مرة أخرى، يعود ملف التمويل الأجنبي للأحزاب ليطفو على سطح الأحداث بعد تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد، الأخير حول هذا الملف بالذات والذي قال فيه أنه توصل ببرقية تتعلق بالتمويل الخارجي لـ 3 أحزاب من الموقع الرسمي لوزارة العدل الأمريكية، وأنه في هذه البرقية تم تأكيد صحة العقود المبرمة بين هذه الأحزاب، وشركات علاقات عامة وضغط أمريكية مضيفا :"الأمر ثابت من خلال تقرير محكمة المحاسبات، وتقرير وزارة العدل الأمريكية، فماذا ينتظر القضاء لاتخاذ اللازم ضد مرتكبي هذه الجرائم الانتخابية؟''، مشيرا إلى أن "محكمة المحاسبات هي محكمة، وليست جهازا إداريا، والتقرير الذي أصدرته أكد وجود تمويل أجنبي لحملات انتخابية لعدد من الأحزاب".
وبين ما رصدته محكمة المحاسبات وبين انتظار ما ستفضي اليه أعمال القضاء الجزائي من أحكام، يبدو أن الأمر لن يقتصر على اسقاط قائمات انتخابية في برلمان أعلن رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية الماضي تجميد كل أعماله بل ستكون له آثاره وتبعاته السياسية أيضا خاصة على الأحزاب المخالفة.
التعاقد مع جهات أجنبية
وفق التقرير الذي تم نشره فقد أفضت أعمال الرقابة التي قامت بها محكمة المحاسبات وفحص الوثائق في اطار صلاحياتها ومعالجة معطيات الموقع الالكتروني لوزارة العدل الأمريكية تعاقد اشخاص وأحزاب مترشحة بصفة مباشرة او لفائدتهم مع شركات أجنبية قصد كسب التأييد والضغط.
وتخص هذه العقود قائمة "عيش تونسي" ورئيستها ألفة التراس و"حركة النهضة"، حيث تعاقدت التراس مع شركة أجنبية هي »أمريكا تو أفريكا كونسلتينغ« من أجل ممارسة ضغط لكسب التأييد بين 7 ماي وموفى أكتوبر 2019 مقابل 15 ألف دولار شهريا من الأعمال الهادفة إلى تسهيل لقاء ألفة التراس بوصفها حريفة لهذه الشركة مع رؤساء دول وحكومات وقادة أعمال بالولايات المتحدة وإفريقيا .
أما بالنسبة لـ"حركة النهضة" فهي قد اتفقت مع شركة الدعاية والضغط BCW بخصوص القيام بحملات دعاية وضغط وكسب تأييد لفائدة الحركة منذ سنة 2014 الى غاية 2018 بـ285 ألف دولار أمريكي وتم تجديد العقد من 16 جويلية الى 17 ديسمبر 2019 بـ187 ألف دولار أمريكي لفائدة الشركة، وهو ما وصفه زياد العذاري، في تعليقه على هذا الامر بقوله أنه نتيجة الديبلوماسية الحزبية الشعبية في الخارج، وقد اعتبرت دائرة المحاسبات أن هذه العقود تحمل شبهة تمويل أجنبي وقد تقتضي تسليط عقوبات. كما ثبت لدى محكمة المحاسبات أن "حزب قلب تونس" تعاقد من خلال رئيسه نبيل القروي مع شركة لوبينغ اجنبية بقيمة تفوق 2 مليون دينار وتم تحويل جزء من قيمة العقد عبر حساب بنكي غير مصرح به وهو حساب زوجته.. ويذكر أن محكمة المحاسبات في تقريرها كيفت عقود اللوبينغ كنوع من التمويل الأجنبي.
وفي ذات السياق أفادت اللجنة التونسية للتحاليل المالية بخصوص أعضاء القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية الماضية انه تبين : »أن مجموعة من الأشخاص بينهم من شارك في الانتخابات كعضو قائمة او رئيس لها قد سبق وصدر في شانهم تصاريح بالشبهة على صلة بعمليات مالية قد تنطوي على مخالفات تخص تمويل الحملات الانتخابية لسنة 2014« ويتعلق الامر هنا بـ 6 قائمات تمثل 5 أحزاب فازت في الانتخابات وواحدة لم تفز حيث تعلقت بها تصاريح بالشبهة قبل سنة الانتخابات ومنها من كان مدرجا بقاعدة لجنة التحاليل المالية وقد صدرت في شأنها شبهات تتعلق باستعمال بطاقات بنكية مزورة قصد التحيل وغسل الأموال وتكوين مكاسب بالخارج على غير الصيغ القانونية وقد تم فتح بحث تحقيقي في الغرض.
مآلات ثبوت التهمة..
في تصريح لـ»الصباح «أكد الباحث والمختص في القانون الدستوري الأستاذ رابح الخرايفي أن مآلات صدور حكم جزائي بات يقضي بثبوت تهمة التمويل الأجنبي لبعض الأحزاب له مسارات وفرضيات مختلفة، وذلك في إجابة عن سؤال حول مآلات ثبوت تهمة التمويل الأجنبي على بعض الأحزاب، حيث يقول الخرايفي : »استنادا على القانون الانتخابي فانه يمكن طبعا اسقاط هذه القائمات الانتخابية ولكن لو استندنا الى مرسوم الأحزاب فانه يجوز لرئيس الحكومة في صورة ثبوت تهمة التمويل الأجنبي إحالة ملف الحزب المخالف على المحكمة الابتدائية بتونس والمطالبة بحله من خلال قضية استعجالية. «
الأستاذ رابح الخرايفي أكد أيضا انه بالاعتماد على قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال يمكن اعتبار هذا التمويل الأجنبي نوع من أنواع غسيل الأموال والتي تجعل صاحبها يواجه عقوبات ثقيلة بالسجن وهذا يمكن للنيابة العمومية اثارته من تلقاء نفسها او بإحالة من وزير العدل طبق الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية.
منية العرفاوي
تونس – الصباح
مرة أخرى، يعود ملف التمويل الأجنبي للأحزاب ليطفو على سطح الأحداث بعد تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد، الأخير حول هذا الملف بالذات والذي قال فيه أنه توصل ببرقية تتعلق بالتمويل الخارجي لـ 3 أحزاب من الموقع الرسمي لوزارة العدل الأمريكية، وأنه في هذه البرقية تم تأكيد صحة العقود المبرمة بين هذه الأحزاب، وشركات علاقات عامة وضغط أمريكية مضيفا :"الأمر ثابت من خلال تقرير محكمة المحاسبات، وتقرير وزارة العدل الأمريكية، فماذا ينتظر القضاء لاتخاذ اللازم ضد مرتكبي هذه الجرائم الانتخابية؟''، مشيرا إلى أن "محكمة المحاسبات هي محكمة، وليست جهازا إداريا، والتقرير الذي أصدرته أكد وجود تمويل أجنبي لحملات انتخابية لعدد من الأحزاب".
وبين ما رصدته محكمة المحاسبات وبين انتظار ما ستفضي اليه أعمال القضاء الجزائي من أحكام، يبدو أن الأمر لن يقتصر على اسقاط قائمات انتخابية في برلمان أعلن رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية الماضي تجميد كل أعماله بل ستكون له آثاره وتبعاته السياسية أيضا خاصة على الأحزاب المخالفة.
التعاقد مع جهات أجنبية
وفق التقرير الذي تم نشره فقد أفضت أعمال الرقابة التي قامت بها محكمة المحاسبات وفحص الوثائق في اطار صلاحياتها ومعالجة معطيات الموقع الالكتروني لوزارة العدل الأمريكية تعاقد اشخاص وأحزاب مترشحة بصفة مباشرة او لفائدتهم مع شركات أجنبية قصد كسب التأييد والضغط.
وتخص هذه العقود قائمة "عيش تونسي" ورئيستها ألفة التراس و"حركة النهضة"، حيث تعاقدت التراس مع شركة أجنبية هي »أمريكا تو أفريكا كونسلتينغ« من أجل ممارسة ضغط لكسب التأييد بين 7 ماي وموفى أكتوبر 2019 مقابل 15 ألف دولار شهريا من الأعمال الهادفة إلى تسهيل لقاء ألفة التراس بوصفها حريفة لهذه الشركة مع رؤساء دول وحكومات وقادة أعمال بالولايات المتحدة وإفريقيا .
أما بالنسبة لـ"حركة النهضة" فهي قد اتفقت مع شركة الدعاية والضغط BCW بخصوص القيام بحملات دعاية وضغط وكسب تأييد لفائدة الحركة منذ سنة 2014 الى غاية 2018 بـ285 ألف دولار أمريكي وتم تجديد العقد من 16 جويلية الى 17 ديسمبر 2019 بـ187 ألف دولار أمريكي لفائدة الشركة، وهو ما وصفه زياد العذاري، في تعليقه على هذا الامر بقوله أنه نتيجة الديبلوماسية الحزبية الشعبية في الخارج، وقد اعتبرت دائرة المحاسبات أن هذه العقود تحمل شبهة تمويل أجنبي وقد تقتضي تسليط عقوبات. كما ثبت لدى محكمة المحاسبات أن "حزب قلب تونس" تعاقد من خلال رئيسه نبيل القروي مع شركة لوبينغ اجنبية بقيمة تفوق 2 مليون دينار وتم تحويل جزء من قيمة العقد عبر حساب بنكي غير مصرح به وهو حساب زوجته.. ويذكر أن محكمة المحاسبات في تقريرها كيفت عقود اللوبينغ كنوع من التمويل الأجنبي.
وفي ذات السياق أفادت اللجنة التونسية للتحاليل المالية بخصوص أعضاء القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية الماضية انه تبين : »أن مجموعة من الأشخاص بينهم من شارك في الانتخابات كعضو قائمة او رئيس لها قد سبق وصدر في شانهم تصاريح بالشبهة على صلة بعمليات مالية قد تنطوي على مخالفات تخص تمويل الحملات الانتخابية لسنة 2014« ويتعلق الامر هنا بـ 6 قائمات تمثل 5 أحزاب فازت في الانتخابات وواحدة لم تفز حيث تعلقت بها تصاريح بالشبهة قبل سنة الانتخابات ومنها من كان مدرجا بقاعدة لجنة التحاليل المالية وقد صدرت في شأنها شبهات تتعلق باستعمال بطاقات بنكية مزورة قصد التحيل وغسل الأموال وتكوين مكاسب بالخارج على غير الصيغ القانونية وقد تم فتح بحث تحقيقي في الغرض.
مآلات ثبوت التهمة..
في تصريح لـ»الصباح «أكد الباحث والمختص في القانون الدستوري الأستاذ رابح الخرايفي أن مآلات صدور حكم جزائي بات يقضي بثبوت تهمة التمويل الأجنبي لبعض الأحزاب له مسارات وفرضيات مختلفة، وذلك في إجابة عن سؤال حول مآلات ثبوت تهمة التمويل الأجنبي على بعض الأحزاب، حيث يقول الخرايفي : »استنادا على القانون الانتخابي فانه يمكن طبعا اسقاط هذه القائمات الانتخابية ولكن لو استندنا الى مرسوم الأحزاب فانه يجوز لرئيس الحكومة في صورة ثبوت تهمة التمويل الأجنبي إحالة ملف الحزب المخالف على المحكمة الابتدائية بتونس والمطالبة بحله من خلال قضية استعجالية. «
الأستاذ رابح الخرايفي أكد أيضا انه بالاعتماد على قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال يمكن اعتبار هذا التمويل الأجنبي نوع من أنواع غسيل الأموال والتي تجعل صاحبها يواجه عقوبات ثقيلة بالسجن وهذا يمكن للنيابة العمومية اثارته من تلقاء نفسها او بإحالة من وزير العدل طبق الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية.