شخصيات سياسية اختفت أو تكاد تكون، من مشهد ما بعد 25 جويلية الذي لم يغيّر فقط من قواعد السلطة والحكم ولكنه أجبر شخصيات كثيرة على اختيار الصمت والانسحاب إلى الظل، والابتعاد تفاديا للأضواء والظهور في وسائل الإعلام، دون وجود أي مانع يمنعهم من ذلك، فلا أحد منعهم من التصريح او التعبير عن آرائهم ولكن الوضع السياسي الجديد جعلهم من المنبوذين في أعين جزء كبير من التونسيين الذين يصنفونهم كعناوين للفشل السياسي ولفشل منظومة 2019 ..، رغم أن أغلبهم كان من صانعي الأحداث بامتياز بتلك التصريحات المثيرة واللافتة وبمحاولات خطف الأضواء من خلال استعراض العضلات المبالغ به للقوة والنفوذ والسلطة..
واذا كانت مرحلة التدابير الاستثنائية وضعت قواعد جديدة للعبة السياسية ودفعت بأسماء لم تكن معروفة من قبل الى صدارة المشهد، فان مرحلة ما قبل الاستثناء تحولت الى كابوس يلاحق أبرز فاعليها وأكثرهم تأثيرا في المشهد وقتها.. فما عدا بعض الأسماء والأحزاب التي كانت متمترسة في المعارضة قبل 25 جويلية والتي تحاول اليوم المحافظة على مواقعها بل ومنازعة رئيس الجمهورية قيس سعيد في شعبيته وثقة التونسيين به وفق ما تعكسه عمليات استطلاع الرأي في الداخل والخارج.. حيث أن أسماء وقيادات المنظومة التي حكمت قبل تفعيل الفصل 80 فقد صوتها وحضورها وتأثيرها في المشهد وخيّر أغلب رموزها التواري عن الأنظار والصمت المطبق إزاء ما يحدث من تطورات..
زمن الصمت والترقّب..
عبد الكريم الهاروني، عياض اللومي، نور الدين البحيري، سيف الدين مخلوف، نور الدين العلوي، أسامة الخليفي...، وغيرهم من الشخصيات التي كانت تملأ المشهد ضجيجا بتصريحات نارية ومستفزة لخصومهم ولجزء من الرأي العام..وكان مجلس نواب الشعب في أغلب الحالات ساحة للصراع وللمواقف والتصريحات الصادمة والتي تتجاوز في أحيان كثيرة حدود اللباقة وأخلاق التعامل السياسي.. ولعل تلك المواقف والتصريحات هي ما أوصلت العمل النيابي الى مرحلة من الترذيل والتعفّن غير مسبوقة وكان مسؤول عليها في المقام الأول الصراع القائم بالأساس بين كتلة الدستوري الحر بقيادة عبير موسي وكتلة النهضة وائتلاف الكرامة بقيادة سيف الدين مخلوف الذي لا يكاد يفوّت يوما دون أن يصنع الحدث بتصريح او موقف ما..
ولكن بعد مسار 25 جويلية والذي كان من أبرز رافضيه خفت صوته لأسباب موضوعية منها وضعه في البداية تحت الإقامة الجبرية وبعد ذلك ايداعه السجن ولعل المحاكمة التي يخضع لها مخلوف هي من أبعدته عن مواكبة الاحداث وهو الذي نجح في وقت سابق في صنع مشهدية خاصة به على مواقع التواصل الاجتماعي بالبث المباشر على صفحته الرسمية بعد مقاطعة وسائل الاعلام لائتلاف الكرامة بسبب خطابهم العنيف قولا وممارسة.. ولم يختف فقط سيف الدين مخلوف من ائتلاف الكرامة بل أغلب قيادات الحزب ومنهم عبد اللطيف العلوي صمت حتى على التدوين.
والأمر ينسحب كذلك على القيادي في حركة النهضة ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، الذي كان يتصدر المنابر الإعلامية مع كل حدث سياسي فمنذ ذلك التصريح الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في بداية شهر جويلية المنقضي، اختفى الهاروني وذلك بعد مطالبته بالتعويضات في وقفة احتجاجية لجماعة العفو التشريعي العام وطالب وقتها رئيس الحكومة هشام مشيشي بضرورة تفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل عيد الجمهورية في 25 جويلية لكن يبدو أن ذلك التاريخ قد كتب النهاية السياسية لعبد الكريم الهاروني والذي ألّب كل الرأي العام ضده وضد حزبه بعد مطالبته بالتعويضات في وقت كان فيه التونسيون يموتون بالآلاف بسبب جائحة كورونا.. ومن بين القيادات الأخرى لحركة النهضة المختفية الى جانب الهاروني نجد رئيس الكتلة البرلمانية نور الدين البحيري الذي يتفادى الظهور في الإعلام منذ 25 جويلية.
بدوره اختفى رئيس الحكومة السابق، هشام مشيشي عن الأنظار منذ ليلة 25 جويلية واختار الصمت المطبق رغم كل ما قيل وما تداول عما حدث له في قصر قرطاج ليلتها.
ومن المختفين أيضا نجد القيادي المستقيل من حزب قلب تونس عياض اللومي الذي خيّر الصمت والانسحاب من المشهد رغم انه في البداية هاجم بشدة إجراءات 25 جويلية وهو المعروف بمعارضته وانتقاداته اللاذعة لرئيس الجمهورية كما يعتبر أن ما قام به قيس سعيد ليلة الـــ25 من جويلية هو انقلاب وأنه يقوم بجريمة الخيــــــانة العظمى وهو يتحمل مسؤوليته أمام القانون وأمام الشعب، وفق تصريحه.
وهذا الجنوح الى الصمت أو الاكتفاء ببعض التدوينات على الصفحات الخاصة، غير مفهوم أو مبرر إلا بعامل الخوف ومراقبة الأحداث من بعيد وعدم التورط في مواقف قد تكون تكلفتها السياسية باهظة.
منية العرفاوي
تونس- الصباح
شخصيات سياسية اختفت أو تكاد تكون، من مشهد ما بعد 25 جويلية الذي لم يغيّر فقط من قواعد السلطة والحكم ولكنه أجبر شخصيات كثيرة على اختيار الصمت والانسحاب إلى الظل، والابتعاد تفاديا للأضواء والظهور في وسائل الإعلام، دون وجود أي مانع يمنعهم من ذلك، فلا أحد منعهم من التصريح او التعبير عن آرائهم ولكن الوضع السياسي الجديد جعلهم من المنبوذين في أعين جزء كبير من التونسيين الذين يصنفونهم كعناوين للفشل السياسي ولفشل منظومة 2019 ..، رغم أن أغلبهم كان من صانعي الأحداث بامتياز بتلك التصريحات المثيرة واللافتة وبمحاولات خطف الأضواء من خلال استعراض العضلات المبالغ به للقوة والنفوذ والسلطة..
واذا كانت مرحلة التدابير الاستثنائية وضعت قواعد جديدة للعبة السياسية ودفعت بأسماء لم تكن معروفة من قبل الى صدارة المشهد، فان مرحلة ما قبل الاستثناء تحولت الى كابوس يلاحق أبرز فاعليها وأكثرهم تأثيرا في المشهد وقتها.. فما عدا بعض الأسماء والأحزاب التي كانت متمترسة في المعارضة قبل 25 جويلية والتي تحاول اليوم المحافظة على مواقعها بل ومنازعة رئيس الجمهورية قيس سعيد في شعبيته وثقة التونسيين به وفق ما تعكسه عمليات استطلاع الرأي في الداخل والخارج.. حيث أن أسماء وقيادات المنظومة التي حكمت قبل تفعيل الفصل 80 فقد صوتها وحضورها وتأثيرها في المشهد وخيّر أغلب رموزها التواري عن الأنظار والصمت المطبق إزاء ما يحدث من تطورات..
زمن الصمت والترقّب..
عبد الكريم الهاروني، عياض اللومي، نور الدين البحيري، سيف الدين مخلوف، نور الدين العلوي، أسامة الخليفي...، وغيرهم من الشخصيات التي كانت تملأ المشهد ضجيجا بتصريحات نارية ومستفزة لخصومهم ولجزء من الرأي العام..وكان مجلس نواب الشعب في أغلب الحالات ساحة للصراع وللمواقف والتصريحات الصادمة والتي تتجاوز في أحيان كثيرة حدود اللباقة وأخلاق التعامل السياسي.. ولعل تلك المواقف والتصريحات هي ما أوصلت العمل النيابي الى مرحلة من الترذيل والتعفّن غير مسبوقة وكان مسؤول عليها في المقام الأول الصراع القائم بالأساس بين كتلة الدستوري الحر بقيادة عبير موسي وكتلة النهضة وائتلاف الكرامة بقيادة سيف الدين مخلوف الذي لا يكاد يفوّت يوما دون أن يصنع الحدث بتصريح او موقف ما..
ولكن بعد مسار 25 جويلية والذي كان من أبرز رافضيه خفت صوته لأسباب موضوعية منها وضعه في البداية تحت الإقامة الجبرية وبعد ذلك ايداعه السجن ولعل المحاكمة التي يخضع لها مخلوف هي من أبعدته عن مواكبة الاحداث وهو الذي نجح في وقت سابق في صنع مشهدية خاصة به على مواقع التواصل الاجتماعي بالبث المباشر على صفحته الرسمية بعد مقاطعة وسائل الاعلام لائتلاف الكرامة بسبب خطابهم العنيف قولا وممارسة.. ولم يختف فقط سيف الدين مخلوف من ائتلاف الكرامة بل أغلب قيادات الحزب ومنهم عبد اللطيف العلوي صمت حتى على التدوين.
والأمر ينسحب كذلك على القيادي في حركة النهضة ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، الذي كان يتصدر المنابر الإعلامية مع كل حدث سياسي فمنذ ذلك التصريح الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في بداية شهر جويلية المنقضي، اختفى الهاروني وذلك بعد مطالبته بالتعويضات في وقفة احتجاجية لجماعة العفو التشريعي العام وطالب وقتها رئيس الحكومة هشام مشيشي بضرورة تفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل عيد الجمهورية في 25 جويلية لكن يبدو أن ذلك التاريخ قد كتب النهاية السياسية لعبد الكريم الهاروني والذي ألّب كل الرأي العام ضده وضد حزبه بعد مطالبته بالتعويضات في وقت كان فيه التونسيون يموتون بالآلاف بسبب جائحة كورونا.. ومن بين القيادات الأخرى لحركة النهضة المختفية الى جانب الهاروني نجد رئيس الكتلة البرلمانية نور الدين البحيري الذي يتفادى الظهور في الإعلام منذ 25 جويلية.
بدوره اختفى رئيس الحكومة السابق، هشام مشيشي عن الأنظار منذ ليلة 25 جويلية واختار الصمت المطبق رغم كل ما قيل وما تداول عما حدث له في قصر قرطاج ليلتها.
ومن المختفين أيضا نجد القيادي المستقيل من حزب قلب تونس عياض اللومي الذي خيّر الصمت والانسحاب من المشهد رغم انه في البداية هاجم بشدة إجراءات 25 جويلية وهو المعروف بمعارضته وانتقاداته اللاذعة لرئيس الجمهورية كما يعتبر أن ما قام به قيس سعيد ليلة الـــ25 من جويلية هو انقلاب وأنه يقوم بجريمة الخيــــــانة العظمى وهو يتحمل مسؤوليته أمام القانون وأمام الشعب، وفق تصريحه.
وهذا الجنوح الى الصمت أو الاكتفاء ببعض التدوينات على الصفحات الخاصة، غير مفهوم أو مبرر إلا بعامل الخوف ومراقبة الأحداث من بعيد وعدم التورط في مواقف قد تكون تكلفتها السياسية باهظة.