إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مبروك الحريزي عضو حزب حراك تونس الإرادة لـ"الصباح": بطاقة الجلب منحى خطير.. وعلى القوى المدنية أن تستيقظ

 
 
تونس_الصباح
قال مبروك الحريزي الأستاذ الجامعي والنائب السابق بالمجلس الوطني التأسيسي وبمجلس نواب الشعب وعضو حزب حراك تونس الإرادة إن إصدار بطاقة جلب دولية من قبل قاضي التحقيق في شأن الرئيس الأسبق منصف المرزوقي دليل على المنحى الخطير الذي تناهى له ما وصفه بالانقلاب على الدستور في تونس، وذلك أولا لأن هناك ضغطا على القضاء وهناك استعمال للقضاء لهدف سياسي يتمثل في تكميم أفواه المعارضين لإجراءات 25 جويلية 2021 وثانيا لإلهاء الشعب التونسي عن الآثار الكارثية للعمل الانقلابي المغامر على الاقتصاد الوطني. 
وذكر أن بطاقة الجلب لن تؤثر في معنويات الدكتور المرزوقي وفي معنويات المناهضين لما أقدم عليه الرئيس سعيد يوم 25 جويلية الماضي بل سيزيدهم الأمر إصرارا على موقفهم. وأضاف الحريزي في تصريح لـ "الصباح" أن الدكتور منصف المرزوقي ليس هو فقط المستهدف، بل وقع استهداف من عارضوا توجهات سعيد فهؤلاء هم الذين تمت ملاحقتهم ومحاكمتهم بسرعة  أما الفاسدين فما زالوا يصولون ويجولون وما قيل من كلام حول محاربتهم ما هو إلا بيع للكلام نظرا لأن أغلب القضايا التي تمت إثارتها في علاقة بالفساد هي قضايا مرفوعة من قبل.
وذكر عضو حزب حراك تونس الإرادة أن ما يخيفه من سعيد هو غياب الرؤية الاقتصادية لديه فهو يطلب مساعدة مالية من الشعب قبل أن يقدم لهم رؤية للاقتصاد، وأشار إلى أن الخطير في العملية الانقلابية على الدستور هو أنها تهدف إلى تحطيم المسار الديمقراطي برمته. 
وقال الحريزي: "نحن ننتظر من الشعب التونسي بمختلف أطيافه أن يستيقظ وأن ينتبه إلى خطورة المسار الذي ذهب فيه رئيس الجمهورية قيس سعيد وننتظر من جميع القوى الحية حتى تلك التي كانت في البداية مع مسار 25 جويلية لأنها لا تريد أن تقف ضد التوجه الشعبي العام أن تهب لتصحيح المسار فعلا.. لأن ما جاء بعد 25 جويلية ليس تصحيحا للمسار بل هو انقلاب على الدستور". 
ولم ينكر النائب السابق والمقرر المساعد للدستور أن تونس قبل 25 جويلية كانت تسير في اتجاه مأزق خطير لكنه أكد في المقابل أنه كان بالإمكان تخطي تلك الصعوبات من خلال تنظيم حوار وطني، وذكر أنه لا بدليل عن الحوار ولا يمكن في جميع الأحوال لشخص واحد أن يغير حال البلاد أو أن يصلحها خاصة إذا كانت معرفته بالاقتصاد منقوصة وإذا كان مغامرا على مستوى العلاقات الدولية.
وطالب الحريزي كل القوى الحية بالتجند لمحاربة أهدف الانقلاب على الدستور لأن كل الوقائع تشير إلى أن الرئيس سعيد ليس له أي برنامج لإصلاح الوضع الاقتصادي المتردي وأن ما فعله يوم 25 جويلية هو خطة لتغيير الدستور في اتجاه ترسيخ البناء القاعدي، والدليل على ذلك هجومه على البلديات في مرحلة أولى ثم حذف وزارة الشؤون المحلية في مرحلة ثانية ليتم إلحاقها في مرحلة أخيرة بوزارة الداخلية وهذا يعتبر عودة إلى الوراء. وذكر أن الأمر لم يتوقف على السلطة المحلية بل تم استهداف وزارة الداخلية وذلك عبر الإقالات والتعيينات فكل تعيين تزامن مع حملة اعتقالات واعتداءات على الحقوق والحريات، والأخطر من كل هذا حسب تعبيره هو استهداف السلطة القضائية من خلال التلويح بإلغاء المجلس الأعلى للقضاء ومن خلال الإعلان عن توجه نحو تنقيح القانون الأساسي المتعلق بهذا المجلس ومن خلال الدعوات المتكررة لممثلين عن السلطة القضائية للضغط عليهم ومطالبتهم بإدانة أشخاص وهذا تدخل سافر في القضاء وضرب لاستقلاليته.. وأشار محدثنا إلى أن ما لوحظ من ممارسات تسلطية خلال الأيام القليلة الماضية أخطر مما عرفته تونس في عهد بن علي فالرئيس حسب تعبيره  يتصرف بلا مكابح. 
 
تزيف للحقائق
 
تعقيبا عن سؤال حول ما إذا كان راض عن تصريحات الرئيس الأسبق منصف المرزوقي التي كانت السبب المباشر في إصدار بطاقة جلب دولية ضده وهي تصريحات أثارت موجة من الغضب والاستياء لدى السواد الأعظم من التونسيين والناشطين في المجتمع المدني الذين اعتبروها تآمرا على البلاد، أجاب مبروك الحريزي أن كل المناضلين الديمقراطيين مروا بنفس التجارب وهي الاستنجاد بأصدقائهم في شعوب العالم الحر لحماية الديمقراطية، وتهمة التآمر على البلاد، كان يستعملها بن علي ضد خصومه وأوجد فصلا في المجلة الجزائية لهذا الغرض.. وأضاف أنه من المشروع أن يقع الاستنجاد بالمنظمات والشعوب وهذا كل ما فعله المرزوقي فهو لم يطلب التدخل الخارجي في شؤون البلاد بل طلب عدم دعم الانقلاب ثم أن مجموعة الفرنكوفونية ليست دولة أجنبية بل هي منظمة دولية لكن تم ترويج الأكاذيب وتزييف الحقائق.
وبخصوص البيانات الصادرة عن جمعيات المجتمع المدني للتنديد بتلك التصريحات التي أدلى بها المرزوقي،بين الحريزي أنه في كل مرحلة من مراحل التسلط الذي تمارسه السلطة القائمة كان هناك أشخاص يريدون البحث عن موطئ قدم في السلطة لذلك يصمتون عن تجاوزاتها أو يتقربون منها، كما كانت هناك مجموعات تريد الاستفادة من المرحلة عبر محاباة الحاكم، وهذا دليل على أن الوعي الديمقراطي متأخر جدا.. وذكر أن مواقف الجمعيات والمنظمات من التصريحات لم تختلف عن التصرف الانفعالي لرواد شبكات التواصل الاجتماعي ولم تختلف عن عمليات السحل التي في منابر إعلامية واستهدفت الرئيس الأسبق منصف المرزوقي فكل ما حدث حسب رأيه يدل على أن هناك أزمة مجتمعية وأزمة قيمية وأخلاقية قبل أن تكون أزمة سياسية. 
ولاحظ أن بعض الجمعيات والمنظمات الحقوقية لم ترفض مسار 25 جويلية وبالتالي فهي مع الانقلاب على الدستور وليست ضده وكل ما طالبت به هو الحفاظ على الحقوق والحريات والتناصف والتشاركية وبالتالي هي تساهلت مع رئيس الجمهورية في البداية كما أنها لم تمارس بما فيه الكافية الضغط لكي تستحثه على توضيح الرؤية والتسريع في انهاء التدابير الاستثنائية وفوتت بذلك فرصة الإصلاح.  
 
بيان تحذيري
 
وكان حزب حراك تونس الإرادة أصدر مساء أول أمس تبعا لصدور بطاقة جلب دولية من طرف قاضي التحقيق المتعهد بالتتبع المثار ضد الرئيس الأسبق الدكتور محمد المنصف المرزوقي بيانا جاء فيه أن التتبع الذي أثير ضد المرزوقي كان منذ البداية مشوبا بتدخل رئيس الدولة في القضاء حيث أصدر الرئيس تعليماته بالتتبع على الملأ أثناء مجلس الوزراء وهذا دليل قاطع على عدم مصداقية ونزاهة هذا التتبع المثار الذي يبحث عن صنع جريمة من مجرد تعبير عن رأي حر. وأشار البيان إلى أن استجابة النيابة وقاضي التحقيق بسرعة قياسية إلى تنفيذ التعليمات يؤشر على مسارات خصوصية يتبعها القضاء بناء على التعليمات وهو ما يؤدي إلى تسريع إجراءات في ملفات بعينها يقابله قبر لملفات أخرى من بينها القضايا المرفوعة من طرف الدكتور المرزوقي منذ سنين طويلة، وهذا يمثل انتهاكا صارخا لقيم العدالة وهتكا لسمعة القضاء والدولة التونسية، ويزيد من ضرب مصداقيته وتأكيد فشله في امتحان الاستقلالية وقدرته على ضمان المحاكمة العادلة وهي حقيقة أوردتها عديد الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية.
هذا ونص نفس البيان على أن إصدار بطاقة الجلب هو نتيجة طبيعية لوضع رئيس الجمهورية يده على القضاء عبر التهديد والوعيد والسعي إلى حل المجلس الأعلى للقضاء وإتباع سياسة ممنهجة تهدف إلى إحكام السيطرة على القضاء والسعي إلى ترهيب القضاة بالدعوة إلى تطهير القضاء و كل ذلك تحت شعار الإصلاح الزائف، وأكد حزب حراك تونس الإرادة عدم استغرابه الخطاب  الذي وصفه بالدموي المتشنج الصادر عما اعتبره  سلطة انقلابية لا تؤمن بالحريات والديمقراطية وتتخذ من أنصار عهد الاستبداد المظلم حلفاء ضد الحقوقيين والديمقراطيين، وطالب المجلس الأعلى للقضاء بتحمل مسؤوليته وإجراء تفقد على مكتب قاضي التحقيق لمقارنة المسارات الإجرائية التي اتبعها في الملفات المفتوحة في تاريخ سابق لقضية الحال ومقارنتها بالإجراءات المتبعة في هذه الأخيرة، ودعا كل القضاة الشرفاء إلى الوقوف صفا واحدا من أجل خوض معركة استقلال القضاء في وجه ما وصفه بهيمنة السلطة التنفيذية ومحاولات تدجين و تركيع السلطة القضائية، ودعا كل القوى الحزبية والمدنية والحقوقية في تونس إلى الذود على مكتسبات الثورة وما تحمله من قيم الحرية والديمقراطية والوقوف ضد ما وصفه بسلطة الانقلاب وممارساتها الاستبدادية التي تهدف إلى تسطيح الوعي الشعبي عبر خطابات شعبوية عنيفة هادفة إلى تحشيد الشارع وتزييف وعيه باستعمال الخداع والكذب كسلوك ممنهج يستهدف كل الرموز الوطنية والنخب الحقوقية والسياسية الوطنية من أجل إقصائهم من معادلة بث الوعي وقيادة المقاومة المدنية السلمية ضد الانقلاب والاستبداد.
وفي تدوينه له بين الرئيس الأسبق منصف المرزوقي أن ما حدث له يأتي بعد أن خرج يوما من قصر قرطاج إلى بيته معززا مكرما وبعد أن رفع اسم تونس وثورتها في كل المحافل الدولية وبعد أن حمى الحقوق والحريات وحافظ على المال العام وحاول ما استطاع جمع التونسيين وفتح القصر لعامة الناس ولعشرين ألف طفل وأعد لتونس برامج لمواجهة تحولات المناخ التي ستهدد الأجيال القادمة وبعد أن سلّح الجيش وأمر الأمن الرئاسي بحماية خصومه وبعد أن استرجع قسما من الأموال المنهوبة وحارب الفساد قولا وفعلا لذلك أسقطه الفساد، ووصف المرزوقي الرئيس سعيد بالدكتاتور الذي تجاسر على اتهامه بالخيانة..
 
قضية ضد قاضي التحقيق
 
بعد إصدار بطاقة الجلب الدولية في شأن المرزوقي رفعت الأمينة العامة لحزب حراك تونس الإرادة لمياء الخميري أمس شكاية باسم المرزوقي  ضد قاضي التحقيق وكل من سيكشف عنه البحث من أجل إصدار بطاقة الجلب ومن اجل ما وصفته بالانحراف بالإجراءات الضامنة للمعايير الدنيا للمحاكمة العادلة. وفي تدوينة له كتب السياسي أحمد نجيب الشابي أنه يحترم وظيفة قاضي التحقيق، ويقر بأن إصدار بطاقات الجلب من صميم اختصاص قاضي التحقيق واستدرك قائلا:" لكن إذ توجد بيننا وبينكم مساحة مشتركة نتساوى فيها الا وهي مساحة المواطنة. إنكم تقضون باسم الشعب ونحن من افراد الشعب الذين يحق لهم ابداء الرأي فيما تقضون به. إنها لوصمة في جبين الشعب التونسي وفي جبين الدولة التونسية أن تصدر بطاقة جلب دولية في حق مواطن من اجل جريمة رأي، فما بالك أن يكون هذا المواطن رئيسا سابقا للدولة التونسية، رمز إليها ومثلها في المنتظم الدولي وسهر على أمنها وسلامتها، مهما كان موقفنا السياسي منه".
وأضاف الشابي :"نحن نعلم والعالم يعلم أن التتبع الذي تعهدتم به في حق الدكتور المرزوقي جاء بأمر من رئيس الدولة خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي كيف الجريمة واعتبرها خيانة عظمى وأذن بتتبعها بناء على تصريح للدكتور المرزوقي رحب فيه بتأجيل قمة الفرانكفونية في ظل الأوضاع السياسية المضطربة التي تجتازها تونس".
ويرى أحمد نجيب الشابي أن ما صرح به المرزوقي رأي وموقف سياسي وفي العالم المعاصر لا يقاضى البشر من اجل آرائهم او مواقفهم السياسية".
ويرى الشابي أن بطاقة الجلب الدولية لن يكون لها أدنى أثر سوى الإساءة إلى صورة القضاء التونسي والنيل من مصداقية الدولة التونسية، إذ سبق للقضاء الفرنسي مرتين في قضية الطاهر الماطري وبلحسن الطرابلسي وللقضاء اليوناني من بعده في قضية سليم الرياحي أن رفضا تسليمهم إلى السلطة التونسية معتبرين أن شروط المحاكمة العادلة لا تتوفر لدى القضاء التونسي. ودعا الشابي إلى سحب بطاقة الجلب وحفظ ملف القصية حماية لاستقلال القضاء وصونا للحقوق  والحريات وحفاظا على صورة تونس في المحافل الدولية. وإضافة إلى الشابي أبدى العديد من النواب السابقين بالمجلس الوطني التأسيسي تضامنهم مع الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وذلك على خلفية إصدار قاضي التحقيق بطاقة جلب دولية في شأنه، وفي المقابل هناك من السياسيين من ذكروا المرزوقي بالفضيحة التي تمت في عهده والمتصلة بتسليم البغدادي المحمودي.  
 
سعيدة بوهلال
 
 مبروك الحريزي عضو حزب حراك تونس الإرادة لـ"الصباح": بطاقة الجلب منحى خطير.. وعلى القوى المدنية أن تستيقظ
 
 
تونس_الصباح
قال مبروك الحريزي الأستاذ الجامعي والنائب السابق بالمجلس الوطني التأسيسي وبمجلس نواب الشعب وعضو حزب حراك تونس الإرادة إن إصدار بطاقة جلب دولية من قبل قاضي التحقيق في شأن الرئيس الأسبق منصف المرزوقي دليل على المنحى الخطير الذي تناهى له ما وصفه بالانقلاب على الدستور في تونس، وذلك أولا لأن هناك ضغطا على القضاء وهناك استعمال للقضاء لهدف سياسي يتمثل في تكميم أفواه المعارضين لإجراءات 25 جويلية 2021 وثانيا لإلهاء الشعب التونسي عن الآثار الكارثية للعمل الانقلابي المغامر على الاقتصاد الوطني. 
وذكر أن بطاقة الجلب لن تؤثر في معنويات الدكتور المرزوقي وفي معنويات المناهضين لما أقدم عليه الرئيس سعيد يوم 25 جويلية الماضي بل سيزيدهم الأمر إصرارا على موقفهم. وأضاف الحريزي في تصريح لـ "الصباح" أن الدكتور منصف المرزوقي ليس هو فقط المستهدف، بل وقع استهداف من عارضوا توجهات سعيد فهؤلاء هم الذين تمت ملاحقتهم ومحاكمتهم بسرعة  أما الفاسدين فما زالوا يصولون ويجولون وما قيل من كلام حول محاربتهم ما هو إلا بيع للكلام نظرا لأن أغلب القضايا التي تمت إثارتها في علاقة بالفساد هي قضايا مرفوعة من قبل.
وذكر عضو حزب حراك تونس الإرادة أن ما يخيفه من سعيد هو غياب الرؤية الاقتصادية لديه فهو يطلب مساعدة مالية من الشعب قبل أن يقدم لهم رؤية للاقتصاد، وأشار إلى أن الخطير في العملية الانقلابية على الدستور هو أنها تهدف إلى تحطيم المسار الديمقراطي برمته. 
وقال الحريزي: "نحن ننتظر من الشعب التونسي بمختلف أطيافه أن يستيقظ وأن ينتبه إلى خطورة المسار الذي ذهب فيه رئيس الجمهورية قيس سعيد وننتظر من جميع القوى الحية حتى تلك التي كانت في البداية مع مسار 25 جويلية لأنها لا تريد أن تقف ضد التوجه الشعبي العام أن تهب لتصحيح المسار فعلا.. لأن ما جاء بعد 25 جويلية ليس تصحيحا للمسار بل هو انقلاب على الدستور". 
ولم ينكر النائب السابق والمقرر المساعد للدستور أن تونس قبل 25 جويلية كانت تسير في اتجاه مأزق خطير لكنه أكد في المقابل أنه كان بالإمكان تخطي تلك الصعوبات من خلال تنظيم حوار وطني، وذكر أنه لا بدليل عن الحوار ولا يمكن في جميع الأحوال لشخص واحد أن يغير حال البلاد أو أن يصلحها خاصة إذا كانت معرفته بالاقتصاد منقوصة وإذا كان مغامرا على مستوى العلاقات الدولية.
وطالب الحريزي كل القوى الحية بالتجند لمحاربة أهدف الانقلاب على الدستور لأن كل الوقائع تشير إلى أن الرئيس سعيد ليس له أي برنامج لإصلاح الوضع الاقتصادي المتردي وأن ما فعله يوم 25 جويلية هو خطة لتغيير الدستور في اتجاه ترسيخ البناء القاعدي، والدليل على ذلك هجومه على البلديات في مرحلة أولى ثم حذف وزارة الشؤون المحلية في مرحلة ثانية ليتم إلحاقها في مرحلة أخيرة بوزارة الداخلية وهذا يعتبر عودة إلى الوراء. وذكر أن الأمر لم يتوقف على السلطة المحلية بل تم استهداف وزارة الداخلية وذلك عبر الإقالات والتعيينات فكل تعيين تزامن مع حملة اعتقالات واعتداءات على الحقوق والحريات، والأخطر من كل هذا حسب تعبيره هو استهداف السلطة القضائية من خلال التلويح بإلغاء المجلس الأعلى للقضاء ومن خلال الإعلان عن توجه نحو تنقيح القانون الأساسي المتعلق بهذا المجلس ومن خلال الدعوات المتكررة لممثلين عن السلطة القضائية للضغط عليهم ومطالبتهم بإدانة أشخاص وهذا تدخل سافر في القضاء وضرب لاستقلاليته.. وأشار محدثنا إلى أن ما لوحظ من ممارسات تسلطية خلال الأيام القليلة الماضية أخطر مما عرفته تونس في عهد بن علي فالرئيس حسب تعبيره  يتصرف بلا مكابح. 
 
تزيف للحقائق
 
تعقيبا عن سؤال حول ما إذا كان راض عن تصريحات الرئيس الأسبق منصف المرزوقي التي كانت السبب المباشر في إصدار بطاقة جلب دولية ضده وهي تصريحات أثارت موجة من الغضب والاستياء لدى السواد الأعظم من التونسيين والناشطين في المجتمع المدني الذين اعتبروها تآمرا على البلاد، أجاب مبروك الحريزي أن كل المناضلين الديمقراطيين مروا بنفس التجارب وهي الاستنجاد بأصدقائهم في شعوب العالم الحر لحماية الديمقراطية، وتهمة التآمر على البلاد، كان يستعملها بن علي ضد خصومه وأوجد فصلا في المجلة الجزائية لهذا الغرض.. وأضاف أنه من المشروع أن يقع الاستنجاد بالمنظمات والشعوب وهذا كل ما فعله المرزوقي فهو لم يطلب التدخل الخارجي في شؤون البلاد بل طلب عدم دعم الانقلاب ثم أن مجموعة الفرنكوفونية ليست دولة أجنبية بل هي منظمة دولية لكن تم ترويج الأكاذيب وتزييف الحقائق.
وبخصوص البيانات الصادرة عن جمعيات المجتمع المدني للتنديد بتلك التصريحات التي أدلى بها المرزوقي،بين الحريزي أنه في كل مرحلة من مراحل التسلط الذي تمارسه السلطة القائمة كان هناك أشخاص يريدون البحث عن موطئ قدم في السلطة لذلك يصمتون عن تجاوزاتها أو يتقربون منها، كما كانت هناك مجموعات تريد الاستفادة من المرحلة عبر محاباة الحاكم، وهذا دليل على أن الوعي الديمقراطي متأخر جدا.. وذكر أن مواقف الجمعيات والمنظمات من التصريحات لم تختلف عن التصرف الانفعالي لرواد شبكات التواصل الاجتماعي ولم تختلف عن عمليات السحل التي في منابر إعلامية واستهدفت الرئيس الأسبق منصف المرزوقي فكل ما حدث حسب رأيه يدل على أن هناك أزمة مجتمعية وأزمة قيمية وأخلاقية قبل أن تكون أزمة سياسية. 
ولاحظ أن بعض الجمعيات والمنظمات الحقوقية لم ترفض مسار 25 جويلية وبالتالي فهي مع الانقلاب على الدستور وليست ضده وكل ما طالبت به هو الحفاظ على الحقوق والحريات والتناصف والتشاركية وبالتالي هي تساهلت مع رئيس الجمهورية في البداية كما أنها لم تمارس بما فيه الكافية الضغط لكي تستحثه على توضيح الرؤية والتسريع في انهاء التدابير الاستثنائية وفوتت بذلك فرصة الإصلاح.  
 
بيان تحذيري
 
وكان حزب حراك تونس الإرادة أصدر مساء أول أمس تبعا لصدور بطاقة جلب دولية من طرف قاضي التحقيق المتعهد بالتتبع المثار ضد الرئيس الأسبق الدكتور محمد المنصف المرزوقي بيانا جاء فيه أن التتبع الذي أثير ضد المرزوقي كان منذ البداية مشوبا بتدخل رئيس الدولة في القضاء حيث أصدر الرئيس تعليماته بالتتبع على الملأ أثناء مجلس الوزراء وهذا دليل قاطع على عدم مصداقية ونزاهة هذا التتبع المثار الذي يبحث عن صنع جريمة من مجرد تعبير عن رأي حر. وأشار البيان إلى أن استجابة النيابة وقاضي التحقيق بسرعة قياسية إلى تنفيذ التعليمات يؤشر على مسارات خصوصية يتبعها القضاء بناء على التعليمات وهو ما يؤدي إلى تسريع إجراءات في ملفات بعينها يقابله قبر لملفات أخرى من بينها القضايا المرفوعة من طرف الدكتور المرزوقي منذ سنين طويلة، وهذا يمثل انتهاكا صارخا لقيم العدالة وهتكا لسمعة القضاء والدولة التونسية، ويزيد من ضرب مصداقيته وتأكيد فشله في امتحان الاستقلالية وقدرته على ضمان المحاكمة العادلة وهي حقيقة أوردتها عديد الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية.
هذا ونص نفس البيان على أن إصدار بطاقة الجلب هو نتيجة طبيعية لوضع رئيس الجمهورية يده على القضاء عبر التهديد والوعيد والسعي إلى حل المجلس الأعلى للقضاء وإتباع سياسة ممنهجة تهدف إلى إحكام السيطرة على القضاء والسعي إلى ترهيب القضاة بالدعوة إلى تطهير القضاء و كل ذلك تحت شعار الإصلاح الزائف، وأكد حزب حراك تونس الإرادة عدم استغرابه الخطاب  الذي وصفه بالدموي المتشنج الصادر عما اعتبره  سلطة انقلابية لا تؤمن بالحريات والديمقراطية وتتخذ من أنصار عهد الاستبداد المظلم حلفاء ضد الحقوقيين والديمقراطيين، وطالب المجلس الأعلى للقضاء بتحمل مسؤوليته وإجراء تفقد على مكتب قاضي التحقيق لمقارنة المسارات الإجرائية التي اتبعها في الملفات المفتوحة في تاريخ سابق لقضية الحال ومقارنتها بالإجراءات المتبعة في هذه الأخيرة، ودعا كل القضاة الشرفاء إلى الوقوف صفا واحدا من أجل خوض معركة استقلال القضاء في وجه ما وصفه بهيمنة السلطة التنفيذية ومحاولات تدجين و تركيع السلطة القضائية، ودعا كل القوى الحزبية والمدنية والحقوقية في تونس إلى الذود على مكتسبات الثورة وما تحمله من قيم الحرية والديمقراطية والوقوف ضد ما وصفه بسلطة الانقلاب وممارساتها الاستبدادية التي تهدف إلى تسطيح الوعي الشعبي عبر خطابات شعبوية عنيفة هادفة إلى تحشيد الشارع وتزييف وعيه باستعمال الخداع والكذب كسلوك ممنهج يستهدف كل الرموز الوطنية والنخب الحقوقية والسياسية الوطنية من أجل إقصائهم من معادلة بث الوعي وقيادة المقاومة المدنية السلمية ضد الانقلاب والاستبداد.
وفي تدوينه له بين الرئيس الأسبق منصف المرزوقي أن ما حدث له يأتي بعد أن خرج يوما من قصر قرطاج إلى بيته معززا مكرما وبعد أن رفع اسم تونس وثورتها في كل المحافل الدولية وبعد أن حمى الحقوق والحريات وحافظ على المال العام وحاول ما استطاع جمع التونسيين وفتح القصر لعامة الناس ولعشرين ألف طفل وأعد لتونس برامج لمواجهة تحولات المناخ التي ستهدد الأجيال القادمة وبعد أن سلّح الجيش وأمر الأمن الرئاسي بحماية خصومه وبعد أن استرجع قسما من الأموال المنهوبة وحارب الفساد قولا وفعلا لذلك أسقطه الفساد، ووصف المرزوقي الرئيس سعيد بالدكتاتور الذي تجاسر على اتهامه بالخيانة..
 
قضية ضد قاضي التحقيق
 
بعد إصدار بطاقة الجلب الدولية في شأن المرزوقي رفعت الأمينة العامة لحزب حراك تونس الإرادة لمياء الخميري أمس شكاية باسم المرزوقي  ضد قاضي التحقيق وكل من سيكشف عنه البحث من أجل إصدار بطاقة الجلب ومن اجل ما وصفته بالانحراف بالإجراءات الضامنة للمعايير الدنيا للمحاكمة العادلة. وفي تدوينة له كتب السياسي أحمد نجيب الشابي أنه يحترم وظيفة قاضي التحقيق، ويقر بأن إصدار بطاقات الجلب من صميم اختصاص قاضي التحقيق واستدرك قائلا:" لكن إذ توجد بيننا وبينكم مساحة مشتركة نتساوى فيها الا وهي مساحة المواطنة. إنكم تقضون باسم الشعب ونحن من افراد الشعب الذين يحق لهم ابداء الرأي فيما تقضون به. إنها لوصمة في جبين الشعب التونسي وفي جبين الدولة التونسية أن تصدر بطاقة جلب دولية في حق مواطن من اجل جريمة رأي، فما بالك أن يكون هذا المواطن رئيسا سابقا للدولة التونسية، رمز إليها ومثلها في المنتظم الدولي وسهر على أمنها وسلامتها، مهما كان موقفنا السياسي منه".
وأضاف الشابي :"نحن نعلم والعالم يعلم أن التتبع الذي تعهدتم به في حق الدكتور المرزوقي جاء بأمر من رئيس الدولة خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي كيف الجريمة واعتبرها خيانة عظمى وأذن بتتبعها بناء على تصريح للدكتور المرزوقي رحب فيه بتأجيل قمة الفرانكفونية في ظل الأوضاع السياسية المضطربة التي تجتازها تونس".
ويرى أحمد نجيب الشابي أن ما صرح به المرزوقي رأي وموقف سياسي وفي العالم المعاصر لا يقاضى البشر من اجل آرائهم او مواقفهم السياسية".
ويرى الشابي أن بطاقة الجلب الدولية لن يكون لها أدنى أثر سوى الإساءة إلى صورة القضاء التونسي والنيل من مصداقية الدولة التونسية، إذ سبق للقضاء الفرنسي مرتين في قضية الطاهر الماطري وبلحسن الطرابلسي وللقضاء اليوناني من بعده في قضية سليم الرياحي أن رفضا تسليمهم إلى السلطة التونسية معتبرين أن شروط المحاكمة العادلة لا تتوفر لدى القضاء التونسي. ودعا الشابي إلى سحب بطاقة الجلب وحفظ ملف القصية حماية لاستقلال القضاء وصونا للحقوق  والحريات وحفاظا على صورة تونس في المحافل الدولية. وإضافة إلى الشابي أبدى العديد من النواب السابقين بالمجلس الوطني التأسيسي تضامنهم مع الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وذلك على خلفية إصدار قاضي التحقيق بطاقة جلب دولية في شأنه، وفي المقابل هناك من السياسيين من ذكروا المرزوقي بالفضيحة التي تمت في عهده والمتصلة بتسليم البغدادي المحمودي.  
 
سعيدة بوهلال
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews