رغم علاقة المد والجزر التي ميزت علاقة الاتحاد العام التونسي للشغل والرئيس قيس سعيد منذ طرح الاتحاد مبادرة الحوار وصولا إلى موقف هذا الأخير من ما بعد 25 جويلية، كثيرون كانوا يؤكدون استحالة القطيعة بين الطرفين منتظرين بداية "عودة الرشد" والجلوس لتحديد مستقبل البلاد بصفة تشاركية.
وجاء الاتصال الهاتفي الذي جمع أول أمس الأحد الأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي ورئيس الجمهورية ليدرجه البعض في خانة الخطوة الإيجابية سيكون لها ما بعدها لا سيما في ظل الحديث عن لقاء رسمي مرتقب في الأيام القادمة قد يجمع سعيد والطبوبي بعد اجتماع أمس الذي كان بين وفد من الاتحاد برئاسة الأمين العام والحكومة بإشراف نجلاء بودن رئيسة الحكومة.
وبعيدا عن الجدل الذي رافق الاتصال الهاتفي حول الجهة المبادرة بالاتصال، بعد رد الطبوبي وتكذيب تصريح النائب المجمد ماهر مذيوب الذي نشر على صفحته الرسمية أن المكالمة تمت بطلب من الرئيس المتخوّف من تجمع باردو، واعتبر الطبوبي أن هذه مغالطة وتوظيف غير بريء وأنه من طلب مهاتفة رئيس الدولة للتداول في عديد الملفات ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي والوضع الراهن والجلسة مع الحكومة والاستحقاقات الاجتماعية وبعض الملفات المتراكمة التي كان فيها بعض الاتفاقيات قبل 25 جويلية.
بعيدا عن كل هذا فإن المكالمة مع الرئيس والجلسة من الحكومة من شأنها تحديد بوصلة الطرفين ومعها البلاد في ظل انسداد الأفق السياسي والمخاطر المحدقة ماليا واقتصاديا واجتماعيا.
ملفات حارقة اجتماعيا
كان أمس على طاولة الاتحاد والحكومة جملة من الملفات الحارقة وفي مقدمتها الاتفاقيات الممضاة بمحضر اتفاق 6 فيفري 2021 التي تتمسك المنظمة الشغيلة بضرورة تفعيلها جميعا، في حين يعلم الجميع التحديات الجمة التي تواجه حكومة بودن في ظل النقص الحاد في الموارد المالية وتعطل المفاوضات إلى حد الآن مع صندوق النقد الدولي وسط تنامي المؤشرات سلبية آخرها ما أعلن عنه أمس المعهد الوطني للإحصاء الذي أكد ارتفاع نسبة البطالة بـ0.5 نقاط مقارنة بالثلاثي الثاني من سنة 2021 لتبلغ بذلك 18.4 %.
كما أعلن المعهد الوطني للإحصاء أن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثالث من السنة الجارية لم تتجاوز 0.3 بالمائة مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2020.
وسيكون تعاطي الطرفان مع هذا الملف بمثابة جس النبض المتبادل هذا إلى جانب مآلات المفاوضات في بقية الملفات المطروحة التي لا تقل أهمية ومن بينها ملف عمال الحضائر، والتطورات الأخيرة في عقارب حول موضوع المصب وتنفيذ الإضراب العام في المدينة.
وكذلك المواضيع التي حددتها سابقا الهيئة الإدارية الوطنية المنعقدة يوم 10 نوفمبر الجاري أين شددت على أن يكون اللقاء مع الحكومة مناسبة لمطالبتها باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التهاب الأسعار ومنع الاحتكار وإنقاذ المقدرة الشرائية للتونسيات والتونسيين إلى جانب استئناف الحوار الاجتماعي وفتح مفاوضات في الوظيفة العمومية والقطاع العام ومعالجة الملفّات الأساسية بصفة تشاركية تُحدّد فيها آجال تنفيذ التعهّدات ومنها مراجعة الأجر الأدنى وتطبيق الاتفاقيات القطاعية المبرمة ونشر الأوامر المتعلّقة بها وإنهاء كلّ أشكال العمل الهشّ كالحضائر والاعتمادات المفوّضة وصيغ التعاقد كتلك المعتمدة في التعليم والصحّة والشروع في النظر بصفة تشاركية في إنقاذ المؤسّسات العموميّة.
توضيح الرؤية
يسعى أيضا الاتحاد إلى توضيح الرؤية أكثر مع الحكومة في ظل التكتم إلى حد الآن حول حلول الحكومة لتمويل الميزانية وكان الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري قد صرح بخصوص اللقاء مع الحكومة مشيرا إلى أن الاتحاد سيبحث معرفة مدى تعهدها بالالتزامات السابقة ومدى استمرارها في دعم الحوار الاجتماعي لكن أيضا محور الميزانية والميزانية التكميلية وموقف الاتحاد منهما مبينا أن الحكومة لم تقدم أية إشارات واضحة حول هذه المسائل إلى حد الآن.
في المقابل يبحث الاتحاد على توضيح الرؤية سياسيا لا سيما في ظل ترابط ما هو سياسي بما هو اقتصادي واجتماعي وكررت المنظمة الشغيلة دعواتها لرئيس الجمهورية لتوضيح البوصلة لا سيما بعد قرارات 22 سبتمبر والأمر 117 الذي أقلق الاتحاد رغم تأكيده على تأييد خطوة 25 جويلية وأنه لا عودة إلى ما قبل هذا التاريخ.
ولعل المكالمة بين الطبوبي وسعيد والحديث عن لقاء مرتقب بين الرجلين تؤشر على انفتاح الرئاسة على توضيح بعض الأمور العالقة ومنها صيغة الحوار الذي يعتزم الرئيس إجراؤه عبر المنصات الافتراضية ومعارضة المنظمة الشغيلة، وتجدر الإشارة إلى أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في مداخلته على قناة "الجزيرة" أول أمس اثر المكالمة مع الرئيس قال إنه وجد منه "الإصغاء والانفتاح لإيجاد مخرج حتى تبقى تونس منارة في الممارسة الديمقراطية والتظاهر السلمي وحرية التعبير''، مضيفا ''لا خوف على تونس طالما فيها إرادة شعبية حقيقية تنبذ العنف وتلتقي على قاعدة الاختلاف في الرأي ومنفتحة على الحوار الجاد والمسؤول''.
وشدد الطبوبي على ضرورة مراجعة القانون الانتخابي لإجراء انتخابات تشريعية مبكّرة في أقرب الآجال، مؤكدا وجود القدرة على إيجاد حلول من خلال حوار هادف وهادئ.
وتعليقا على المكالمة التي جمعت الطبوبي وسعيد قال وزير أملاك الدولة الأسبق، حاتم العشّي، أن “البعض راهن على انقلاب الإتحاد العام التونسي للشغل على رئيس الجمهورية قيس سعيّد”. مضيفا في تصريح إذاعي أمس، أن موقف إتحاد الشغل كمنظمة وطنية من حراك 25 جويلية، كان ثابتا وواضحا منذ البداية، مشيرا إلى أنه وبعد المكالمة الهاتفية بين نور الدين الطبوبي وقيس سعيّد فإن “العلاقة ستتقدّم”، وفق تعبيره. قائلا انه يعتقد أن هناك لقاء مباشرا قريبا مع قيس سعيد.
وشدّد العشّي، على ضرورة المضي في الحوار بمشاركة الإتحاد والمجتمع المدني والشباب والأحزاب الجدية معتبرا أن اتحاد الشغل "يعد ميزانا قويا ومنظمة وطنية موحدة وسندا لرئيس جمهورية الذي يتوجه إليه بنصيحة بان يضع اليد في اليد مع الاتحاد".
م.ي
تونس-الصباح
رغم علاقة المد والجزر التي ميزت علاقة الاتحاد العام التونسي للشغل والرئيس قيس سعيد منذ طرح الاتحاد مبادرة الحوار وصولا إلى موقف هذا الأخير من ما بعد 25 جويلية، كثيرون كانوا يؤكدون استحالة القطيعة بين الطرفين منتظرين بداية "عودة الرشد" والجلوس لتحديد مستقبل البلاد بصفة تشاركية.
وجاء الاتصال الهاتفي الذي جمع أول أمس الأحد الأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي ورئيس الجمهورية ليدرجه البعض في خانة الخطوة الإيجابية سيكون لها ما بعدها لا سيما في ظل الحديث عن لقاء رسمي مرتقب في الأيام القادمة قد يجمع سعيد والطبوبي بعد اجتماع أمس الذي كان بين وفد من الاتحاد برئاسة الأمين العام والحكومة بإشراف نجلاء بودن رئيسة الحكومة.
وبعيدا عن الجدل الذي رافق الاتصال الهاتفي حول الجهة المبادرة بالاتصال، بعد رد الطبوبي وتكذيب تصريح النائب المجمد ماهر مذيوب الذي نشر على صفحته الرسمية أن المكالمة تمت بطلب من الرئيس المتخوّف من تجمع باردو، واعتبر الطبوبي أن هذه مغالطة وتوظيف غير بريء وأنه من طلب مهاتفة رئيس الدولة للتداول في عديد الملفات ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي والوضع الراهن والجلسة مع الحكومة والاستحقاقات الاجتماعية وبعض الملفات المتراكمة التي كان فيها بعض الاتفاقيات قبل 25 جويلية.
بعيدا عن كل هذا فإن المكالمة مع الرئيس والجلسة من الحكومة من شأنها تحديد بوصلة الطرفين ومعها البلاد في ظل انسداد الأفق السياسي والمخاطر المحدقة ماليا واقتصاديا واجتماعيا.
ملفات حارقة اجتماعيا
كان أمس على طاولة الاتحاد والحكومة جملة من الملفات الحارقة وفي مقدمتها الاتفاقيات الممضاة بمحضر اتفاق 6 فيفري 2021 التي تتمسك المنظمة الشغيلة بضرورة تفعيلها جميعا، في حين يعلم الجميع التحديات الجمة التي تواجه حكومة بودن في ظل النقص الحاد في الموارد المالية وتعطل المفاوضات إلى حد الآن مع صندوق النقد الدولي وسط تنامي المؤشرات سلبية آخرها ما أعلن عنه أمس المعهد الوطني للإحصاء الذي أكد ارتفاع نسبة البطالة بـ0.5 نقاط مقارنة بالثلاثي الثاني من سنة 2021 لتبلغ بذلك 18.4 %.
كما أعلن المعهد الوطني للإحصاء أن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثالث من السنة الجارية لم تتجاوز 0.3 بالمائة مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2020.
وسيكون تعاطي الطرفان مع هذا الملف بمثابة جس النبض المتبادل هذا إلى جانب مآلات المفاوضات في بقية الملفات المطروحة التي لا تقل أهمية ومن بينها ملف عمال الحضائر، والتطورات الأخيرة في عقارب حول موضوع المصب وتنفيذ الإضراب العام في المدينة.
وكذلك المواضيع التي حددتها سابقا الهيئة الإدارية الوطنية المنعقدة يوم 10 نوفمبر الجاري أين شددت على أن يكون اللقاء مع الحكومة مناسبة لمطالبتها باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التهاب الأسعار ومنع الاحتكار وإنقاذ المقدرة الشرائية للتونسيات والتونسيين إلى جانب استئناف الحوار الاجتماعي وفتح مفاوضات في الوظيفة العمومية والقطاع العام ومعالجة الملفّات الأساسية بصفة تشاركية تُحدّد فيها آجال تنفيذ التعهّدات ومنها مراجعة الأجر الأدنى وتطبيق الاتفاقيات القطاعية المبرمة ونشر الأوامر المتعلّقة بها وإنهاء كلّ أشكال العمل الهشّ كالحضائر والاعتمادات المفوّضة وصيغ التعاقد كتلك المعتمدة في التعليم والصحّة والشروع في النظر بصفة تشاركية في إنقاذ المؤسّسات العموميّة.
توضيح الرؤية
يسعى أيضا الاتحاد إلى توضيح الرؤية أكثر مع الحكومة في ظل التكتم إلى حد الآن حول حلول الحكومة لتمويل الميزانية وكان الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري قد صرح بخصوص اللقاء مع الحكومة مشيرا إلى أن الاتحاد سيبحث معرفة مدى تعهدها بالالتزامات السابقة ومدى استمرارها في دعم الحوار الاجتماعي لكن أيضا محور الميزانية والميزانية التكميلية وموقف الاتحاد منهما مبينا أن الحكومة لم تقدم أية إشارات واضحة حول هذه المسائل إلى حد الآن.
في المقابل يبحث الاتحاد على توضيح الرؤية سياسيا لا سيما في ظل ترابط ما هو سياسي بما هو اقتصادي واجتماعي وكررت المنظمة الشغيلة دعواتها لرئيس الجمهورية لتوضيح البوصلة لا سيما بعد قرارات 22 سبتمبر والأمر 117 الذي أقلق الاتحاد رغم تأكيده على تأييد خطوة 25 جويلية وأنه لا عودة إلى ما قبل هذا التاريخ.
ولعل المكالمة بين الطبوبي وسعيد والحديث عن لقاء مرتقب بين الرجلين تؤشر على انفتاح الرئاسة على توضيح بعض الأمور العالقة ومنها صيغة الحوار الذي يعتزم الرئيس إجراؤه عبر المنصات الافتراضية ومعارضة المنظمة الشغيلة، وتجدر الإشارة إلى أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في مداخلته على قناة "الجزيرة" أول أمس اثر المكالمة مع الرئيس قال إنه وجد منه "الإصغاء والانفتاح لإيجاد مخرج حتى تبقى تونس منارة في الممارسة الديمقراطية والتظاهر السلمي وحرية التعبير''، مضيفا ''لا خوف على تونس طالما فيها إرادة شعبية حقيقية تنبذ العنف وتلتقي على قاعدة الاختلاف في الرأي ومنفتحة على الحوار الجاد والمسؤول''.
وشدد الطبوبي على ضرورة مراجعة القانون الانتخابي لإجراء انتخابات تشريعية مبكّرة في أقرب الآجال، مؤكدا وجود القدرة على إيجاد حلول من خلال حوار هادف وهادئ.
وتعليقا على المكالمة التي جمعت الطبوبي وسعيد قال وزير أملاك الدولة الأسبق، حاتم العشّي، أن “البعض راهن على انقلاب الإتحاد العام التونسي للشغل على رئيس الجمهورية قيس سعيّد”. مضيفا في تصريح إذاعي أمس، أن موقف إتحاد الشغل كمنظمة وطنية من حراك 25 جويلية، كان ثابتا وواضحا منذ البداية، مشيرا إلى أنه وبعد المكالمة الهاتفية بين نور الدين الطبوبي وقيس سعيّد فإن “العلاقة ستتقدّم”، وفق تعبيره. قائلا انه يعتقد أن هناك لقاء مباشرا قريبا مع قيس سعيد.
وشدّد العشّي، على ضرورة المضي في الحوار بمشاركة الإتحاد والمجتمع المدني والشباب والأحزاب الجدية معتبرا أن اتحاد الشغل "يعد ميزانا قويا ومنظمة وطنية موحدة وسندا لرئيس جمهورية الذي يتوجه إليه بنصيحة بان يضع اليد في اليد مع الاتحاد".