامن مع إقرار الإضراب العام في صفاقس، لم ترشح عنه أي مؤشرات عملية باستثناء الإشارة إلى أن اللقاء تناول الوضع البيئي بالبلاد و"الجهود المبذولة لمعالجة الإشكاليات القائمة من اجل تحقيق بيئة سليمة لجميع المواطنين"، وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية.

وتنذر أزمة النفايات بتحولها إلى كرة الثلج المتدحرجة أمام حكومة بودن في ظل تحذيرات بتكرر السيناريو في أكثر من جهة وقد نفذ  بهذا الصدد عدد من ممثلي المجتمع المدني آخر الأسبوع الفارط وقفة احتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة تنديدا "بسياسة المماطلة التي تتبعها السلطات في علاقة بالملف البيئي"، حيث طالب المحتجون "بإعلان حالة الطوارئ البيئية نظرا إلى خطورة الوضع وأمام الآثار الجسيمة للتغيرات البيئية على الموارد الطبيعية".

البعد السياسي للإضراب

لا يمكن فصل إقرار الإضراب العام في صفاقس عن جاونبه السياسية في علاقة بانتظارات المنظمة الشغيلة ما بعد 25 جويلية وسلوك الرئيس قيس سعيد لا سيما في موضوع الحوار وتشريك المنظمات والأطراف السياسية في تصور مستقبل البلاد.

فالملاحظ أن جس النبض متواصل بين الاتحاد والرئاسة ويبرز ذلك من حين لآخر في تصعيد لهجة الخطاب لا سيما من الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي وبعض القيادات النقابية.

آخر التصريحات التي تؤشر على غياب بوادر حوار جدي بين سعيد والمنظمة الشغيلة إلى حد الآن، باستثناء تلك المكالمة التي قال الطبوبي مؤخرا أنها جمعته بالرئيس عشية لقاء الوفد النقابي برئيسة الحكومة، صدرت عن الأمين العام السابق للاتحاد حسين العباسي الذي أكد في حوار إذاعي أن ظنه قد خاب في الرئيس قائلا:"إيقاف نشاط البرلمان كان ضرورياً لكن خاب ظني عندما لم يقم الرئيس سعيد بالدعوة إلى حوار لإضفاء مزيد من المشروعية على قراراته.. الحوار الذي دعا إليه الاتحاد لن يكون مع الفاسدين ولا مع من لا يؤمنون بالوطنية، بل مع الأطراف التي تريد مصلحة البلاد".

وأضاف  " لا يلتجئ الاتحاد إلى الإضرابات إلا عند استنفاد جميع الحلول وقدرنا هو الدفاع عن حقوق الأجراء ولم نخرج عن ثوابتنا في الدفاع عن الوطن".

من جهته صرح  نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل اليوم السبت الفارط على هامش الندوة القطاعية للجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية بالحمامات "يلومون الاتحاد على مساندته احتجاجات ولاية صفاقس.. أين هي خياراتكم واستراتيجياتكم الخاصة بالوضع البيئي؟ ..غارقون في العراك وافتعال المشاكل".

وقال الطبوبي أيضا “عندما اتخذ رئيس الجمهورية قرارات 25 جويلية كان موقف الاتحاد واضحا وأكدنا أن الوضع كان في ما مضى متعفنا وكان هناك طموح وحلم واستحقاقات لم تُلبّ خاصة في ما يتعلق بالتشغيل.. أكدنا على وجوب بناء خيار جديد في إطار تشاركي دون إقصاء لأي كان إلا من أقصى نفسه بأفعاله ولكن للأسف الشديد لم نر إلى اليوم أي شيء يجعل الاتحاد يقدم صكا على بياض خاصة أن مواقفه ليست مواقف شخصية وإنما هي مواقف مؤسسات..، لا يمكن للاتحاد إعطاء صك على بياض لأي كان لشخص يمشي في المجهول وفي الظلام ولا نعرف خياراته..".

 

م.ي

 

إضراب 10 ديسمبر.. الشعار بيئي والخلفية سياسية

 

تونس-الصباح

كما كان متوقعا وبعد الإضراب العام بعقارب، تصعد جهة صفاقس ومن ورائها المنظمة الشغيلة  بإقرار الاتحاد الجهوي للشغل يوم غضب جهوي في  10 ديسمبر الجاري  مرفوقا بإضراب عام وبغلق منافذ المدينة وتعليق كل الأنشطة ما عدا الحيوية منها.

وإن بدا الشعار بيئيا، إلا أن رمزية وثقل جهة صفاقس تاريخيا ومواعيدها مع الإضرابات العامة الحاسمة والفاصلة في كل المحطات وآخرها ثورة 2011، تجعل من إضراب 10  ديسمبر المرتقب موعدا لا يمكن المرور عليه مرور الكرام أو اختصاره في أزمة النفايات، على أهميتها وخطورتها، بل الأكيد أن الخلفيات السياسية حاضرة وبقوة في علاقة بالتطورات على الساحة الوطنية  وأيضا بمحرار المد والجزر المتواصل منذ ما بعد 25 جويلية بين الاتحاد والرئيس قيس سعيد.

إضراب وعصيان  

تنفيذ إضراب عام بجهة صفاقس، يوم 10 ديسمبر القادم، تحت شعار “يوم غضب”، وذلك على "خلفية مواصلة تجاهل وعدم اكتراث رئاستي الحكومة والجمهورية بالوضع البيئي المتردي الذي تعيش على وقعه جهة صفاقس منذ أكثر من شهرين، والذي بات ينذر بمخاطر صحية وخيمة"..

هذا ما جاء على لسان  كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، يوسف العوادني، أول أمس، عقب اجتماع موسع انعقد بمقر الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس، وضم ممثلي المنظمات الوطنية الأربع بالجهة، ومجموعة من مكونات المجتمع المدني.

وأوضح العوادني، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن هذا الإضراب الجهوي العام، الذي سيشمل كافة القطاعات العمومية والخاصة، باستثناء تواصل خدمات المرافق الحيوية والصحية، "سيكون مردفا بمسيرة شعبية كبرى مدوية ينخرط فيها جميع أهالي صفاقس للدفاع عن مدينتهم والتصدي للكارثة البيئية والصحية التي تتهددهم، وسيتم بمقتضاه غلق جميع مداخل المدينة”، على حد تعبيره.

كما أكد العدواني على أنه سيتم اتخاذ قرارات تصعيدية أكبر، إذا ما واصلت رئاستي الحكومة والجمهورية الصمت إزاء الكارثة البيئية في صفاقس.

تجدر الإشارة إلى أن إقرار العصيان المدني والجبائي مطروح وغير مُستبعد في الجهة. وكان سليم المراكشي الناطق الرسمي باسم الغرفة الجهوية للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس قد أكد يوم الخميس الماضي أن الحالة في الولاية كارثية محذرا من المخاطر البيئية والصحية مبرزا انه سيتمّ اللجوء للعصيان الجبائي في صورة لم يتمّ حل الأزمة.

كما أكد رئيس بلدية صفاقس منير اللومي يوم الأحد الفارط أن البلدية رفعت شكاية لدى المحكمة الإدارية بتونس العاصمة ضد الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات لتحديد المسؤوليات بخصوص أزمة النفايات التي تشهدها الجهة ولجبر الضرر المادي والمعنوي جراء التوقف الفجئي عن رفع النفايات والضرر بكل مقومات البيئة بالولاية.

الصدام الأول

يعد إقرار الإضراب العام في صفاقس الامتحان الأول في علاقة المنظمة بحكومة بودن اثر اللقاء الأخير الذي جمع وفدين من الطرفيين ووصف حينها بالإيجابي. وربما يتطور الأمر إلى الصدام، الأول إذا لم يتم تطويق الأزمة وإيجاد الحلول التي تبدو عسيرة اليوم على الحكومة.

ولم تفض زيارات وزيرة البيئة ولا تحركات رئاسة الجمهورية في هذا الملف على إيجاد مخرج إلى حد الآن وحتى لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد مساء أول أمس الاثنين 29 بوزيرة البيئة ليلى الشيخاوي المتزامن مع إقرار الإضراب العام في صفاقس، لم ترشح عنه أي مؤشرات عملية باستثناء الإشارة إلى أن اللقاء تناول الوضع البيئي بالبلاد و"الجهود المبذولة لمعالجة الإشكاليات القائمة من اجل تحقيق بيئة سليمة لجميع المواطنين"، وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية.

وتنذر أزمة النفايات بتحولها إلى كرة الثلج المتدحرجة أمام حكومة بودن في ظل تحذيرات بتكرر السيناريو في أكثر من جهة وقد نفذ  بهذا الصدد عدد من ممثلي المجتمع المدني آخر الأسبوع الفارط وقفة احتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة تنديدا "بسياسة المماطلة التي تتبعها السلطات في علاقة بالملف البيئي"، حيث طالب المحتجون "بإعلان حالة الطوارئ البيئية نظرا إلى خطورة الوضع وأمام الآثار الجسيمة للتغيرات البيئية على الموارد الطبيعية".

البعد السياسي للإضراب

لا يمكن فصل إقرار الإضراب العام في صفاقس عن جاونبه السياسية في علاقة بانتظارات المنظمة الشغيلة ما بعد 25 جويلية وسلوك الرئيس قيس سعيد لا سيما في موضوع الحوار وتشريك المنظمات والأطراف السياسية في تصور مستقبل البلاد.

فالملاحظ أن جس النبض متواصل بين الاتحاد والرئاسة ويبرز ذلك من حين لآخر في تصعيد لهجة الخطاب لا سيما من الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي وبعض القيادات النقابية.

آخر التصريحات التي تؤشر على غياب بوادر حوار جدي بين سعيد والمنظمة الشغيلة إلى حد الآن، باستثناء تلك المكالمة التي قال الطبوبي مؤخرا أنها جمعته بالرئيس عشية لقاء الوفد النقابي برئيسة الحكومة، صدرت عن الأمين العام السابق للاتحاد حسين العباسي الذي أكد في حوار إذاعي أن ظنه قد خاب في الرئيس قائلا:"إيقاف نشاط البرلمان كان ضرورياً لكن خاب ظني عندما لم يقم الرئيس سعيد بالدعوة إلى حوار لإضفاء مزيد من المشروعية على قراراته.. الحوار الذي دعا إليه الاتحاد لن يكون مع الفاسدين ولا مع من لا يؤمنون بالوطنية، بل مع الأطراف التي تريد مصلحة البلاد".

وأضاف  " لا يلتجئ الاتحاد إلى الإضرابات إلا عند استنفاد جميع الحلول وقدرنا هو الدفاع عن حقوق الأجراء ولم نخرج عن ثوابتنا في الدفاع عن الوطن".

من جهته صرح  نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل اليوم السبت الفارط على هامش الندوة القطاعية للجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية بالحمامات "يلومون الاتحاد على مساندته احتجاجات ولاية صفاقس.. أين هي خياراتكم واستراتيجياتكم الخاصة بالوضع البيئي؟ ..غارقون في العراك وافتعال المشاكل".

وقال الطبوبي أيضا “عندما اتخذ رئيس الجمهورية قرارات 25 جويلية كان موقف الاتحاد واضحا وأكدنا أن الوضع كان في ما مضى متعفنا وكان هناك طموح وحلم واستحقاقات لم تُلبّ خاصة في ما يتعلق بالتشغيل.. أكدنا على وجوب بناء خيار جديد في إطار تشاركي دون إقصاء لأي كان إلا من أقصى نفسه بأفعاله ولكن للأسف الشديد لم نر إلى اليوم أي شيء يجعل الاتحاد يقدم صكا على بياض خاصة أن مواقفه ليست مواقف شخصية وإنما هي مواقف مؤسسات..، لا يمكن للاتحاد إعطاء صك على بياض لأي كان لشخص يمشي في المجهول وفي الظلام ولا نعرف خياراته..".

 

م.ي

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews