جاءت زيارة وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي إلى الجزائر موفدا من قبل رئيس الجمهورية لإبلاغ تهانيه إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بمناسبة الذكرى 67 لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية ومشاركة الجزائريين إحياءهم لهذه الذكرى، في وقت حساس لا سيما في ظل تزامنها مع التصعيد المتبادل في الأزمة بين الجزائر والمغرب ومواقف تونس التي اعتبرها كثيرون قريبة للموقف الجزائري تأثرا بالتقارب والود المعلن في علاقة الرئيسين قيس سعيد وعبد المجيد تبون.
وجاء في بيان وزارة الشؤون الخارجية الخاص بزيارة الجرندي نهاية الأسبوع إلى الجزائر إن "هذه الزيارة تأتي تأكيدا لعمق الروابط الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين وإيمانهما بوحدة المصير والمستقبل، انطلاقا من الإرث الحضاري والنضالي المشترك وما سطره الشعبان التونسي والجزائري سويا من ملاحم تاريخية من أجل الحرية وإرساء السيادة الوطنية، ملاحم ستظل ملهمة للأجيال القادمة عبر التاريخ".
زيارة وبيان كان سيمران دون إثارة الانتباه غير أن التوقيت والتطورات الأخيرة على وقع الأزمة الأخيرة بين الجزائر والمغرب وموقف تونس الذي لازم الصمت في البداية ثم تحول اثر ذلك إلى مساندة ضمنية للموقف الجزائري وفق قراءة الكثير من المتابعين خاصة بعد امتناع تونس عن التصويت إلى جانب روسيا على قرار تمديد مهمة بعثة مينورسو في الصحراء الغربية.
تصعيد في المواقف
النسق التصاعدي للأزمة بين الجزائر والمغرب بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، شهد أول أمس حلقة جديدة بعد أن أعلنت الرئاسة الجزائرية، أن الرئيس عبد المجيد تبون أمر شركة "سونطراك" بعدم تجديد عقد أنبوب الغاز الذي يعبر نحو إسبانيا عبر التراب الوطني المغربي.
وقالت الرئاسة الجزائرية إن تبون تسلم تقريرا حول العقد بين الشركة الجزائرية والمكتب الوطني للماء والكهرباء في المغرب، الذي ينتهي يوم 31 أكتوبر في منتصف الليل.
وكرد على القرار الجزائري نشر كلّ من المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب المغربيان، بيانا أمس، جاء فيه إن قرار الجزائر بعدم تجديد عقد الغاز مع المغرب لن يكون له حاليا سوى "تأثير ضئيل" على أداء نظام الكهرباء الوطني.
وأضاف البيانُ أن المغرب اتخذ الترتيبات اللازمة لضمان استمرارية إمداد البلاد بالكهرباء وأنه يتم حاليا دراسة خيارات أخرى لبدائل مستدامة على المديين المتوسط والطويل.
الموقف التونسي
قبل ذلك أعلنت الجزائر الأسبوع الفارط رفضها العودة إلى محادثات المائدة المستديرة حول أزمة الصحراء الغربية "رفضا رسميا لا رجعة فيه" بعد أن كانت الجزائر قد شاركت إلى جانب المغرب وبوليساريو وموريتانيا في آخر محادثات رعتها الأمم المتحدة، لكنها توقفت بعد استقالة المبعوث الأممي هورست كولر في ماي 2019.
ورغم الموقف الجزائري دعا مجلس الأمن الدولي آخر الأسبوع الفارط "طرفي" النزاع في الصحراء الغربية إلى استئناف المفاوضات "دون شروط مسبقة وبحسن نية" وتم التصويت على قرار تمديد مهمة بعثة مينورسو في المنطقة لمدة عام. وتمت الموافقة على هذا النص الذي صاغته الولايات المتحدة مع امتناع تونس وروسيا عن التصويت. هذا الامتناع أثار استياء المغرب كما دفع الكثير من المحللين إلى اعتباره اصطفافا من تونس إلى جانب الجزائر.
وقد سارع المستشار لدى رئيس الجمهورية، وليد الحجام، إلى التأكيد على أن “تونس تتمسك بعلاقاتها الأخوية والتاريخية المتميزة مع كل الدول المغاربية، كما تتمسك بمبدإ الحياد الإيجابي في تعاطيها مع ملف الصحراء”.
وفي تصريحه نهاية الأسبوع إلى وكالة تونس إفريقيا للأنباء، بخصوص ملف الصحراء، أفاد الحجام أن تونس، تحرص “على تغليب لغة الحوار للتوصل إلى حل سياسي مقبول لهذا الملف، يعزز الاستقرار في المنطقة، ويفتح آفاقا واعدة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي ويدعم قدرتها على رفع التحديات الأمنية والاقتصادية والتنموية المشتركة”.
كما عبر الحجام عن ترحيب تونس بتعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، ستيفان ديميستورا، معتبرا أنها “خطوة مهمة نحو دفع مسار التسوية السياسية وخلق زخم إيجابي لمواصلة جهود الحل السلمي” مؤكدا أيضا ترحيب تونس بقرار مجلس الأمن الصادر، الجمعة الفارط، بخصوص تجديد ولاية البعثة الأممية في الصحراء.
تأكيدات الحجام هذه يعتبرها البعض تصريحات لا علاقة لها بالواقع وربما تندرج فقط في إطار رفع الحرج لا سيما في ظل صمت تونس وعدم تبنيها أو إعلانها عن مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الجزائر والمغرب.
وقد اعتبر الدبلوماسي السابق أحمد ونيس مباشرة اثر قطع العلاقات بين الجزائر والمغرب أن ”الموقف التونسي الصامت مؤسف، ويوحي بالدخول في ظل هيمنة النظام الجزائري“، وفق تعبيره.
وأضاف في تصريح إذاعي إنه من الضروري إيضاح الموقف التونسي والتعبير عن عدم قبول تونس لغلق المسالك الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب.داعيا الدبلوماسية التونسية إلى ”القيام بواجباتها حتى تحافظ على موقعها عند الاقتراب من عودة العلاقات بين الأطراف المغاربية المتخالفة“.
م.ي
تونس –الصباح
جاءت زيارة وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي إلى الجزائر موفدا من قبل رئيس الجمهورية لإبلاغ تهانيه إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بمناسبة الذكرى 67 لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية ومشاركة الجزائريين إحياءهم لهذه الذكرى، في وقت حساس لا سيما في ظل تزامنها مع التصعيد المتبادل في الأزمة بين الجزائر والمغرب ومواقف تونس التي اعتبرها كثيرون قريبة للموقف الجزائري تأثرا بالتقارب والود المعلن في علاقة الرئيسين قيس سعيد وعبد المجيد تبون.
وجاء في بيان وزارة الشؤون الخارجية الخاص بزيارة الجرندي نهاية الأسبوع إلى الجزائر إن "هذه الزيارة تأتي تأكيدا لعمق الروابط الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين وإيمانهما بوحدة المصير والمستقبل، انطلاقا من الإرث الحضاري والنضالي المشترك وما سطره الشعبان التونسي والجزائري سويا من ملاحم تاريخية من أجل الحرية وإرساء السيادة الوطنية، ملاحم ستظل ملهمة للأجيال القادمة عبر التاريخ".
زيارة وبيان كان سيمران دون إثارة الانتباه غير أن التوقيت والتطورات الأخيرة على وقع الأزمة الأخيرة بين الجزائر والمغرب وموقف تونس الذي لازم الصمت في البداية ثم تحول اثر ذلك إلى مساندة ضمنية للموقف الجزائري وفق قراءة الكثير من المتابعين خاصة بعد امتناع تونس عن التصويت إلى جانب روسيا على قرار تمديد مهمة بعثة مينورسو في الصحراء الغربية.
تصعيد في المواقف
النسق التصاعدي للأزمة بين الجزائر والمغرب بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، شهد أول أمس حلقة جديدة بعد أن أعلنت الرئاسة الجزائرية، أن الرئيس عبد المجيد تبون أمر شركة "سونطراك" بعدم تجديد عقد أنبوب الغاز الذي يعبر نحو إسبانيا عبر التراب الوطني المغربي.
وقالت الرئاسة الجزائرية إن تبون تسلم تقريرا حول العقد بين الشركة الجزائرية والمكتب الوطني للماء والكهرباء في المغرب، الذي ينتهي يوم 31 أكتوبر في منتصف الليل.
وكرد على القرار الجزائري نشر كلّ من المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب المغربيان، بيانا أمس، جاء فيه إن قرار الجزائر بعدم تجديد عقد الغاز مع المغرب لن يكون له حاليا سوى "تأثير ضئيل" على أداء نظام الكهرباء الوطني.
وأضاف البيانُ أن المغرب اتخذ الترتيبات اللازمة لضمان استمرارية إمداد البلاد بالكهرباء وأنه يتم حاليا دراسة خيارات أخرى لبدائل مستدامة على المديين المتوسط والطويل.
الموقف التونسي
قبل ذلك أعلنت الجزائر الأسبوع الفارط رفضها العودة إلى محادثات المائدة المستديرة حول أزمة الصحراء الغربية "رفضا رسميا لا رجعة فيه" بعد أن كانت الجزائر قد شاركت إلى جانب المغرب وبوليساريو وموريتانيا في آخر محادثات رعتها الأمم المتحدة، لكنها توقفت بعد استقالة المبعوث الأممي هورست كولر في ماي 2019.
ورغم الموقف الجزائري دعا مجلس الأمن الدولي آخر الأسبوع الفارط "طرفي" النزاع في الصحراء الغربية إلى استئناف المفاوضات "دون شروط مسبقة وبحسن نية" وتم التصويت على قرار تمديد مهمة بعثة مينورسو في المنطقة لمدة عام. وتمت الموافقة على هذا النص الذي صاغته الولايات المتحدة مع امتناع تونس وروسيا عن التصويت. هذا الامتناع أثار استياء المغرب كما دفع الكثير من المحللين إلى اعتباره اصطفافا من تونس إلى جانب الجزائر.
وقد سارع المستشار لدى رئيس الجمهورية، وليد الحجام، إلى التأكيد على أن “تونس تتمسك بعلاقاتها الأخوية والتاريخية المتميزة مع كل الدول المغاربية، كما تتمسك بمبدإ الحياد الإيجابي في تعاطيها مع ملف الصحراء”.
وفي تصريحه نهاية الأسبوع إلى وكالة تونس إفريقيا للأنباء، بخصوص ملف الصحراء، أفاد الحجام أن تونس، تحرص “على تغليب لغة الحوار للتوصل إلى حل سياسي مقبول لهذا الملف، يعزز الاستقرار في المنطقة، ويفتح آفاقا واعدة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي ويدعم قدرتها على رفع التحديات الأمنية والاقتصادية والتنموية المشتركة”.
كما عبر الحجام عن ترحيب تونس بتعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، ستيفان ديميستورا، معتبرا أنها “خطوة مهمة نحو دفع مسار التسوية السياسية وخلق زخم إيجابي لمواصلة جهود الحل السلمي” مؤكدا أيضا ترحيب تونس بقرار مجلس الأمن الصادر، الجمعة الفارط، بخصوص تجديد ولاية البعثة الأممية في الصحراء.
تأكيدات الحجام هذه يعتبرها البعض تصريحات لا علاقة لها بالواقع وربما تندرج فقط في إطار رفع الحرج لا سيما في ظل صمت تونس وعدم تبنيها أو إعلانها عن مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الجزائر والمغرب.
وقد اعتبر الدبلوماسي السابق أحمد ونيس مباشرة اثر قطع العلاقات بين الجزائر والمغرب أن ”الموقف التونسي الصامت مؤسف، ويوحي بالدخول في ظل هيمنة النظام الجزائري“، وفق تعبيره.
وأضاف في تصريح إذاعي إنه من الضروري إيضاح الموقف التونسي والتعبير عن عدم قبول تونس لغلق المسالك الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب.داعيا الدبلوماسية التونسية إلى ”القيام بواجباتها حتى تحافظ على موقعها عند الاقتراب من عودة العلاقات بين الأطراف المغاربية المتخالفة“.