إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد إلحاق الشؤون المحلية بوزارة الداخلية: خطوة إلى الوراء.. تهديد لمصير البلديات وتخوفات من إلغاء مجلة الجماعات المحلية

وحيد الفرشيشي: مبدأ "من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل" يعطي الرئيس صلاحية حل المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية"
عدنان بوعصيدة :"وضع البلديات تحت اشراف وزارة الداخلية يمكن ان يكون إيجابيا اذا تواصل معه مسار تركيز السلطة المحلية" 
رضا اللوح:الجماعات المحلية تم الحاقها بوزارة تسير بالتعليمات الامر الذي من شانه ان يزيد في ضبابية اطر عمل البلديات
تونس- الصباح
 
فصل أول أمس رئيس الجمهورية قيس سعيد في مصير وزارة الشؤون المحلية التي بقيت طيلة الفترة التي تلت تكوين الحكومة الجديدة معلقة. ورسميا وفي خطوة للخلف او ربما تكون عودة لما قبل دستور 2014، تم طبقا لأمر رئاسي إحالة مشمولات وزارة الشؤون المحلية وإلحاق هياكلها المركزية والجهوية الى إشراف وزارة الداخلية.
إحالة، أثارت حسب رضا اللوح رئيس بلدية وادي الليل وعضو الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، قلقا في صفوف عدد كبير من رؤساء البلديات، وتخوفات من ان تكون خطوة اولى للتراجع على مسار تركيز السلطة المحلية الذي اقره دستور 2014 او الإلغاء التام لها.
وبين رئيس بلدية وادي الليل ان الجماعات المحلية تم الحاقها بوزارة تسير بالتعليمات الامر الذي من شانه ان يزيد في ضبابية اطر عمل البلديات، التي مازالت تنتظر صدور الأوامر الترتيبية التي تنظم عملها وعلاقتها ببقية مكونات السلطة المحلية والجهوية والمركزية وتعطيها استقلالية اكبر ماديا وتقريريا.. ورأى أن القرار وبالعودة الى تصريحات الرئيس يوضع في خانة الخطوة الى الوراء في مسار تركيز السلطة المحلية وفيه تعبير عن عدم إيمان رئيس الجمهورية بالمسار السابق الذي انطلقت البلاد في التأسيس له منذ سنة 2013.
وأوضح رضا اللوح في السياق ذاته، ان البلديات لم تكن لها وزارة اشراف بل كانت لها وزارة مرافقة، ولذلك التخوفات من الالحاق بوزارة الداخلية يبقى مرتبطا بمستوى الإرادة المتوفرة لمواصلة مسار السلطة المحلية وعدم التوجه نحو محاولات تدجينها وإخضاعها.
من جانبه أفاد عدنان بوعصيدة رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية ان المشكل لا يكمن في من يشرف على الجماعات المحلية، بل هو يتلخص في الصعوبات والإشكاليات التي مازالت تترصد بمسار تركيز السلطة المحلية وما شابها من تجاذبات سياسية جعلت المجالس البلدية ترزح تحت وطأة عدم الاستقرار..
وبين اننا اليوم امام بلديات دون ميزانية وأخرى محدثة او تم توسيعها لم تمكنها الدولة من 1039 إطارا تواجه انتظارات كبرى للمواطن.. وهي تعيش ضبابية في تقسيم السلط بين البلديات والإدارة الجهوية والمعتمدين والولاة..
وذكر بوعصيدة أن وضع البلديات تحت اشراف وزارة الداخلية يمكن ان يكون إيجابيا في حال توفرت الإرادة السياسية لذلك وتواصل معه مسار تركيز السلطة المحلية وتم اصدار بقية الأوامر الترتيبية ( صدر الى غاية اليوم 13 أمرا ترتيبيا من جملة 33). لكن في حال تم الغاء مجلة الجماعات المحلية وتمت العودة إلى دستور 1959 فيمثل ذلك كارثة حقيقية على مكسب الحكم المحلي باعتباره سلطة محلية ومنظومة تنمية اقتصادية واجتماعية..
ونبه عدنان بوعصيدة إلى أن 70 عاما من الحكم المحلي كانت كافية لتأكيد انه نظام لم ينجح في توفير عدالة تنموية جهوية او في تحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية من صحة ونقل وتعليم وبنية تحتية بل ساهم في تدهورها واضعافها اكثر. في المقابل ثلاث سنوات من الحكم المحلي ومع كل ما حملة من هنات وإشكاليات فقد نجحت البلديات وكان لها نقاط مضيئة في إقامة 40 الف نقطة انارة وفي تعبيد نحو 50 الف كلم. هذا فضلا عن مساهمتها في تراجع مؤشر الفساد في البلديات والترفيع من نسب رضا المواطنين إلى حدود الـ 60%.
وفي قراءة قانونية لهذه الخطوة، أوضح وحيد الفرشيشي أستاذ القانون العام، ان وزارة الشؤون المحلية كان لها ارتباط بوزارة الداخلية على امتداد اكثر من 50 عاما نظرا لان النظام كان ممركزا، وبقي ذلك الى غاية 2014 ومع صدور دستور الجمهورية الثانية تغيرت المنظومة القانونية والدستورية التي أعطت بابا كاملا للشؤون المحلية وجعلتها سلطة مختصة قائمة بذاتها.  ومع الحكومة الحالية وعبر الامر الرئاسي الصادر أخرجت كتابة الدولة للجماعات المحلية من وزارة البيئة واعادتها لوزارة الداخلية، وهو امر غير منطقي نظرا لان السلطة المحلية ومنذ 2014 هي منظومة واضحة ومتكاملة.
واعتبر الفرشيشي أن الأمر الرئاسي، فيه عودة لمركزية الرقابة على الجماعات المحلية، ولرقابة أمنية على المجال المحلي مع انها ليست وزارة تنمية.
اما فيما يتصل بالدلالات التي حملها قرار إلحاق وزارة الشؤون المحلية بوزارة الداخلية، فرأى أستاذ القانون العام انه عكس اختيارا واضحا لرئاسة الدولة يعود بنا الى المركزية المطلقة في ممارسة الحكم والتي منيت بها الجماعات المحلية.. والى الدولة المركزية.
والتهديدات التي يمكن ان تحملها هذه الخطوة، تكمن حسب وحيد الفرشيشي في إمكانية المرور في المرحلة القادمة وباعتماد مبدأ "من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل" الى حل المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية. فرئيس الجمهورية قام بتعليق عمل مجلس نواب الشعب على خلفية الخطر الداهم من باردو، ويمكنه اليوم وعبر الاستناد الى جملة ملفات الفساد والتجاوزات التي تم فتحها في عدد من المجالس البلدية ان يقوم بتعليق نشاطها او حلها أيضا.. وهو أمر وارد جدا اذا ما استندنا الى المنظور المختلف لرئيس الجمهورية بالنسبة للدولة ونظام الحكم فحسب تصريحاته السابقة هو يتبنى نظام تجميع للسلط لحكم مركزي.
 
ريم سوودي
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 بعد إلحاق الشؤون المحلية بوزارة الداخلية: خطوة إلى الوراء.. تهديد لمصير البلديات وتخوفات من إلغاء مجلة الجماعات المحلية
وحيد الفرشيشي: مبدأ "من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل" يعطي الرئيس صلاحية حل المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية"
عدنان بوعصيدة :"وضع البلديات تحت اشراف وزارة الداخلية يمكن ان يكون إيجابيا اذا تواصل معه مسار تركيز السلطة المحلية" 
رضا اللوح:الجماعات المحلية تم الحاقها بوزارة تسير بالتعليمات الامر الذي من شانه ان يزيد في ضبابية اطر عمل البلديات
تونس- الصباح
 
فصل أول أمس رئيس الجمهورية قيس سعيد في مصير وزارة الشؤون المحلية التي بقيت طيلة الفترة التي تلت تكوين الحكومة الجديدة معلقة. ورسميا وفي خطوة للخلف او ربما تكون عودة لما قبل دستور 2014، تم طبقا لأمر رئاسي إحالة مشمولات وزارة الشؤون المحلية وإلحاق هياكلها المركزية والجهوية الى إشراف وزارة الداخلية.
إحالة، أثارت حسب رضا اللوح رئيس بلدية وادي الليل وعضو الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، قلقا في صفوف عدد كبير من رؤساء البلديات، وتخوفات من ان تكون خطوة اولى للتراجع على مسار تركيز السلطة المحلية الذي اقره دستور 2014 او الإلغاء التام لها.
وبين رئيس بلدية وادي الليل ان الجماعات المحلية تم الحاقها بوزارة تسير بالتعليمات الامر الذي من شانه ان يزيد في ضبابية اطر عمل البلديات، التي مازالت تنتظر صدور الأوامر الترتيبية التي تنظم عملها وعلاقتها ببقية مكونات السلطة المحلية والجهوية والمركزية وتعطيها استقلالية اكبر ماديا وتقريريا.. ورأى أن القرار وبالعودة الى تصريحات الرئيس يوضع في خانة الخطوة الى الوراء في مسار تركيز السلطة المحلية وفيه تعبير عن عدم إيمان رئيس الجمهورية بالمسار السابق الذي انطلقت البلاد في التأسيس له منذ سنة 2013.
وأوضح رضا اللوح في السياق ذاته، ان البلديات لم تكن لها وزارة اشراف بل كانت لها وزارة مرافقة، ولذلك التخوفات من الالحاق بوزارة الداخلية يبقى مرتبطا بمستوى الإرادة المتوفرة لمواصلة مسار السلطة المحلية وعدم التوجه نحو محاولات تدجينها وإخضاعها.
من جانبه أفاد عدنان بوعصيدة رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية ان المشكل لا يكمن في من يشرف على الجماعات المحلية، بل هو يتلخص في الصعوبات والإشكاليات التي مازالت تترصد بمسار تركيز السلطة المحلية وما شابها من تجاذبات سياسية جعلت المجالس البلدية ترزح تحت وطأة عدم الاستقرار..
وبين اننا اليوم امام بلديات دون ميزانية وأخرى محدثة او تم توسيعها لم تمكنها الدولة من 1039 إطارا تواجه انتظارات كبرى للمواطن.. وهي تعيش ضبابية في تقسيم السلط بين البلديات والإدارة الجهوية والمعتمدين والولاة..
وذكر بوعصيدة أن وضع البلديات تحت اشراف وزارة الداخلية يمكن ان يكون إيجابيا في حال توفرت الإرادة السياسية لذلك وتواصل معه مسار تركيز السلطة المحلية وتم اصدار بقية الأوامر الترتيبية ( صدر الى غاية اليوم 13 أمرا ترتيبيا من جملة 33). لكن في حال تم الغاء مجلة الجماعات المحلية وتمت العودة إلى دستور 1959 فيمثل ذلك كارثة حقيقية على مكسب الحكم المحلي باعتباره سلطة محلية ومنظومة تنمية اقتصادية واجتماعية..
ونبه عدنان بوعصيدة إلى أن 70 عاما من الحكم المحلي كانت كافية لتأكيد انه نظام لم ينجح في توفير عدالة تنموية جهوية او في تحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية من صحة ونقل وتعليم وبنية تحتية بل ساهم في تدهورها واضعافها اكثر. في المقابل ثلاث سنوات من الحكم المحلي ومع كل ما حملة من هنات وإشكاليات فقد نجحت البلديات وكان لها نقاط مضيئة في إقامة 40 الف نقطة انارة وفي تعبيد نحو 50 الف كلم. هذا فضلا عن مساهمتها في تراجع مؤشر الفساد في البلديات والترفيع من نسب رضا المواطنين إلى حدود الـ 60%.
وفي قراءة قانونية لهذه الخطوة، أوضح وحيد الفرشيشي أستاذ القانون العام، ان وزارة الشؤون المحلية كان لها ارتباط بوزارة الداخلية على امتداد اكثر من 50 عاما نظرا لان النظام كان ممركزا، وبقي ذلك الى غاية 2014 ومع صدور دستور الجمهورية الثانية تغيرت المنظومة القانونية والدستورية التي أعطت بابا كاملا للشؤون المحلية وجعلتها سلطة مختصة قائمة بذاتها.  ومع الحكومة الحالية وعبر الامر الرئاسي الصادر أخرجت كتابة الدولة للجماعات المحلية من وزارة البيئة واعادتها لوزارة الداخلية، وهو امر غير منطقي نظرا لان السلطة المحلية ومنذ 2014 هي منظومة واضحة ومتكاملة.
واعتبر الفرشيشي أن الأمر الرئاسي، فيه عودة لمركزية الرقابة على الجماعات المحلية، ولرقابة أمنية على المجال المحلي مع انها ليست وزارة تنمية.
اما فيما يتصل بالدلالات التي حملها قرار إلحاق وزارة الشؤون المحلية بوزارة الداخلية، فرأى أستاذ القانون العام انه عكس اختيارا واضحا لرئاسة الدولة يعود بنا الى المركزية المطلقة في ممارسة الحكم والتي منيت بها الجماعات المحلية.. والى الدولة المركزية.
والتهديدات التي يمكن ان تحملها هذه الخطوة، تكمن حسب وحيد الفرشيشي في إمكانية المرور في المرحلة القادمة وباعتماد مبدأ "من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل" الى حل المجالس البلدية وتعويضها بنيابات خصوصية. فرئيس الجمهورية قام بتعليق عمل مجلس نواب الشعب على خلفية الخطر الداهم من باردو، ويمكنه اليوم وعبر الاستناد الى جملة ملفات الفساد والتجاوزات التي تم فتحها في عدد من المجالس البلدية ان يقوم بتعليق نشاطها او حلها أيضا.. وهو أمر وارد جدا اذا ما استندنا الى المنظور المختلف لرئيس الجمهورية بالنسبة للدولة ونظام الحكم فحسب تصريحاته السابقة هو يتبنى نظام تجميع للسلط لحكم مركزي.
 
ريم سوودي
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews