إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل يكون الشرق وجهة سعيد؟

 
 
تونس-الصباح
عادت الولايات المتحدة الامريكية والبرلمان الاوروبي للضغط مجددا على الرئيس قيس سعيد ضمانا لعودة البرلمان ومواصلة البناء الديمقراطي بعد سلسلة من اللقاءات والجلسات الحوارية للكونغرس الامريكي والبرلمان الاوروبي بشان ملف الديمقراطية في تونس .
ضغط لم يتراجع ولم يخفت منذ اعلان الاجراءات الاستثنائية يوم 25جويلية وبعد إجراءات 22سبتمبر الماضي، مقابل مقاومة رئاسية أبداها سعيد في سلسلة تدخلاته سواء خلال اول اجتماع لمجلس الوزراء او امام السفير الامريكي دونالد بلوم حيث أعرب سعيّد عن استياء الدولة التونسية من إدراج الأوضاع في تونس على جدول أعمال الكونغرس الأمريكي، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وقد زادت حدة الموقف بعد ان قلّل الرئيس من أهمية التصنيفات التي تصدرها وكالات التصنيف الائتماني، مشبها هذه المؤسسات بـ"أمك صنافة".
وقال سعيد يوم 9اكتوبر الجاري "تحدثوا عن الترقيم الذي بدأ مع سقوط الاتحاد السوفياتي ومؤتمر برشلونة سنة 1994 لقد تحولت بعض المؤسسات إلى "أمك صنافة"، أصنفك وأرقمك، هم يريدوننا أن نطبق إملاءاتهم…، فإذا استمعت لكلامهم فستنال عددا جيدا وإن لم تستمع فيسند إليك صفر".
ولم يتوقف الضغط الدولي عند هذا الحد بل تجاوزه الى حد دعوة رئيس الجمهورية إلى ضرورة إعادة أعمال وأشغال مجلس نواب الشعب وضمان سيادة دولة القانون، معبرا عن قلقه تجاه ما وصفه بالتحدي الخطير الذي يعترض الانتقال الديمقراطي في بلدنا.
واعتبر البرلمان الأوروبي الذي عقد امس الاول جلسة حول الوضع في تونس، أنه من الضروري أن تكون الإصلاحات في كنف احترام الدستور، وشدد على أهمية الفصل بين السلط وضمان كامل للحريات الأساسية وحقوق الإنسان.
وتحدث البرلمان عن ضرورة تنظيم حوار وطني وخاصة حوار اجتماعي بمشاركة كل الشركاء الاجتماعيين وبقية المنظمات الناشطة في المجتمع المدني، لتجاوز الأزمة السياسية والدستورية.
وطالب البرلمان الأوروبي من الاتحاد الأوروبي، أن تواصل الدول الأعضاء الالتزام بالعمل مع الشعب التونسي لتعزيز الديمقراطية والتنمية الاقتصادية المستدامة والتقدم الاجتماعي، وشدد في هذا السياق على أن أي دعم مالي لتونس يجب أن يرافقه إعادة أشغال مجلس نواب الشعب.
غير ان هذا الوضع قد لا يجد صداه عند قيس سعيد والذي وعد في اكثر من مناسبة انه لا خطوة الى الوراء وان اعادة الحياة السياسية الى ما قبل 25جويلية ماهي الا ضرب من ضروب الخيال في اذهان اصحابها.
ويبدو ان الرئيس بصدد الاستعداد لمثل هذه الضغوط الامريكية والاوروبية بعد ان رفض سعيد صراحة أي دعوات لإنشاء خريطة طريق أو فتح قنوات حوار مع اي طرف سياسي بعد ان اختار محاوريه "الشباب والشعب' رغم الدعوات الخارجية بضرورة تشريك الجميع، ليتجسد موقف سعيد أكثر فاكثر بالجملة الشهيرة لساكن قرطاج حين قال "لمن يتحدثون عن خارطة الطريق.. اذهبوا إلى كتب الجغرافيا وستجدون البحار والقارات".
 
الصين.. الوجهة الجديدة
 
وبات واضحا نية سعيد في تجاوز دعوة الامريكان والبرلمان الاوروبي بعد ان رفض الرئيس اي تدخل في الازمة السياسية ورفع ورقة لا للتدخل الاجنبي قد تشكل فرصة للبحث عن شركاء غير تقليديين لتونس وتغيير وجهة علاقته الدولية في اتجاه الشرق حيث الصين.
ويبدو هذا الخيار متاحا اكثر من اي وقت سابق فقد استقبل يوم الخميس 19 أوت 2021 بقصر قرطاج، السيّدTerry HE، رئيس مؤسسة هواوي لمنطقة شمال إفريقيا.
ونوّه رئيس الدولة بمساهمة شركة هواوي في تطوير الاقتصاد الرقمي بتونس في إطار التعاون المثمر القائم بين تونس والصين. وثمّن ما يتوفّر للبلدين من فرص متنوّعة وآفاق واعدة لمواصلة تنويع هذه العلاقات ومزيد تدعيمها لا سيّما في قطاعات التربية والتعليم والنقل، فضلا عن المجال الصحي خاصة في إطار تنفيذ مشروع المدينة الصحّية بالقيروان.
من جانبه، اعتبر السيّد Terry HE بأن لبلادنا كل المقومات لتكون قطبا تكنولوجيا في إفريقيا. كما أفاد بأن مؤسسة هواوي ستتولى إحداث مركز للبحوث والتطوير والتجديد بتونس، وهي ملتزمة بمواصلة تقديم أفضل الخدمات في بلادنا لا سيّما عبر المساهمة في تنفيذ مشروع المدينة الصحّية بالقيروان ودعم التحول التكنولوجي والاقتصاد الرقمي في تونس وإحداث مواطن الشغل وتنمية المهارات وتكوين الكفاءات وتوسيع الشراكات مع الجامعات والمؤسسات التربوية وتجهيز المدارس بقاعات إعلامية.
واذ يُصنف هذا اللقاء على انه علمي واقتصادي في آن واحد فانه يحمل أيضا أبعادا أخرى تتراوح بين ما هو سياسي وأمني وإستراتيجي أيضا.
فقد كان وقع الزيارة يومها حامل لدلالات ومؤشرات قوية تتجاوز الأفق الاستراتيجي لتأخذ شكل رسالة سياسية أراد قيس سعيد على ما يبدو توجيهها للولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي مفادها أن لديه بدائل أخرى في خارطة العلاقات الدولية .
ولم يكن الإختيار على شركة هواوي اعتباطيا من حيث التوقيت ،حيث جاءت الزيارة مباشرة بعد 3ايام من زيارة الوفد الأمريكي لقصر قرطاج، وإذ رأى فيها البعض مبالغة على اعتبار الزيارة مبرمجة سلفا فان اخرين ونقلا عن كواليس السياسة اكدوا انها جاءت بطلب من الجانب التونسي.
 
تحسين شروط التفاوض مع الأمريكان
 
في المقابل واضح جدا أن التوجه الجديد لقيس سعيد قد يبدو ظرفيا لتحسين شروط التفاوض مع الامريكان، فالملف المطروح والصراع المفتوح الامريكي الصيني قد يكون خارج يد الرئيس شخصيا وما يمكن أن يخلقه من حساسية لدى السلطات الأمريكية التي تعتبر اليوم أهم شريك إقتصادي لتونس الى جانب الاتحاد الاوروبي.
وأيضا التأثيرات القوية لهما على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي تملك الولايات المتحدة داخله نفوذا قويا ومرجحا في إتخاذ القرارات، كما أن التعاون الأمني والعسكري بين الجانبين التونسي والأمريكي قد يتأثر بمجرد تركيز التوجه نحو الصين والذهاب في اتجاه زرع محطات راديوية لشركة هواوي .
ويبقى السؤال مطروحا هل حسم قيس سعيد أمره بالذهاب إلى الصين ام ان هناك من يعمل على توريط الرئيس في مستنقع الصدام الدولي بين مارد صيني على اعتاب القارة الافريقية وبين مارد يسعى للحفاظ على إمبراطوريته في العالم؟
 
خليل الحناشي
 
 هل يكون الشرق وجهة سعيد؟
 
 
تونس-الصباح
عادت الولايات المتحدة الامريكية والبرلمان الاوروبي للضغط مجددا على الرئيس قيس سعيد ضمانا لعودة البرلمان ومواصلة البناء الديمقراطي بعد سلسلة من اللقاءات والجلسات الحوارية للكونغرس الامريكي والبرلمان الاوروبي بشان ملف الديمقراطية في تونس .
ضغط لم يتراجع ولم يخفت منذ اعلان الاجراءات الاستثنائية يوم 25جويلية وبعد إجراءات 22سبتمبر الماضي، مقابل مقاومة رئاسية أبداها سعيد في سلسلة تدخلاته سواء خلال اول اجتماع لمجلس الوزراء او امام السفير الامريكي دونالد بلوم حيث أعرب سعيّد عن استياء الدولة التونسية من إدراج الأوضاع في تونس على جدول أعمال الكونغرس الأمريكي، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وقد زادت حدة الموقف بعد ان قلّل الرئيس من أهمية التصنيفات التي تصدرها وكالات التصنيف الائتماني، مشبها هذه المؤسسات بـ"أمك صنافة".
وقال سعيد يوم 9اكتوبر الجاري "تحدثوا عن الترقيم الذي بدأ مع سقوط الاتحاد السوفياتي ومؤتمر برشلونة سنة 1994 لقد تحولت بعض المؤسسات إلى "أمك صنافة"، أصنفك وأرقمك، هم يريدوننا أن نطبق إملاءاتهم…، فإذا استمعت لكلامهم فستنال عددا جيدا وإن لم تستمع فيسند إليك صفر".
ولم يتوقف الضغط الدولي عند هذا الحد بل تجاوزه الى حد دعوة رئيس الجمهورية إلى ضرورة إعادة أعمال وأشغال مجلس نواب الشعب وضمان سيادة دولة القانون، معبرا عن قلقه تجاه ما وصفه بالتحدي الخطير الذي يعترض الانتقال الديمقراطي في بلدنا.
واعتبر البرلمان الأوروبي الذي عقد امس الاول جلسة حول الوضع في تونس، أنه من الضروري أن تكون الإصلاحات في كنف احترام الدستور، وشدد على أهمية الفصل بين السلط وضمان كامل للحريات الأساسية وحقوق الإنسان.
وتحدث البرلمان عن ضرورة تنظيم حوار وطني وخاصة حوار اجتماعي بمشاركة كل الشركاء الاجتماعيين وبقية المنظمات الناشطة في المجتمع المدني، لتجاوز الأزمة السياسية والدستورية.
وطالب البرلمان الأوروبي من الاتحاد الأوروبي، أن تواصل الدول الأعضاء الالتزام بالعمل مع الشعب التونسي لتعزيز الديمقراطية والتنمية الاقتصادية المستدامة والتقدم الاجتماعي، وشدد في هذا السياق على أن أي دعم مالي لتونس يجب أن يرافقه إعادة أشغال مجلس نواب الشعب.
غير ان هذا الوضع قد لا يجد صداه عند قيس سعيد والذي وعد في اكثر من مناسبة انه لا خطوة الى الوراء وان اعادة الحياة السياسية الى ما قبل 25جويلية ماهي الا ضرب من ضروب الخيال في اذهان اصحابها.
ويبدو ان الرئيس بصدد الاستعداد لمثل هذه الضغوط الامريكية والاوروبية بعد ان رفض سعيد صراحة أي دعوات لإنشاء خريطة طريق أو فتح قنوات حوار مع اي طرف سياسي بعد ان اختار محاوريه "الشباب والشعب' رغم الدعوات الخارجية بضرورة تشريك الجميع، ليتجسد موقف سعيد أكثر فاكثر بالجملة الشهيرة لساكن قرطاج حين قال "لمن يتحدثون عن خارطة الطريق.. اذهبوا إلى كتب الجغرافيا وستجدون البحار والقارات".
 
الصين.. الوجهة الجديدة
 
وبات واضحا نية سعيد في تجاوز دعوة الامريكان والبرلمان الاوروبي بعد ان رفض الرئيس اي تدخل في الازمة السياسية ورفع ورقة لا للتدخل الاجنبي قد تشكل فرصة للبحث عن شركاء غير تقليديين لتونس وتغيير وجهة علاقته الدولية في اتجاه الشرق حيث الصين.
ويبدو هذا الخيار متاحا اكثر من اي وقت سابق فقد استقبل يوم الخميس 19 أوت 2021 بقصر قرطاج، السيّدTerry HE، رئيس مؤسسة هواوي لمنطقة شمال إفريقيا.
ونوّه رئيس الدولة بمساهمة شركة هواوي في تطوير الاقتصاد الرقمي بتونس في إطار التعاون المثمر القائم بين تونس والصين. وثمّن ما يتوفّر للبلدين من فرص متنوّعة وآفاق واعدة لمواصلة تنويع هذه العلاقات ومزيد تدعيمها لا سيّما في قطاعات التربية والتعليم والنقل، فضلا عن المجال الصحي خاصة في إطار تنفيذ مشروع المدينة الصحّية بالقيروان.
من جانبه، اعتبر السيّد Terry HE بأن لبلادنا كل المقومات لتكون قطبا تكنولوجيا في إفريقيا. كما أفاد بأن مؤسسة هواوي ستتولى إحداث مركز للبحوث والتطوير والتجديد بتونس، وهي ملتزمة بمواصلة تقديم أفضل الخدمات في بلادنا لا سيّما عبر المساهمة في تنفيذ مشروع المدينة الصحّية بالقيروان ودعم التحول التكنولوجي والاقتصاد الرقمي في تونس وإحداث مواطن الشغل وتنمية المهارات وتكوين الكفاءات وتوسيع الشراكات مع الجامعات والمؤسسات التربوية وتجهيز المدارس بقاعات إعلامية.
واذ يُصنف هذا اللقاء على انه علمي واقتصادي في آن واحد فانه يحمل أيضا أبعادا أخرى تتراوح بين ما هو سياسي وأمني وإستراتيجي أيضا.
فقد كان وقع الزيارة يومها حامل لدلالات ومؤشرات قوية تتجاوز الأفق الاستراتيجي لتأخذ شكل رسالة سياسية أراد قيس سعيد على ما يبدو توجيهها للولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي مفادها أن لديه بدائل أخرى في خارطة العلاقات الدولية .
ولم يكن الإختيار على شركة هواوي اعتباطيا من حيث التوقيت ،حيث جاءت الزيارة مباشرة بعد 3ايام من زيارة الوفد الأمريكي لقصر قرطاج، وإذ رأى فيها البعض مبالغة على اعتبار الزيارة مبرمجة سلفا فان اخرين ونقلا عن كواليس السياسة اكدوا انها جاءت بطلب من الجانب التونسي.
 
تحسين شروط التفاوض مع الأمريكان
 
في المقابل واضح جدا أن التوجه الجديد لقيس سعيد قد يبدو ظرفيا لتحسين شروط التفاوض مع الامريكان، فالملف المطروح والصراع المفتوح الامريكي الصيني قد يكون خارج يد الرئيس شخصيا وما يمكن أن يخلقه من حساسية لدى السلطات الأمريكية التي تعتبر اليوم أهم شريك إقتصادي لتونس الى جانب الاتحاد الاوروبي.
وأيضا التأثيرات القوية لهما على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي تملك الولايات المتحدة داخله نفوذا قويا ومرجحا في إتخاذ القرارات، كما أن التعاون الأمني والعسكري بين الجانبين التونسي والأمريكي قد يتأثر بمجرد تركيز التوجه نحو الصين والذهاب في اتجاه زرع محطات راديوية لشركة هواوي .
ويبقى السؤال مطروحا هل حسم قيس سعيد أمره بالذهاب إلى الصين ام ان هناك من يعمل على توريط الرئيس في مستنقع الصدام الدولي بين مارد صيني على اعتاب القارة الافريقية وبين مارد يسعى للحفاظ على إمبراطوريته في العالم؟
 
خليل الحناشي
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews