إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كان محل "تسييس" ومزايدات.. من يعطّل الإصلاح التربوي؟

تونس-الصباح

المنظومة مهترئة وتشكٌو من علل وهنات عدة.. نحن نحتاج واكثر من اي وقت مضى الى الشروع في   إصلاح تربوي عميق.. هي عينة مما يردده جل الفاعلين في المنظومة التربوية من نقابات التربية او منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال التربوي وحتى سلطة الاشراف ومع ذلك وعلى مدار السنوات الماضية تعطلت قاطرة الإصلاح بما يدفع الى التساؤل بإلحاح لماذا لم تنطلق بعد عملية الإصلاح رغم الدعوات المتكررة الى ذلك؟ وهل ان الدعوات الى الإصلاح في السابق كانت محل مزايدات سياسية لا غير؟

من هذا المنطلق تجددت هذه الفترة الدعوات الى تفعيل قاطرة الإصلاح لاسيما بعد فضيحة الانتدابات وتزوير الشهادات الحاصلة في سيدي بوزيد حيث اعتبر كثيرون ان ما حدث يستوجب التعجيل في عملية الاصلاح حتى لا يتهاوى اكثر قطاع التعليم العمومي وحتى لا نشهد في العودة المدرسية القادمة تدافعا واقبالا لا مثيل له على المدارس الخاصة..

في هذا الاطار جدير بالذكر ان الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ كانت من بين اكثر المنظمات التي دعت مرارا وتكرارا الى ضرورة الشروع في تفعيل عملية الإصلاح التربوي حتى انها قدمت مؤخرا مراسلة بتاريخ 15 أكتوبر الجاري الى رئيسة الحكومة نجلاء بودن داعية من خلالها الى ضرورة الانطلاق في عملية الإصلاح.

وفي هذا الخصوص أورد أمس رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ"الصباح" أن الجمعية تلح على ضرورة الشروع في عملية الإصلاح التربوي حتى أنها قامت بمراسلات رسمية عديدة في هذا الإطار من بينها مراسلة سنة 2019 الى رئيس الجمهورية ثم لاحقا مراسلة الى رئيس الحكومة آنذاك الياس الفخفاخ ثم راسلت مؤخرا بتاريخ 15 اكتوبر الجاري رئيسة الحكومة نجلاء بودن من اجل التعجيل في الشروع في عملية الإصلاح .

وردا على سؤال يتعلق بمرد التأخير الحاصل في عملية الإصلاح أورد محدثنا الى أن الأمر يعود الى غياب إرادة سياسية للقيام بذلك على اعتبار أن صناع  القرار قبل 25 جويلية الماضي كانوا وعلى حد تشخيصهم لديهم غايات بعيدة كل البعد عن الإصلاح التربوي. وأوضح في نفس الاتجاه أن مشروع الإصلاح هو مشروع اجتماعي وطني بامتياز ويهم عديد الأطراف على غرار التعليم العالي والتكوين المهني وغيرهما من المجالات الأخرى مشيرا في السياق ذاته الى أن سلطة الإشراف ونقابات التربية كان همها الوحيد وعلى مدار السنوات الماضية هي تسوية مختلف الملفات الاجتماعية العالقة وكأن تلك المفاوضات تمثل مرحلة من مراحل الإصلاح التربوي لتكون ضريبة المفاوضات الثنائية بين الوزارة ونقابات التربية إضرابات بالجملة واعتماد لسياسة  لي الذراع وحجب الأعداد وجميعها مثلت صولات وجولات على حساب استقرار المنظومة التربوية.

وحول مدى أهمية المفاوضات السابقة حول الاصلاح التربوي أورد محدثنا انه سنة 2015 التأم حوار ثلاثي الأطراف جمع الاتحاد العام التونسي للشغل وسلطة الإشراف والمعهد العربي لحقوق الإنسان ولا يمكن اعتباره إصلاحا تربويا قائلا في هذا الإطار :" الآراء والمقترحات التي تقدّمت آنذاك  كانت مجرد مقترحات للترويج لمشروع تم الاتفاق عليه مسبقا".

وللخروج بالمنظومة التربوية من عنق الزجاجة يرى محدثنا أن الحل يكمن في ضرورة تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم يكون بمثابة المؤسسة التي تقود عملية الإصلاح بعيدا عن الصراعات والتجّاذبات السياسية فضلا عن مأسسة عملية الإصلاح قصد النأي به عن كل تجاذبات ثنائية.

ويبدو أن قاطرة الإصلاح التربوي قد توقفت بسبب تسييس هذا الملف الذي كان على مدار السنوات الماضية محل مزايدات سياسية فبالتوازي مع تصريحات رضا الزهروني فقد اعتبر عضو الجامعة العامة للتعليم الثانوي فخري الصميطي أن “تسييس ملف الإصلاح التربوي وربطه أساسا بتوجهات الدول المانحة هو السبب الرئيسي لما يحدث من انحرافات عرفتها محاولات الإصلاح وآخرها الحوار الذي انطلق في الثالث والعشرين من أفريل 2015 وانتهى بالفشل نتيجة الرغبة المحمومة في توظيفها سياسيا”.

وفسر السميطي في معرض تصريحاته  لـ”العرب” أن “الفشل كان أيضا نتيجة حجم الفساد الذي رافق مختلف مراحل التأسيس لعملية الإصلاح التربوي، وخاصة نتيجة محاولة فرض خيارات هجينة على المجتمع التونسي لا تزيد وضع المدرسة إلا سوءا وانحدارا.

من جهة اخرى وفي نفس الاطار تجدر الإشارة الى ان وزير التربية  فتحي السلاوتي كان قد أشار في معرض تصريحاته الإعلامية أن المنظومة التربوية التونسية في حاجة اكيدة للإصلاح مؤكدا ان وزارة التربية تعمل على اعادة اطلاق مسار الاصلاح التربوي الذي توقف منذ سنة 2015 في اقرب وقت..

فهل يسهم ما حدث في سيدي بوزيد في علاقة بالانتدابات والشهادات المزورة والذي من المؤكد انه قد سجل حضوره في مناطق اخرى ملثما يؤكد ذلك كثيرون في الشروع في تفعيل قاطرة الإصلاح أم أن الامر على اهميته لا يمثل في الوقت الراهن اولوية في ظل الصراع المحموم على المناصب؟

 

منال حرزي

كان محل "تسييس" ومزايدات.. من يعطّل الإصلاح التربوي؟

تونس-الصباح

المنظومة مهترئة وتشكٌو من علل وهنات عدة.. نحن نحتاج واكثر من اي وقت مضى الى الشروع في   إصلاح تربوي عميق.. هي عينة مما يردده جل الفاعلين في المنظومة التربوية من نقابات التربية او منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال التربوي وحتى سلطة الاشراف ومع ذلك وعلى مدار السنوات الماضية تعطلت قاطرة الإصلاح بما يدفع الى التساؤل بإلحاح لماذا لم تنطلق بعد عملية الإصلاح رغم الدعوات المتكررة الى ذلك؟ وهل ان الدعوات الى الإصلاح في السابق كانت محل مزايدات سياسية لا غير؟

من هذا المنطلق تجددت هذه الفترة الدعوات الى تفعيل قاطرة الإصلاح لاسيما بعد فضيحة الانتدابات وتزوير الشهادات الحاصلة في سيدي بوزيد حيث اعتبر كثيرون ان ما حدث يستوجب التعجيل في عملية الاصلاح حتى لا يتهاوى اكثر قطاع التعليم العمومي وحتى لا نشهد في العودة المدرسية القادمة تدافعا واقبالا لا مثيل له على المدارس الخاصة..

في هذا الاطار جدير بالذكر ان الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ كانت من بين اكثر المنظمات التي دعت مرارا وتكرارا الى ضرورة الشروع في تفعيل عملية الإصلاح التربوي حتى انها قدمت مؤخرا مراسلة بتاريخ 15 أكتوبر الجاري الى رئيسة الحكومة نجلاء بودن داعية من خلالها الى ضرورة الانطلاق في عملية الإصلاح.

وفي هذا الخصوص أورد أمس رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ"الصباح" أن الجمعية تلح على ضرورة الشروع في عملية الإصلاح التربوي حتى أنها قامت بمراسلات رسمية عديدة في هذا الإطار من بينها مراسلة سنة 2019 الى رئيس الجمهورية ثم لاحقا مراسلة الى رئيس الحكومة آنذاك الياس الفخفاخ ثم راسلت مؤخرا بتاريخ 15 اكتوبر الجاري رئيسة الحكومة نجلاء بودن من اجل التعجيل في الشروع في عملية الإصلاح .

وردا على سؤال يتعلق بمرد التأخير الحاصل في عملية الإصلاح أورد محدثنا الى أن الأمر يعود الى غياب إرادة سياسية للقيام بذلك على اعتبار أن صناع  القرار قبل 25 جويلية الماضي كانوا وعلى حد تشخيصهم لديهم غايات بعيدة كل البعد عن الإصلاح التربوي. وأوضح في نفس الاتجاه أن مشروع الإصلاح هو مشروع اجتماعي وطني بامتياز ويهم عديد الأطراف على غرار التعليم العالي والتكوين المهني وغيرهما من المجالات الأخرى مشيرا في السياق ذاته الى أن سلطة الإشراف ونقابات التربية كان همها الوحيد وعلى مدار السنوات الماضية هي تسوية مختلف الملفات الاجتماعية العالقة وكأن تلك المفاوضات تمثل مرحلة من مراحل الإصلاح التربوي لتكون ضريبة المفاوضات الثنائية بين الوزارة ونقابات التربية إضرابات بالجملة واعتماد لسياسة  لي الذراع وحجب الأعداد وجميعها مثلت صولات وجولات على حساب استقرار المنظومة التربوية.

وحول مدى أهمية المفاوضات السابقة حول الاصلاح التربوي أورد محدثنا انه سنة 2015 التأم حوار ثلاثي الأطراف جمع الاتحاد العام التونسي للشغل وسلطة الإشراف والمعهد العربي لحقوق الإنسان ولا يمكن اعتباره إصلاحا تربويا قائلا في هذا الإطار :" الآراء والمقترحات التي تقدّمت آنذاك  كانت مجرد مقترحات للترويج لمشروع تم الاتفاق عليه مسبقا".

وللخروج بالمنظومة التربوية من عنق الزجاجة يرى محدثنا أن الحل يكمن في ضرورة تركيز المجلس الأعلى للتربية والتعليم يكون بمثابة المؤسسة التي تقود عملية الإصلاح بعيدا عن الصراعات والتجّاذبات السياسية فضلا عن مأسسة عملية الإصلاح قصد النأي به عن كل تجاذبات ثنائية.

ويبدو أن قاطرة الإصلاح التربوي قد توقفت بسبب تسييس هذا الملف الذي كان على مدار السنوات الماضية محل مزايدات سياسية فبالتوازي مع تصريحات رضا الزهروني فقد اعتبر عضو الجامعة العامة للتعليم الثانوي فخري الصميطي أن “تسييس ملف الإصلاح التربوي وربطه أساسا بتوجهات الدول المانحة هو السبب الرئيسي لما يحدث من انحرافات عرفتها محاولات الإصلاح وآخرها الحوار الذي انطلق في الثالث والعشرين من أفريل 2015 وانتهى بالفشل نتيجة الرغبة المحمومة في توظيفها سياسيا”.

وفسر السميطي في معرض تصريحاته  لـ”العرب” أن “الفشل كان أيضا نتيجة حجم الفساد الذي رافق مختلف مراحل التأسيس لعملية الإصلاح التربوي، وخاصة نتيجة محاولة فرض خيارات هجينة على المجتمع التونسي لا تزيد وضع المدرسة إلا سوءا وانحدارا.

من جهة اخرى وفي نفس الاطار تجدر الإشارة الى ان وزير التربية  فتحي السلاوتي كان قد أشار في معرض تصريحاته الإعلامية أن المنظومة التربوية التونسية في حاجة اكيدة للإصلاح مؤكدا ان وزارة التربية تعمل على اعادة اطلاق مسار الاصلاح التربوي الذي توقف منذ سنة 2015 في اقرب وقت..

فهل يسهم ما حدث في سيدي بوزيد في علاقة بالانتدابات والشهادات المزورة والذي من المؤكد انه قد سجل حضوره في مناطق اخرى ملثما يؤكد ذلك كثيرون في الشروع في تفعيل قاطرة الإصلاح أم أن الامر على اهميته لا يمثل في الوقت الراهن اولوية في ظل الصراع المحموم على المناصب؟

 

منال حرزي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews