تونس- الصباح
من المقرّر أن تشرع رئيسة الحكومة نجلاء بودن في زيارة رسمية إلى دولت الكويت في ثاني مهمة خارجية لها بعد مشاركتها قبل أيام في قمة مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" بالعاصمة السعودية الرياض، وذلك تلبية لدعوة نقلها لها سفير الكويت في تونس.
وتعوّل حكومة بودن كثيرا على هذه الزيارة التي قد تكون مفتاحا لبداية تعاون مالي واقتصادي ثنائي مثمر لا فقط بين البلدين ولكن أيضا مع بقية دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات وهما البلدان الّلذان وعدا تونس بدعم اقتصادي منذ أشهر لكن دون تجسيم فعلي على أرض الواقع، ما يطرح عديد التساؤلات في هذا الخصوص.
كما يتوقع أن تقوم الجزائر بمساعدة تونس خلال الفترة المقبلة، علما أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كان قد وعد خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس سعيد بدعم التعاون الاقتصادي ودفع التبادل التجاري بين البلدين، وقال أنه سيقوم بزيارة تونس مع وفد وزاري يتم خلالها التوقيع على اتفاقيات جديدة واتفاقيات مجمدة بين البلدين..
وتأتي الزيارة المرتقبة لرئيسة الحكومة إلى الكويت في ظرف اقتصادي صعب للغاية تمر به البلاد، وشح في الموارد المالية خصوصا الخارجية، وسعي الحكومة الحثيث وفي سباق مع الزمن لغلق ميزانية العام الحالي التي تحتاج إلى تمويلات لا تقل عن ملياري دولار أمريكي أي ما يعادل 8.5 مليار دينار فقط لسد عجز الميزانية وتلبية حاجيات الدولة لتأمين الأجور والخدمات العامة لبقية العام.
وتخطط الحكومة لتأمين موارد مالية كافية لميزانية الدولة للعام المقبل التي قد تشهد ارتفاعا طفيفا مقارنة بالعام الحالي وذلك رغم دعوات التقشف التي أطلقها رئيس الجمهورية قيس سعيد للحكومة وللتونسيين مشددا على ضرورة الاعتماد على الموارد المحلية لدعم الميزانية.
أمر أثار جدلاً لدى الرأي العام الوطني وطرح تساؤلات بخصوص قدرة الحكومة ورئاسة الجمهورية على اقناع أصدقاء تونس وشركائها الاقتصاديين على مساعدة تونس خاصة أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ما تزال تسير بنسق بطيء جدا ومن المستبعد أن يتم التوصل إلى اتفاق برنامج تمويلي محتمل إلا خلال الربيع المقبل بعد أن يدرس صندوق النقد جيدا برنامج حكومة بودن للإصلاح الاقتصادي والمالي..
وكان سفير دولة الكويت لدى تونس علي الظفيري، قد سلّم يوم الأربعاء الماضي رئيسة الحكومة نجلاء بودن، دعوة من الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء لزيارة دولة الكويت.
وقال الظفيري لوكالة الأنباء الكويتية “كونا”، بعد اللقاء الذي جرى بقصر الحكومة بالقصبة إن الاجتماع تناول أيضا بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى استعراض الروابط التاريخية والمتجذرة بينهما.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق على تدشين مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، والذي يعد استكمالا للعلاقات العميقة والمتأصلة بين البلدين.
وفي سياق متصل، عبّر وزير خارجية الكويت، الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، في زيارته إلى تونس يوم 23 أكتوبر 2021، وخلال لقائه الرئيس قيس سعيد، استعداد بلاده لتوفير "كل أشكال الدعم" لتونس لتتمكن من تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعيشها، وأبدى حرص الكويت على تعزيز الاستثمار في تونس وتنويعه في الفترة القادمة، وزيادة حجم التبادل التجاري.
وأضاف أن الظروف أصبحت ملائمة لإرساء برامج ثنائية لدعم التعاون الاقتصادي، وفي مجالات التعليم والصحة والتكنولوجيات الحديثة، لا سيما في أفق انعقاد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة، والاحتفال بمرور 60 سنة على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وجدد الإعراب عن تطلع بلاده لتلبية رئيس تونس للدعوة الموجهة إليه لزيارة الكويت.
ووفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، نوّه الرئيس سعيد بما تتقاسمه تونس والكويت من قيم ومبادئ ورؤى مشتركة بخصوص العلاقات الثنائية، والملفات الإقليمية والدولية. وأثنى على روابط الأخوة والتعاون والشراكة المتينة القائمة بين البلدين في عدة مجالات، وعلى الرغبة المتبادلة في تطويرها مستقبلاً، خاصة في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية.
وبيّن أن تونس تعوّل بالأساس على قدراتها الوطنية لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجهها، كما تتطلع أيضاً إلى الدعم الاقتصادي والمالي "للأشقاء والأصدقاء"، ومن بينهم دولة الكويت، من أجل تجاوز هذا الظرف الدقيق.
وجدد الترحيب بالدعوة لزيارة الكويت، ووعد بتلبيتها في أقرب الآجال الممكنة، كما وجه دعوة للشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت لزيارة تونس.
جدير بالذكر أن وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني خفضت مؤخراً التصنيف السيادي لتونس من B3 إلى Caa1، مع نظرة مستقبلية سلبية.
وقالت "موديز" في تقرير لها، إن تخفيض التصنيف "يعكس ضعف الحوكمة وزيادة عدم اليقين فيما يتعلق بقدرة الحكومة على تنفيذ التدابير التي من شأنها ضمان الوصول المتجدد إلى التمويل لتلبية الاحتياجات المرتفعة على مدى السنوات القليلة المقبلة".
ولفتت "موديز" إلى أن "تشكيل حكومة جديدة بقيادة رئيسة الوزراء نجلاء بودن يمهد الطريق لاستئناف المفاوضات مع المقرضين الرسميين والثنائيين".
وتوقع البنك الدولي في تقرير صدر أخيراً، نمو الاقتصاد التونسي بنسبة 2.9% هذا العام، وهي نسبة تقل عن توقعات سابقة للحكومة التونسية بنمو 3.9%، وصندوق النقد الدولي بنسبة 3.2%.
وتتوقع "موديز" أن يبلغ العجز في الميزانية التونسية 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2021، و5.9% في عام 2022.
وكان الرئيس قيس سعيد دعا، خلال استقباله محافظ البنك المركزي مروان العباسي، إلى «التقشّف في التصرّف في المالية العمومية حتى لا تُصرف الأموال في واردات تونس ليست في حاجة إليها في هذا الوقت بالذات، مشدداً على "ضرورة التعويل على أنفسنا قبل كل شيء، وعلى أن يكون التعاون على المستوى الدولي في خدمة حاجيات تونس وفي إطار اختياراتنا الوطنية".
كما أكد خلال استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن "ضرورة التعويل على القدرات الوطنية قبل البحث عن موارد من الخارج" مجدداً "الدعوة إلى التقشّف في المال العام، وشدّد على ضرورة أن يشعر جميع المواطنين بأنهم معنيون بالسياسات التي تنتهجها الدولة".
رفيق