إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اتهامات.. تباينات ودعوات: نواب يقيمون مائة يوم بعد 25 جويلية

 

تونس- الصباح
بعد مرور أكثر من مائة يوم عن 25 جويلية، تاريخ إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن تفعيل الفصل 80 من الدستور وتجميد مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن أعضائه وإعفاء رئيس الحكومة السابق هشام مشيشي من مهامه، استفسرت "الصباح" بعض النواب كيف يقيمون حصيلة المائة يوم وما الذي يجب فعله، وهناك منهم من طالب الرئيس بفتح باب الحوار مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية لوضع خارطة طريق واضحة تساعد على الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في حين هناك من وصفوا تلك التدابير بالعملية الانقلابية وطالبوه بالعدول عنها وفتح البرلمان من جديد للنواب المنتخبين من قبل الشعب، بينما هناك من اقترحوا عليه طي الصفحة والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها..
نور الدين العرباوي عضو مجلس نواب الشعب المعلقة اختصاصاته عن حركة النهضة بين أنه بعد سلة 25 جويلية التي تم فيها تجميع كل السلطات في يد رئيس الجمهورية أضيف العجز عن إدارة شؤون البلاد، ولعل أبرز مثال على ذلك ما حصل مؤخرا في عقارب، وذلك فضلا عن العجز المسجل على مستوى إدارة المسائل الاقتصادية والمالية وهي التي يقول عنها الجميع إنها الخطر الداهم الحقيقي وليس الوهمي.. ولاحظ العرباوي أن الرئيس بعد 25 جويلية لم يقدم حلولا لمشاكل البلاد الاقتصادية والمالية وبالتالي عند تقييم المحصلة بعد مائة يوم من الإعلان عن تفعيل الفصل 80 من الدستور يمكن الجزم بأنها سلبية وسلبية جدا.. أما على مستوى مقاومة الفساد فكل ما في الأمر حسب رأيه هو أننا نسمع جعجعة ولا نرى طحنا، وفسر النائب أن كل التونسيين يعرفون منذ سنوات أن هناك ملفات فساد كبير حقيقي لكن إلى غاية اليوم لم يقع فتحها والمفروض عند محاربة الفساد هو الانطلاق من أعلى السلم أي من الفاسدين الكبار والحيتان الكبيرة لا من أسفل السلم،  لكن الشعب لم ير شيئا من هذا القبيل تحقق بعد إعلان التدابير الاستثنائية. وأوضح أن المعركة ضد الفساد الكبير هي معركة حقيقية لكن بعد 25 جويلية لم تحقق الحرب على الفساد نتائج تذكر.. وفي تقييم للوضع الأمني بين العرباوي أن الوضع الأمني كان مستقرا حتى قبل 25 جويلية والمؤاخذ الوحيدة كانت تتعلق بالوضع الصحي وبمرور الوقت تحسن هذا الوضع ليس في تونس فقط بل في كل العالم، ويرى النائب أن ما ساهم في تحسن الوضع الصحي هو تدفق المساعدات الأجنبية على تونس، وذكر أن الرئيس سعيد قبل 25 جويلية لم يبذل أي مجهود لتحسين الوضع الصحي وبعد 25 جويليةوجد نفسه الشخص الوحيد المطالب ببذل مجهود لمقاومة كورونا.. ويرى العرباوي أن المطلوب من رئيس الجمهورية التراجع فورا عن الإجراءات الاستثنائية والعودة للشرعية البرلمانية والشرعية الدستورية في أقرب الآجال وبين أن هناك إجراءات غير دستورية تم اتخاذها لا بد من إلغائها والعودة للبرلمان الشرعي.
حوار وطني واستفتاء الشعب
أما عبد الرزاق عويدات القيادي في حركة الشعب وعضو مجلس النواب عن الكتلة الديمقراطية فأشار إلى أن احتساب المائة يوم من المفروض أن يبدأ منذ 22 سبتمبر تاريخ صدور الأمر عدد 117 لسنة 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية لا منذ 25 جويلية، وبين أنه منذ 22 سبتمبر هناك ثلاثة مسارات وهي المسار الحكومي والمسار القضائي والمسار التشريعي.. ففي ما يتعلق بالمسار الحكومي، بين أنالمطلوب هو تقديم ميزانية تكميلية لسنة 2021 وميزانية لسنة 2022 وبالتالي تعبئة الموارد اللازمة لسد الثغرة الموجودة في ميزانية السنة الجارية والمقدرة بتسعة آلاف مليار وتوفير موارد لتمويل ميزانية السنة المقبلة والتي ستكون فيها هي الأخرى ثغرة تتراوح بين 10 و12 ألف مليار. وإضافة إلى تعبئة الموارد على الحكومة التقليص من الاعتماد على القروض مقابل التركيز على التدقيق في الثورات الطبيعية الوطنية من بترول وغاز وذلك من خلال التثبت من مدى تناسب قيمة الأموال التي تحصل عليها الدولة الشركات الأجنبية المنتصبة في تونس مع مستويات الإنتاج الحقيقي لتلك الشركات، وفسر سبب هذا المطلب بالإشارة إلى أن العدادات في حقول النفط تظل معطبة لفترات طويلة ولا أحد يعرف كم استخرجت الشركات الأجنبية من ثروات طبيعية والمطلوب من الحكومة هو إجراء تدقيق، كما عليها الانكباب على الإصلاحات الهيكلية للمؤسسات الوطنية مثل الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وشركة اتصالات تونس والشركات العمومية للنقل لأن هذه الشركات بعد أن كانت تساهم في تمويل ميزانية الدولة أصبحت تطلب الدعم من الدولة. كما أشار عويدات إلى أن الحكومة مدعوة إلى فتح الملفات الاجتماعية الحارقة وتطبيق القانون عدد 38 المتعلق بالانتدابات الاستثنائية في الوظيفة العمومية والقانون المتعلق بعمال الحضائر وقانون الاقتصاد الاجتماعي التضامني الذي من شأنه أن يوفر حلولا لمشكلات البطالة.
أما على المستوى القضائي فيرى عويدات أن هناك تقريرا أعدته تفقدية وزارة العدل من المفروض أن تتم متابعته ووضع الملفات التي أشار إليها ذلك التقرير على مكاتب القضاة.. فهي في جانب منها تتعلق بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال والصفقات العمومية وتساعد تصفيتها على تنقية الأجواء الاقتصادية وتحسين مناخ الاستثمار، وهي في جانب آخر تتعلق بالإرهاب حيث تم التلاعب بقضايا الإرهاب وما تبع ذلك من إفلات من العقاب فتصفية ملفات الإرهاب تنقي البلاد من هذه الآفة وتضع حدا لسياسة الإفلات من العقاب، وذكر عويدات أنه في اتصال بالمستوى القضائي وتحديدا تقرير محكمة المحاسبات المتعلق بالتمويل الأجنبي للانتخابات وبالجرائم الانتخابية المسجلة في انتخابات 2019 فمن المفروض أن تقع محاكمة من تورطوا في تمويل حملاتهم الانتخابية بأموال أجنبية المصدر.
ولدى حديثه عن المسار الثالث وهو المسار التشريعي الدستوري أوضح عويدات أن المطلوب هو تعديل فصول من الدستور لإصلاح النظام السياسي والمنظومة القانونية للانتخابات، وهذا حسب قوله يتطلب حوارا وطنيا يشارك فيه كل من وافق على إجراءات 25 جويلية أما من وصفوا تلك الإجراءات بالانقلاب فلا يمكن تشريكهم في مخرجات المسار التشريعي والدستوري لكن هؤلاء يمكنهم التعبير عن رأيهم والتوجه إلى الناخبين ودعوتهم إلى رفض مخرجات الحوار لأنه بعد انتهاء الحوار يتم عرض مخرجاته على استفتاء شعبي تتم فيه الإجابة بنعم أم بلا، وبالتالي إذا كانت نتيجة الاستفتاء إجابة الأغلبية بنعم فيتم اعتماد الإصلاحات السياسية وتعديلات القانون الانتخابي المنبثقة عن الحوار الوطني ولكن إذا كانت الإجابة بلا فتتم العودة إلى ما قبل 25 جويلية ويغلق الباب على ما تم بعده.
الذهاب إلى الانتخابات
لسعد الحجلاوي النائب عن التيار الديمقراطي الذي استقال مؤخرا من حزبه،بين أن تاريخ 25 جويلية مثل للتونسيين الذين عبروا عن فرحهم يومها، مثل، نقطة ضوء وامتداد للأفق، لأن البلاد كانت في مأزق حقيقي خاصة مع تلك الصورة الرديئة لمجلس نواب الشعب والحكومة التي أصبحت تخدم مصالح الائتلاف المساند لها أكثر من خدمة مصلحة الشعب، وأوجدت هذه الأسباب مجتمعة أرضية مناسبة للإعلان عن التدابير الاستثنائية في إطار الفصل 80 من الدستور، لكن الآن وبعد مرور أكثر من مائة يوم فإن التونسيين الذين أحسوا قبل 25 جويلية بضيق الأفق، اكتشفوا أن الأفق مسدود لكن بشكل آخر، لأنه بعد مرور مائة يوم وأكثر لم يلمسوا تغييرات فعلية ونتائج حقيقية.. وبين الحجلاوي أنه حتى وإن تحدثنا عن مقاومة الفساد فإن الواقع لم يتغير،  وأضاف أنه من المفروض أن أجهزة الدولة هي التي تحارب الفساد حتى وإن لم يتدخل الرئيس.. وبين أنه على المستوى السياسي الواقع لم يتغير لأنه لا توجد خارطة طريق واضحة فقبل 25 جويلية كانت هناك ضبابية وبعد 25 جويلية هناك ضبابية بشكل آخر، وقبل 25 جويلية كانت هناك ثرثرة سياسية كبيرة خاصة على مستوى البرلمان لكن بعد 25 جويلية أصبح هناك صمت مطبق خاصة من قبل الحكومة وحتى رئيس الجمهورية فإن كلامه لم يخرج عن منطق المؤامرات ومزابل التاريخ، وهو ما يدل على أن البلاد في مأزق حقيقي. ويرى الحجلاوي أن المطلوب هو العودة إلى الدستور، واستدرك مشيرا إلى أن المطلوب ليس عودة البرلمان الحالي فليذهب هذا البرلمان إلى الجحيم لأنه ليس حلا ولكن على الأقل لا بد من العودة إلى الدستور والذهاب إلى انتخابات مبكرة. وفسر أنه يمكن للبرلمان الحالي أن يعود بصفة مؤقتة وأن ينقح القانون الانتخابي وبعد ذلك يتم المرور إلى انتخابات سابقة لأوانها أما البقاء في نفس المكان فلن يزيد الوضع سوى تعقيدا.
العدول عن الانقلاب
وصف النائب عن قلب تونس رفيق عماره الوضع بعد 25 جويلية بالكارثي على جميع المستويات، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية. وأضاف أنه بعد الانقلاب الذي أقدم عليه الرئيس قيس سعيد وبعد تجميده مجلس نواب الشعب تعطلت الحياة السياسية في تونس. وبين أن الحصيلة هي ضرب السياسيين بمن فيهم نواب الشعب. ويرى النائب أن المطلوب هو إرجاع مجلس نواب الشعب المنتخب من قبل الشعب إلى سالف نشاطه السياسي، فالنواب حسب قوله تم انتخابهم هم أيضا من قبل الشعب.. وذكر أنه لا مجال للحوار مع الشباب على منصات افتراضية والمطلوب هو الحوار مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وخاصة المنظمات الوطنية الكبرى وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وذلك من أجل إيجاد أرضية للرجوع إلى الحياة السياسية العادية..
أما رئيس كتلة تحيا تونس مصطفى بن أحمد فبين أنه بعد مائة يوم من اعتماد التدابير الاستثنائية لم تخرج البلاد بصفة عامة من المأزق بل العكس هو الذي حصل في بعض الجوانب، زيادة على عدم وضوح الرؤية للمستقبل على جميع المستويات خاصة السياسي، فالأصل هو الجانب السياسي لأنه لما يتحسن الوضع السياسي ينعكس ذلك إيجابيا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولاحظ أن  الأوضاع الاقتصادية  لم تتحسن إذ لا توجد استثمارات ومشاريع، وكذلك الوضع الاجتماعي يراوح مكانه وزاد ترديا على مستوى غلاء المعيشة. وفي تقييم لما تم انجازه في إطار الحرب على الفساد منذ تفعيل الفصل 80 من الدستور أشار بن أحمد إلى أن ما أمكن ملاحظته هو أمور عادية أما آلاف المليارات التي تحدث عنها الرئيس وقال إنها في حوزة الفاسدين فلم يقع استرجاعها، وإضافة إلى ذلك لا يوجد وفق تعبيره وضوح في علاقة بكيفية التعاطي مع الفساد، فهناك قضايا مثل قضية سمير الطيب تحوم حولها الشكوك والريبة وفسر النائب أنه لا بد من تحديد أهداف الحملة على الفاسدين حتى تكون مؤطرة كما يجب تلافي التدخل السياسي لأن التدخل السياسي في محاربة الفساد عندما يصبح تدخلا مباشرا في القضاء يفقد عملية مكافحة الفساد مصداقيتها. وقال إن المطلوب اليوم هو الخروج من الوضع الاستثنائي الذي أصبح شبه دائم فهو وضع تعطلت فيه جميع المؤسسات باستثناء مؤسسة وحيدة تقوم على شخص واحد وهو رئيس الجمهورية وهذا حسب رأيه مخالف لقواعد تسيير الشأن العام. وأضاف أنه لا بد من إصلاح المؤسسات وإعادة الأمور إلى نصابها وإلا فإن الأمور ستتعكر أكثر.
التوافق الوطني
النائب عن الكتلة الديمقراطية رضا الدلاعي بين أنه عند تقييم مائة يوم من اعتماد إجراءات 25 جويلية يلاحظ أنه لم يقع التقدم كثيرا على مستوى مراجعة المنظومة السياسية والمنظومة القانونية المتعلقة بالانتخابات، وكذلك في ما يتعلقبالاستجابة إلى المطالب الاجتماعية ومرد ذلك هو التأخير في الإعلان عن الحكومة. وأضاف أن رئيس الجمهورية منفردا لا يستطيع تنفيذ مطالب التونسيين في ظل غياب طاقم حكومي، ولكن عندما تم تشكيل الحكومة فإن رئيسة الحكومة اكتفت بإعلان نوايا أهمها مكافحة الفساد والإنعاش الاقتصادي، لكنها لم تترجم إعلان النوايا في برنامج دقيق قابل للانجاز. وأضاف الدلاعي أن ما يقلق في المسار هو غياب تسقيف للمرحلة الاستثنائية وغياب حوار حقيقي، وفسر أنه كنائب شعب عن حركة الشعب لا يشك في صدق نوايا رئيس الجمهورية لكن عدم انفتاح الرئيس على مكونات المجتمع المدني وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل يقلقه. وبين أنه لا بد من الحوار، والحوار مع الشباب الذي أعلن عنه الرئيس لا بد أن يتوج بحوار وطني جامع لا يقصي أحدا إلا من أقصى نفسه بنفسه، ويكون الحوار حول الإصلاحات السياسية والمنظومة الانتخابية وخاصة حول الإصلاحات المتعلقة بالمالية العمومية وبكيفية تعبئة موارد لتمويل ميزانية الدولة، وباعتماد جباية عادلة واستيعاب السوق الموازية إلى جانب إصلاح منظومة الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية.. ويعتقد النائب أن هذه الإصلاحات تتطلب توافقا وطنيا وأنها لا يمكن أن تكون مسقطة. وخلص الدلاعي إلى أنه من مصلحة البلاد ومن مصلحة رئيس الجمهورية إذا أراد لمسار 25 جويلية أن ينجح فعلا، أن يفتح باب الحوار، لأنه لا خيار سوى الحوار الوطني الشامل الجامع للأحزاب السياسية والمنظمات الكبرى للتوافق على تصور إنقاذي لتونس.
 
سعيدة بوهلال
 
 
 
  اتهامات.. تباينات ودعوات: نواب يقيمون مائة يوم بعد 25 جويلية
 

تونس- الصباح
بعد مرور أكثر من مائة يوم عن 25 جويلية، تاريخ إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن تفعيل الفصل 80 من الدستور وتجميد مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن أعضائه وإعفاء رئيس الحكومة السابق هشام مشيشي من مهامه، استفسرت "الصباح" بعض النواب كيف يقيمون حصيلة المائة يوم وما الذي يجب فعله، وهناك منهم من طالب الرئيس بفتح باب الحوار مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية لوضع خارطة طريق واضحة تساعد على الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في حين هناك من وصفوا تلك التدابير بالعملية الانقلابية وطالبوه بالعدول عنها وفتح البرلمان من جديد للنواب المنتخبين من قبل الشعب، بينما هناك من اقترحوا عليه طي الصفحة والدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها..
نور الدين العرباوي عضو مجلس نواب الشعب المعلقة اختصاصاته عن حركة النهضة بين أنه بعد سلة 25 جويلية التي تم فيها تجميع كل السلطات في يد رئيس الجمهورية أضيف العجز عن إدارة شؤون البلاد، ولعل أبرز مثال على ذلك ما حصل مؤخرا في عقارب، وذلك فضلا عن العجز المسجل على مستوى إدارة المسائل الاقتصادية والمالية وهي التي يقول عنها الجميع إنها الخطر الداهم الحقيقي وليس الوهمي.. ولاحظ العرباوي أن الرئيس بعد 25 جويلية لم يقدم حلولا لمشاكل البلاد الاقتصادية والمالية وبالتالي عند تقييم المحصلة بعد مائة يوم من الإعلان عن تفعيل الفصل 80 من الدستور يمكن الجزم بأنها سلبية وسلبية جدا.. أما على مستوى مقاومة الفساد فكل ما في الأمر حسب رأيه هو أننا نسمع جعجعة ولا نرى طحنا، وفسر النائب أن كل التونسيين يعرفون منذ سنوات أن هناك ملفات فساد كبير حقيقي لكن إلى غاية اليوم لم يقع فتحها والمفروض عند محاربة الفساد هو الانطلاق من أعلى السلم أي من الفاسدين الكبار والحيتان الكبيرة لا من أسفل السلم،  لكن الشعب لم ير شيئا من هذا القبيل تحقق بعد إعلان التدابير الاستثنائية. وأوضح أن المعركة ضد الفساد الكبير هي معركة حقيقية لكن بعد 25 جويلية لم تحقق الحرب على الفساد نتائج تذكر.. وفي تقييم للوضع الأمني بين العرباوي أن الوضع الأمني كان مستقرا حتى قبل 25 جويلية والمؤاخذ الوحيدة كانت تتعلق بالوضع الصحي وبمرور الوقت تحسن هذا الوضع ليس في تونس فقط بل في كل العالم، ويرى النائب أن ما ساهم في تحسن الوضع الصحي هو تدفق المساعدات الأجنبية على تونس، وذكر أن الرئيس سعيد قبل 25 جويلية لم يبذل أي مجهود لتحسين الوضع الصحي وبعد 25 جويليةوجد نفسه الشخص الوحيد المطالب ببذل مجهود لمقاومة كورونا.. ويرى العرباوي أن المطلوب من رئيس الجمهورية التراجع فورا عن الإجراءات الاستثنائية والعودة للشرعية البرلمانية والشرعية الدستورية في أقرب الآجال وبين أن هناك إجراءات غير دستورية تم اتخاذها لا بد من إلغائها والعودة للبرلمان الشرعي.
حوار وطني واستفتاء الشعب
أما عبد الرزاق عويدات القيادي في حركة الشعب وعضو مجلس النواب عن الكتلة الديمقراطية فأشار إلى أن احتساب المائة يوم من المفروض أن يبدأ منذ 22 سبتمبر تاريخ صدور الأمر عدد 117 لسنة 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية لا منذ 25 جويلية، وبين أنه منذ 22 سبتمبر هناك ثلاثة مسارات وهي المسار الحكومي والمسار القضائي والمسار التشريعي.. ففي ما يتعلق بالمسار الحكومي، بين أنالمطلوب هو تقديم ميزانية تكميلية لسنة 2021 وميزانية لسنة 2022 وبالتالي تعبئة الموارد اللازمة لسد الثغرة الموجودة في ميزانية السنة الجارية والمقدرة بتسعة آلاف مليار وتوفير موارد لتمويل ميزانية السنة المقبلة والتي ستكون فيها هي الأخرى ثغرة تتراوح بين 10 و12 ألف مليار. وإضافة إلى تعبئة الموارد على الحكومة التقليص من الاعتماد على القروض مقابل التركيز على التدقيق في الثورات الطبيعية الوطنية من بترول وغاز وذلك من خلال التثبت من مدى تناسب قيمة الأموال التي تحصل عليها الدولة الشركات الأجنبية المنتصبة في تونس مع مستويات الإنتاج الحقيقي لتلك الشركات، وفسر سبب هذا المطلب بالإشارة إلى أن العدادات في حقول النفط تظل معطبة لفترات طويلة ولا أحد يعرف كم استخرجت الشركات الأجنبية من ثروات طبيعية والمطلوب من الحكومة هو إجراء تدقيق، كما عليها الانكباب على الإصلاحات الهيكلية للمؤسسات الوطنية مثل الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وشركة اتصالات تونس والشركات العمومية للنقل لأن هذه الشركات بعد أن كانت تساهم في تمويل ميزانية الدولة أصبحت تطلب الدعم من الدولة. كما أشار عويدات إلى أن الحكومة مدعوة إلى فتح الملفات الاجتماعية الحارقة وتطبيق القانون عدد 38 المتعلق بالانتدابات الاستثنائية في الوظيفة العمومية والقانون المتعلق بعمال الحضائر وقانون الاقتصاد الاجتماعي التضامني الذي من شأنه أن يوفر حلولا لمشكلات البطالة.
أما على المستوى القضائي فيرى عويدات أن هناك تقريرا أعدته تفقدية وزارة العدل من المفروض أن تتم متابعته ووضع الملفات التي أشار إليها ذلك التقرير على مكاتب القضاة.. فهي في جانب منها تتعلق بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال والصفقات العمومية وتساعد تصفيتها على تنقية الأجواء الاقتصادية وتحسين مناخ الاستثمار، وهي في جانب آخر تتعلق بالإرهاب حيث تم التلاعب بقضايا الإرهاب وما تبع ذلك من إفلات من العقاب فتصفية ملفات الإرهاب تنقي البلاد من هذه الآفة وتضع حدا لسياسة الإفلات من العقاب، وذكر عويدات أنه في اتصال بالمستوى القضائي وتحديدا تقرير محكمة المحاسبات المتعلق بالتمويل الأجنبي للانتخابات وبالجرائم الانتخابية المسجلة في انتخابات 2019 فمن المفروض أن تقع محاكمة من تورطوا في تمويل حملاتهم الانتخابية بأموال أجنبية المصدر.
ولدى حديثه عن المسار الثالث وهو المسار التشريعي الدستوري أوضح عويدات أن المطلوب هو تعديل فصول من الدستور لإصلاح النظام السياسي والمنظومة القانونية للانتخابات، وهذا حسب قوله يتطلب حوارا وطنيا يشارك فيه كل من وافق على إجراءات 25 جويلية أما من وصفوا تلك الإجراءات بالانقلاب فلا يمكن تشريكهم في مخرجات المسار التشريعي والدستوري لكن هؤلاء يمكنهم التعبير عن رأيهم والتوجه إلى الناخبين ودعوتهم إلى رفض مخرجات الحوار لأنه بعد انتهاء الحوار يتم عرض مخرجاته على استفتاء شعبي تتم فيه الإجابة بنعم أم بلا، وبالتالي إذا كانت نتيجة الاستفتاء إجابة الأغلبية بنعم فيتم اعتماد الإصلاحات السياسية وتعديلات القانون الانتخابي المنبثقة عن الحوار الوطني ولكن إذا كانت الإجابة بلا فتتم العودة إلى ما قبل 25 جويلية ويغلق الباب على ما تم بعده.
الذهاب إلى الانتخابات
لسعد الحجلاوي النائب عن التيار الديمقراطي الذي استقال مؤخرا من حزبه،بين أن تاريخ 25 جويلية مثل للتونسيين الذين عبروا عن فرحهم يومها، مثل، نقطة ضوء وامتداد للأفق، لأن البلاد كانت في مأزق حقيقي خاصة مع تلك الصورة الرديئة لمجلس نواب الشعب والحكومة التي أصبحت تخدم مصالح الائتلاف المساند لها أكثر من خدمة مصلحة الشعب، وأوجدت هذه الأسباب مجتمعة أرضية مناسبة للإعلان عن التدابير الاستثنائية في إطار الفصل 80 من الدستور، لكن الآن وبعد مرور أكثر من مائة يوم فإن التونسيين الذين أحسوا قبل 25 جويلية بضيق الأفق، اكتشفوا أن الأفق مسدود لكن بشكل آخر، لأنه بعد مرور مائة يوم وأكثر لم يلمسوا تغييرات فعلية ونتائج حقيقية.. وبين الحجلاوي أنه حتى وإن تحدثنا عن مقاومة الفساد فإن الواقع لم يتغير،  وأضاف أنه من المفروض أن أجهزة الدولة هي التي تحارب الفساد حتى وإن لم يتدخل الرئيس.. وبين أنه على المستوى السياسي الواقع لم يتغير لأنه لا توجد خارطة طريق واضحة فقبل 25 جويلية كانت هناك ضبابية وبعد 25 جويلية هناك ضبابية بشكل آخر، وقبل 25 جويلية كانت هناك ثرثرة سياسية كبيرة خاصة على مستوى البرلمان لكن بعد 25 جويلية أصبح هناك صمت مطبق خاصة من قبل الحكومة وحتى رئيس الجمهورية فإن كلامه لم يخرج عن منطق المؤامرات ومزابل التاريخ، وهو ما يدل على أن البلاد في مأزق حقيقي. ويرى الحجلاوي أن المطلوب هو العودة إلى الدستور، واستدرك مشيرا إلى أن المطلوب ليس عودة البرلمان الحالي فليذهب هذا البرلمان إلى الجحيم لأنه ليس حلا ولكن على الأقل لا بد من العودة إلى الدستور والذهاب إلى انتخابات مبكرة. وفسر أنه يمكن للبرلمان الحالي أن يعود بصفة مؤقتة وأن ينقح القانون الانتخابي وبعد ذلك يتم المرور إلى انتخابات سابقة لأوانها أما البقاء في نفس المكان فلن يزيد الوضع سوى تعقيدا.
العدول عن الانقلاب
وصف النائب عن قلب تونس رفيق عماره الوضع بعد 25 جويلية بالكارثي على جميع المستويات، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية. وأضاف أنه بعد الانقلاب الذي أقدم عليه الرئيس قيس سعيد وبعد تجميده مجلس نواب الشعب تعطلت الحياة السياسية في تونس. وبين أن الحصيلة هي ضرب السياسيين بمن فيهم نواب الشعب. ويرى النائب أن المطلوب هو إرجاع مجلس نواب الشعب المنتخب من قبل الشعب إلى سالف نشاطه السياسي، فالنواب حسب قوله تم انتخابهم هم أيضا من قبل الشعب.. وذكر أنه لا مجال للحوار مع الشباب على منصات افتراضية والمطلوب هو الحوار مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وخاصة المنظمات الوطنية الكبرى وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وذلك من أجل إيجاد أرضية للرجوع إلى الحياة السياسية العادية..
أما رئيس كتلة تحيا تونس مصطفى بن أحمد فبين أنه بعد مائة يوم من اعتماد التدابير الاستثنائية لم تخرج البلاد بصفة عامة من المأزق بل العكس هو الذي حصل في بعض الجوانب، زيادة على عدم وضوح الرؤية للمستقبل على جميع المستويات خاصة السياسي، فالأصل هو الجانب السياسي لأنه لما يتحسن الوضع السياسي ينعكس ذلك إيجابيا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولاحظ أن  الأوضاع الاقتصادية  لم تتحسن إذ لا توجد استثمارات ومشاريع، وكذلك الوضع الاجتماعي يراوح مكانه وزاد ترديا على مستوى غلاء المعيشة. وفي تقييم لما تم انجازه في إطار الحرب على الفساد منذ تفعيل الفصل 80 من الدستور أشار بن أحمد إلى أن ما أمكن ملاحظته هو أمور عادية أما آلاف المليارات التي تحدث عنها الرئيس وقال إنها في حوزة الفاسدين فلم يقع استرجاعها، وإضافة إلى ذلك لا يوجد وفق تعبيره وضوح في علاقة بكيفية التعاطي مع الفساد، فهناك قضايا مثل قضية سمير الطيب تحوم حولها الشكوك والريبة وفسر النائب أنه لا بد من تحديد أهداف الحملة على الفاسدين حتى تكون مؤطرة كما يجب تلافي التدخل السياسي لأن التدخل السياسي في محاربة الفساد عندما يصبح تدخلا مباشرا في القضاء يفقد عملية مكافحة الفساد مصداقيتها. وقال إن المطلوب اليوم هو الخروج من الوضع الاستثنائي الذي أصبح شبه دائم فهو وضع تعطلت فيه جميع المؤسسات باستثناء مؤسسة وحيدة تقوم على شخص واحد وهو رئيس الجمهورية وهذا حسب رأيه مخالف لقواعد تسيير الشأن العام. وأضاف أنه لا بد من إصلاح المؤسسات وإعادة الأمور إلى نصابها وإلا فإن الأمور ستتعكر أكثر.
التوافق الوطني
النائب عن الكتلة الديمقراطية رضا الدلاعي بين أنه عند تقييم مائة يوم من اعتماد إجراءات 25 جويلية يلاحظ أنه لم يقع التقدم كثيرا على مستوى مراجعة المنظومة السياسية والمنظومة القانونية المتعلقة بالانتخابات، وكذلك في ما يتعلقبالاستجابة إلى المطالب الاجتماعية ومرد ذلك هو التأخير في الإعلان عن الحكومة. وأضاف أن رئيس الجمهورية منفردا لا يستطيع تنفيذ مطالب التونسيين في ظل غياب طاقم حكومي، ولكن عندما تم تشكيل الحكومة فإن رئيسة الحكومة اكتفت بإعلان نوايا أهمها مكافحة الفساد والإنعاش الاقتصادي، لكنها لم تترجم إعلان النوايا في برنامج دقيق قابل للانجاز. وأضاف الدلاعي أن ما يقلق في المسار هو غياب تسقيف للمرحلة الاستثنائية وغياب حوار حقيقي، وفسر أنه كنائب شعب عن حركة الشعب لا يشك في صدق نوايا رئيس الجمهورية لكن عدم انفتاح الرئيس على مكونات المجتمع المدني وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل يقلقه. وبين أنه لا بد من الحوار، والحوار مع الشباب الذي أعلن عنه الرئيس لا بد أن يتوج بحوار وطني جامع لا يقصي أحدا إلا من أقصى نفسه بنفسه، ويكون الحوار حول الإصلاحات السياسية والمنظومة الانتخابية وخاصة حول الإصلاحات المتعلقة بالمالية العمومية وبكيفية تعبئة موارد لتمويل ميزانية الدولة، وباعتماد جباية عادلة واستيعاب السوق الموازية إلى جانب إصلاح منظومة الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية.. ويعتقد النائب أن هذه الإصلاحات تتطلب توافقا وطنيا وأنها لا يمكن أن تكون مسقطة. وخلص الدلاعي إلى أنه من مصلحة البلاد ومن مصلحة رئيس الجمهورية إذا أراد لمسار 25 جويلية أن ينجح فعلا، أن يفتح باب الحوار، لأنه لا خيار سوى الحوار الوطني الشامل الجامع للأحزاب السياسية والمنظمات الكبرى للتوافق على تصور إنقاذي لتونس.
 
سعيدة بوهلال
 
 
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews