عاد موضوع تقرير دائرة المحاسبات ليطفو مجددا على سطح الاحداث وذلك بعد اثارة الرئيس قيس سعيد للملف وما قد ينجر عنه من تحولات سياسية في المشهد التونسي عموما وخاصة في المشهد البرلماني الذي يقبع تحت رحمة التقرير المذكور وامكانية تفعيل ساكن قرطاج للمراسيم للحصول على نتيجة "مرجوة".
وجاء موقف الرئيس، وكانه رد سريع على تصريحات رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي واقراره بعودة قوية للبرلمان رغم حالة التجميد التي فرضتها إجراءات 25 جويلية.
ويدرك سعيد ان مسالة حل البرلمان في مثل هذه الظروف امر معقد قانونيا ومحرج سياسيا في الداخل كما في الخارج، بيد أن الحل ممكن من خلال تفعيل النص وايجاد الحاضنة القانونية عبر تقرير دائرة المحاسبات الذي قد يُمكن من اسقاط وتتبع عدد من القائمات الفائزة بالأكثرية النيابية وهما أساسا قائمات حزبي حركة النهضة وقلب تونس اللذين شكلا في الواقع قلقا متزايدا وحجر عثرة امام البرنامج السياسي للرئيس ورؤيته للحياة السياسية عموما.
ويأتي موقف الرئيس بعد لقائه بأستاذي القانون الدستوري أمين محفوظ والصادق بلعيد مساء امس الاول الإثنين 29 نوفمبر 2021 بقصر قرطاج.
ونقلت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية "ان اللقاء تناول قضايا ذات علاقة بالوضع الدستوري والقانوني على وجه العموم".
كما أكدت الصفحة على أن اللقاء تناول "وبصفة معمقة" تقرير دائرة المحاسبات المتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019.
وقد أكد رئيس الدولة في اجتماعه هذا "على ضرورة ترتيب الآثار القانونية على ما ورد في هذا التقرير من تجاوزات إذ من غير المقبول أن يوضع تقرير عن محكمة ويبقى دون أي أثر قانوني.''
وخلق موقف الرئيس نقاشا داخل الوسط السياسي والاعلامي مفاده هل يبحث قيس سعيد عن حقيقة ام ان تحركه هذا مجرد محاولة للإطاحة بخصومه ضمانا لخلو الساحة من اي منافس محتمل له؟
كما تساءل متابعون ألا يشمل تقرير المحاسبات رئيس الجمهورية قيس سعيد نفسه بعد الاثارة القضائية لحزب الشعب يريد وتقديمه تصريحات في الغرض؟
في هذا السياق وفي رده على سؤال "الصباح" هل يبحث سعيد عن حقيقة أم انه يسعى للإطاحة بخصومه السياسيين، اعتبر القيادي بمبادرة مواطنون ضد الانقلاب رضا بلحاج ''ان الرئيس اقتنع بان رجوع البرلمان لا مفر منه فاصبح يبحث عن الحد الأدنى لإنقاذ ماء وجه الانقلاب وهو التخلص من خصومه السياسيين وخاصة رئيس البرلمان وبعض نواب آخرين من قلب تونس".
واضاف ان "حديثه عن إمكانية سقوط حق التتبع ضد هذه القوائم بالتقادم والتفكير بإسقاطها بإصدار مرسوم يؤكد أن الانقلاب يعيش ارتباكا كبيرا فأصبح اليوم يبحث عن مخرج للتخلص من الخصوم السياسيين مهما كان الشكل وبالتالي تفتضح النوايا الحقيقية للانقلاب."
على عكس بلحاج اعتبر المناضل اليساري والقيادي بحركة "وطن عادل" فرحات الرداوي "انه لم يسبق ان وقع الاهتمام بتقرير دائرة المحاسبات حول انتخابات 2014 رغم تضمنه لعديد التجاوزات كما أن التقرير حول الانتخابات البلدية مازال لم يستكمل بعد ممّا ولّد نوعا من الاستخفاف بدائرة المحاسبات والنظر الى عملها وكأنه مجرّد وصف للعملية الانتخابية رغم وضوح الفصول القانونية المنظمة لعملها وبيان الطابع الجزائي المترتب عن الجرائم الانتخابية التي قد يتضمنها تقريرها."
واستطرد قائلا" انه يلمس التناقضات الصارخة في خطاب بعض السياسيين اذ اننا نسمع منهم خطبا حول ضرورة عدم الإفلات من العقاب وضرورة مقاومة الفساد لكنهم يبحثون عن مبررات لعدم إنفاذ القانون الانتخابي الذي وضعوه وخاصة الفصل 163 بعد صدور تقرير دائرة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019".
تحويل وجهة الصراع
واضاف انه "وبعد تأكّد تعلق جرائم انتخابية بأهم كتلتين برلمانيتين كانتا من مكونات الائتلاف الحاكم في البرلمان المعلقة أشغاله هناك من يحاول أن يخرج الأمر من سياقه ليحوّله الى مجرّد صراع سياسي بين رئيس الدولة من جهة وحركة النهضة وحلفائها في الائتلاف الحاكم من جهة أخرى."
وبين الرداوي "انه من الجرم في حق التونسيين وفي حق الجمهورية أن يقع تجاهل قوانين وضعت للحيلولة دون التلاعب بإرادة الناخبين ولمنع تزوير الانتخابات والمناخ الانتخابي ولصد ترذيل الديمقراطية ولتنقية المناخ السياسي من الفساد ليكون المنتخب مسؤولا حقيقيا كما انه من ضمانات السيادة الوطنية أن يكون الفاعلون السياسيون وطنيون لا يدينون بالولاء للأجنبي لذلك من الضروري تسليط العقوبات القانونية على من يتلقّى تمويلا أجنبيا لأنه سيرهن خياراتهم للأجنبي وبالتالي يجعل البلاد تابعة للدوائر الممولة للسياسيين.
وختم بالقول "إن تفعيل الفصل163 من القانون الانتخابي ضروري لتطهير الحياة السياسية من الفساد ولقطع ارتباطات كل القوى السياسية بالممولين الأجانب للمرور الى ديمقراطية حقيقة في صالح التونسيين ممثلة لتطلعاتهم الحقيقية وضامنة لجمهورية مستقلة ذات سيادة ."
شبهات.. دون يقين
وفي رده على سؤال "الصباح" قال الناشط السياسي المستقل والنقابي عبد السلام الككلي"يتضح من تقرير دائرة المحاسبات أنها عبرت عن شكوك وأثارت شبهات حول وجود تمويل أجنبي ولكنها لم تتوصل إلى يقين نظرا لصعوبة ذلك فهي لا تملك في كثير من الأحيان المعطيات والإثباتات الكافية حتى تتوصل إلى يقين حول تحصل مترشح للانتخابات الرئاسية أو اية قائمة في التشريعية على تمويل أجنبي او غيرها من الجرائم المتعلقة بموارد الحملة الانتخابية وعلى هذا الأساس أحالت أكثر من 30 ملفا على أنظار النيابة العمومية لدى القضاء العدلي المختص، في شهري جانفي وفيفري 2021، تعلقت بشبهات جرائم انتخابية (شبهات لا أكثر)، على غرار الإشهار السياسي والتمويلات غير المشروعة حتى يبت القضاء في شأن هذه الملفات".
كما اشار المتدخل الى "محدودية منظومة الرقابة على التمويل الأجنبي للحملة الانتخابية فالبنك المركزي بحسب ما ذكره التقرير في الصفحة 24 لا يمسك سجلات حول الحسابات التي تفتحها البنوك لفائدة حرفائها وقد أكد البنك في التقرير نفسه انه لا وجود لأية أحكام تجيز له أو تفرض عليه مسك مثل هذا السجل وبالتالي لا يمكن أن تتوفر لديه معلومات حول حسابات الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لدى البنوك سوى بصفة عرضية".
تصفية حسابات
وطالب الككلي بتحميل المسؤولية لكافة المتدخلين من بنك مركزي ولجنة التونسية للتحاليل المالية وبنوك وان تحميل المسؤلية لطرف دون آخر وان "هو موقف سياسي لا صلة له بالقانون ولذلك فان مطالبة محكمة المحاسبات بتطبيق الفصل 163 من القانون الانتخابي في غياب يقين لدى المحكمة بوجود تمويل مخالف للقانون وفي ظل غياب حكم قضائي بات هو من قبيل تصفية الحساب السياسي مع خصوم سياسيين خاصة إذا أدت هذه المطالبة إلى استعمال رئيس الجمهورية لمرسوم لإسقاط هذه القائمات.. مع ما يمكن أن يقود إليه هذا من صراعات سياسية وحزبية ستعمق المشكل أكثر وقد تقود البلاد إلى مهاوي الفتنة".
خليل الحناشي
تونس-الصباح
عاد موضوع تقرير دائرة المحاسبات ليطفو مجددا على سطح الاحداث وذلك بعد اثارة الرئيس قيس سعيد للملف وما قد ينجر عنه من تحولات سياسية في المشهد التونسي عموما وخاصة في المشهد البرلماني الذي يقبع تحت رحمة التقرير المذكور وامكانية تفعيل ساكن قرطاج للمراسيم للحصول على نتيجة "مرجوة".
وجاء موقف الرئيس، وكانه رد سريع على تصريحات رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي واقراره بعودة قوية للبرلمان رغم حالة التجميد التي فرضتها إجراءات 25 جويلية.
ويدرك سعيد ان مسالة حل البرلمان في مثل هذه الظروف امر معقد قانونيا ومحرج سياسيا في الداخل كما في الخارج، بيد أن الحل ممكن من خلال تفعيل النص وايجاد الحاضنة القانونية عبر تقرير دائرة المحاسبات الذي قد يُمكن من اسقاط وتتبع عدد من القائمات الفائزة بالأكثرية النيابية وهما أساسا قائمات حزبي حركة النهضة وقلب تونس اللذين شكلا في الواقع قلقا متزايدا وحجر عثرة امام البرنامج السياسي للرئيس ورؤيته للحياة السياسية عموما.
ويأتي موقف الرئيس بعد لقائه بأستاذي القانون الدستوري أمين محفوظ والصادق بلعيد مساء امس الاول الإثنين 29 نوفمبر 2021 بقصر قرطاج.
ونقلت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية "ان اللقاء تناول قضايا ذات علاقة بالوضع الدستوري والقانوني على وجه العموم".
كما أكدت الصفحة على أن اللقاء تناول "وبصفة معمقة" تقرير دائرة المحاسبات المتعلق بالانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019.
وقد أكد رئيس الدولة في اجتماعه هذا "على ضرورة ترتيب الآثار القانونية على ما ورد في هذا التقرير من تجاوزات إذ من غير المقبول أن يوضع تقرير عن محكمة ويبقى دون أي أثر قانوني.''
وخلق موقف الرئيس نقاشا داخل الوسط السياسي والاعلامي مفاده هل يبحث قيس سعيد عن حقيقة ام ان تحركه هذا مجرد محاولة للإطاحة بخصومه ضمانا لخلو الساحة من اي منافس محتمل له؟
كما تساءل متابعون ألا يشمل تقرير المحاسبات رئيس الجمهورية قيس سعيد نفسه بعد الاثارة القضائية لحزب الشعب يريد وتقديمه تصريحات في الغرض؟
في هذا السياق وفي رده على سؤال "الصباح" هل يبحث سعيد عن حقيقة أم انه يسعى للإطاحة بخصومه السياسيين، اعتبر القيادي بمبادرة مواطنون ضد الانقلاب رضا بلحاج ''ان الرئيس اقتنع بان رجوع البرلمان لا مفر منه فاصبح يبحث عن الحد الأدنى لإنقاذ ماء وجه الانقلاب وهو التخلص من خصومه السياسيين وخاصة رئيس البرلمان وبعض نواب آخرين من قلب تونس".
واضاف ان "حديثه عن إمكانية سقوط حق التتبع ضد هذه القوائم بالتقادم والتفكير بإسقاطها بإصدار مرسوم يؤكد أن الانقلاب يعيش ارتباكا كبيرا فأصبح اليوم يبحث عن مخرج للتخلص من الخصوم السياسيين مهما كان الشكل وبالتالي تفتضح النوايا الحقيقية للانقلاب."
على عكس بلحاج اعتبر المناضل اليساري والقيادي بحركة "وطن عادل" فرحات الرداوي "انه لم يسبق ان وقع الاهتمام بتقرير دائرة المحاسبات حول انتخابات 2014 رغم تضمنه لعديد التجاوزات كما أن التقرير حول الانتخابات البلدية مازال لم يستكمل بعد ممّا ولّد نوعا من الاستخفاف بدائرة المحاسبات والنظر الى عملها وكأنه مجرّد وصف للعملية الانتخابية رغم وضوح الفصول القانونية المنظمة لعملها وبيان الطابع الجزائي المترتب عن الجرائم الانتخابية التي قد يتضمنها تقريرها."
واستطرد قائلا" انه يلمس التناقضات الصارخة في خطاب بعض السياسيين اذ اننا نسمع منهم خطبا حول ضرورة عدم الإفلات من العقاب وضرورة مقاومة الفساد لكنهم يبحثون عن مبررات لعدم إنفاذ القانون الانتخابي الذي وضعوه وخاصة الفصل 163 بعد صدور تقرير دائرة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019".
تحويل وجهة الصراع
واضاف انه "وبعد تأكّد تعلق جرائم انتخابية بأهم كتلتين برلمانيتين كانتا من مكونات الائتلاف الحاكم في البرلمان المعلقة أشغاله هناك من يحاول أن يخرج الأمر من سياقه ليحوّله الى مجرّد صراع سياسي بين رئيس الدولة من جهة وحركة النهضة وحلفائها في الائتلاف الحاكم من جهة أخرى."
وبين الرداوي "انه من الجرم في حق التونسيين وفي حق الجمهورية أن يقع تجاهل قوانين وضعت للحيلولة دون التلاعب بإرادة الناخبين ولمنع تزوير الانتخابات والمناخ الانتخابي ولصد ترذيل الديمقراطية ولتنقية المناخ السياسي من الفساد ليكون المنتخب مسؤولا حقيقيا كما انه من ضمانات السيادة الوطنية أن يكون الفاعلون السياسيون وطنيون لا يدينون بالولاء للأجنبي لذلك من الضروري تسليط العقوبات القانونية على من يتلقّى تمويلا أجنبيا لأنه سيرهن خياراتهم للأجنبي وبالتالي يجعل البلاد تابعة للدوائر الممولة للسياسيين.
وختم بالقول "إن تفعيل الفصل163 من القانون الانتخابي ضروري لتطهير الحياة السياسية من الفساد ولقطع ارتباطات كل القوى السياسية بالممولين الأجانب للمرور الى ديمقراطية حقيقة في صالح التونسيين ممثلة لتطلعاتهم الحقيقية وضامنة لجمهورية مستقلة ذات سيادة ."
شبهات.. دون يقين
وفي رده على سؤال "الصباح" قال الناشط السياسي المستقل والنقابي عبد السلام الككلي"يتضح من تقرير دائرة المحاسبات أنها عبرت عن شكوك وأثارت شبهات حول وجود تمويل أجنبي ولكنها لم تتوصل إلى يقين نظرا لصعوبة ذلك فهي لا تملك في كثير من الأحيان المعطيات والإثباتات الكافية حتى تتوصل إلى يقين حول تحصل مترشح للانتخابات الرئاسية أو اية قائمة في التشريعية على تمويل أجنبي او غيرها من الجرائم المتعلقة بموارد الحملة الانتخابية وعلى هذا الأساس أحالت أكثر من 30 ملفا على أنظار النيابة العمومية لدى القضاء العدلي المختص، في شهري جانفي وفيفري 2021، تعلقت بشبهات جرائم انتخابية (شبهات لا أكثر)، على غرار الإشهار السياسي والتمويلات غير المشروعة حتى يبت القضاء في شأن هذه الملفات".
كما اشار المتدخل الى "محدودية منظومة الرقابة على التمويل الأجنبي للحملة الانتخابية فالبنك المركزي بحسب ما ذكره التقرير في الصفحة 24 لا يمسك سجلات حول الحسابات التي تفتحها البنوك لفائدة حرفائها وقد أكد البنك في التقرير نفسه انه لا وجود لأية أحكام تجيز له أو تفرض عليه مسك مثل هذا السجل وبالتالي لا يمكن أن تتوفر لديه معلومات حول حسابات الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لدى البنوك سوى بصفة عرضية".
تصفية حسابات
وطالب الككلي بتحميل المسؤولية لكافة المتدخلين من بنك مركزي ولجنة التونسية للتحاليل المالية وبنوك وان تحميل المسؤلية لطرف دون آخر وان "هو موقف سياسي لا صلة له بالقانون ولذلك فان مطالبة محكمة المحاسبات بتطبيق الفصل 163 من القانون الانتخابي في غياب يقين لدى المحكمة بوجود تمويل مخالف للقانون وفي ظل غياب حكم قضائي بات هو من قبيل تصفية الحساب السياسي مع خصوم سياسيين خاصة إذا أدت هذه المطالبة إلى استعمال رئيس الجمهورية لمرسوم لإسقاط هذه القائمات.. مع ما يمكن أن يقود إليه هذا من صراعات سياسية وحزبية ستعمق المشكل أكثر وقد تقود البلاد إلى مهاوي الفتنة".