لما توفي المرحوم الباجي قايد السبسي ولم تنته عهدته، اضطربت تونس واُخذت الطبقة السياسية على غرة، وفي مقدمتها شريك "البجبوج" رحمه الله في ثنائي التوافق الذي أسال الكثير من الحبر، وأعطى لتونس فسحة من الهدوء المؤقت. فقد الشيخ راشد صديقه اللّدود، الذي مثل له على الأقل منذ سنة 2013 البوصلة التي كانت تمنعه من الانحراف الخطير على طريق طموحه الجامح الى قصر قرطاج. لست أدري بالضبط متى خالج الغنوشي هكذا حلم، لكن ضغطه عليه كان يزداد من مؤتمر تنظمه النهضة الى آخر، ومع كل نجاح جديد يحققه الشيخ في التّــــفرّد بالسلطة. في المؤتمر التاسع انقلب على النهضة، تماما كما فعل قيس سعيد مع البرلمان اليوم، ثم من المؤتمر العاشر أخذ وجهة قرطاج لخلافة رفيقه في التوافق، في مسيرة كانت تخلف ضحايا من الحركة ومن المعارضين له على حد السواء. قبض الشيخ على النهضة، وطمع في النداء ضمن استراتيجية توسيع وعائه الانتخابي والتنظيمي لضمان الوصول الى قصر قرطاج.
نجحت خطة راشد الغنوشي في تقسيم النداء، ورغم ذلك استحالت عليه قرطاج. أخذها منه قيس سعيد. والغريب أن الشيخ، هو صاحب الفضل على الرئيس الجديد في اسكانه في القصر، وصدق من وصفه بصانع الملوك أو الرؤساء، وهي حقيقة تونس منذ سنة 2011.
خفّض شيخ النهضة من طموحه، من قرطاج الى القصبة، لكن هذه استعصت عليه أيضا. لست أدري كيف صدق أنه يكون رئيسا لحكومة تونس!!؟ ولما يئس، بدّل "الفيستة" والخطاب والحليف واكتفى بقلعة باردو ليتخذ منها عاصمة ملكه ومنطلق غزواته ومنبره السياسي بصفة رسمية. مبررا تغيير موقفه من حزب قلب تونس المرفوض نهضاويا، بمقولة جديدة في الفلسفة السياسية: "الأغبياء وحدهم لا يغيـّرون مواقفهم". مؤكدا أن البرلمان هو مقر السلطة طبقا للدستور. بعد ضمان رئاسة البرلمان له أغلق الباب أمام مرشح النهضة الحبيب الجملي بعد ثلاثة أشهر ونصف ضيعها على تونس لتكوين مؤسساتها، حتى تخمر الوضع، ودب الخوف والياس في الشعب. فتحت تلك المماطلة المتعمدة من الشيخ عمليا الطريق لحكومة الرئيس. صحيح أن البرلمان بقي صاحب القرار في النهاية، بوجوب نيل الحكومة لثقته لتحكم البلاد، لكن هذا ليس جديدا في الأنظمة الديمقراطية حتى الرئاسية منها، ثم أليس تحول حق تعيين رئيس الحكومة من الحزب الأول الى الرئيس يمثل تحولا كبيرا وخطيرا، وجب على من نصب نفسه رئيسا بل زعيما على الحزب الأول ألا يغيب عنه، وخطأ قاتل ما كان له أن يضع نفسه وحزبه والبلاد كلها فيه. وها هي النتيجة صارخة مدوية، إذ وقع فيما كان يخشاه ويستميت دونه، أي ألا يسبقه أحد الى القصر، ويزيد عن ذلك أن يذلّـه ويغلق برلمانه ويقطع راتبه.
القصة طويلة ومؤلمة، لقد أفرزت انتخابات 2019 مشهدا سياسيا في تونس طبعته حرب ضروس بين رأسين لحكمها، ولكلّ منهما تابعوه وداعموه في حلبة البرلمان: لبست عبير خوذة واستعملت بوقا خدمة لرئيس الدولة رغم نقد ظاهر له وردت سامية عبو صداه من زاوية التيار الديمقراطي، وفي مقابلها بدون مكبر صوت ثار الشاب المحامي سيف الدين مخلوف "يرشق" بالمال والكلام غيرة على رئيس البرلمان. وتنادي كل شق "أخرجوا لنا نساءكم". كان الرئيس يتابع المشهد وينتظر اللحظة، ولعله كان يتلذذ لخبر لجوء رئيس البرلمان الى دورة المياه، المكان الآمن الوحيد الذي لم تدخله عليه عبير موسي وكاميراتها ليأخذ نفسا.
كانت النهضة منهكة من حكم عشر سنين، عجوز تحت حكم عجوز، أرهقها وأفرغها من أرصدة الصدق والنضال. انهالت عليها اللكمات والشتائم والتّـــــــــهم الثابتة منها والملفقة. لست أدري كيف حافظ قيس سعيد على ذاك الدم البارد لسنة ونصف السنة، منتظرا أن تفعل كل تلك الضربات ضد النهضة فعلها ليتقدم الى جني الثمرة وأخذ السلطة بقرار ودون جهد وبدون قطرة دم والحمد لله. اكتفى الرئيس بإرسال دبابة الى مقر البرلمان، اعتصم الشيخ راشد في سيارته أمامها، ولم يطُل انتظاره. لعله كان يستحضر وقفة مماثلة في التاريخ لآخر ملوك الأندلس وهو يسلم غرناطة للملك فرناندو والملكة إيزابيلا، راكبا على حصانة، ولا شك أن كلمات عائشة أم الأمير الثاني عشر أبو عبد الله محمد "ابكِ كالنساءِ ملكاً لم تدافع عنه كالرجال" تدق ذهنه بقوة. أفهم أن طيلة الاثني عشر سنة من عمر الثورة، مرّ خلالها الشيخ راشد بالكثير من مفترقات الطرق وهو يحكم تونس، اتخذ فيها جميعها القرار الخطأ، وقد كنت شاهدا وفاعلا في كثير من هذه المحطات. نصحت الشيخ كثيرا ولم ينتصح. اثنا عشر سنة من الضرب في الظهر ضد عشرات من ضحاياه من خارج حركة النهضة ومن داخلها أيضا.
لعل قيس سعيد فهم ذلك فاغلق باب الحوار مع راشد الغنوشي رغم محاولة هذا الأخير استمالته حين تراجع وصرح أن إجراءات 25 جويلية يمكن أن تكون تصحيحا لمسار الثورة، ليرد عليه قيس أن لا عودة الى الوراء... هكذا يبدو أن مرحلة مضت وطويت، وفهمها الجميع رغم اختلافهم في قراءتها وتحليلها، لكن أحداثها معلومة مسجلة، أما تقييمها فقد تباين القوم حوله، اذ حمل كل طرف سبب الفشل الى الاخر... وانتصب قيس سعيد حكما، ملكا، لا يسأل عما يفعل ولا يرُدُّ على من يسأل، ولا يدفعُ أجور نواب الشعب. في هذا المقال الثاني ومع تكتّـم رجل قرطاج القوي نحاول أن نقرأ بين السّطور ونخمّن عسانا نحل لغزا اسمه قيس سعيد؟
هل قيس سعيد فاعل في الثورة أم دخيل عليها كما يصفه معارضوه وخاصة من النهضة وحلفائها؟ لا شك أن القارئ سيجد اعتبار قيس سعيد من طرفنا الرجل الآخر الذي له الوزن الأكبر بعد الغنوشي، غير منطقي فيما آلت اليه تونس او بالأحرى ما ستؤول اليه، وذلك بدعوى أنه لم يستلم السلطة الا من سنتين. والحقيقة أن قيس سعيد لم يكن غائبا عن المشهد بعد الثورة. بل كان حاضرا مشاركا ظاهرا ومعروفا، ولعله كان الأكثر وضوحا بين الفاعلين والنشطاء. تنبأ للدستور وهو لم يزل في رحم الغيب أن الحمار سيأكله ونادى مبكرا بحل المجلس التأسيسي، كما سبق حتى حراك الجزائر في شعاره "يروحو قع". عرفت قيس سعيد في احدى منابر كليات الكاف، وعرفته في اعتصام الرحيل يجلجل أمام آكلي "الرز بالفاكهة" يصرخ في ساكني مقر البرلمان بباردو، أن ارحلوا كلكم أغلبية ومعارضة يمين ويسار، قدامى وجدد. ولعل رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر سمعه فأغلق المبنى ورمى بالمفتاح بعيدا وغادر. كانت لي بعد ذلك مع قيس سعيد حوارات مطوّلة. كنت أظنني أحمل مشروعا يستهويه وهو "تيار المستقلين" الذي تقدمت به مع ثلة من المناضلين في انتخابات 2014. احتج عليّ بشدة رغم علاقة الاحترام بيننا قائلا: " أنت مثلهم، لا تختلف عنهم، في أحسن الحالات ستكون جزئا من منظومة فاسدة، تتقوى عليك وتستخدمك!!! ". وكان آخر لقاء مباشر لنا في السفارة التونسية خلال زيارته للجزائر.
ساندت قيس سعيد في انتخابات 2019 ودعوت له بقوة في الفضائيات التي تستضيفني. كنت مثل الكثير من التونسيين أتطلّـع الى إصلاح منظومة سياسية حكمت بعد الثورة عرفتها من الداخل، وتيقّنت من خطرها على البلاد. تحمّست لقيس سعيد بعد خيبة أمل من صديق عزيز لي هو الأستاذ عبد الفتاح مورو. كنت أرى في ترشحه فرصة للإصلاح، وكان بيننا لقاءات مطولة في بيته، بدا لي أننا اتفقنا على الأهم وكلفني بالمضامين والعلاقات الخارجية لحملته. كان الأهم عندي أن يكتفي من النهضة أنها رشحته، بمعنى أنها لن تدعم منافسا له، وبدا لي أيضا أني أقنعته أن يبتعد عن رموز النهضة وأن يقوم بحملته دونهم، وأن يتجنب أن يقف بجانبه أي منهم حتى لا ينفر الشعب من حوله. نصحته أن احذرهم، وخاصة كبيرهم، فهو المتضرر الأكبر من نجاحك. نجاحك ينهيه ويخرجه من الساحة. لا شك أنه سيتظاهر بالدعوة لك ثم يخذلك... هذا ما حصل تماما وبعلم الجميع وخاصة القائمين على حملة المترشح مورو. والغريب هو سكوتهم. لمت على الشيخ مورو بشدة وغادرت قائلا: لا يأتيك صوتي. ساندت قيس سعيد وخسرت بعضا من أعز أصدقائي خاصة من ذوي المستويات العالية، قال لي أحدهم بصراحة قاتلة: " كنت أظنك أذكى من هذا. قيس سعيد صنيعة الخارج حتى لو أنه لا يعلم"
كنت مثل جميع التونسيين لا افهم حقيقية قيس سعيد ولا أعير اعتبارا لمشروعه الهلامي، ولم أفهم الا أخيرا، بعد ما قلب الطاولة على الجميع يوم 25 جويلية من هذه السنة، أن الرجل كان جادّا، وواعيا لما يفعل وماض فيما صرح به من بداية الثورة، وأنه نجح فعلا ولو بعد لأي في إغلاق البرلمان ليس بالمفتاح وانما بالدبابة، وأهان رئيسه الذي يكون فهم أخيرا أن زمانه قد مضى، فأوعز الى أبنائه واصهاره بالهروب الى الخارج، وضيّع بذلك هيبته ومصداقيته ومشروعيته كما يقول قيس، اذ لم يعد يقدر على دعوة من كانوا بالأمس انصارا له في الثورة من جديد لإعادته الى رئاسة المجلس التشريعي، مكان السلطة الأولى كما يحلو له تكراره.
فسدت كل حسابات الشيخ راشد في استراتيجيته الفاشلة للبقاء في المشهد السياسي بعد عشر سنوات من الإخفاق. رغب في خلافة الباجي قايد السبسي بالتقرب من رموز المنظومة القديمة وكسب ودهم كما توهّم، وأمام استعصاء قصر قرطاج عليه، فكر في القصبة، لكنها هي أيضا استحالت عليه رغم غدره بمن كان عليه اجماع لحكمها، حتى من المعارضة وهو عبد اللطيف المكي، الشيخ راشد يستميت في منع أي نهضاوي يتقدمه ولو كان في مبراة كرة قدم!!! ثم قرر الاكتفاء برئاسة البرلمان، منصب لم يأته الا بغدر مرشح النهضة لرئاسة الحكومة الحبيب الجملي. كان راشد الغنوشي، دون وعي منه، وفي غياب مؤسسات فاعلة للنهضة تصنع القرار، يعبد الطريق لقيس سعيد. كبــــــــــّـل الشيخ نفسه إذ فقد القدرة على التقدم أو التأخر، وأصبح عبئــا على البرلمان وعلى حزامه القريب بل حتى على كتلة النهضة وحزبها الذي أخذ يتفتت وينفض من حوله. أهدى الشيخ لخصمه قيس سعيد أحسن هدية وهي السلطة التي حارب راشد الغنوشي من أجلها بكل الوسائل غير المشروعة وغير الأخلاقية. لو كانت للنهضة مؤسسات فاعلة لأحسنت توجيه قواعدها الى التصويت الصحيح.
قيس سعيد اللغز: اختلطت الأوضاع في تونس وانتهت الى ما لم يكن يتصوره أحد، اللهم قيس سعيد وحده. كان يرغي ويزبد ويتوعد لكن لا أحد من الطبقة السياسية خاصة، كان يلقي له بالا، ومع ذلك فعلها بالتمام والكمال... لم تسع تونس للتعرف عليه لما ترشح، واكتفت منه بتلك الصور الشعبوية له وهو واقف في الصف لاقتناء رغيف خبز أو ارتشاف قهوة واقفا، أو جالسا في المسجد لصلاة الجمعة بين العامة... صور إيجابية ذات قيمة تدعم المصداقية. نجح قيس سعيد ومرّ بين خيوط الشبكة، والغريب أنه تجرأ على ما لم يفعله أحد من قبله.
هنا فقط وبعد سنتين من حكمه بدأ القوم يتساءلون عمن يكون هذا اللغز، رغم قلة سفره خارج البلاد، اذ صرح في زيارته لفرنسا أن آخر زيارة له إليها كانت في الثمانينات من القرن الماضي. وقيل أنه لم يجدد جواز سفره. وصعب على الجميع تحديد ملامح شخصيته، ما جعل معارضيه يصفونه بكل النعوت وحتى بالأمراض الغريبة عافاه الله وجميع التونسيين منها. أما فكره فبدا خليطا غريبا عجيبا بين النشازات السائدة في البلاد العربية، حتى أن بعضهم راح يجزم تشيعه، ويعتمد أصحاب هذا الرأي على تلك المدة غير القصيرة التي قضاها في سوريا أيام شبابه حتى البكالوريا، والتي يكون تأثيرها فيه تجاوز القناعة الى الارتباط الفعلي والولاء تحت التقية. ويفسر آخرون سفره الأول بعد انتخابه الى سلطة عمان بصلة له بهذا الانتماء، أي للتواصل مع رسل من إيران... هذا أما الأسس الفكرية الاجتماعية لما يعلنه من توجه فإن الكتاب الأخضر للقذافي ليس منها ببعيد. وقد نجد تفسير عدائه المعلن للإسلام السياسي في لونه الإخواني في هذه "الخالوطة" العقائدية التي يزيدها غموضا الفيلسوف الراسب في الجامعة التونسية لسنوات عدة رضا لينين. أما الزيارة التي كشفت كثيرا مما خفي أو لعلها زادت طبقة إضافية من الغموض حول السيد الرئيس فهي زيارته لفرنسا.
فرنسا تكون عند بعضهم مدخل فهم الرئيس اللغز، وهي رغم أنها تلعب على المكشوف في الساحة التونسية وسفيرها يصول ويجول دون رقيب، الا أن التونسيين لا ينكرون ذلك، اللهم ما يسمع من أصوات انتخابية من هنا وهناك تخفت بعد ذلك. بدون أقنعة وباللكنة الفصحى للغة موليار برأ قيس سعيد فرنسا من تهمة استعمار تونس معفيا إياها من الاعتذار ومفسرا ذلك أن الاعتذار يثبت التهمة. قالها بالوضوح التام بعد تقبيل وانحناء على كتف الرئيس الفرنسي رغم قصر قامته وصغر سنه. ومثل وضوح وعلنية هذه التصريحات والتصرفات الغريبة، جاء تقرير محكمة المحاسبات صريحا لا غبار عليه أن المترشح قيس سعيد استفاد من دعم خارجي كبير جدا لتمويل صفحات التواصل الاجتماعي التي دعمته وأخرجت شباب تونس من نومه ظهر يوم الانتخاب ليحدث الفارق ويرفع السيد قيس سعيد الى المرتبة الأولى. يؤكد أصحاب هذه الأخبار أن فرنسا هي الصانع الحقيقي للرئيس قيسن دعما وتوجيها بل وحتى اخراجا وتمويها من مثل سكوتها على تلك التصريحات الانتخابية المتحمسة الامرة لسفير فرنسا أن يلزم سفارته أو ذاك التصريح الناري معتبرا التطبيع خيانة عظمى... هل كان قيس سعيد يمثل ويضحك علينا؟ هل أُمر بذلك، هل نُصح بذلك؟ هل يكون "استبهال" الناس الى هذا الحد؟!
قيس سعيد لا يبالي بما يقولوه التونسيون، لا يمكّن الاعلام الوطني من محاورته، ما يغذي صفحات التواصل الاجتماعي التي وجدت فيه ضالتها من مثل ما تفسر من قبول الرئيس التونسي لكل ما يأتي من فرنسا أنها تبتزه بحيازتها لملفه الصحي! ولست أدري ما فيه من حقائق.
أمام هذه الفوضى بدون أقنعة على مراى ومسمع من التونسيين وإعلامهم وسياسييهم ومحلليهم يعجب بعض المتابعين من سكوت التونسيين وعدم مبالاتهم وقد الهتهم مسرحية عراك البرلمان وغلاء قفة المعيشة؟! أما الفاهمون فيشيرون الى فرنسا ويعجبون من قدرتها الكبيرة على حبك اللعبة بالحزم والهدوء اللازمين في اسقاط دراويش 2011، ويذهب بعضهم الى أن الاغتيالات السياسية سنة 2013 كانت بقرار فرنسي. بعد حكومتين هزيلتين للنهضة تربعت فرنسا في القصر تحت حكم رؤساء حكومات متتاليين يحملون جنسيتها بالمعنيين الفعلي والمجازي وينشدون "لامارسياز" دون حياء. يشبـّه بعض المتابعين للشأن التونسي أن قرار فرنسا عدم الاكتفاء بقصر القصبة والسعي الى السيطرة على قصر قرطاج، كان لأن الثمرة التي ينتظرها الاستعمار الفعلي الجديد قد نضجت وحان قطافها كما كان الأمر قبيل سنة 1881. وما أشبه اليوم بالأمس. بقي شعب تونس رافضا للاستعمار، يطالب كما هو الحال اليوم "ببرلمان تونسي". والغريب أن معارضي قيس وهم ينتقدون تصريحاته حول الاستعمار الفرنسي، لم يجدوا غير فرنسا يناشدونها التدخل لفتح برلمانهم وإعادة أجور نواب الشعب ورؤسائه القدامى؟!
كتبه: مقداد اسعاد