مع اعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن رؤيته السياسية للحوار الوطني والذي نفى فيه دور الاحزاب والمنظمات الوطنية من المتوقع ان يجد الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه مجبرا على خوض طريق آخر قد يقوده الى حوار دون الرئيس.
ومن المتوقع ان تشكل هذه الخطوة فرزا حقيقيا للقوى الوطنية بين المدافعين عن الاستقرار والحوار الوطني لتجاوز الازمة وبين دعاة المحافظة على الوضع كما هو.
ويأتي هذا الموقف بعد ان اسهم الرئيس بشكل صريح في احراج الاتحاد العام التونسي للشغل سواء بتعويم مبادرته السياسية وتحويل وجهتها معنى وممارسة مع محاولة الركوب والسيطرة عليها بما يمكن قيس سعيد ومحيطه من تحقيق اغراضهم السياسية في الحكم.
وقد عبر الامين العام للاتحاد صراحة عن امتعاض المنظمة من الدعوة الرئاسية للحوار الوطني والتي تستهدف (الشباب والشعب) وقال نور الدين الطبوبي في تصريح لموزاييك إن الاتحاد لم يتلق إلى غاية اليوم أي دعوة رسمية يمكن أي يبني عليها موقفه من الحوار الوطني مع الشباب الذي دعا إليه رئيس الجمهورية.
وأضاف الطبوبي أن رئيس الدولة إذا ارتأى أن ينظم حوارا دون تشريك الاتحاد والمجتمع المدني والأحزاب السياسية فهو حر في خياره.
وسبق للمنظمة وعلى لسان امينها العام ايضا ان عبرت عن استغرابها من طبيعة الحوار الرئاسي وقال الطبوبي في لقاء إعلامي سابق ''كيف سيكون الحوار ما لم يتم تشريك الجميع بما في ذلك اتحاد الشغل؟'' معتبرا " أنه لا أحد بإمكانه رسم مستقبل تونس بمفرده خارج إطار المنظمة الشغيلة"حسب رأيه .
ولم تكن تصريحات الطبوبي الرافضة وحدها المعبرة عن موقف الاتحاد حيث سبقه الامين العام المساعد سامي الطاهري في تصريح سابق .
ففي مداخلة اذاعية له خلال شهر مارس المنقضي أكد الطاهري ''عدم علم المنظمة الشغيلة بالحوار الوطني مع الشباب الذي أعلنه رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس''، معلقا ''مش حلو اللي عملو رئيس الجمهورية، ليس فيه احترام لهيبة الدولة ولمؤسسة الرئاسة''.
وتابع الطاهري ''قدمنا لرئيس الدولة مبادرة الاتحاد وتشاورنا معه في أكثر من لقاء، وأعلمنا بتبنيه للمبادرة.. ثم نعيش فترة سبات لأشهر، لنفاجأ أمس باستقباله وزير سابق وبحديث عن حوار مخالف تماما..''.
وشدد الطاهري على أن ما أعلنه سعيد أمس لا علاقة له بمبادرة الإتحاد، قائلا ''مش هذي مبادرتنا..كان المفروض كيما عطيناه قيمة وقدمنا المبادرة ليه.. يعلمنا ويقلنا راني بطلت وتراجعت'' على حد تعبيره.
وكان الاتحاد حذر في اوقات سابقة من مغبة المراوغات والمناورات مع دعوته المكررة لقيس سعيد باللعب بوجه مكشوف وهو ما اظهرته مواقف الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي وقيادات المنظمة الشغيلة في اكثر من تصريح واكثر من اجتماع نقابي.
ومن الواضح ان مسالة القطيعة بين الرئيس والاتحاد لم تعد خافية رغم محاولات التقليل من شانها والتخفيض من منسوب التوتر بين قرطاج وبطحاء محمد علي وهو ما بينه البطولي في اجتماع السبت الماضي حين قال أنه لا توجد بينه وبين رئيس الجمهورية قيس سعيد أي مشكلة.
وأقر الطبوبي في كلمته في المؤتمر العاشر العادي للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، "بأن هناك اختلافا في بعض التوجهات مع رئيس الدولة.
ولعل الثابت ان الجليد الحاصل بين الطرفين سيلقى بظلاله لا علاقة الطبوبي بقيس سعيد فحسب بل ستؤثر بشكل كبير على اداء حركة الشعب التي تجلس على كرسيين في نفس الوقت.
فقد احترفت حركة الشعب (قومية) لعب الأدوار النقابية داخل منظمة حشاد سواء من خلال دعم اعضاء من المكتب التنفيذي او كتاب عامون في الجهات او قطاعات بما مكنها من ادوار متقدمة داخل الاتحاد.
كما لعبت حركة الشعب وفي نفس الوقت دور اداة رئيس الجمهورية قيس سعيد وغواصته في البرلمان وهو ما أهلها لأن تحظى "بعناية" رئاسية خاصة من لدن سعيد.
كما شكلت الحركة راس حربة في الخلاف الحاصل بين قيس سعيد وبقية التشكيلات السياسية حيث تحول الحزب الى بارشوك سياسي للرئيس .
هكذا نقطة رفضها الامين العام للشعب زهير المغراوي خلال اجتماع شعبي للحزب بجهة قابس حيث نفى أن تكون حركة الشعب حزب الرئيس، مشدّدا على أن الحركة تدعم رئيس الجمهورية طالما حرص على تلبية الخيارات الشعبية وواصل في نهج مقاومة الفساد والإصلاح السياسي ورفض التطبيع، وفق تصريحه.
ولم يكن استعمال حركة الشعب داخل البرلمان مجرد استعمال عابر بعد ان استماتت كتلة الحزب في اثبات ولائها الى قيس سعيد حتى على حساب برنامجها الانتخابي او حتى على حساب صورة المترشح السابق للرئاسة صافي سعيد الذي كان سببا مباشرا في التحاق حركة الشعب بالبرلمان بعد ان استعملت صورته وشخصيته في الترويج لقائماتها الانتخابية لتشريعية 2019.
وبعد كل ما تقدم تجد حركة الشعب نفسها اليوم بين خيارين اما بالذهاب في الحوار الرئاسي المرفوض من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل وبقية تشكيلات المجتمع المدني او بالانتصار الى موقف الاتحاد وهو ما من شانه ان يفقدها علاقتها بقيس سعيد وهي التي تراهن عليه للبقاء وابقائها ضمن الفواعل السياسية المؤثرة.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
مع اعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن رؤيته السياسية للحوار الوطني والذي نفى فيه دور الاحزاب والمنظمات الوطنية من المتوقع ان يجد الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه مجبرا على خوض طريق آخر قد يقوده الى حوار دون الرئيس.
ومن المتوقع ان تشكل هذه الخطوة فرزا حقيقيا للقوى الوطنية بين المدافعين عن الاستقرار والحوار الوطني لتجاوز الازمة وبين دعاة المحافظة على الوضع كما هو.
ويأتي هذا الموقف بعد ان اسهم الرئيس بشكل صريح في احراج الاتحاد العام التونسي للشغل سواء بتعويم مبادرته السياسية وتحويل وجهتها معنى وممارسة مع محاولة الركوب والسيطرة عليها بما يمكن قيس سعيد ومحيطه من تحقيق اغراضهم السياسية في الحكم.
وقد عبر الامين العام للاتحاد صراحة عن امتعاض المنظمة من الدعوة الرئاسية للحوار الوطني والتي تستهدف (الشباب والشعب) وقال نور الدين الطبوبي في تصريح لموزاييك إن الاتحاد لم يتلق إلى غاية اليوم أي دعوة رسمية يمكن أي يبني عليها موقفه من الحوار الوطني مع الشباب الذي دعا إليه رئيس الجمهورية.
وأضاف الطبوبي أن رئيس الدولة إذا ارتأى أن ينظم حوارا دون تشريك الاتحاد والمجتمع المدني والأحزاب السياسية فهو حر في خياره.
وسبق للمنظمة وعلى لسان امينها العام ايضا ان عبرت عن استغرابها من طبيعة الحوار الرئاسي وقال الطبوبي في لقاء إعلامي سابق ''كيف سيكون الحوار ما لم يتم تشريك الجميع بما في ذلك اتحاد الشغل؟'' معتبرا " أنه لا أحد بإمكانه رسم مستقبل تونس بمفرده خارج إطار المنظمة الشغيلة"حسب رأيه .
ولم تكن تصريحات الطبوبي الرافضة وحدها المعبرة عن موقف الاتحاد حيث سبقه الامين العام المساعد سامي الطاهري في تصريح سابق .
ففي مداخلة اذاعية له خلال شهر مارس المنقضي أكد الطاهري ''عدم علم المنظمة الشغيلة بالحوار الوطني مع الشباب الذي أعلنه رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس''، معلقا ''مش حلو اللي عملو رئيس الجمهورية، ليس فيه احترام لهيبة الدولة ولمؤسسة الرئاسة''.
وتابع الطاهري ''قدمنا لرئيس الدولة مبادرة الاتحاد وتشاورنا معه في أكثر من لقاء، وأعلمنا بتبنيه للمبادرة.. ثم نعيش فترة سبات لأشهر، لنفاجأ أمس باستقباله وزير سابق وبحديث عن حوار مخالف تماما..''.
وشدد الطاهري على أن ما أعلنه سعيد أمس لا علاقة له بمبادرة الإتحاد، قائلا ''مش هذي مبادرتنا..كان المفروض كيما عطيناه قيمة وقدمنا المبادرة ليه.. يعلمنا ويقلنا راني بطلت وتراجعت'' على حد تعبيره.
وكان الاتحاد حذر في اوقات سابقة من مغبة المراوغات والمناورات مع دعوته المكررة لقيس سعيد باللعب بوجه مكشوف وهو ما اظهرته مواقف الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي وقيادات المنظمة الشغيلة في اكثر من تصريح واكثر من اجتماع نقابي.
ومن الواضح ان مسالة القطيعة بين الرئيس والاتحاد لم تعد خافية رغم محاولات التقليل من شانها والتخفيض من منسوب التوتر بين قرطاج وبطحاء محمد علي وهو ما بينه البطولي في اجتماع السبت الماضي حين قال أنه لا توجد بينه وبين رئيس الجمهورية قيس سعيد أي مشكلة.
وأقر الطبوبي في كلمته في المؤتمر العاشر العادي للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، "بأن هناك اختلافا في بعض التوجهات مع رئيس الدولة.
ولعل الثابت ان الجليد الحاصل بين الطرفين سيلقى بظلاله لا علاقة الطبوبي بقيس سعيد فحسب بل ستؤثر بشكل كبير على اداء حركة الشعب التي تجلس على كرسيين في نفس الوقت.
فقد احترفت حركة الشعب (قومية) لعب الأدوار النقابية داخل منظمة حشاد سواء من خلال دعم اعضاء من المكتب التنفيذي او كتاب عامون في الجهات او قطاعات بما مكنها من ادوار متقدمة داخل الاتحاد.
كما لعبت حركة الشعب وفي نفس الوقت دور اداة رئيس الجمهورية قيس سعيد وغواصته في البرلمان وهو ما أهلها لأن تحظى "بعناية" رئاسية خاصة من لدن سعيد.
كما شكلت الحركة راس حربة في الخلاف الحاصل بين قيس سعيد وبقية التشكيلات السياسية حيث تحول الحزب الى بارشوك سياسي للرئيس .
هكذا نقطة رفضها الامين العام للشعب زهير المغراوي خلال اجتماع شعبي للحزب بجهة قابس حيث نفى أن تكون حركة الشعب حزب الرئيس، مشدّدا على أن الحركة تدعم رئيس الجمهورية طالما حرص على تلبية الخيارات الشعبية وواصل في نهج مقاومة الفساد والإصلاح السياسي ورفض التطبيع، وفق تصريحه.
ولم يكن استعمال حركة الشعب داخل البرلمان مجرد استعمال عابر بعد ان استماتت كتلة الحزب في اثبات ولائها الى قيس سعيد حتى على حساب برنامجها الانتخابي او حتى على حساب صورة المترشح السابق للرئاسة صافي سعيد الذي كان سببا مباشرا في التحاق حركة الشعب بالبرلمان بعد ان استعملت صورته وشخصيته في الترويج لقائماتها الانتخابية لتشريعية 2019.
وبعد كل ما تقدم تجد حركة الشعب نفسها اليوم بين خيارين اما بالذهاب في الحوار الرئاسي المرفوض من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل وبقية تشكيلات المجتمع المدني او بالانتصار الى موقف الاتحاد وهو ما من شانه ان يفقدها علاقتها بقيس سعيد وهي التي تراهن عليه للبقاء وابقائها ضمن الفواعل السياسية المؤثرة.